الأمير بدر بن عبدالمحسن
الأمير بدر بن عبدالمحسن
-A +A
سلطان بن بندر (جدة)
sultanbinbandar@

لم يعد «صعب السؤال» الإجابة الأكيدة لكل استفهام عن أمسية جديدة للشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن، بعد إعلانه اعتزال الأمسيات الشعرية منذ نحو أربعة أعوام، ليعود البدر بعد أن ردد عشاقه الذين أحبوه وشعره «كيف ترضى عليّ طول الغياب.. وأنت «شعرك» جرى مجرى الدماء»، ونادوه بذات الصوت الذي نادى به محبوبته في صوتك يناديني قبل أن يرددوا على مسامع الشعر الـ«حسايف» لشاعر كانت لمشاعرهم معه «موت وميلاد»، وأبيات كانت دليلاً لقواعد العشق السعودي التي جسد خلالها لغاويه دور مرشد عشقي لخص لهم قواعد عشق جاوزت الأربعين، لشاعر عنه الصبر «كذبه» وفيه «الشعر» موعود. ولم يكتف «أيقونة الشعر السعودية» بنثر الحب شعراً ومطراً، فقصائد تتراقص على مسامع محبيه رقص «طفلة تحت المطر» بأدب العاطفة في أبياته ولم يتوقف عند ذلك فحسب بل جاوزه إلى كتابة «أناشيد الظل الوطنية»، إذ ارتقى فيها بالشعر الوطني «هام السحب» بكتابة أجمل أبيات حب الوطن وكان له الفضل في كتابة أول أغنية عاطفية وطنية لحناً وكتابة «حدثينا يا روابي نجد» إضافة إلى قصائد «الله البادي» و«فوق هام السحب»، إضافة لكتابته ثلاثة أوبريتات وطنية لمهرجان الجنادرية، كان آخرها أوبريت «وطن الشموس».


وعلى الرغم من زعمه أنه لا يجيد سوى قرض الشعر، إلا أن «مهندس الكلمة» استطاع منذ أوائل السبعينات الميلادية تشكيل هوية واضحة للأغنية السعودية من خلال كتابته العديد من القصائد المغناة التي ملأ بها الأرض السعودية بـ«صوت الأرض» لأول مرة دهشة بالأسلوب الحديث للشعر المغنى بعد أول تعاون غنائي له مع الراحل طلال مداح من خلال أغنية «عطني المحبة» والتي كانت أولى خرزات مسبحة الشعر الغنائي للبدر التي تساقطت حبيباتها بحناجر العديد من نجوم الغناء العربي، عابرين بالشعر السعودي الغنائي الشرق الأوسط من المحيط إلى الخليج متغنين في «زمان الصمت» لـ«المسافر» بـ«الرسايل» و«الناي» و«الجريدة» وحتى «المزهرية».

ولم يقف البدر على أعتاب كتابة الشعر بجميع أغراضه فحسب، بل جاوز ذلك إلى كتابة أبعد من «ما ينقش العصفور» زاويته الصحافية الشعرية الشهيرة، والتي سكنت آخر صفحات أشهر مجلات الشعر الشعبي الخليجي «المختلف» منذ الثمانينات الميلادية، والتي كان لأول رئيس لجمعية الثقافة والفنون السعودية، يد في تأسيسها.

لقاء البدر الأخير يأتي بعد أن تعب عشاقه من ترديد «ليت الشوارع تجمع اثنين صدفة/‏ لا صار شباك المواعيد مجفي»، دعوة للبدر بأن تمّر الدنيا بلقاء معه لا يقطع درب لاماهم به أي نعاس، بعد أن كان قرار اعتزاله «أسهل من الكذبة على شفة طفل»، وجاءت عودته للقائهم الليلة بأمسية شعرية «أحلى من الحلم اللي ودوا لو كمل».