يعمد الشاعر محمد محسن الغامدي في ديوانه «السير على الأقلام»، إلى عمل يقوم على تقنيات أكثر تعقيدا في صناعة عتبة العنوان، فيأتي عمله في عنوان ذي رسالة مغلقة إلى حد ما، تحتاج من المتلقي إلى جهد لتمليها وقراءتها والمقاربة بينها وبين العنوان الكتابي من جهة، وبينها وبين النص الشعري من جهة أخرى، ويحضر هذا اللون من العتبات كثيرا عند شعراء التجديد في القصيدة الحديثة في الشعر السعودي.
وهي عتبات أكثر نضجا والعمل الفني فيها أكثر تقنية، وتغيب فيها الدلالة أحيانا بإزاء بنية تكوينية للعنوان أكثر تماسكا والتئاما. وقد يكون من الصعوبة توجيهها دلاليا كما فعلنا في العتبات السابقة لصعوبة الجزم بتوجه الرسالة في مثل هذه العناوين. وإن كان الأمر يبدو -بالطبع- نسبيا ومتفاوتا بين الشعراء في صناعة عتبات الدواوين. وحينما نعيد النظر في مساقات العنوان وفق الرؤية العامة لجوانب العتبة المختلفة عند الشاعر نجد أن العنوان يشكل حالة شعرية مستقلة ربما تعبر عن اختزالية تامة لكثير من نصوص الديوان التي توحي ببحث دائب للشاعر عن مساقات للانفتاح باتجاه أفق مشرع لا يحده مدى، وهو ما نجده في كثير من نصوصه الشعرية في هذا الديوان ذي الصبغة الجديدة في عنوانه وفي تقنيات صناعة الغلاف، وفي أبعاده الفكرية المتشظية إلى أبعد نقاط الممكن.
وجاء غلاف الكتاب بتكوين فني بصورة رمزية لمجموعة من الأقلام المدببة كسكاكين باتجاه الأفق، تتوزع على طريق معتم كعتمة وجهة الديوان، وتسير في ظلام اللون الأسود الذي اختاره لغلاف ديوانه، بينما نجد على الغلاف الختامي نصا شعريا يفتح بدوره بصيصا من الوعي لفهم أبعاد العنوان، يقول:
زرقة البحر تنزلق الآن في ناظري
إلى امرأة في الجوار تحاول أن تكتب الشعر لكنها تتلعثم
كنا قريبين من بعضنا
غير أني تركت المكان فشعر الحماسة والمدح لم يحتملني
وعلى الغلاف الأخير من الداخل وضعت صورة آثار مشي في صحراء مقفرة ورسم عليها كتابيا نصا يقول:
أيقظتني المدينة من حلمها ثم سارت معي
قطرة قطرة في دمي
أراها فأهتف بالبيد:يا أيها المؤتمن
يا أيها المؤتمن
فتذرو الرياح الصدى
ويعول منها المدى
أيها المؤتمن
أيها المؤتمن
ونكتفي بنموذج واحد يعبر عن تلك الحالة التي يفصح عنها عنوان ديوانه (السير على الأقلام) بنموذج جعل عنوانه «اليهود والأرض»، يقول فيه:
عبر اليهود إليك،
أسلاك الحدود
أتوك من خلف الصحاري
من فوق أجساد الضحايا
قد أحضروا معهم بضاعتهم... ولعنتهم
من يشتري يا مصر
أعناب النخيل
بدمع يافا
من يشتري باقي ثياب اللاجئين
من يشتري «الكوكائين» والهيروين
من يشتري أقرص إعدام العروبة
من كان يحلم أن في مصر العروبة، لليهود
رجل يغامر بالمساء
وبالنخيل
وبالأصيل
وبالعروبة
يكشف لنا المقطع النصي السابق بوضوح تقاطع نصوص الديوان مع صورة الغلاف؛ فنصوصه الشعرية تحمل أبعادا فكرية وسياسية تجعل الأقلام في وقعها كأسنة الحراب، وهي ما توحي به الصورة الفوتوغرافية للغلاف عند الشاعر في تقاطعاتها مع عدد من النصوص الشعرية للشاعر.
*جامعة الملك خالد
وهي عتبات أكثر نضجا والعمل الفني فيها أكثر تقنية، وتغيب فيها الدلالة أحيانا بإزاء بنية تكوينية للعنوان أكثر تماسكا والتئاما. وقد يكون من الصعوبة توجيهها دلاليا كما فعلنا في العتبات السابقة لصعوبة الجزم بتوجه الرسالة في مثل هذه العناوين. وإن كان الأمر يبدو -بالطبع- نسبيا ومتفاوتا بين الشعراء في صناعة عتبات الدواوين. وحينما نعيد النظر في مساقات العنوان وفق الرؤية العامة لجوانب العتبة المختلفة عند الشاعر نجد أن العنوان يشكل حالة شعرية مستقلة ربما تعبر عن اختزالية تامة لكثير من نصوص الديوان التي توحي ببحث دائب للشاعر عن مساقات للانفتاح باتجاه أفق مشرع لا يحده مدى، وهو ما نجده في كثير من نصوصه الشعرية في هذا الديوان ذي الصبغة الجديدة في عنوانه وفي تقنيات صناعة الغلاف، وفي أبعاده الفكرية المتشظية إلى أبعد نقاط الممكن.
وجاء غلاف الكتاب بتكوين فني بصورة رمزية لمجموعة من الأقلام المدببة كسكاكين باتجاه الأفق، تتوزع على طريق معتم كعتمة وجهة الديوان، وتسير في ظلام اللون الأسود الذي اختاره لغلاف ديوانه، بينما نجد على الغلاف الختامي نصا شعريا يفتح بدوره بصيصا من الوعي لفهم أبعاد العنوان، يقول:
زرقة البحر تنزلق الآن في ناظري
إلى امرأة في الجوار تحاول أن تكتب الشعر لكنها تتلعثم
كنا قريبين من بعضنا
غير أني تركت المكان فشعر الحماسة والمدح لم يحتملني
وعلى الغلاف الأخير من الداخل وضعت صورة آثار مشي في صحراء مقفرة ورسم عليها كتابيا نصا يقول:
أيقظتني المدينة من حلمها ثم سارت معي
قطرة قطرة في دمي
أراها فأهتف بالبيد:يا أيها المؤتمن
يا أيها المؤتمن
فتذرو الرياح الصدى
ويعول منها المدى
أيها المؤتمن
أيها المؤتمن
ونكتفي بنموذج واحد يعبر عن تلك الحالة التي يفصح عنها عنوان ديوانه (السير على الأقلام) بنموذج جعل عنوانه «اليهود والأرض»، يقول فيه:
عبر اليهود إليك،
أسلاك الحدود
أتوك من خلف الصحاري
من فوق أجساد الضحايا
قد أحضروا معهم بضاعتهم... ولعنتهم
من يشتري يا مصر
أعناب النخيل
بدمع يافا
من يشتري باقي ثياب اللاجئين
من يشتري «الكوكائين» والهيروين
من يشتري أقرص إعدام العروبة
من كان يحلم أن في مصر العروبة، لليهود
رجل يغامر بالمساء
وبالنخيل
وبالأصيل
وبالعروبة
يكشف لنا المقطع النصي السابق بوضوح تقاطع نصوص الديوان مع صورة الغلاف؛ فنصوصه الشعرية تحمل أبعادا فكرية وسياسية تجعل الأقلام في وقعها كأسنة الحراب، وهي ما توحي به الصورة الفوتوغرافية للغلاف عند الشاعر في تقاطعاتها مع عدد من النصوص الشعرية للشاعر.
*جامعة الملك خالد