غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
-A +A
علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@
تحول العالم الرقمي في عصر الثورة التكنولوجية إلى عالم مواز للمعيشي واليومي، ولم تغب الظواهر عن عين الأكاديميين اللاقطة، إذ نشأ في ما بيننا أجيال جديدة تبعها أجيال متجددة عبر علاقتها بالميديا وتداعياتها، بدءا من التعريف بالشخص ومن ثم تقديمه للمجتمع التقني ثم حصده شهرة واسعة تفوق شهرة أدباء وشعراء ومثقفين ونقاد وأكاديميين، ما يعني أن الذوات لم تعد هي الذوات، كما أن سير هذه الذوات لا تتشابه ولا تتقاطع مع سير من شقوا كثيراً في سبيل تحصيل معرفة أو فك الخط، كما يقال بالدارجة.

وضمن مشروعها النقدي ترصد الدكتورة أمل التميمي تحولات السيرة الذاتية وممارستها الجماهيرية بعد ثورات الربيع العربي، وسلطت الضوء على صفحات عدد من الشخصيات الحاضرة في ذاكرة الرقميين وقدمت نماذج من تحولات الأدب الذاتي من خلال رصد للمواقع الشخصية على السناب شات، والانستغرام، وتويتر، والفيسبوك.


وأزاحت التميمي الستار عن تحولات السيرة الذاتية مع دخول الألفية الثالثةp إذ اختلفت عن ألفية سابقة على مستوى الشكل والأسلوب والمضامين وطريقة الانتشار ما شكّل مذهباً نقدياً مواكباً للتحولات أخذ بعين الاعتبار الرقمية والجماهيرية والقضايا الاجتماعية باعتبارها حالات فردية لا ظواهر، كما كان في عصور مضت.

واستقرأت التميمي ما يزيد على 80 مؤلفاً تناولت السيرة الذاتية عبر قرن من الزمان، لتعقد مقارنة بين من اهتم بالترجمة والنقل عن الدراسات الغربية من السيريين، وبين من اهتم بالجانب التاريخي وتطور أدب السيرة الذاتية، ومن ركز على الجانب الإقليمي لدراسة السيرة الذاتية، والاهتمام النقدي بالمفهوم والمصطلح.

ولم تهمل الدراسة البناء القيمي في تحولات السيرة الذاتية وما تتركه من أثر في الجماهير في ظل إرساء منظومة قيم مشتركة ما بين إسلامية وإنسانية، مؤكداً أهمية الوعي النقدي بتعالقات السيرة الذاتية، كونها فناً متحولاً ومطواعاً في وسائل التواصل الاجتماعي، وتوقفت الباحثة عند اكتساب السيرة الذاتية الرقمية قيما جديدة، منها الجرأة والبوح والمكاشفة واطلاع الآخرين على اليوميات دون تحفظ على بعض الخصوصيات.

وأوضحت ندرة النساء الكاتبات في السيرة الذاتية عموماً، وأندر منهن من تناولن السيرة في الفضاء الرقمي، مشيرة إلى أن أول ظهور لمصطلح سيرة ذاتية كان عام 1809 عن حياة المصور البرتغالي فرانسيسكو فييريرا.