-A +A
قيس بن إبراهيم *
أمام المحيط الهادئ

كنت وحيداً بين آلاف الأصوات


وضجيج الأجساد

أعبث بمائه كما يعبث العشاق بجدائل حبيباتهم

كنت أسرح أمواجه

وأصنع منها جدائل طويلة

طويلةً كفايةً..

حتى اعتقدتُ أن الشمس توارت كي أتوقف..

كنت أحدثه عني

من أين أتيت

عن أبي وأمي

عن كتبي التي ترقد جوار أسرّتي أينما ذهبت

عن دفاتري

وآلاف القصائد التي كتمتها في صدري

عن الأشجار التي سميتها باسمي حين كنت صغيرا

وعن أحلامي التي لا يعرفها أحد

عن وطني

عن أحلام الطيبين

عن جدي الذي تجاوز المئة

وعن هزائمي وانتصاراتي

عن صومي

ودعائي

عن رفيقة الدرب التي أنتظر

ولكن..

هو كما هو لا يجيب

كان يزهو بمائه ويرقص مثل الصغيرات حين تمشط جدّاتهن شعورهن الطويلة.

جذبته من ناصية أمواجه وسألته:

هل يعرف الماء أسماءنا قبل أن نتكلم؟

وهل يخبئ أسرارنا إذا تكلمنا؟

أم أنه يلقيها زبدا على موانئ هذا العالم العطش..!

ولكن

هو كما هو

راح يضاحك الطفلة التي كانت بجواري تصنع قلعتها التي سمّتها جوناثان،

باسم أخيها الرضيع.

______

* شاعر سعودي