جانب من ندوة «المجتمع السعودي والتنمية الثقافية» (عكاظ)
جانب من ندوة «المجتمع السعودي والتنمية الثقافية» (عكاظ)
-A +A
علي فايع (أبها) alma3e@
أرجع أكاديميان ما وصفاه بالهزال الثقافي وغياب المناظرات والتجديد والإبداع إلى عدم وجود أقسام للفلسفة في جميع الجامعات السعودية، إضافة إلى ضعف قناعة المجتمع بالتفلسف، بزعم أنها مناهضة للدين، مما أقصى بشكل أو بآخر حقلاً مهماً في تعميق النتاج الثقافي.

جاء ذلك في ندوة نظمها نادي أبها الأدبي بالتعاون مع الهيئة العامة للثقافة بعنوان «المجتمع السعودي والتنمية الثقافية»، شارك فيها كل من عضو مجلس الشورى محمد آل عباس، والأستاذ في جامعة القصيم عبدالله البريدي وأدارها خالد أبوحكمة.


وأكد عبدالله البريدي في ورقته على أسباب ضعف المكون الثقافي في المجتمع، ومن ضمنها: ضمور التفلسف وضعف قناعة المجتمع به، وتخلي الجامعات عن وظيفة النقد الثقافي، وتحولها للأعمال البحثية ذات النزعة الوضعية المعتمدة على «الوصف الإذعاني». واصفاً الاهتمام بالثقافة بأنه يأتي على هامش البرامج والخطط لمؤسساتنا التنموية، معتبراً غياب نخبة رجال الأعمال عن دعم الفعل الثقافي لعدم تحقيق الربحية ويستوي هذا الإحجام لدى الأثرياء المتدينين إذ لا يرونه عملاً خيراً، و«لهذا فقد بات الفعل الثقافي مقذوفاً»، مضيفاً أن هذا يأتي متزامناً مع تراجع دعم ميزانية المؤسسات الثقافية، وأكد البريدي على تعرض الثقافة للاختطاف في المجتمع باسم الدين أو الليبرالية لينتج تراشقاً أيديولوجياً. وختم البريدي ورقته بأن لدينا قصة طويلة جداً سيكون عنوانها: «أخفقوا في إخصاب ثقافتهم، فأفلحوا في إجداب مستقبلهم!»

من جانبه، أوضح عضو مجلس الشورى محمد آل عباس أن هناك مشكلة عميقة في البنية الثقافية لدينا، وهذا أثّر بشكل كبير في منتجاتنا الثقافية وخياراتنا الاقتصادية والاجتماعية، وضعف مخرجاتنا التعليمية؛ والسبب في كل ذلك هو التوقف عن بناء نموذجنا الفلسفي في رؤيتنا للوجود، واختياراتنا في مجال المعرفة، وتطوير مناهجنا في البحث عن الحقيقة والخير والجمال وقال: «باختصار توقفنا عن التفلسف مما أوقف التنمية الثقافية»، وطالب باستصلاح التربة الثقافية بالعودة للحوارات والمناظرات العلنية بين تيارات الفكر الناضجة مع حرية النشر والتعبير المسؤولة، وجعل المجتمع مسؤولاً عن خياراته الثقافية ويتحمل تبعات اختياراته، مضيفاً أن على الجامعات الاشتغال بالثقافة وبناء أقسام الفلسفة من جديد والمساهمة مع الأندية الأدبية في بناء مدارس فكرية تسهم في نشر المعرفة وإصلاح التعليم، وفي المداخلات التي تلت الندوة طالب أستاذ الشريعة في جامعة نجران محمد بن سرار اليامي بتفعيل الثقافة في الميدان مع الحفاظ على الهوية الخاصة بالوطن، وتساءل إبراهيم عسيري عن مدى تعرض الثقافة للأدلجة، فيما حمّل عوض القحطاني مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني المسؤولية في غياب الحوار، وأضاف من الملاحظ أن الحوار في هذه المؤسسة يدار كمدرسة يبحث فيها مدير الحوار عن فكرته ثم ينتقل لغيرها، وأشارت نورة عسيري إلى فوقية المثقف السعودي على المجتمع وعدم تعايشه مع المحيطين.

فيما تساءل رئيس نادي أبها الأدبي أحمد آل مريع عن مسؤولية صراع التيارات في الحد من التنمية الثقافية، وأضاف أن الملاحظ على التيارات ورموزها أنهم يتصارعون على اقتطاع أكبر حصة من الواقع وليس على تقديم الحقيقة والمعرفة وإتاحتهما بشروطها الإنسانية.. لكنها تطرح كخطابات ناجزة للحقيقة!