كثيرا ما تحدث المؤرخون عن أن الفلسفة نتاج للدهشة الطبيعية التي يولد بها الإنسان، وأن الإنسان بطبعه ولد متسائلاً مندهشا يتعجب من كل شيء حتى يتم ترويضه اجتماعيا فيألف كل شيء حوله ويصبح داجنا فكريا لا يسأل عن شيء وكأنه ترس في عجلة يدور بنمط واحد وفكر واحد حتى يعطب ويتم استبداله بترس آخر، إن كثيرا مما يحدث حولنا ليس طبيعيا ولكننا معتادون عليه لا أكثر، ولذلك فإن من يسافر حول العالم يستعيد شيئا من دهشته عندما يرى عادات غير مألوفة لديه، ولكنها سرعان ما يألفها ويصبح داجنا بنفسٍ عالمي!
يشير برتراند راسل في كتابه «تاريخ الفلسفة الغربية»، إلى أن الفكر الفلسفي نتاج الفكر الديني والخُلق الموروثة، من جهة، ومن جهة أخرى هي نتاج البحث العلمي أن الفلسفة تحاول أن تجيب على ما لم يجب عليه العلم. ودون تقيد للفلسفة وقد يكون راسل مصيبا في بعض مقدمته، ولكن الأصل في الفلسفة نشأتها عن التأمل، بعد الفشل اللاهوتي في تفسير أصل الأشياء وغاية الوجود وغاية الأحداث، فكان الإنسان يتطلع إلى تفسير يطفئ قلقه وناره الموقدة في عقله ونفسه فدخل في دوامة قلق فلسفي ومعرفي لا نهاية له، وكان الصراع على أشده بين الأسئلة والأجوبة ورغم أن الأسئلة تبدو قليلة إلا أن بعضها لم تجد إجابة حتى هذه اللحظة، على أن الفلسفة ليست علما، ولكنها علم بالجهل، إذ إن الجهل لديها هو التحيز الوحيد، وحيث الشك المعرفي هو الأصل، وحيث تكون الأسئلة مقدمة على الأجوبة وكما أقول دوما، فإن الأذكياء يعرفون بأسئلتهم وليس بأجوبتهم.
كما أن العلم يتعاطى مع الحياة، ولكنه لا يتعامل مع ما قبل الحياة أو ما بعدها، كما أنه لا يتعامل مع غايات الأشياء والأحداث أو الأخلاق فلماذا تفعل الخير مثلاً، ولماذا تتجنب الشر، ولماذا لا نرتكب الجرائم، وما مفهوم الحياة الطيبة، وما مفهوم السعادة، وما مفهوم الخير والشر وكيف تحدث السعادة.......إلخ.
ولعل الإنسان كما يصفه ويكلر بأنه «الكائن الذي يريد دائما أكثر مما يستطيع والذي يستطيع أكثر مما يجب». هذا الإنسان تشكلت الفلسفة لديه على شكل أسئلة كبرى، فالإنسان يراقب دورة الحياة من الولادة ثم العيش في هذه الحياة وما يعتريها من أفراح وأتراح، ونعم ونقم، حيث يمسي معافى ويصبح مبتلى، ويصبح مبتلى ويمسي معافى، ثم يصل إلى النهاية الحتمية، حيث الموت ومفارقة الحياة، وهنا كانت التساؤلات الكبرى لماذا ولد الإنسان؟ ولماذا يعيش؟ ولماذا يموت؟ وما غاية إتيانه للوجود وغاية حياته وغاية موته؟ ثم ماذا يحدث بعد الموت؟ وماذا حدث قبل الولادة؟ وماذا كان وماذا سيكون؟ وكيف تسير الأحداث على هذه الأرض؟ وهل يوجد قانون يسيرها أم أنها عشوائية؟ فكانت الفلسفة محاولة منهجية وجادة لإدخال العقل في العالم - كما يصفها هورك هايمير، كلُ هذه الأسئلة شكلت قلقا لا يطاق لمن رفض الأجوبة.
_____________
* كاتب سعودي
يشير برتراند راسل في كتابه «تاريخ الفلسفة الغربية»، إلى أن الفكر الفلسفي نتاج الفكر الديني والخُلق الموروثة، من جهة، ومن جهة أخرى هي نتاج البحث العلمي أن الفلسفة تحاول أن تجيب على ما لم يجب عليه العلم. ودون تقيد للفلسفة وقد يكون راسل مصيبا في بعض مقدمته، ولكن الأصل في الفلسفة نشأتها عن التأمل، بعد الفشل اللاهوتي في تفسير أصل الأشياء وغاية الوجود وغاية الأحداث، فكان الإنسان يتطلع إلى تفسير يطفئ قلقه وناره الموقدة في عقله ونفسه فدخل في دوامة قلق فلسفي ومعرفي لا نهاية له، وكان الصراع على أشده بين الأسئلة والأجوبة ورغم أن الأسئلة تبدو قليلة إلا أن بعضها لم تجد إجابة حتى هذه اللحظة، على أن الفلسفة ليست علما، ولكنها علم بالجهل، إذ إن الجهل لديها هو التحيز الوحيد، وحيث الشك المعرفي هو الأصل، وحيث تكون الأسئلة مقدمة على الأجوبة وكما أقول دوما، فإن الأذكياء يعرفون بأسئلتهم وليس بأجوبتهم.
كما أن العلم يتعاطى مع الحياة، ولكنه لا يتعامل مع ما قبل الحياة أو ما بعدها، كما أنه لا يتعامل مع غايات الأشياء والأحداث أو الأخلاق فلماذا تفعل الخير مثلاً، ولماذا تتجنب الشر، ولماذا لا نرتكب الجرائم، وما مفهوم الحياة الطيبة، وما مفهوم السعادة، وما مفهوم الخير والشر وكيف تحدث السعادة.......إلخ.
ولعل الإنسان كما يصفه ويكلر بأنه «الكائن الذي يريد دائما أكثر مما يستطيع والذي يستطيع أكثر مما يجب». هذا الإنسان تشكلت الفلسفة لديه على شكل أسئلة كبرى، فالإنسان يراقب دورة الحياة من الولادة ثم العيش في هذه الحياة وما يعتريها من أفراح وأتراح، ونعم ونقم، حيث يمسي معافى ويصبح مبتلى، ويصبح مبتلى ويمسي معافى، ثم يصل إلى النهاية الحتمية، حيث الموت ومفارقة الحياة، وهنا كانت التساؤلات الكبرى لماذا ولد الإنسان؟ ولماذا يعيش؟ ولماذا يموت؟ وما غاية إتيانه للوجود وغاية حياته وغاية موته؟ ثم ماذا يحدث بعد الموت؟ وماذا حدث قبل الولادة؟ وماذا كان وماذا سيكون؟ وكيف تسير الأحداث على هذه الأرض؟ وهل يوجد قانون يسيرها أم أنها عشوائية؟ فكانت الفلسفة محاولة منهجية وجادة لإدخال العقل في العالم - كما يصفها هورك هايمير، كلُ هذه الأسئلة شكلت قلقا لا يطاق لمن رفض الأجوبة.
_____________
* كاتب سعودي