يعود معرض جدة الدولي للكتاب في نسخته الثالثة هذا العام، بروح أكثر نضارة وألقا، وهو يستعد ليصبح عما قريب واحدا من أكثر مناسبات الثقافة والقراءة قوة وحضورا على المستوى الدولي.
تضاعفت مساحة المعرض على الأرض عن الأعوام الماضية بما يقارب ٣٠%، الزيادة كانت كبيرة بالنسبة للعارضين حيث وصلت المساحة لأكثر من ٢٧٠٠٠ متر مربع، وأكثر من ٥٠٠ عارض، وزادت مساحة الأحلام في تحويله إلى محطة دولية مهمة في المشهد الثقافي على غرار معرض الرياض الدولي للكتاب.
يذكر أنه المعرض استعاد دوره وحضوره في عروس البحر الأحمر منذ ثلاث سنوات، عازما على المواصلة والاستمرار، ومستوعبا في كل نسخة أسباب التطور والتأثير، وهو ملمح الإحترافية الذي بدأت بوادره تتضح خلال هذه النسخة.
ويملك معرض كتاب جدة خبرة منقطعة منذ تاريخ آخر معرض للكتاب نظم فيها عام 2006، ليعود بعد عشر سنوات من الانقطاع فتيا نشيطاً كما يتجلى هذه الأيام.
يقول الروائي السعودي طاهر الزهراني "أول زيارة لمعرض الكتاب عندما كنت في السابعة، كان في خيمة ما في جدة، أتذكر أنه المكان الوحيد في العالم الذي جعلني أبي أضيع فيه، أنظر في كتب الأطفال، أجمع ما أريد منها، كان أبي يريد أن يربطني بعالم الكتب بشتى الطرق، بعد ذلك خاف أن يفقدني فيه! الآن أضيع في المعارض علّي أعثر عليه".
ويعود تاريخ معرض جدة للكتاب قبل الانقطاع إلى العام ١٩٩٤، ونظمته الشركة السعودية للمعارض تحت إدارة محمد المطوع ومدير شركة جدة للمعارض حاليا حسين الحارثي وعبدالباقي شريف.
وانطلقت فكرة معرض للكتاب بجدة عام 1993 من الغرفة التجارية بجدة، بعد تأسيس أول لجنة إعلامية ثقافية داخل الغرف التجارية، وسعت إلى تنظيم معرض للكتاب في جدة وحظي بدعم رئيس الغرفة آنذاك الشيخ إسماعيل أبو داود رحمه الله والدكتور ماجد القصبي أمين عام الغرفة حينها.
بعد عامين صدرت الموافقة الرسمية على تنظيم أول معرض، وبمؤازرة من وزارة الإعلام ودعم مباشر من الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز.
استمرت دوراته بعد ذلك خلال الأعوام 2000 و2002، و2004، و2005، و2006، وشاركت جهات مختلفة في تنظيمه والإشراف عليه، وهي وزارة التعليم العالي من خلال جامعتي الملك عبدالعزيز، وأم القرى بمكة المكرمة، ووزارة الثقافة والإعلام، والغرفة التجارية بجدة، قبل أن يصدر قرار عام 2008 بإسناد مسؤولية معارض الكتب إلى وزارة الثقافة والإعلام، بعد أن كانت وزارة التعليم العالي «قبل إلغائها» تكلف جامعة في كل سنتين لتنظيم معرض دولي للكتاب.
جاء معرض عام 2000 مختلفا ومميزا بفضل الفتوحات التقنية وتأثيرات العولمة التي تركت تأثيرا لدى المجتمع، وعلى كل فاعلياته المختلفة، وكان محملا بزخم كبير، ووصف حينها بالمعرض الدولي الأول، وتميزت لجنته الثقافية بضمها أسماء عبدالله مناع، عبدالعزيز السبيل، عبدالله المعطاني، عبدالله الخشرمي. وبدأت ملامح البرنامج الثقافي المصاحب تتبدى وتتميز، إلى جانب تكريم بعض المثقفين والموسيقيين.
توقف المعرض عام 2001، ليعود مجددا في عام 2002 وقد دخلت جامعة الملك عبدالعزيز كجهة منظمة بمشاركة شركة الحارثي، واستمرت الجامعة والشركة ووزارة الإعلام في المشاركة في تنظيم معرض 2003.
معرض 2006 الذي نظم في مركز الجمجوم هو الأخير، قبل عودته بعد عشر سنوات عام ٢٠١٥. ويتزامن معرض الكتاب هذا العام مع اليوم العالمي للغة العربية، وهو يوم للاحتفاء باللغة العربية في 18 ديسمبر من كل سنة.
ودعا الكاتب والقاص فيصل الشهري إلى استثمار فرصة التزامن بين معرض الكتاب الدولي بجدة واليوم العالمي للغة العربية، وأشار بأن التوافق بين اللغة العربية والكتاب تحتم على صناع المعرفة والقائمين على البرامج الثقافية أن يولوا هذا اليوم اهتماما خاصا واحتفاء يليق بعظمة هذه اللغة ويشعر الجميع بالاعتزاز والفخر بها.
وقدم مقترحات بهذا الشأن، منها: الإفادة من تجربة مجمع اللغة العربية في مشروع الإفتاء اللغوي، بحيث يستحدث جناح مصغر باسم «الإفتاء اللغوي»، يقوم عليه مجموعة من الضليعين في اللغة، يعرض عليهم الزوار إشكالاتهم وهم بدورهم يصححون الخطأ ويباركون الصحيح.
كذلك: تحفيز الدور المشاركة بأن يكون الحديث مع الزوار باللغة العربية الفصحى، وأيضا: تطلق مبادرة في اليوم العالمي للغة العربية بعنوان «نتحدث بالفصحى» وتعمم على الزوار وتمنح العناية اللازمة.
أخيرا، هناك العديد من الكلمات باللغات الأجنبية عن العربية دخلت إلى التداول واللغة المحكية، ولمعالجتها يتم نشر قائمة بأهم هذه الكلمات وما يقابلها في اللغة، أو تنشر على ألواح قابلة للكتابة مصمم بها جدول بعمودين «قل ولا تقل»، مثل:
سوشال ميديا = وسائل التواصل
هاشتاق = وسم
بوث = جناح
وغيرها من الكلمات المترابطة، وخصوصا تلك ذات العلاقة بالكتاب ومعارضه.