كقصة حب سعودية، بدأ رقيقاً جميلاً مبهراً أخّاذا، حتى اختار الالتزام والاختفاء من ساحة الشعر برغبته، ووضع نقطة آخر الكلام في مسيرته الشعرية، إلا أن الشعر حوّر بيته الشهير في محبوبته له «اكتب لغيره والقصايد تجي فيه/ كن القصايد حالفه ما تخونه»، وكأن الشعر أبى أن يستعير بيتاً لوصف علاقته بمتعب التركي، إلا من قصائد متعب التركي، رغم اعتزاله الشعر، وإعفائه لحيته التي غيرت من ملامحه كثيراً.ولأنها أبيات استثنائية، استطاعت قصائد متعب التركي أن تمزج ترياق الخلود بالوزن والقافية، لتعيش منذ ثمانينات القرن الماضي وحتى الآن، صوراً شعرية فريدة من نوعها، غردت خارج سرب فطاحلة الشعر الشعبي في عصره الذهبي، حتى تأثر بشعره المسبوك أقرانه في تلك الحقبة، لأن الشعر لدى متعب التركي كما تظهر أبياته، جاء عذباً صادقاً، على عكس «أعذب الشعر أكذبه»، والتي أثبتها شعره في مواضع عديده كقوله: «قالوا حبيبك يسمع الشعر قلت ايه / يقراه بعيوني قبل تسمعونه» و«واليا انشدوك العرب وش بينك وبيني / قولي حياتي قصيدة كان شاعرها». وليس على النقيض تماماً من إجادته كتابة الأبيات، يعرف التركي جيداً كيف يحاور قلبه الذي عجز عن التحكم في مشاعره والظاهر في قوله: «عجزت ارده كن ماني براعيه / يوم انتثر شوقه وهاضت شجونه». ذات القلب للشاعر التركي والذي استبدله بيده لكتابه أبيات تأتي مباشرة منه، حتى تلامس ما يبحث عنه العاشق يقول: «ياليتني لا بغيت اكره قدرت اكره / ما كان قلبي ليا جيت اكرهك عيا... مادامك معيف رح لكن على فكره / ما قلت لي ليه دمعك سال منيّا». «احدٍ يخون وواحد الوقت خانه / انا ترا الثاني والأول تراه انت» و«من متى والغصن يختار الطيور / ومن متى والبال يختار الطواري» والعديد من الأبيات والمشاهد الشعرية التي صنع منها متعب التركي نفساً شعرياً وعلامة قصائدية خاصة به، حتى دفع محبيه لترديد بيته الشهير «خافوا من الله لا تجيبون طاريه/ لا صرت انا موجود لا تذكرونه... لو كل غالي جابه الله لغاليه/ ما شفت لك مخلوق تبكي عيونه» كلما ذكر اسمه، أو ردد شيء من قصيده، أو حتى انتهت مكالمة هاتفية لمحب لمتعب ذكر بعدها بيته الاشهر الذي قاله بعد التزامه: «قالوا على الهاتف وليته على الباب/ بعض العرب ودك تشوفه قبالك».