عندما اطلعت على كتاب اليوم للمؤلف والكاتب الدكتور محمد الخازم حرصت على مشاركة هذا الكتاب مع القراء والمهتمين وأيضا طلبة التخصص في الجامعات «الإدارة التربوية» والزملاء لما يحمل في طياته من محاور تربوية جديرة بالتفكير ومفيدة للتدوين، حيث كنا نعاني في حين دراسة الماجستير من ندرة المراجع التي تتناول التعليم السعودي من منظار تنويري وعلاجي تحديدا، قبل أن أبدأ من المهم الإشارة إلى كتاب آخر لنفس المؤلف وهو كتاب «اختراق البرج العاجي قراءة التحولات الجيوسياسية والتأثير الأيديولوجي في بنية وسياسة التعليم» الفائز بجائزة وزارة الثقافة السعودية لأفضل مؤلف للعام٢٠١٢م.
يقع الكتاب في قرابة ٢٠٠ صفحة، تمت طباعته في بيروت، وكان الإهداء لروح الراحل تركي السديري وآخرين، يبدأ الكتاب بمقدمة تتناول واقع الجامعات والدور المؤسسي المفترض ويطرح مشكلات التعليم العالي السعودي التي ذكرها الوزير أحمد العيسى في افتتاح معرض التعليم العالي ٢٠١٧، ثم ينتقل الكاتب لذكر التأثير الاقتصادي على العالم وكيف جاءت رؤية ٢٠٣٠ لتنهض بالتعليم كمحرك رئيسي للاقتصاد ولماذا يقع على الجامعات التحدي الأكبر من خلال التحولات القادمة، وأكد الكاتب أننا ما زلنا ننتظر إعلان نظام الجامعات الجديد المعلن عنه، ثم يوضح الكاتب رأيه بأهم المكونات الرئيسية للجامعات أو لنقل الأدوار والعمليات والمستقبل المتوقع لها.
يطرح الخازم أهم المكونات أو المحاور التي يعتقد بأنها أساسية وملحة لتقوم الجامعات بدورها المأمول فبدأ بالنموذج الاقتصادي للجامعات ثم الحوكمة والمحاسبة، الموارد البشرية وأسماها الكوادر، النموذج الأكاديمي، تقنيات التعليم، البنية الفكرية والهوية، المجتمع المدني، المسؤولية الاجتماعية، التعاون الدولي وأخيرا الخدمات الطبية.
يؤكد الخازم على أن الجامعات السعودية اعتادت على الدعم الحكومي ويزعم بأن هذا أضعف قدرتها على التفكير في تطوير مواردها الذاتية بالشكل الكافي، وهنا أطرح جدلية عن فكرة النظام الرعوي وجدواه أمام توجه العالم للنيوليبراليزم والتي تقتضي المحاسبة الاقتصادية والشفافية في المؤسسات وتقليل دور الدولة في الدعم، لا أجد أنني أتفق مع ما ذكره الكاتب لكن لا أختلف معه أيضا، فما ذكره قد يكون لا ينطبق على كل الجامعات وذلك بحسب عمر الجامعة وموقعها الديموغرافي فالدعم الحكومي قد يكون ضرورة في بعض المناطق النائية والفقيرة، لكن أتفق مع ما ذكره عن أهمية ربط الدعم بالمنتجات الأكاديمية وقوتها وهذا ما يحصل في العالم بمعنى خريجي وأساتذة الجامعة جزءا من صيتها بالتالي هم جزء لا ينفصل عن قيمتها في السوق، عالج الكاتب الفكرة بطرح مقترح لتأسيس نموذجين أو جناحين لكل جامعة (الجامعة القابضة الاستثمار والتمويل من القطاع الخاص – الجامعة الغير ربحية ما يأتي من الهبات والتبرعات والأوقاف)، هنا أستشهد بأهمية التبرعات بكلية الأعمال في جامعة اكسفورد العريقة لرجل الأعمال السعودي وفيق رضا سعيد التي تبرع لإنشائها بـ٢٣ مليون جنيه أسترليني ويرتادها الطلبة من كل مكان.
استشهد الكاتب في فصل الكوادر البشرية بعدد الطلبة لعدد الاساتذة وهذا في معايير التعليم الجامعي غير دقيق لكنه برر ذلك بالإنتاج البحثي وأجدها فرصة للتفكير بدلا من الغضب، وتناول خطورة عدم التمييز بين الأستاذ المجتهد والغير مجتهد في حال بقاء النموذج الحالي ودعا لأهمية تطوير نظام الحقوق والملكية الفكرية واقترح أنماطا محددة لتقييم أعضاء هيئة التدريس مستقبلا بحسب مهامهم الوظيفية كباحث أو تعليمي أو مهني.
التفكير بالهياكل التنظيمية وربطها بنظام فلسفي وفكري مرن من النقاط الهامة في الكتاب، ربما شاهدنا تحرك بعض الجامعات في دمج الكليات والتخصصات مؤخرا، لكن تبقى المرونة أساس الحراك التعليمي والتي يفتقدها النظام حاليا، تعمد الكاتب تجاوز بعض المصطلحات حسب ما ذكر في حديثه عن البنية الفكرية والهوية، وتحدث عن أبرز المشاكل الفكرية في أبسط صورها تحت أسقف الجامعات مثل التركيز على الحفظ لا النقاش وعدم تقبل النقد من قبل الأساتذة، الكاتب كان حريصا على عدم التفصيل في هذه المشكلات لكن أورد قيمة حرية التفكير وقدم سرد تاريخي للتطور الفكري الذي أسهم في عدم النضج الثقافي في الجامعات ولعل أبرز ما جاء فيها رأيه حول جامعة الأميرة نورة والذي يعتقد بأنه يعزز عزل المرأة وتهميشها وهذا ما حصل عندما تم حصر المناصب القيادية في بقية الجامعات للرجال كمدراء جامعات بالمقابل تم تعيين رجل كوكيل لجامعة نوره في وقت قريب! في محور الهوية لم يحدد الكاتب الهويات المختلفة للجامعات توقف على الهوية الفكرية فقط وما تتطلبه من مناخ فكري منفتح ومتنوع، بالمقابل توسع في ذكر أدوار الجامعات في المسؤولية المجتمعية وهنا أقول هل تمارس الجامعات هذه الأدوار؟ وما معيار التقييم لهذا النوع من الخدمات؟، يطرح الكاتب أسئلة تجذيرية في محور التعاون الدولي وعقود الشراكات الدولية وأجد أننا تأخرنا كثيرا في الجذب الدولي للطلبة الدوليين أو النظر لهم كمصدر دخل جديد للجامعات على غرار الجامعات البريطانية لكن التحديات التربوية والمجتمعية يجب أن لا تغيب عن ذهن المخطط التعليمي.
اختتم الكاتب مؤلفه بالحديث عن الخدمات الطبية الجامعية وأهمية تحفيز الأستاذ الطبيب، بالمجمل هذا الكتاب لا يكتفي بالأسئلة بل هو يقدم روشته علاجية ممكنة التطبيق، المرونة الفكرية هي المحك لقادة التعليم ومنسوبيه، الإصلاح التعليمي يعني إصلاح مجتمعي شمولي بناء ينطلق من أسس فلسفية وتربوية رصينة، لا وقت للعشوائية حان وقت العمل لرؤيتنا ٢٠٣٠.
* كاتبة سعودية
يقع الكتاب في قرابة ٢٠٠ صفحة، تمت طباعته في بيروت، وكان الإهداء لروح الراحل تركي السديري وآخرين، يبدأ الكتاب بمقدمة تتناول واقع الجامعات والدور المؤسسي المفترض ويطرح مشكلات التعليم العالي السعودي التي ذكرها الوزير أحمد العيسى في افتتاح معرض التعليم العالي ٢٠١٧، ثم ينتقل الكاتب لذكر التأثير الاقتصادي على العالم وكيف جاءت رؤية ٢٠٣٠ لتنهض بالتعليم كمحرك رئيسي للاقتصاد ولماذا يقع على الجامعات التحدي الأكبر من خلال التحولات القادمة، وأكد الكاتب أننا ما زلنا ننتظر إعلان نظام الجامعات الجديد المعلن عنه، ثم يوضح الكاتب رأيه بأهم المكونات الرئيسية للجامعات أو لنقل الأدوار والعمليات والمستقبل المتوقع لها.
يطرح الخازم أهم المكونات أو المحاور التي يعتقد بأنها أساسية وملحة لتقوم الجامعات بدورها المأمول فبدأ بالنموذج الاقتصادي للجامعات ثم الحوكمة والمحاسبة، الموارد البشرية وأسماها الكوادر، النموذج الأكاديمي، تقنيات التعليم، البنية الفكرية والهوية، المجتمع المدني، المسؤولية الاجتماعية، التعاون الدولي وأخيرا الخدمات الطبية.
يؤكد الخازم على أن الجامعات السعودية اعتادت على الدعم الحكومي ويزعم بأن هذا أضعف قدرتها على التفكير في تطوير مواردها الذاتية بالشكل الكافي، وهنا أطرح جدلية عن فكرة النظام الرعوي وجدواه أمام توجه العالم للنيوليبراليزم والتي تقتضي المحاسبة الاقتصادية والشفافية في المؤسسات وتقليل دور الدولة في الدعم، لا أجد أنني أتفق مع ما ذكره الكاتب لكن لا أختلف معه أيضا، فما ذكره قد يكون لا ينطبق على كل الجامعات وذلك بحسب عمر الجامعة وموقعها الديموغرافي فالدعم الحكومي قد يكون ضرورة في بعض المناطق النائية والفقيرة، لكن أتفق مع ما ذكره عن أهمية ربط الدعم بالمنتجات الأكاديمية وقوتها وهذا ما يحصل في العالم بمعنى خريجي وأساتذة الجامعة جزءا من صيتها بالتالي هم جزء لا ينفصل عن قيمتها في السوق، عالج الكاتب الفكرة بطرح مقترح لتأسيس نموذجين أو جناحين لكل جامعة (الجامعة القابضة الاستثمار والتمويل من القطاع الخاص – الجامعة الغير ربحية ما يأتي من الهبات والتبرعات والأوقاف)، هنا أستشهد بأهمية التبرعات بكلية الأعمال في جامعة اكسفورد العريقة لرجل الأعمال السعودي وفيق رضا سعيد التي تبرع لإنشائها بـ٢٣ مليون جنيه أسترليني ويرتادها الطلبة من كل مكان.
استشهد الكاتب في فصل الكوادر البشرية بعدد الطلبة لعدد الاساتذة وهذا في معايير التعليم الجامعي غير دقيق لكنه برر ذلك بالإنتاج البحثي وأجدها فرصة للتفكير بدلا من الغضب، وتناول خطورة عدم التمييز بين الأستاذ المجتهد والغير مجتهد في حال بقاء النموذج الحالي ودعا لأهمية تطوير نظام الحقوق والملكية الفكرية واقترح أنماطا محددة لتقييم أعضاء هيئة التدريس مستقبلا بحسب مهامهم الوظيفية كباحث أو تعليمي أو مهني.
التفكير بالهياكل التنظيمية وربطها بنظام فلسفي وفكري مرن من النقاط الهامة في الكتاب، ربما شاهدنا تحرك بعض الجامعات في دمج الكليات والتخصصات مؤخرا، لكن تبقى المرونة أساس الحراك التعليمي والتي يفتقدها النظام حاليا، تعمد الكاتب تجاوز بعض المصطلحات حسب ما ذكر في حديثه عن البنية الفكرية والهوية، وتحدث عن أبرز المشاكل الفكرية في أبسط صورها تحت أسقف الجامعات مثل التركيز على الحفظ لا النقاش وعدم تقبل النقد من قبل الأساتذة، الكاتب كان حريصا على عدم التفصيل في هذه المشكلات لكن أورد قيمة حرية التفكير وقدم سرد تاريخي للتطور الفكري الذي أسهم في عدم النضج الثقافي في الجامعات ولعل أبرز ما جاء فيها رأيه حول جامعة الأميرة نورة والذي يعتقد بأنه يعزز عزل المرأة وتهميشها وهذا ما حصل عندما تم حصر المناصب القيادية في بقية الجامعات للرجال كمدراء جامعات بالمقابل تم تعيين رجل كوكيل لجامعة نوره في وقت قريب! في محور الهوية لم يحدد الكاتب الهويات المختلفة للجامعات توقف على الهوية الفكرية فقط وما تتطلبه من مناخ فكري منفتح ومتنوع، بالمقابل توسع في ذكر أدوار الجامعات في المسؤولية المجتمعية وهنا أقول هل تمارس الجامعات هذه الأدوار؟ وما معيار التقييم لهذا النوع من الخدمات؟، يطرح الكاتب أسئلة تجذيرية في محور التعاون الدولي وعقود الشراكات الدولية وأجد أننا تأخرنا كثيرا في الجذب الدولي للطلبة الدوليين أو النظر لهم كمصدر دخل جديد للجامعات على غرار الجامعات البريطانية لكن التحديات التربوية والمجتمعية يجب أن لا تغيب عن ذهن المخطط التعليمي.
اختتم الكاتب مؤلفه بالحديث عن الخدمات الطبية الجامعية وأهمية تحفيز الأستاذ الطبيب، بالمجمل هذا الكتاب لا يكتفي بالأسئلة بل هو يقدم روشته علاجية ممكنة التطبيق، المرونة الفكرية هي المحك لقادة التعليم ومنسوبيه، الإصلاح التعليمي يعني إصلاح مجتمعي شمولي بناء ينطلق من أسس فلسفية وتربوية رصينة، لا وقت للعشوائية حان وقت العمل لرؤيتنا ٢٠٣٠.
* كاتبة سعودية