-A +A
صالح شبرق ( الشارقة)
ناقش روائيون الدور الذي يلعبه الناشر والرقيب في الحدّ من إبداعات المؤلفين، مستعرضين مجموعة من التحديات التي تقف في وجه المبدع عندما ينتهي من مشروعه الأدبي خصوصاً، كما تطرقوا إلى العلاقة التي تنشأ بين الكاتب ودار النشر وما الذي يترتب على الناشر فعله لوضع المنجزات الإبداعية بين يدي القارئ ليحكم عليها.

جاء ذلك خلال جلسة حوارية حملت عنوان «هوى الناشرين» أدارها الكاتب الصحفي محمد أبو عرب واستضافت كلّاً من الروائية اللبنانية علوية صبح، والروائي الجزائري أمين الزاوي، والشاعرة اللبنانية-الكندية نجوى ذبيان، الذين تطرقوا إلى مآلات الإبداع في الوطن العربي ومناقشة الدور الذي يلعبه الناشرون كشريك للمبدع أو منصّة تجارية وحسب.


واستهلت الروائية علوية صبح حديثها بالإشارة إلى وجود ناشرين تجّار، لا يهمّهم ما الذي يقدمه الكاتب المبدع بل ينتبهوا إلى شؤونهم الخاصة وهل سيجد طريقه في السوق إلى القارئ أم لا، دون إعارة ما يتضمنه من إبداع أي أهمية، مشيرة إلى وجود دور نشر تتحكم بالعمل الإبداعي وتلعب دور الرقيب في كثير من الأحيان.

وقالت صبح: «يلقى على عاتق دور النشر مسؤولية كبيرة تكمن في الانتباه إلى معيار الإبداع والجماليات التي تتضمنها الأعمال الأدبية كما يجب أن تكون دور النشر حريصة على أن يذهب المنتج الإبداعي إلى القراء الذين هم بالدرجة الأولى الحكم، كونهم يمتلكون التصورات والآراء والحرية الكاملة لتصرفاتهم وخياراتهم بما يقرأونه ويرغبون به، وهذا الدور تلعبه دور نشر قليلة يمكن اعتبارها صاحبة مشروع ابداعي خلّاق، في المقابل كثيرة هي دور النشر التي تتعامل مع المنجز الإبداعي كسلعة تجارية بحتة».

وتابعت: «لم أنتبه كروائية إلى أنني أكتب شيئاً جريئاً ولم أكن أعي أنني أكتب في روايتي شيئاً ما يجرّها نحو المنع وعدم القبول لدى المجتمع، لكن عندما وجدت أن دار النشر التي تعاملت معها لفتت انتباهي إلى أن العمل كبير ويرهق القارئ ويجب اختزاله، حيث وصل إلى 2000 صفحة، ووجدت وبعد رفضي لهذا الأمر أنه يجب أن أخفف من ثقل الصفحات على المتلقي، كما لمست أن هذا الأمر خدمني ومضى بالعمل نحو مسلك أردته وهو الوصول للقارئ، ولهذا يجب على كل دار نشر أن تحتوي على لجنة قراءة وتحرير خاصة تحدد مسار العمل الإبداعي وتقيّمه بما يستحق لا أن تراه بسطحية وتلقي به إلى النسيان».

من جانبه، أكد الروائي الجزائري أمين الزاوي أن العالم العربي به الكثير من التحديات التي تحول دون إيصال العمل الإبداعي الذي يريده صاحبه للمتلقي، لافتاً إلى ضرورة وجود دور نشر جريئة وشجاعة تسهم في الأخذ بيد المبدع وعمله نحو بر الارتقاء لا أن تقف له بالمرصاد وحسب.

وقال: «تجربتي مع النشر العربية لا يمكن لها أن تتوافق مع تجربتي الغربية، فبعد ما حصل مع روايتي صهيل الجسد التي وضع لها حدّ في البلاد العربية، حيث الرقابة صارمة للحد الذي بات المبدع رقيباً ذاتياً على تجربته، في المقابل وجدت أن آليات النشر في أوروبا تختلف تماماً عما نجده في الوطن العربي ذلك لكون المحددات كثيرة على المبدع سواء كانت دينية أو أخلاقية ومجتمعية أو سياسية فرضها واقع نعيشه حتى يومنا الراهن وهذا كله يسهم في التقليل من الإنتاجات الإبداعية التي يريد لها أصحابها أن تكون جريئة وقادرة على تجاوز التقليدي».

ومن جانبها، قالت الشاعرة نجوى ذبيان إنها قامت بنشر أعمالها بنفسها دون أن تخوض جدلية العلاقة مع الناشر لكنها اعتبرت أن هذه العلاقة عليها أن تكون متكاملة، فدور النشر لها اختصاصات أهمها أن تكون إلى جانب الكاتب المبدع وترعاه وتجد لمؤلفه الإبداعي طريقاً للقارئ لا أن تقف عائقاً بوجهه.

وعبرت ذبيان عن أن تجربتها مختلفة بالقول: «إن القراء في الجزء الغربي من العالم يمتلكون عطشاً للقراءة كما أن المناخ الثقافي السائد كسر الكثير من الحواجز في طريق الإبداع»، وأضافت: «الناس في أمريكا وكندا لديهم انفتاح أكبر على الجرأة فهم يتقبلون الأعمال التي تتحدث عن «التابوهات»، لكن الأمر في الوطن العربي مختلف ويمكن أن نجد الكثير من الانتقادات والاعتراضات وهذا أمر يسهم في التقليل من جودة المؤلفات الإبداعية».