غالبا ما يكون مرتادو مطعم الفندق الشاطئ الذي نقيم فيه في هذا الوقت من الصباح هم أزواج في مرحلة ما يسمى بمنتصف العمر.
العمر الذي يكون الإنسان غالبا قد شكل فيه حياته ومنحها ختم السعادة أو الشقاء.
والذين يصلون منتصف العمر ولم يحددوا خياراتهم فلن يحددوها أبدا، وكل الارتكاسات التي يقعون فيها ليست سوى محاولات تعديل مسار القارب الذي لم يعد بالإمكان توجيه مساره وكل ريح تهب بعد الخمسين هي رياح في غير موسمها. رياح لا تفعل سوى إثارة الغبار وربما الحساسية وأمراض الربو.
كان الوقت مبكرا جدا والمطعم يكاد يكون خاليا تماما، عدا من بعض عاملي الفندق والذين يتحركون بتاكسل وهم يرتبون الطاولات ويكملون مكونات الإفطار الصباحي.
ــ شاي أو قهوة؟
هكذا سألني النادل وهو يقول صباح الخير
ــ قهوة لو سمحت..
ــ والمدام؟
ولم أعقب وكنت أعرف أنها ستقول: شاي.
عادة أحب شرب القهوة قبل كل شيء.. في السابق كانت نورة تنصحني في أن أبدأ بعصير البرتقال أو حتى الفاكهة قبل القهوة، كان ذلك منذ زمن بعيد في بداية حياتنا وأسفارنا ثم ما لبثت أن يئست من تعديل عاداتي أو ربما لم تعد تهتم لصحتي بعد أن تأكد لها أن كل ما هو في حياتي هو شأن شخصي يخصني، بما في ذلك صحتي.
وعادة ما تكون مطاعم الفنادق خالية في هذا الوقت المبكر، وهو الوقت الذي أحب أن أراقب فيه القادمين تباعا محاولا التفريق بين الأزواج والأصدقاء من خلال قراءة الوجوه واللباس وحتى الخطوات ومن يسبق الآخر في الدخول.
وكانت نورة قد قامت كعادتها في جولة تفعلها كل يوم على مكونات الإفطار كاملة قبل أن تقرر ما الذي ستختاره، في حين أكون أنا أحتسي قهوتي على مهل، كانت تمر على ركن المخبوزات، العصائر، الأجبان، الفواكه، ركن طاهي البيض ثم ركن الأطباق الرئيسية،
وقبل أن تجلس كانت تقدم تقريرها:
اليوم حاطين مناقيش على غير العادة.. أو العصير اليوم ليس طازجا أو لا يفوتك السلمون
ــ شكل الأجبان اليوم فرنسية من النوع الغالي.. لا تفوتك
وعندما لم أعقب التفتت إلى حيث كنت أنظر..
كان هناك زوجان أجنبيان وشابان على غير عادة رواد المطعم في هذا الوقت، وكانا من جنسية يصعب عليّ تخمينها، ولكن يبدو أنهما من روسيا أو جمهورياتها السابقة أو ربما من أوروبا الشرقية.
وبقيت أحدق في الشاب والشابة الجميلة، واللذين يكادان يغردان وهما يتحدثان.
ــ متى يتوب الله عليك من هذه العادة.. عادة البصبصة؟
ــ لم لا تسمها تأمل
ــ لا بصبصة
ــ نسيت؟
كانت في بداية أسفارنا تشاركني هذه العادة كما كنا نتشارك أشياء كثيرة.. عادة تأمل النزلاء بل وكنا نتراهن على تحديد هوية وجنسيات الأزواج وكان ذلك سهلا في بداية العمر، ولكن بعد أن تقدمنا في العمر أصبحنا نرى كل الناس متشابهين حتى كأنهم خط إنتاج لمصنع رديء.
وتوقفت هي عن هذه العادة في حين بقيت أنا
ــ ترى من أي دولة هذان الزوجان الشابان؟
سألتني..
ــ وما أدراك أنهما زوجان ربما صديقان؟
تغيرت ملامحها ولم تعجبها إجابتي
ــ الأزواج الشباب لا يصحون عادة في مثل هذا الوقت ربما هما صديقان يحاولان اللحاق بطائرتهما نحو بلاد أخرى
ولماذا لا يكونان زوجين أيضا يحاولان اللحاق بطائرتهما نحو بلاد الله!
ــ الطريقة التي يتكلمان بها كما لو أن كل واحد فيهما يهدي الآخر قصيدة تدل على أنهما صديقان وليس زوجين
ــ مالت عليك قم ترى طلبت لك بيض بالفطر
ومضت نحو ركن المعجنات.
* قاص سعودي
العمر الذي يكون الإنسان غالبا قد شكل فيه حياته ومنحها ختم السعادة أو الشقاء.
والذين يصلون منتصف العمر ولم يحددوا خياراتهم فلن يحددوها أبدا، وكل الارتكاسات التي يقعون فيها ليست سوى محاولات تعديل مسار القارب الذي لم يعد بالإمكان توجيه مساره وكل ريح تهب بعد الخمسين هي رياح في غير موسمها. رياح لا تفعل سوى إثارة الغبار وربما الحساسية وأمراض الربو.
كان الوقت مبكرا جدا والمطعم يكاد يكون خاليا تماما، عدا من بعض عاملي الفندق والذين يتحركون بتاكسل وهم يرتبون الطاولات ويكملون مكونات الإفطار الصباحي.
ــ شاي أو قهوة؟
هكذا سألني النادل وهو يقول صباح الخير
ــ قهوة لو سمحت..
ــ والمدام؟
ولم أعقب وكنت أعرف أنها ستقول: شاي.
عادة أحب شرب القهوة قبل كل شيء.. في السابق كانت نورة تنصحني في أن أبدأ بعصير البرتقال أو حتى الفاكهة قبل القهوة، كان ذلك منذ زمن بعيد في بداية حياتنا وأسفارنا ثم ما لبثت أن يئست من تعديل عاداتي أو ربما لم تعد تهتم لصحتي بعد أن تأكد لها أن كل ما هو في حياتي هو شأن شخصي يخصني، بما في ذلك صحتي.
وعادة ما تكون مطاعم الفنادق خالية في هذا الوقت المبكر، وهو الوقت الذي أحب أن أراقب فيه القادمين تباعا محاولا التفريق بين الأزواج والأصدقاء من خلال قراءة الوجوه واللباس وحتى الخطوات ومن يسبق الآخر في الدخول.
وكانت نورة قد قامت كعادتها في جولة تفعلها كل يوم على مكونات الإفطار كاملة قبل أن تقرر ما الذي ستختاره، في حين أكون أنا أحتسي قهوتي على مهل، كانت تمر على ركن المخبوزات، العصائر، الأجبان، الفواكه، ركن طاهي البيض ثم ركن الأطباق الرئيسية،
وقبل أن تجلس كانت تقدم تقريرها:
اليوم حاطين مناقيش على غير العادة.. أو العصير اليوم ليس طازجا أو لا يفوتك السلمون
ــ شكل الأجبان اليوم فرنسية من النوع الغالي.. لا تفوتك
وعندما لم أعقب التفتت إلى حيث كنت أنظر..
كان هناك زوجان أجنبيان وشابان على غير عادة رواد المطعم في هذا الوقت، وكانا من جنسية يصعب عليّ تخمينها، ولكن يبدو أنهما من روسيا أو جمهورياتها السابقة أو ربما من أوروبا الشرقية.
وبقيت أحدق في الشاب والشابة الجميلة، واللذين يكادان يغردان وهما يتحدثان.
ــ متى يتوب الله عليك من هذه العادة.. عادة البصبصة؟
ــ لم لا تسمها تأمل
ــ لا بصبصة
ــ نسيت؟
كانت في بداية أسفارنا تشاركني هذه العادة كما كنا نتشارك أشياء كثيرة.. عادة تأمل النزلاء بل وكنا نتراهن على تحديد هوية وجنسيات الأزواج وكان ذلك سهلا في بداية العمر، ولكن بعد أن تقدمنا في العمر أصبحنا نرى كل الناس متشابهين حتى كأنهم خط إنتاج لمصنع رديء.
وتوقفت هي عن هذه العادة في حين بقيت أنا
ــ ترى من أي دولة هذان الزوجان الشابان؟
سألتني..
ــ وما أدراك أنهما زوجان ربما صديقان؟
تغيرت ملامحها ولم تعجبها إجابتي
ــ الأزواج الشباب لا يصحون عادة في مثل هذا الوقت ربما هما صديقان يحاولان اللحاق بطائرتهما نحو بلاد أخرى
ولماذا لا يكونان زوجين أيضا يحاولان اللحاق بطائرتهما نحو بلاد الله!
ــ الطريقة التي يتكلمان بها كما لو أن كل واحد فيهما يهدي الآخر قصيدة تدل على أنهما صديقان وليس زوجين
ــ مالت عليك قم ترى طلبت لك بيض بالفطر
ومضت نحو ركن المعجنات.
* قاص سعودي