-A +A
«عكاظ» (دبي)

كرّم رئيس مؤسّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية الإماراتية الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم،، الفائزين بجائزة الإبداع التي تنظّمها مؤسّسة الفكر العربي في دورتها الـ 11 للعام 2017، وذلك في حفل أقيم بدبي بحضور رئيس مؤسّسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل، رئيس مجلس إدارة مؤسّسة الفكر العربي الأمير بندر بن خالد الفيصل، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الأمير تركي الفيصل، ووزير الإعلام اللبناني ملحم رياشي، وزير شؤون المرأة جان أوغسبيان، الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات في مجلس التعاون لدول الخليج العربية عبد العزيز العويشق، ورئيس مجلس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة، وعدد شخصيّات رسمية ودبلوماسية وثقافية وإعلامية.

وألقى رئيس مجلس إدارة مؤسّسة الفكر العربي الأمير بندر بن خالد الفيصل كلمة هنّأ فيها الفائزين بالجائزة، وقال: يسعدني أن أرحّب بكم في هذا الحفل المبارك بحضوركم، المُشرق بأنوار الفكر والإبداع، وفي ليلة عربية بامتياز، تكرّمون فيها شموساً أضاءت المشهد العربيّ بالمنجزات، فاستحقّت هذا التكريم لفوزها بالجائزة.

أضاف: كثيراً ما أطلق عقلاء الأمّة أجراس الخطر من تدهور واقعها، وتداعياته التي تهدّد الوجود العربي ذاته على خريطة العصر. ولا شكّ أنّ الواجب يحتّم علينا إفاقة هذا الواقع المؤلم من غفوته، بالإخلاص وإتقان العمل، فما زال لدينا عقل وفكر وكفاح ومسار، كما أوضح سموّ رئيس المؤسّسة.

وأشار رئيس مجلس إدارة مؤسّسة الفكر العربي إلى أنّ المؤسّسة تمثّل انطلاق شُعاع طموح يسعى جاهداً للإسهام بفاعلية في هذا الصدد، فقد قام مشروعها بمبادرة تضامنية بين أرباب الفكر والمال، المهمومين بمشروع النهوض بأمّتهم العربية، كما أنها تحرص في مؤتمراتها على طرح أهمّ قضايا الشأن العربي، في حوار عقلانيّ رصين بين فصائل الفكر بكلّ توجّهاتها.

ولفت رئيس مجلس إدارة مؤسّسة الفكر العربي إلى أن المؤتمر ركز في دوراته الأخيرة، على التكامل العربي الإيجابي، خطوةً على طريق الحلم العربي بوحدة الصفّ، وأضاف: «عكف مؤتمركم الحالي على بحث الفوضى وتداعياتها، وسبل صناعة الاستقرار في المنطقة، ورؤى القوى الدولية، وخبرة المنظّمات الإقليمية، ومساهمات القطاعات المؤثّرة في العقل العربي ووجدانه، أما الجائزة فهي عين ُالخبرةِ والنزاهة، تنشد أولئك النابهين الذين نذروا أنفسهم لخدمة أمّتهم، فأبدعوا وأنجزوا في كلّ مجال، وأضافوا للمشهد العربي قبساتٍ من الأمل، فحقّ لهم هذا التكريم المحفّز على مواصلة المسيرة بالعطاء».

فيما ذهبت جائزة الإبداع العربي لكلّ من: الدكتور فريدريك معتوق عن جائزة أهمّ كتاب، عن كتابه «صدام العصبيّات العربيّة»، ونالت جائزة الإبداع الإعلاميّ مجلّة «آراء حول الخليج» الدكتور عبد العزيز بن عثمان بن صقر، ونال جائزة الإبداع الفنّي كتاب «أمشاق الخطّ المحقّق» للدكتور نصّار منصور، وجائزة الإبداع الأدبيّ رواية «على بعد ملّمتر واحد فقط» عبد الواحد استيتو، وحصل على جائزة الإبداع المجتمعيّ مشروع «تمكين المسنّين» الدكتور جورج إيلي كرم، وحُجبت جائزة الإبداع الاقتصاديّ، ومُنحت جائزة مسيرة عطاء لمعهد العالم العربي.

معتوق: الكتاب خرج من شعور تجسّد في معاناة

وألقى الدكتور فريديريك معتوق كلمة أوضح فيها أنّ «صدام العصبيّات العربيّة» الفائز بجائزة أهمّ كتاب، خرج من شعور تجسّد في معاناة، وتبلورت فكرته في البحث عن حلّ لهذه المعاناة. لقد وجدتُ نفسي مُنقاداً إلى العصبيّة كمصدر لمعاناتي ومعاناة اللبنانيّين والعرب في الأزمنة الراهنة، أبحث عن البدائل الممكنة لها. ولفت إلى أنّه انطلق من الأسئلة البحثيّة التالية: أولاً من أين تأتي قوّة العصبيّات في حياتنا المعاصرة؟ ثانياً ما هي طبيعة بنيانها المعرفيّ وكيف تتمدّد ولا تزول؟ وثالثاً كيف الخروج من دائرتها المغلقة؟

وأكّد أن نظريّة الهابيتوس التي تقدّم بها بيار بورديو ساعدته في الإجابة على السؤال الأوّل، فيما ساعدته في الإجابة على السؤال الثاني، نظريّة ابن خلدون في العصبيّة. أمّا في الإجابة على السؤال الثالث، فتقدّم بمبدأ جديد يقول بضرورة محو العصبيّة قبل محو الأميّة. وتساءل معتوق: «ما النفع من أن نكون متقدّمين في تحصيلنا العلمي والثقافي إن بقي سلوكنا الحياتي والاجتماعي متخلّفاً؟». واعتبر معتوق أن "التغيير عندنا لن ينطلق إلّا من مشروع تربوي، استنهاضي، مبني على أنموذج إرشادي فكري جديد.

بن صقر: مؤسّسة فكرية عربية تهتمّ بقضايا الأمّة العربية

ورأى الدكتور عبدالعزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث ورئيس تحرير مجلة «آراء حول الخليج» الفائز بجائزة الإبداع الاعلامي، أن تكريم مؤسّسة الفكر العربي له وقع خاصّ، كونها المؤسّسة الفكرية العربية الأولى المهمومة بقضايا الأمّة العربية من مختلف زواياها، والمتّسمة بالاعتدال في النهج والرؤى، والتي تحظى بتقدير واحترام الجميع، وقبل ذلك فما تحظى به المؤسّسة من احترام وثقة، مصدره مؤسّسها ورئيسها صاحب السموّ الملكي الأمير خالد الفيصل، أمير الثقافة والقوافي، وصاحب العزيمة التي لا تلين.

إستيتو: كتابة رواية فيسبوكية هي أن تجد نفسك أمام شرط كتابةٍ جديدة

واعتبر الكاتب عبدالواحد استيتو الفائز بجائزة الإبداع الأدبي أنّ كتابة رواية فيسبوكية يعني أن تجد نفسك أمام شرط كتابةٍ جديدة ومختلفة تماماً عن الكتابة الكلاسيكية، وقد تجلّت أشياء كثيرة مع كل فصل أكتبه، ومع تفاعل القرّاء الذي غيّر الكثير في الرواية نفسها وفي أحداثها. وأوضح أنّه اعتمد في الرواية على تقنية استطلاعات الرأي لاستشارة القراء في حدثين مفصليين، و تركت لهم حرّية اتّخاذ القرار في مصير البطل، وكانت نتيجة التصويت هي الحَكَم. إضافة إلى ذلك يوفّر فيسبوك خاصّية نشر الفيديو والصور، وهما تقنيتان اعتمدتها من أجل وصف أماكن الرواية والأغاني التي يستمع إليها البطل مثلاً والأفلام التي تحدّث عنها.

كرم: مشروع تمكين المسنّين تجربة استثنائية

من جهته، أكد الدكتور جورج إيلي كرم الفائز بجائزة الإبداع المجتمعي أنّ واحداً من أصل خمسة أشخاص تجاوزوا عمر الستين معرّضون للإصابة بمرض نفسي، كما أن الانعزال الاجتماعي يزيد من مخاطر الإصابة باضطرابات نفسية إلى حدّ 6 مرّات أكثر. وهذا ما استنتجته دراسات قامت بها جمعية إدراك منذ العام 1980.

وأوضح أنّ فكرة مشروع تمكين المسنّين كانت أوّل تجربة في جبيل، حيث اتصلنا بمؤسّسات المنطقة للتأكّد من وجود فرص عمل أو تطوّع أو نشاطات ترفيهية قد تقدّمها لكبار السن. ثم قمنا بإنشاء قاعدة بيانات حول فرص العمل، التطوّع، والنشاطات الترفيهية التي يمكن لكبار السن أن يقوموا بها للحدّ من وطأة التقاعد عليهم. لقد لقي المشروع تجاوباً من كبار السن ومحيطهم إذ طالبوا بتعميم المشروع على المناطق اللبنانية.

منصور: الإبداع المتواصل الذي هو دليل الحياة

من جانبه، أشاد الدكتور نصّار نصّور الفائز بجائزة الإبداع الفنّي باللفتة الكريمة من مؤسّسة الفكر العربي نحو فنّ الخط العربي للتأكيد على أصالته وقدرته على الإبداع المتواصل الذي هو دليل الحياة. ودعا المؤسّسات الحكومية والخاصّة والمعلمين والأهالي في عالمنا العربي وفِي بلاد الإغتراب حيث ينشأ أبناؤنا «غريبي الوجه واليد واللسان»، إلى الاهتمام بفنّ الخطّ العربي، لأنه صنو اللغة ووعاؤها، وقد قيل «الخط الحسن يزيد الحقّ وضوحاً».

ودعا منصور إلى أهمية «وضع مناهج دراسية تعرّف أبناءنا بفنون حضارتنا العربية والاسلامية معرفة وممارسة، فتتهذب نفوسهم، وترتقي ذائقتهم الإنسانية، وتزداد ثقتهم بحضارتهم التي أعطت للبشرية كثير من العلوم والمعارف والفنون، فيكونون مشاركين في بناء واقعهم الحضاري ومستقبلهم».

وشرح أن «الخط المحقق» ساهم في التأسيس لفنّ الخط العربي، فهو واحد من الخطوط الأصول التي انبثقت منها الأنواع المختلفة من الخط العربي. لافتاً إلى أنّ هذا الخط اختُصّ بأسمى وظائف الكتابة وأكرمها، لما تهيأت له من الأسباب والصفات المثلى لأن يكون الخط الذي اختُص بكتابة مخطوطات المصاحف الشريفة بفضل ما يمتاز به من صفات الجلال والوضوح والبيان والجمال، واستمر «المحقق» متفوقا في هذا المجال لأكثر من ثمانية قرون قبل أن يغيب عن هذه الوظيفة المقدسة منذ القرن السادس عشر".

أما مدير معهد العالم العربي في باريس الدكتور معجِب الزهراني، فدعا مؤسّسة الفكر العربي للاحتفاء بعيد ميلادها المقبل في مركز المعهد على ضِفاف السين. وأشار الى أنّ الجائزة هي شرف كبير له وللمؤسّسة التي تحتفي منذ سبتمبر الماضي وحتى نهاية العام الحالي بعيد ميلاده الثلاثين، وذلك عبر سلسلة متنوّعة من الفعاليات الفنّية والمعرفية والفكرية التي تجذب مئات الآلاف من ساكني باريس وزوارها، وتقدّم لهم صوراً واقعية مشرّفة عن حضارة عريقة حملت مشعل التقدّم على مدى خمسة قرون وستشعّ مجدّداً ذات يوم بكلّ تأكيد.