كنت مدركا - نوعا ما - أن هذا اليوم سيمضي بطريقة أخرى، استيقظت في ساعة معينة، لكنها كانت صباحا. تناولت فطورا أو نصف فطور بالأحرى؛ هذا ما حدث إلى تلك اللحظة وأنا أهجس بما سيمنحه هذا اليوم: مشاوير كثيرة.. أمكنة تنادي.. أكواب قهوة لا حيلة لها.. وليل في آخر نفق اليوم سيتواصل معي مباشرة ويرهقني؛ هذا ما رأيته - مبكراً- في خريطة اليوم. بعد شطر الفطور وثبت بسيارتي الصغيرة لأقرب مقهى يناولني الإسبريسو وأنا في السيارة.. عدت من فوري.. لم تكن وجهتي بعيدة.. شعرت أن جسدي لم ينفض النوم بعد.. ظل النعاس يعمل في جسدي بوخز متتابع متتال.. كل هذا كان ثبتا لمشهد اليوم الذي رأيته في لمحة استباقية.
لم تفلح القهوة القوية في نفض النوم من على كتفي - نسيت أن أخبركم أنني في إجازة - كنت أغالب رغبة مرهقة تضغط على خياراتي في يوم كهذا، بلا عمل، أو شاغل غير محاولة تبديد ساعاته. المثير في الأمر، أن وقتا ضائعا غائبا، بين رشفتي الأولى من القهوة و استلقائي على فراش نومي. وقت لم يحسب، لم أجده ! لا في ذاكرتي التي أستقي منها الآن حال كتابتي.. ولا في وعيي في تلك اللحظة الحقيقية. اختفت.
استيقظت لصلاة الظهر.. وعاودت رغبتي، إملاء نفسها علي.. حدث أن ذهبت للمقهى على إثرها، بدفتر ملاحظات برتقالي اللون.. و كتاب لنيتشه.. وسماعة أذن.. ومتفرقات في جيبي. جلست في ظل المقهى.. كان الجو باردا.. غيرت مكان جلوسي ولم تفلح محاولاتي لابتكار أجوائي الخاصة.. شربت قهوة تركية بمغلف واحد من سكر الحمية.. سمعت عددا من مقاطع موسيقية لم تهب كامل لحنها لتلك اللحظة.
عدت للبيت.. نمت.. حلمت.. تقلبت.. تذمرت.. نمت.. غبت.. صحوت.. تنفست.. تنهدت.. نظرت.. استيقظت... إلخ
يبدو أن يومي فقير على مستوى الأحداث، لكنه مليء بما بين السطور وما هو لا مرئي، مثلي.
ما بين صلاة المغرب والعشاء ذهبت لمحل صغير.. أضعت الطريق لكنني وصلت بذكاء مكاني رافقني تلك اللحظة.. اشتريت كمية كبيرة من معمول التمر.. عقب صلاة العشاء شاهدت مباراة في كرة القدم ولم تكن النتيجة مرضية بالنسبة لي: انتهت المباراة بالتعادل الإيجابي كما يقول أهل الصنعة.. ثم بدأ الليل الذي وعدني بالاتصال معه مباشرة.. خرجت أبحث عن ليل! سمعت صوتا يقول: عادة الليل هو من يبحث عنا. تنقلت بين ثلاثة أمكنة، أبحث عن ليل مستحيل.. صرت إلى ساحة خاوية، مليئة بالكراسي والطاولات.. شربت قهوة سوداء جيدة وتناولت بسكويتا تحولت ماركته إلى موضة جماهيرية !! قرأت شيئا من نيتشه.. وكتبت عدة تغريدات ومنشورات قصيرة.. صورت نفسي والمقاعد الخالية.. وجدت الليل وشعرت بالحمى تتسلل لجسدي.. كأنها حمى !!.. كان آخر الليل يلوي ذراع يقظتي، وسجائري قاربت على النفاد.. وإلى أن بلغت لحظة إغلاق هذا التقرير الغريب، مازال الليل يفيض عن المعقول.. بدأت التجليات تتزاحم، ولولا أن شدة قرب الليل حجبت الليل.. ولولا أن العبارة قد ضاقت، لكنت قد منحتكم ما في وسعي من بقية الرؤية.
- انتهى.. لتجنب الأعراض الجانبية -
* كاتب سعودي
لم تفلح القهوة القوية في نفض النوم من على كتفي - نسيت أن أخبركم أنني في إجازة - كنت أغالب رغبة مرهقة تضغط على خياراتي في يوم كهذا، بلا عمل، أو شاغل غير محاولة تبديد ساعاته. المثير في الأمر، أن وقتا ضائعا غائبا، بين رشفتي الأولى من القهوة و استلقائي على فراش نومي. وقت لم يحسب، لم أجده ! لا في ذاكرتي التي أستقي منها الآن حال كتابتي.. ولا في وعيي في تلك اللحظة الحقيقية. اختفت.
استيقظت لصلاة الظهر.. وعاودت رغبتي، إملاء نفسها علي.. حدث أن ذهبت للمقهى على إثرها، بدفتر ملاحظات برتقالي اللون.. و كتاب لنيتشه.. وسماعة أذن.. ومتفرقات في جيبي. جلست في ظل المقهى.. كان الجو باردا.. غيرت مكان جلوسي ولم تفلح محاولاتي لابتكار أجوائي الخاصة.. شربت قهوة تركية بمغلف واحد من سكر الحمية.. سمعت عددا من مقاطع موسيقية لم تهب كامل لحنها لتلك اللحظة.
عدت للبيت.. نمت.. حلمت.. تقلبت.. تذمرت.. نمت.. غبت.. صحوت.. تنفست.. تنهدت.. نظرت.. استيقظت... إلخ
يبدو أن يومي فقير على مستوى الأحداث، لكنه مليء بما بين السطور وما هو لا مرئي، مثلي.
ما بين صلاة المغرب والعشاء ذهبت لمحل صغير.. أضعت الطريق لكنني وصلت بذكاء مكاني رافقني تلك اللحظة.. اشتريت كمية كبيرة من معمول التمر.. عقب صلاة العشاء شاهدت مباراة في كرة القدم ولم تكن النتيجة مرضية بالنسبة لي: انتهت المباراة بالتعادل الإيجابي كما يقول أهل الصنعة.. ثم بدأ الليل الذي وعدني بالاتصال معه مباشرة.. خرجت أبحث عن ليل! سمعت صوتا يقول: عادة الليل هو من يبحث عنا. تنقلت بين ثلاثة أمكنة، أبحث عن ليل مستحيل.. صرت إلى ساحة خاوية، مليئة بالكراسي والطاولات.. شربت قهوة سوداء جيدة وتناولت بسكويتا تحولت ماركته إلى موضة جماهيرية !! قرأت شيئا من نيتشه.. وكتبت عدة تغريدات ومنشورات قصيرة.. صورت نفسي والمقاعد الخالية.. وجدت الليل وشعرت بالحمى تتسلل لجسدي.. كأنها حمى !!.. كان آخر الليل يلوي ذراع يقظتي، وسجائري قاربت على النفاد.. وإلى أن بلغت لحظة إغلاق هذا التقرير الغريب، مازال الليل يفيض عن المعقول.. بدأت التجليات تتزاحم، ولولا أن شدة قرب الليل حجبت الليل.. ولولا أن العبارة قد ضاقت، لكنت قد منحتكم ما في وسعي من بقية الرؤية.
- انتهى.. لتجنب الأعراض الجانبية -
* كاتب سعودي