غلاف رواية زائرات الخميس.
غلاف رواية زائرات الخميس.
الروايات المثيرة للجدل في السعودية
الروايات المثيرة للجدل في السعودية




عبده خال
عبده خال




شيمة الشمري
شيمة الشمري




عبدالله ثابت
عبدالله ثابت




بدرية البشر
بدرية البشر




فراس عالم
فراس عالم




معجب العدواني
معجب العدواني




سلطان القحطاني
سلطان القحطاني
هاني الغفيلي
هاني الغفيلي
-A +A
نعيم تميم الحكيم (جدة) naeemtamimalhac@
لا تكاد تهدأ عاصفة الصراعات الفكرية والثقافية في مواقع التواصل الاجتماعي حتى تشتعل من جديد بتغريدة أو قصيدة أو قصة توصم بالدخيلة على المجتمع، تزكيها ترسبات قديمة ويؤجهها مترصدون في ميدان تصفيات الحسابات.

ولعل آخر هذه المعارك التي شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي، الانتقادات اللاذعة التي وجهت للكاتبة بدرية البشر على مقطع من روايتها «زائرات الخميس» بسبب الخروج عن الآداب العامة كما أشار المشاركون في وسمها بتويتر، ما دفع وزارة الثقافة والإعلام لسحب الرواية من الأسواق.


وانبرى بعض الكتاب والمثقفين للدفاع عن البشر، إذ كتب الروائي عبده خال عبر حسابه على «تويتر»: «كثير من السفلة يتهجم على كاتب أو كاتبة من غير أن يكون له رادع من دين أو أدب أو خلق. ونحن الكتّاب بحاجة إلى محامين وطنيين لرفع الضيم عن أقلامنا».

وقوبل كلام خال بهجوم مضاد من جانب كثير من المغردين، كما تضمنت قائمة الردود، اتهامات له شخصيا بالتجاوز والإسفاف، واستشهد أحدهم بروايته «فسوق»، مندهشا من قيام بعض المكتبات الكبيرة بتوزيعها، فيما كتب آخر: «نحن بحاجة أيضا إلى منصفين يقفون في وجه أقلامكم وحماية المجتمع من الإسفاف الذي تكتبون وتنشرون الإباحية بحجة أدب وقصص وثقافة».

هذه الزوبعة تطرح سؤالا مهما عن مصطلح «الرويات الأخلاقية»، وهل يوجد بالفعل روايات أخلاقية، وأخرى غير أخلاقية، مما تتنافى مع المجتمع، وتصطدم بالعادات والتقاليد.

تجسيد الواقع

وفي هذا الصدد لا يتفق القاص عبدالله ثابت مع هذه التصنيفات قائلا: «الفن ليس مهمته الوعظ، وليس رسولا يحمل الوصايا إلى أحد»، مشيرا إلى أن الرواية جزء أصيل من هذا الفن، وظيفتها الكشف وتناول العالم وتأمل الوجود، وسبر الغور الإنساني بكل ما فيه من التناقض والقلق والاضطراب والجمال والعظمة أيضاً، وبناء كل هذا وضفره في عمل واحد يعتمد على موهبة صاحبه وحرفته ومهارته.

وخلص ثابت إلى أن: «أسئلة الأخلاق لها مكان آخر، ليس الفن».

وتعلق القاصة الدكتورة شيمة الشمري على التصنيف بقولها:«فنيا لايوجد تصنيف القصص بأخلاقية أو مايعكاسها، فهي لاترتهن فنيا وأدبيا لهذه المعايير».

واستدركت الأكاديمية الحاصلة على درجة الدكتوراة في دراسة «درجة التعالي النصي في القصة الخليجية» أن معايير التصنيف في المجتمع قائمة على أسس دينية وأخلاقية، لكنها ليست مهنية لدى النقاد.

ولفتت الشمري إلى أن تعامل النقاد مع القصص والروايات مثل التعامل تماما مع الأفلام السينمائية فهي تصنف حسب المعايير العمرية، مشددة على أن النقاد في الغالب يهتمون بالقواعد المهنية لكتابة القصة والرواية أكثر من النظر في مضامينها ومدى ملاءمتها للمجتمع بشكل عام.

وترى من واقع تجربة أن بعض كتاب القصة يتعمدون الإسفاف ليس بغرض المعالجة، بل يتجهون للوي أعناق قصتهم بإدخال أحاديث مثيرة وأوصاف حسية مصادمة بحثا عن الشهرة والإثارة، محاولة منهم لطرق وتر غير مرغوب في أوساط المجتمع ليتم محاربتهم مجتمعيا حتى يبقوا في دائرة الضوء.

وتؤكد الشمري وجود ضوابط في الدراسات الأكاديمية بالجامعات السعودية وفق الدين والمجتمع، لذلك يتم رفض وضع خطط ومعالجات ودراسات لبعض الروايات التي لاتتلاءم مع تعاليم وطبيعة المجتمع، موضحة أن الضوابط تختلف من جامعة إلى أخرى، ولا يمكن التعميم بصورة واضحة على الجميع، مشددة على أن وعي المجتمع دائما ينتصر في النهاية.

تصنيف الروايات

ويرفض القاص فراس عالم توصيف الروايات والقصص بلفظ «أخلاقية أو لا أخلاقية»، مفضلا أن يستخدم لفظ روايات جريئة أو أكثر حسية في التوصيف.

ويرى عالم أن الجراءة في التوصيف الحسي سمة موجودة في الأدب العربي منذ قديم الزمان وليس أمرا طارئا جديدا، مستشهدا بكتاب الروض العاطر وترجمات «ألف ليلة وليلة» وغيرها.

ويشدد على أن الجراءة والمبالغة في الوصف الحسي ليست مقياسا على جودة العمل أو رداءته، بل هي صفة من صفات العمل ونوع من أنواع الكتابة، مؤكدا على أن الكتابة الجيدة لها خصائص لا يضيف لها أو ينقص منها أن تكون حسية وجريئة.

ويتوقف عالم عند توجه بعض الروائيين للسير في هذا الخط بإقحام مواضيع جريئة في رواياتهم لمصادمة المجتمع بحثا عن الشهرة، بغض النظر عن التجربة التي قد تكون متواضعة وضعيفة وغير ناضجة.

وعلى الطرف الآخر يرى أن التشدد في كتابة القصة ليس مقياسا أيضا على جودتها، ويفضل أن تصنف الروايات على حسب الفئة العمرية كباقي دول العالم.

ويتساءل عالم هل نحن متفقون على أن المجتمع له سلطة على الإنتاج الأدبي؟، مجيبا في الوقت نفسه أن المجتمع له سلطة معنوية أكثر منها فعلية.

ولا يرى عالم أن الحملات على رواية أوقصة في مواقع التواصل الاجتماعي دليل على رفض المجتمع لها، بل إن النص لايكون قد قرئ بشكل جيد، مفسرا مايحدث أحيانا ضد بعض الروائيين والكتّاب بأنه محاولة من المتربصين ضد بعض الشخصيات الجدلية المشهورة لتأجيج المجتمع حولها أكثر منه رغبة في تقييم العمل.

واستشهد بوجود عشرات الكتب والروايات ودواوين الشعر الجريئة على رفوف المكتبات دون أن يتعرض لها أحد، لأن المجتمع في الأصل لايقرأ، والظروف لاتضعها تحت المجهر.

النقاد: الروايات لا تخضع للتصنيف.. وأسلوب المباشرة ورَّط الروائيين

يرفض النقاد فكرة تصنيف الرواية بكل أشكالها، مشددين على أن الرواية عمل فني إبداعي لا يخضع لعملية التصنيف، مشيرين إلى أن هناك قواعد وأسسا يستند إليها.

ويؤكد الناقد معجب العدواني أن الرواية لا تصنف، مبينا أنها لا تخضع للتصنيف الأخلاقي، وإنما تخضع لمقاييس أدبية كطريقة الكتابة والطرح ووجود قواعد الرواية الحقيقية.

ورأى العدواني أن حكم المجتمع على بعض الروايات يعتبر إشهارا لها، وستزيد من مبيعاتها وإقبال الناس عليها، حتى ولو تم منعها من الأسواق.

لافتا إلى أن النقاد على مدار التاريخ العربي لا ينظرون للجانب الأخلاقي، بدليل وجود روايات وكتب وقصائد فيها خروج عن النص عبر التاريخ العربي ومع ذلك لم تقم على الأسس الأخلاقية مثل بعض قصائد أبي نواس والنابغة وغيرهما.

ويستحضر العدواني وجود توصيف للعلاقات الزوجية في القرآن الكريم والسنة النبوية لكن بطرح عال وتعابير راقية، مؤكدا أن الأديب يستطيع إيصال رسالته من خلال الإيحاءات غير المباشرة.

ويبرر الدكتور معجب بعض المواقف الجماهيرية من الروايات بسبب مباشرة الصور مما يؤدي لاتخاذ موقف سلبي من الجماهير، مفضلا أن يتم استخدام الصور والإيحاءات غير المباشرة بالكتابة.

وشدد على أن الروائي لا يمكن أن يتجاهل أسسا في الحياة كالصراع بين الخير والشر، لذلك يضطر الروائي للكتابة في كل مناحي الحياة بما فيها العلاقات الزوجية، شريطة أن يستخدم الأسلوب غير المباشر، وهو في النهاية أمر يعتمد على طريقة الصياغة الفنية.

وخلص العدواني إلى أن الكاتب في حال تجاوز المحاذير والتزم بالمعايير الفنية فإنه قادر على تجاوز مطبات المحاذير الاجتماعية والغضبة الشعبية.

ولا يبتعد الناقد سلطان القحطاني في رؤيته عن العدواني، إذ يشدد على أن الرواية لا تخضع لمقاييس اجتماعية، لكنه يرى أن هذه التصنيفات قائمة بسبب الصراعات مع بعض التيارات الفكرية المختلفة.

ويؤكد القحطاني أن الرواية يجب أن تجد فيها كل شيء من نواحي الحياة، لكن شريطة أن لا تكون بطريقة فجة ومباشرة، فالروائي يجب أن يعرف المحاذير.

ويرى الدكتور سلطان أن المشكلة في اقتحام بعض الدخلاء أو كتاب القصة القصيرة لعالم الرواية، مشددا على أن القلة فقط من يجيدون كتابة الرواية ممن يملكون النفس الطويل.

وأفاد القحطاني بأن هناك قواعد تقوم عليها الرواية كالنسيج وتوازن الشخصيات والبطل الأحادي والثنائي وعقدة ويبدأ بحلها، والنهايات المفتوحة والمغلقة.

وأبان القحطاني أن الروائي الحاذق من يبطن الكلام ويجبر المجتمع على احترام ما يكتبه، لافتا إلى أن البعض لا يفرق بين كتابة الرواية والمذكرات الخاصة.

وأشار إلى أن المجتمع ليس لديه الأسس والقواعد والمعايير والأدوات التي يقيم على أسسها الروايات، بخلاف الناقد المختص، ومع ذلك فإن الروائي يجب أن ينظر لكل قارئ لروايته على أنه ناقد ويأخذ بكلامه في عين الاعتبار.

الغفيلي: نسحب الروايات المفسوحة لو وردتنا شكاوى حولها

يعترف المتحدث باسم وزارة الثقافة والإعلام هاني الغفيلي بسحبهم روايات وكتبا تم فسحها مسبقا بسبب وجود محاذير فيها لم يتم التنبه إليها عند منحها الفسح.

ودافع الغفيلي عن العاملين في إدارة الفسح بالوزارة، إذ أكد أنهم يبذلون قصارى جهدهم لفسح آلاف الكتب في كل عام، وعملهم يحتاج إلى تركيز كبير وجهد فكري.

ويقر الغفيلي بوجود كتب وروايات تفسح ثم تسحب لكنها تبقى حالات قليلة جدا، مرحبا بأي ملاحظة تقدم لهم في الوزارة عن أي كتاب، إذ تبادر الوزارة بدراسة الملاحظات والشكاوى وتتخذ الإجراءات اللازمة تجاهها.