-A +A
علي الرباعي (الدوحة)
al_arobai@

يتفق كثير من النقاد أن عظمة الشاعر تكمن في بساطته وعدم تكلفه دور النخبوي ساكن الأبراج العاجية. والشاعر سعد الخلاوي الشمري أحد الأسماء الشعرية المدهشة والبسيطة حد العمق.. شفيف كطفل وعزوة كسحابة خريف يتبعها الشحم والريف، ملامحه تشي بالاغتراب كونه مثقفاً وقارئاً نهماً.


بدأت خطوات الحلم من الكويت وكانت الجرائد والمجلات مدرسته الأولى، مات والده مبكراً فعشق أسرته أكثر وحافظ على البيت بروح أبيه. ويصور حالته بعد دفن أبيه وانصراف المعزين، وبقاءه واقفاً فترة طويلة:

الناس راحوا وأنا سبعة سنين أنتظر

أدري به آبوي لا يمكن يفكّر يموت

يرفض الخلاوي أن يكون رديئاً في الحياة وفي الشعر ولكنه يلتمس العذر لمن وقع في الرداءة رغم أنفه:

تلبس المرجلة ثوب الحداد

لا تردى رجل ما هو ردي

انشغل بمقاومة الظروف وقلة المال فترك الشعر في آخر اهتماماته، إلا أن الشعر كان وفياً معه إذ سرعان ما غفر له إهماله للموهبة المبكرة ووضعه في الصفوف الأولى. تعب كثيراً وكابد وعمل حارس أمن في شركة خاصة لمدة تسعة أعوام، واستقال وبقي سنوات يكافح ويدرس حتى حاز على شهادة تمريض، ولم تتوافر له وظيفة سوى مأمور ثلاجة الموتى في مستشفى القيصومة. تفاءل بعمله مع الراحلين أربعة أعوام، إذ إن المكلومين فقداً كانوا يمطرونه بصادق الدعاء. ويقول: «كنت أخدم المصابين في أهليهم وأعزيهم دون أن أجرؤ على النظر إلى عيونهم، ولا التبسم في وجوههم، كوني جزءا من مشهد الحزن»، وعبر شعرياً عن عمله في ثلاجة الموتى:

مأمور ثلاجة أموات وشعوره ندى

أنا أكثر إنسان في الدنيا يحب الحياة ويؤكد الخلاوي أن مطلع قصائده إلهام وما تبقى صناعة، ويحتفظ بيوم في الأسبوع ينفرد فيه بنفسه ليقرأ ويسمع موسيقى، ولا يتحرج من الاعتراف بتأثره بتجربة سليمان المانع وتعلقه بنزار قباني، ويرى أنه نجح شعرياً وإنسانياً إلا أنه لم يحقق الثراء مالياً ويعيش الكفاف، مؤملا أن يكون ممن يضمد جراح المتعبين بشعره.