فهد الحجيلان يتوسط هشام قنديل، أيمن يسري، علا حجازي، وبنات شقيقته في أحد المعارض.
فهد الحجيلان يتوسط هشام قنديل، أيمن يسري، علا حجازي، وبنات شقيقته في أحد المعارض.
الحجيلان في لوحة للفنان محمد عسيري.
الحجيلان في لوحة للفنان محمد عسيري.
-A +A
صالح شبرق (جدة) shabrag1@
لم تهدأ وسائل التواصل الاجتماعي ليلة البارحة من الحراك بعد أن أعلن الفنان التشكيلي مدير صالة أتيليه جدة هشام قنديل رحيل الفنان التشكيلي السعودي فهد الحجيلان، أحد أهم التشكيليين السعوديين ورموزه، فيما أعلن الفنان القدير هشام بنجابي إقامة معرض تشكيلي يعود ريعه لأسرة الراحل فهد الحجيلان، الذي وافته المنية أمس الأول؛ إثر نوبة قلبية مفاجئة لم تمهله باسترداد حقه الأدبي والمادي ممن ظلمه -على حد تعبيره- في آخر منشوراته على الشبكة العنكبوتية، ويقصد هنا ضياع أهم أعماله الفنية بعد إحدى مشاركاته الرسمية خارج المملكة.

وسارع أغلب الفنانين والفنانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى التبرع بعدد كبير من اللوحات، على أن يقوم الفنان الرائد هشام بنجابي بعرضها في صالته الجديدة بمركز سلمى في جدة ليعود ريعها لأسرة الحجيلان.


من جهة أخرى، تفاعل عدد من المثقفين والكتاب والفنانين والفنانات عبر «عكاظ» مع وفاة الحجيلان، إذ قال رفيق دربه وصديقه المقرب أول من أعلن خبر وفاته هشام قنديل: «يعتبر الفنان فهد الحجيلان علامة كبيرة من علامات الفن التشكيلي السعودي، عاش متبتلا في محراب الفن، الذي وهبه كل حياته، وكان عملاقا في فنه، متواضعا في شخصه، نبيلا في أخلاقه، بريئا كطفل غضوب، ولكنه كان متسامحا، وكان عفويا تلقائيا يكره التكلف، كانت لوحاته تشي بشفافية روحه، وكانت تلمح ولا تصرخ، تعطي إشارة لمن هو مثله، شفافا نقيا، وتمتنع لوحاته على كل متكلف جبار، جمعتني به كل الصدف وكل المواقف، وكان يسكن قلبي وأعرف أنني أسكن قلبه، إذ كتب في عدد من القصائد، كان يودعني عندما أسافر مصر بقصيدة، ويستقبلني بأخرى، كان عاشقا لمصر ومتيما بها، وكتب فيها أجمل قصائده».

الناقد والفنان أحمد فلمبان يقول: «عرفت الفقيد الكبير قبل أكثر من 30 عاما عبر رسوماته في جريدة الجزيرة، وكنت من المعجبين بها، لمستواها الراقي في الصيغ والموضوعات والحرفية في التنفيذ والتقنية التي تدل على مستوى رفيع من الفهم والوعي الفني، وهو أحد الأسماء التي كانت تحرص الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة الثقافة والإعلام على إشراك أعمالهم في فعالياتها الخارجية؛ لأنها تمثل الواجهة المشرفة والمشرقة للفن التشكيلي السعودي؛ كيف لا وهو أحد طلاب معهد التربية الفنية، الذين تعلموا على يد أقطاب الفن العربي (خالد الجادر، وعبدالجبار سلمان، وسلمان شلهوب، وشاكرحسن) في زمن لم يكن هناك حالات العبث والاستسهال في الفن كما هو الحال الآن».

الفنانة علا حجازي تقول: «جمعتني سنوات من الألوان مع اللورد فهد الحجيلان، هكذا كنت ألقبه وأناديه، يا لورد، فيرد صباحك ورد ليدي علا، لم يكن فهد الحجيلان فنانا عاديا، بل مميز في لوحاته، وقصصه التي يرويها لنا، عصفور البرد، والشعر، الذي كان يغرد به صباحا ومساء على «السوشيال ميديا»، وكنت كثيرا ما أشبهه بالفنان فان جوخ، سترته الزيتية التي التصقت به، عصاه، ووجوهه النسائية التي يرسمها، كل تلك الصور مرت في ذهني عندما صدمني خبر وفاته، فالرحيل لا ينتظر وداعنا، أحداث كثيرة ربطتنا وفرقتنا، ثم يصالحنا الفن الأصيل، بوفاته خسرنا فنانا من أهم الفنانين التشكيليين السعوديين، أتمنى من وزارة الثقافة تكريمه بما يليق به، قسوة الدنيا ظالمة، لكن رحمة الله عليه أكبر».

الفنانه ريم الديني لم تتمالك نفسها، إذ انهمرت دموعها أثناء الحديث عن رحيل فهد الحجيلان، حيث قالت: «الحجيلان من أصدق الفنانين الموجودين بالساحة التشكيلية السعودية والعربية، له مدرسة وأسلوب خاص يميزه عن غيره، فنان فقدته الساحة، فنان لن يتكرر، إنسان راق جدا، خلوق، مهذب، اجتمعت فيه صفات من النادر أن تجتمع في شخص واحد».

الكاتب والناقد الفني فيصل الخديدي قال: «الراحل فنان شفاف على قدر كبير من الحساسية والرقي والنقاء، عاش كل ذلك في لونه وحرفه وحياته، حلم بنشر الحب والسلام والأمل، وسعى لذلك دائماً في تعاملاته، عانى كثيراً في عدم وصوله لما يصبو إليه من سلام، وعانى أكثر من التهميش والجحود والانتقاص، حاول التعايش مع خيبات مجتمعه بشتى الطرق، ولكنه لم يستطع المقاومة، فاعتزل العالم، ولجأ إلى عالمه الخاص، وخلد إلى مرسمه، وسلم الروح لبارئها، وهو بين ألوانه ولوحاته وترك نبضاً من روحه في كل لون وكل عمل».

النحات محمد الثقفي قال بنبرة حزن: «فهد الحجيلان الإنسان والفنان صاحب الإحساس العالي، دخل الفن بحب وخرج بصمت، رحيله كان صدمة وكانت المعاناة تلاحقه حتى آخر لحظة رحمه الله، نطالب وزارة الثقافة والإعلام بتكريمه تكريما يليق بتاريخه فهو يستحق».