-A +A
سعد الخشرمي (جدة)
salkhashrami@

لا تزال بلدان عربية ترزح تحت وطأة القتل والتشريد والتعذيب، إذ الصرخات توغل في رئة الأرض والجدران والحياة، تسودّ الأضواء، وتسيل الدموع دماً، والألم الذي يسكن السجون لا يسمعه إلا السجّان، ويكتبه في أحرف معدودة تخرسها محاضر التحقيق.


يبدو أن الروائي عبدالرحمن منيف عندما كتب روايته «شرق المتوسط» عام 1975 كان يكتب أولى الروايات السياسية في أدب السجون، محرراً الزمان والمكان كأنه يتنبأ بما يدور في المستقبل فضلاً عن الزمن المرير الذي شهدته ظروف المنجز السردي، إذ يحكي عبرها تفاصيل التعذيب والاعتقالات التعسفية التي بددت الأمن في الأوطان.

وبعد سنتين، يسرد الروائي أحمد رائف في روايته «البوابة السوداء» الصادرة في عام 1977، الأنين في السجون المصرية بعد أن طالت أيادي البطش كل المعارضة السياسية في فترة الاضطرابات التي شهدتها القاهرة، إذ حاول أن يرصد كل صرخة لم تخرج عن جدار العزل الذي أحاط هذه الأقبية. وفي عام 2000، طرقت الروائية المصرية نوال السعداوي الصراخ الأنثوي في سجون التعذيب المصرية في كتابها «مذكراتي في سجن النساء»، والتي تسرد فيها الاعتقالات التعسفية في حقبة الرئيس المصري السابق أنور السادات بعد أن وقع الاتفاقية مع إسرائيل، وتعزيز العلاقات المصرية الإسرائيلية التي فرضتها الأوضاع الملتهبة في تلكم الفترة. وتعد رواية «تلك العتمة الباهرة» للروائي الطاهر بن جلون من الروايات الأكثر شهرةً، إذ صدرت للمرة الأولى باللغة الفرنسية في عام 2000، ثم تمت ترجمتها إلى العربية، وتسرد الرواية السيرية تأريخ سجن «تازمامارت» لما حدث بعد الانقلابات السياسية التي حدثت في مملكة المغرب 1971. فيما تسرد رضوى عاشور تجربتها مع السجن في روايتها «فرج» الصادرة في عام 2008، تحكي أيضاً تجربة والدها وأخيها الصغير، في محاولة لتوثيق الرواية السياسية وتجربة السجون القاسية التي يعاني منها بعض سكان البلدان العربية، إذ تمتزج التجربة في منجزها السردي بالتجارب الثلاث في عمل حفر موقعه في الذاكرة الروائية لأدب السجون. ولم يدر في خلد الكاتب السوري مصطفى خليفة أن روايته تبدأ من عتبة المطار في سورية بعد عودته من فرنسا محملاً بالأمل والتطلع نحو مستقبل فني باهر في وطنه الذي أحبه، ليسرد من خلال روايته «القوقعة» عام 2008 تجربته المؤلمة في سجون النظام السوري، إذ يؤكد في مستهلها أنه تقارير بسيطة صدرت عن بعض آرائه المختلفة أدخلته الزنزانة، وأودعته دولاباً أسود يضرب فيه حتى تأخذ الندوب حيزاً من جسده.