استيقظت اليوم ولم أجد صوتي، ولأنني إنسان متسامحٌ، ناهيك عن كوني مللت الركض خلف الأشياء، قررت أنَّ من لا يريدني لا أريده، وقد وجدت هذا أمرًا منطقيًا بما يكفي.
أن لا يريدني صوتي هو أمر طبيعي، وحق مكفول له، كل شيء يقرر مصيره، وصوتي شيءٌ في حد ذاته له مشيئته الخاصة، أضف إلى ما سبق، أنه أجش، قبيح جدًا، ولن يستقبله أحد مهما حدث، باستثناء حنجرتي الدخانية ولذا فحتمًا سيعود.
قضيت نصف ساعة بعد استيقاظي جالسًا على حافة السرير، أنهيت فيها علبة سجائر كاملة، افتتاحية جيدة لصباح مبشر.
أنا إنسان إيجابي، ما زال هناك شيء جيد في غياب صوتي، أن أدخن علبةً كاملة قبل عودته -إن قرر العودة طبعًا- لا علاقة حقيقية بين الأمرين، لكن علي أن أذكر هذا.
أنا شخص لا يحب الاعتياد، ويفضل الاستمرار في عدم استيعابه، وأحيانًا أفضل الهذيان على جميع الخيارات، تلك المحدودة طول الوقت، في اللحظة التي هممت فيها بالقيام من على السرير طرق أحدهم الباب، اتجهت نحوه، ودون تردد أو تفكير فتحته، كان رئيسي في العمل، مد يده لمصافحتي، لكنني استمريت مذهولًا، كنت أنظر إليه بدهشة مزجت بين رعب ساذج وبرود غير مسبوق:
- منذ أسبوع لم تأتِ، ولست تجيب لا على هاتفك ولا حتى بريدك الإلكتروني!
أدخل يده في جيبه، ثم مد لي ظرفًا مطويًا 4 مرات.
- مفصول من العمل، أمر من الإدارة العليا، بذلت ما باستطاعتي لكن لم أنجح في تلافي هذه النتيجة.
كنت أرغب بشدة أن أجيبه، لكني لم أتمكن، والذي زاد ذهولي وصدمتي أنه كان يتحدث بصوتي.
- أعندك ما تقوله؟ حسنًا تبدو مصدومًا وفزعًا، أنا آسف جدًا لأجلك، لكن علي المغادرة، بالتأكيد سنلتقي، أنت ستمر لتستلم أوراقك سأراك فيما بعد، إلى اللقاء، خالص مواساتي.
تركت الباب مفتوحًا وأقفلت راجعًا، جلست على حافة السرير مرة أخرى، واستلمت علبة سجائر ثانية.
إذًا منذ أسبوع لم أفق، صوتي ليس هنا، رئيسي في العمل سرقه، ووظيفتي أُعفيت منها، ربَّتُّ على كتفي بيدي وقلت -في محاولة فاشلة للتخفيف عني- لا بأس.
أنهيت علبة السجائر، أي أنه بإمكاني أن أباشر فعاليات يومي، استنزفت ساعةً كاملة في الاستحمام، ارتداء ملابسي، وترتيب أوراقي، ثم خرجت دون أن آخذها، فقد تذكَّرت أني قد أُعفيت من عملي ولا حاجة لي بها، وحرصت على ترك الباب مفتوحًا، فقد يعود صوتي.
اتجهت إلى يمين البناية، أقصد موقف الحافلات، لكن الطريق استمر في الاعوجاج، كنت أمشي في رصيف مستقيم، لكنه استمر في الميلان مشكلًا طريقًا اعوج، ثم بدأ في الانحدار، وأصبحت أمضي بسرعة رهيبة، حاولت أن أصرخ، مع علمي المسبق أن صوتي ليس متوفرًا لكنني حاولت -يقولون أن المحاولة أمر جيد- كان الفراغ في حنجرتي يأكلني، شعرت به يبتلع روحي، الأرض كانت تجذبني، كنت أنحرف، والطريق يزيد في ميلانه، فجأةً ما عدت أرى سوى نقاط مبعثرة، الأشياء أصبحت نقاطًا، وقد سمعت صوتي يصرخ، يستغيث يطلب النجدة، لم أعره أي اهتمام، بدا الأمر ضربًا من دناءة فذة في نظري، سلمت نفسي للانحدار والاعوجاج.
أرى النقاط بشرًا الآن..
كلهم أصبحوا من الماضي..
وأنا أهوي في داخلي، روحي تأكلني، وروحي تأكلها الهوة.
أن لا يريدني صوتي هو أمر طبيعي، وحق مكفول له، كل شيء يقرر مصيره، وصوتي شيءٌ في حد ذاته له مشيئته الخاصة، أضف إلى ما سبق، أنه أجش، قبيح جدًا، ولن يستقبله أحد مهما حدث، باستثناء حنجرتي الدخانية ولذا فحتمًا سيعود.
قضيت نصف ساعة بعد استيقاظي جالسًا على حافة السرير، أنهيت فيها علبة سجائر كاملة، افتتاحية جيدة لصباح مبشر.
أنا إنسان إيجابي، ما زال هناك شيء جيد في غياب صوتي، أن أدخن علبةً كاملة قبل عودته -إن قرر العودة طبعًا- لا علاقة حقيقية بين الأمرين، لكن علي أن أذكر هذا.
أنا شخص لا يحب الاعتياد، ويفضل الاستمرار في عدم استيعابه، وأحيانًا أفضل الهذيان على جميع الخيارات، تلك المحدودة طول الوقت، في اللحظة التي هممت فيها بالقيام من على السرير طرق أحدهم الباب، اتجهت نحوه، ودون تردد أو تفكير فتحته، كان رئيسي في العمل، مد يده لمصافحتي، لكنني استمريت مذهولًا، كنت أنظر إليه بدهشة مزجت بين رعب ساذج وبرود غير مسبوق:
- منذ أسبوع لم تأتِ، ولست تجيب لا على هاتفك ولا حتى بريدك الإلكتروني!
أدخل يده في جيبه، ثم مد لي ظرفًا مطويًا 4 مرات.
- مفصول من العمل، أمر من الإدارة العليا، بذلت ما باستطاعتي لكن لم أنجح في تلافي هذه النتيجة.
كنت أرغب بشدة أن أجيبه، لكني لم أتمكن، والذي زاد ذهولي وصدمتي أنه كان يتحدث بصوتي.
- أعندك ما تقوله؟ حسنًا تبدو مصدومًا وفزعًا، أنا آسف جدًا لأجلك، لكن علي المغادرة، بالتأكيد سنلتقي، أنت ستمر لتستلم أوراقك سأراك فيما بعد، إلى اللقاء، خالص مواساتي.
تركت الباب مفتوحًا وأقفلت راجعًا، جلست على حافة السرير مرة أخرى، واستلمت علبة سجائر ثانية.
إذًا منذ أسبوع لم أفق، صوتي ليس هنا، رئيسي في العمل سرقه، ووظيفتي أُعفيت منها، ربَّتُّ على كتفي بيدي وقلت -في محاولة فاشلة للتخفيف عني- لا بأس.
أنهيت علبة السجائر، أي أنه بإمكاني أن أباشر فعاليات يومي، استنزفت ساعةً كاملة في الاستحمام، ارتداء ملابسي، وترتيب أوراقي، ثم خرجت دون أن آخذها، فقد تذكَّرت أني قد أُعفيت من عملي ولا حاجة لي بها، وحرصت على ترك الباب مفتوحًا، فقد يعود صوتي.
اتجهت إلى يمين البناية، أقصد موقف الحافلات، لكن الطريق استمر في الاعوجاج، كنت أمشي في رصيف مستقيم، لكنه استمر في الميلان مشكلًا طريقًا اعوج، ثم بدأ في الانحدار، وأصبحت أمضي بسرعة رهيبة، حاولت أن أصرخ، مع علمي المسبق أن صوتي ليس متوفرًا لكنني حاولت -يقولون أن المحاولة أمر جيد- كان الفراغ في حنجرتي يأكلني، شعرت به يبتلع روحي، الأرض كانت تجذبني، كنت أنحرف، والطريق يزيد في ميلانه، فجأةً ما عدت أرى سوى نقاط مبعثرة، الأشياء أصبحت نقاطًا، وقد سمعت صوتي يصرخ، يستغيث يطلب النجدة، لم أعره أي اهتمام، بدا الأمر ضربًا من دناءة فذة في نظري، سلمت نفسي للانحدار والاعوجاج.
أرى النقاط بشرًا الآن..
كلهم أصبحوا من الماضي..
وأنا أهوي في داخلي، روحي تأكلني، وروحي تأكلها الهوة.