إن المزية الفريدة لأي نص إبداعي تتجلى في قدرته على النفاذ عبر حوائط الزمن، ليبقى طازجاً، متى ما اطلع عليه المطلع، ليجد فيه المعبّر عن الواقع، والمستشرف للمستقبل، ولمن يريد أن يفهم «الحالة القطرية»، فلا أملك إلا أن أدير بوصلة اطلاعه نحو رباعيات المبدع المصري صلاح جاهين، التي كان ينشرها في مجلة «صباح الخير» المصرية منذ عام 1959م، وبالتحديد تلك الرباعية التي دعا فيها الثور إلى أن يزيل عن عينيه الغمامة، ويتوقف عن الدوران؛ بل ويبصق على الساقية وعلى من ربطه إليها.. ولكن الثور، في ظل الغمامة المربوطة قسراً على عينه يرفض النصيحة، ويقول لكل من حوله من العقلاء والحكماء: إن الأمر برمته لا يعدو أن يكون خطوة أخرى، وبعدها ينتهي الطريق، وتقف الطاحونة، أو تجف البئر.. وهكذا هي أحلام «الثيران».. فلا البئر سيجف ماؤها، ولا الطريق له نهاية، وسوف يظل على دورانه الأعمى إذا لم يزل عن عينه الغمامة، ويبصق على الساقية، وعلى كل من يربطه إليها..!
نعم؛ ترحمت على صلاح جاهين، فقد شقّ، بهذه الرؤية الرامزة الحارقة، أستار الغيب، وكشف عن المستقبل. وما عليك إلا أن تضع «قطر» مكان «الثور» وستحصل على ذات النتيجة من الرؤية الغائمة، والمكابرة اللجوجة، والبصيرة المنطفئة.. وليس ثمة ما يلوح في الأفق من بوادر لانفراج حقيقي ينهي هذه الأزمة، التي أوجدتها قطر منذ يونيو 2017م مع الدول الأربع، التي فرضت عليها المقاطعة اضطراراً، على أمل أن تزيل الغمامة عن عينها، وتتوقف عن دعم الإرهاب وتمويله، وتفك هذا الارتباط المريب بإيران، التي تناصب دول مجلس التعاون العداء، وتتدخل في شؤونها الداخلية، وتمويل مساقط الفوضى ودعمها، ومحاولة دعم الربيع العربي على كل دول المنطقة، وما يسببه ذلك من كوارث ومصائب وفتك ودماء تسفك دون وجه حق، وإثارة القلاقل والفتن، وإتيان كل ما من شأنه زعزعة واستقرار وحدة دول مجلس التعاون.. فكلها من الشواهد التي يدركها من له بصيص حظ من نعمة البصر، ناهيك أن يكون ذا بصيرة، ولهذا فإنها لن تعمى إلا على «ثور جاهين»!
إن المكابرة والعناد القطري -على الراجح- يفوقان في مداهما «صاحب جاهين»، فكل الخطوات التي جرت لترفع هذه الغمامة عن وجهها لترى الواقع بعين البصيرة، لم تقابل إلا بوجه يزوَرّ عن النصيحة، وقلوب منصرفة عن الحلول المنطقية التي تحفظ للجميع أمنهم وسلامتهم وكرامتهم أيضًا.. فمنذ العام 1435هـ والمحاولات الخليجية تترى لرأب الصدع، وإصلاح الحال، بغية إنهاء الخلاف، والتعهد بالامتناع عن معاداة الجيران، وتحريك رؤوس الفتن، ومن أعماهم الله عن حب أوطانهم.. فقطر، ورغم تعهدها في الرياض واتفاقها على الالتزام بما تعهدت به، إلا أنها استمرت في الانصياع التام لمن وضع الغمامة على عينها وتركها تدور في طاحونة الشر، تكذب وتدور وتلف وتراوغ في كل مرة، تخرج الأحداث من سياقها بحثاً عن مكاسب رخيصة، كان آخرها ما جرى من ملابسات الاتصال التلفوني بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان –حفظه الله-، من قبل (تميم)، وما جرى من تحريف وقائع ذلك الاتصال، وإخراجها عن مضمونها الحقيقي، بما يكشف عن النوايا الحقيقية من الاتصال نفسه، ومحاولة التضليل الإعلامي، وكسب نقاط في معركة يغيب «الشرف» عن قطر في إدارتها.
هذه الخطوة سبقتها محاولات وفرص متتالية، قدمت لقطر في مبادرات عديدة، لعل وعسى أن تعود إلى رشدها، وتعرف حقيقة نفسها، بداية من تدخل وزراء دول خارجية العالم، وزيارة قطر، ولم تأتِ هذه الزيارات إلا بمزيد من التعنت القطري..
وفي محاولة أخرى تم تأجيل موعد مبادرة يوليو 2017م لتنفيذ المطالب العربية من قبل الدوحة لمدة يومين؛ لإثبات حسن النية في التوصل إلى حل منطقي ومقبول، يرتق الفتق الذي أحدثته قطر في جسد دول مجلس التعاون، ولكن كعادتها استمرت في اللفّ والدوران بذات العينين المعصوبتين.
كذلك من هذه المحاولات لنزع غمامة (الثور) القطري ليبصق على الساقية المربوط إليها، وعلى من ربطه من الملالى والعمائم وأصحاب اللحى، ما جرى من اتصال هاتفي بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –أيده الله- والرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ثم مهاتفة حاكم قطر الصوري (تميم)، والمحصلة لم تزد على مزيد من الغموض في الموقف القطري، وتعنت لكل بوادر الحل المطروحة عليها.. وأخيراً جاءت مبادرة أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد، وسعيه الدؤوب لحل الأزمة، وتدخله بثقله لرفع الغمامة عن العيون القطرية، يضاف إليها تدخل عدد من الدول الأوروبية وروسيا وغيرها من دول العالم.. فكلها فشلت أمام العناد القطري، الذي أبى إلا أن يستمر في عناده وتصلبه واستفزازه..
إن «ثوراً» بهذا العناد والمكابرة، يتطلب معالجة عملية تلجم حركته أولاً بتقييد خطواته المستلبة، كما يجب أن تشمل المعالجة قطع الحبل الواصل بين «الثور» ومن «يحركه»، ثم نزع الغمامة عنه بلا إبطاء، حتى وإن قاوم ورفض، فأمن المنطقة ليس مسرحاً للعبث، ولا ساحة لأطماع «الصبية»، ونزوات ذوي الأجندات الخفية المفخخة!
* كاتب سعودي
نعم؛ ترحمت على صلاح جاهين، فقد شقّ، بهذه الرؤية الرامزة الحارقة، أستار الغيب، وكشف عن المستقبل. وما عليك إلا أن تضع «قطر» مكان «الثور» وستحصل على ذات النتيجة من الرؤية الغائمة، والمكابرة اللجوجة، والبصيرة المنطفئة.. وليس ثمة ما يلوح في الأفق من بوادر لانفراج حقيقي ينهي هذه الأزمة، التي أوجدتها قطر منذ يونيو 2017م مع الدول الأربع، التي فرضت عليها المقاطعة اضطراراً، على أمل أن تزيل الغمامة عن عينها، وتتوقف عن دعم الإرهاب وتمويله، وتفك هذا الارتباط المريب بإيران، التي تناصب دول مجلس التعاون العداء، وتتدخل في شؤونها الداخلية، وتمويل مساقط الفوضى ودعمها، ومحاولة دعم الربيع العربي على كل دول المنطقة، وما يسببه ذلك من كوارث ومصائب وفتك ودماء تسفك دون وجه حق، وإثارة القلاقل والفتن، وإتيان كل ما من شأنه زعزعة واستقرار وحدة دول مجلس التعاون.. فكلها من الشواهد التي يدركها من له بصيص حظ من نعمة البصر، ناهيك أن يكون ذا بصيرة، ولهذا فإنها لن تعمى إلا على «ثور جاهين»!
إن المكابرة والعناد القطري -على الراجح- يفوقان في مداهما «صاحب جاهين»، فكل الخطوات التي جرت لترفع هذه الغمامة عن وجهها لترى الواقع بعين البصيرة، لم تقابل إلا بوجه يزوَرّ عن النصيحة، وقلوب منصرفة عن الحلول المنطقية التي تحفظ للجميع أمنهم وسلامتهم وكرامتهم أيضًا.. فمنذ العام 1435هـ والمحاولات الخليجية تترى لرأب الصدع، وإصلاح الحال، بغية إنهاء الخلاف، والتعهد بالامتناع عن معاداة الجيران، وتحريك رؤوس الفتن، ومن أعماهم الله عن حب أوطانهم.. فقطر، ورغم تعهدها في الرياض واتفاقها على الالتزام بما تعهدت به، إلا أنها استمرت في الانصياع التام لمن وضع الغمامة على عينها وتركها تدور في طاحونة الشر، تكذب وتدور وتلف وتراوغ في كل مرة، تخرج الأحداث من سياقها بحثاً عن مكاسب رخيصة، كان آخرها ما جرى من ملابسات الاتصال التلفوني بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان –حفظه الله-، من قبل (تميم)، وما جرى من تحريف وقائع ذلك الاتصال، وإخراجها عن مضمونها الحقيقي، بما يكشف عن النوايا الحقيقية من الاتصال نفسه، ومحاولة التضليل الإعلامي، وكسب نقاط في معركة يغيب «الشرف» عن قطر في إدارتها.
هذه الخطوة سبقتها محاولات وفرص متتالية، قدمت لقطر في مبادرات عديدة، لعل وعسى أن تعود إلى رشدها، وتعرف حقيقة نفسها، بداية من تدخل وزراء دول خارجية العالم، وزيارة قطر، ولم تأتِ هذه الزيارات إلا بمزيد من التعنت القطري..
وفي محاولة أخرى تم تأجيل موعد مبادرة يوليو 2017م لتنفيذ المطالب العربية من قبل الدوحة لمدة يومين؛ لإثبات حسن النية في التوصل إلى حل منطقي ومقبول، يرتق الفتق الذي أحدثته قطر في جسد دول مجلس التعاون، ولكن كعادتها استمرت في اللفّ والدوران بذات العينين المعصوبتين.
كذلك من هذه المحاولات لنزع غمامة (الثور) القطري ليبصق على الساقية المربوط إليها، وعلى من ربطه من الملالى والعمائم وأصحاب اللحى، ما جرى من اتصال هاتفي بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –أيده الله- والرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ثم مهاتفة حاكم قطر الصوري (تميم)، والمحصلة لم تزد على مزيد من الغموض في الموقف القطري، وتعنت لكل بوادر الحل المطروحة عليها.. وأخيراً جاءت مبادرة أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد، وسعيه الدؤوب لحل الأزمة، وتدخله بثقله لرفع الغمامة عن العيون القطرية، يضاف إليها تدخل عدد من الدول الأوروبية وروسيا وغيرها من دول العالم.. فكلها فشلت أمام العناد القطري، الذي أبى إلا أن يستمر في عناده وتصلبه واستفزازه..
إن «ثوراً» بهذا العناد والمكابرة، يتطلب معالجة عملية تلجم حركته أولاً بتقييد خطواته المستلبة، كما يجب أن تشمل المعالجة قطع الحبل الواصل بين «الثور» ومن «يحركه»، ثم نزع الغمامة عنه بلا إبطاء، حتى وإن قاوم ورفض، فأمن المنطقة ليس مسرحاً للعبث، ولا ساحة لأطماع «الصبية»، ونزوات ذوي الأجندات الخفية المفخخة!
* كاتب سعودي