كانت الحناء أبرز وسائل تجميل المرأة عبر عصور ومجتمعات وأمم، وعرفت النساء النبتة الخضراء منذ أزمنة قديمة، وكان مخضوب البنان أوّل ما يلفت الشعراء إلى جمال النساء عبر التاريخ، ولذا قال قائلهم (وإن حلفت لا ينقض النأيُ عهدها، فليس لمخضوبِ البنانِ يمينُ) بحكم أن الإعجاب حق مشاع، والظروف غالبة وقاهرة.
والراحل مطلق الثبيتي أحد رموز الشعر الشعبي والفصيح، له في شعر النظم والرد ما يؤكد متانة اللغة وجزالة اللفظ وإنسانية النص، وإن كانت ذائقته النقدية أوسع وأرحب من الشعرية، وهذا ما يجعله على إحاطة واسعة بالشعر العربي والغربي، وهنا يستعيد هذا الملمح العروبي في رسالة بعثها إلى ماهرة بنقش الحناء فيها حشد لوني (يا ناقش الحنّا على صفحة اليد، حبك نقشته في حنايا فؤادي، على قفا يمناك حاني ومسوَدّ، وأنا على عينـي سـواة السـوادي) بإمكان القارئ أن يعود إلى البيتين السابقين ليرصد عدد الألوان.
ويربط الشاعر بفطرته العفوية بين الصورة المنقوشة على الكف وبين ما هو أجدّ وأجدى، فالعطور تستثير حفيظة الإنسان وإن بعد قرون من الزمان، وفاروق جويدة يلتفت لهذا المعطى (العطر عطرك والمكان هو المكان، لكن شيئاً قد تكسّر بيننا، لا أنت أنت ولا الزمان هو الزمان). الرائحة جين هوائي ساحر ومستدع ومستثير للذكريات أن لامس أنف العاشق، وللعشاق حواس شم خاصة يميزون بها رائحة محبوب ولو غمستهم في نهر عطور؛ إذ يقول الثبيتي: (ويفوح من رِدْنِك كما العـود والنـدّ، وألا شـذا وردٍ علـى جــال وادي).
يمتد البيت من حاستي الإبصار والشم إلى حركية محسوسة، ولا يتردد الشاعر في توجيه الأمر إلى فاتنته لتعطي للصورة بُعداً إضافياً وهنا لم تعد وظيفة الشَعر الفيء بامتداده على الأمتان، بل هو يغدو لجاماً لجموح شاعر (قضّ الشّعَر خلّه على المتـن يمتـد، حتـى يقيّدنـي ويحـكـم قـيـادي).
وليس غريباً أن يجنح مطلق الثبيتي إلى العشق باعتباره ظاهرة إنسانية يترتب على من يعيشها أن يعي جيداً صنوف المعاناة المحققة والمتوقعة (تمزح وتلعب بي وهمي علـى جـد، مثل الزمـان اللـي يـدوّر عنـادي، من كثر لعبك ما اعرف الوصل والصد، ولا أعْرِف إن الوعد وَعْدٍ وُكـادِ، تأخذ مـع العشـاق مشـوار وتـرد، مثل الكحيله فـي نهـار الطـرادي).
تختلط على شاعر النسيب المسافات والطرق فيغدو صوته هو أصوات عاشقين من أسلاف وأجداد وأحفاد يعانون من لحظة اللقاء، وتتجدد المعاناة مع الفراق والبعد، وبقدر ما يتوهم شاعر أن البعاد سبب لتوبة القلب يكتشف يوماً ما أن قلبه ليس معه، بل هو وديعة المحبوب (أنا أحسب إن القلب تايب عن الـود، وأثره مـع العشـاق تايـه وغـادي، قفّيت مير الطـرف مشغـول ويْلـِدّ، يمـك مفرّقتـه دمــوعٍ جـْـدادِ).
والراحل مطلق الثبيتي أحد رموز الشعر الشعبي والفصيح، له في شعر النظم والرد ما يؤكد متانة اللغة وجزالة اللفظ وإنسانية النص، وإن كانت ذائقته النقدية أوسع وأرحب من الشعرية، وهذا ما يجعله على إحاطة واسعة بالشعر العربي والغربي، وهنا يستعيد هذا الملمح العروبي في رسالة بعثها إلى ماهرة بنقش الحناء فيها حشد لوني (يا ناقش الحنّا على صفحة اليد، حبك نقشته في حنايا فؤادي، على قفا يمناك حاني ومسوَدّ، وأنا على عينـي سـواة السـوادي) بإمكان القارئ أن يعود إلى البيتين السابقين ليرصد عدد الألوان.
ويربط الشاعر بفطرته العفوية بين الصورة المنقوشة على الكف وبين ما هو أجدّ وأجدى، فالعطور تستثير حفيظة الإنسان وإن بعد قرون من الزمان، وفاروق جويدة يلتفت لهذا المعطى (العطر عطرك والمكان هو المكان، لكن شيئاً قد تكسّر بيننا، لا أنت أنت ولا الزمان هو الزمان). الرائحة جين هوائي ساحر ومستدع ومستثير للذكريات أن لامس أنف العاشق، وللعشاق حواس شم خاصة يميزون بها رائحة محبوب ولو غمستهم في نهر عطور؛ إذ يقول الثبيتي: (ويفوح من رِدْنِك كما العـود والنـدّ، وألا شـذا وردٍ علـى جــال وادي).
يمتد البيت من حاستي الإبصار والشم إلى حركية محسوسة، ولا يتردد الشاعر في توجيه الأمر إلى فاتنته لتعطي للصورة بُعداً إضافياً وهنا لم تعد وظيفة الشَعر الفيء بامتداده على الأمتان، بل هو يغدو لجاماً لجموح شاعر (قضّ الشّعَر خلّه على المتـن يمتـد، حتـى يقيّدنـي ويحـكـم قـيـادي).
وليس غريباً أن يجنح مطلق الثبيتي إلى العشق باعتباره ظاهرة إنسانية يترتب على من يعيشها أن يعي جيداً صنوف المعاناة المحققة والمتوقعة (تمزح وتلعب بي وهمي علـى جـد، مثل الزمـان اللـي يـدوّر عنـادي، من كثر لعبك ما اعرف الوصل والصد، ولا أعْرِف إن الوعد وَعْدٍ وُكـادِ، تأخذ مـع العشـاق مشـوار وتـرد، مثل الكحيله فـي نهـار الطـرادي).
تختلط على شاعر النسيب المسافات والطرق فيغدو صوته هو أصوات عاشقين من أسلاف وأجداد وأحفاد يعانون من لحظة اللقاء، وتتجدد المعاناة مع الفراق والبعد، وبقدر ما يتوهم شاعر أن البعاد سبب لتوبة القلب يكتشف يوماً ما أن قلبه ليس معه، بل هو وديعة المحبوب (أنا أحسب إن القلب تايب عن الـود، وأثره مـع العشـاق تايـه وغـادي، قفّيت مير الطـرف مشغـول ويْلـِدّ، يمـك مفرّقتـه دمــوعٍ جـْـدادِ).