مازال نتاج الدكتور عبدالوهاب المسيري شاهدا على فكره الخاص وتحليله الفريد في مختلف أنواع المعرفة، آخرها كتابه (الحلولية ووحدة الوجود) -صادر عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر 2017-، نتاجا أثبت به على حضوره في غيابه، يتناول فيه (الحلولية) كفلسفة وعقيدة، محاولا فهم الفارق بين المتجاوز والغيبي. فكرة (الحلولية) والوجود لا يمكن أن يعرضها سوى باحث متمكن مختص ودقيق لما لها من مآلات ومرويات قد لا تكون منصفة في الشكل المطلوب في أكثر الحالات. ويعتبر المسيري أن (الحلولية) مدخل تحليلي مهم لفهم الفلسفات والعقائد التي تهمش الفارق بين المتجاوز والغيبي من جهة والتجسد والمادة من جهة أخرى، وهي عملية تحول تدريجي تبلغ مداها بـ (وحدة الوجود) التي تقوم بتصفية الثنائية المميزة للوجود الإنساني، وتلغي المسافة بين الخالق والمخلوق، وتختزل الإنسان في بعد واحد، وهو ذاته المدخل الذي عارضه المسيري واعتمده في خطابه النقدي للحداثة الغربية وكيف أنها تدعي التمركز حول المادة والطبيعة. ويعد المسيري من أكثر المفكرين والمهتمين بفكرة (الحلولية) والوجود والأثر المترتب عليها لما له من باع طويل في دراسة الفكر الغربي والحداثة الغربية ومذاهبها. وبذل جهدا كبيرا في رصد تطور الفكر الإنساني، ووجد صيغا عديدة مثلت حالة التماهي بين الإنسان والإله وبين الإنسان والمادة، من (الهرمسية) القديمة، مرورا بالتصوف الغنوصي في التراث الإسلامي، وحتى تجليات (الحلولية) في الحداثة الغربية.
وبرز مفهوم (الحلوية) والوجود العديد من الفلاسفة؛ مثل: ابن طفيل وابن عربي والغزالي، ومن العقائديين: النفري والحلاج.
وبرز مفهوم (الحلوية) والوجود العديد من الفلاسفة؛ مثل: ابن طفيل وابن عربي والغزالي، ومن العقائديين: النفري والحلاج.