تشكل العلاقات الثقافية بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين نموذجا ثقافيا فعالا على التواصل والتفاعل المعرفي العربي والإسلامي، فالدولتان الشقيقتان تقومان بشكل متواصل على النهوض بالأفق الثقافي فيما بينهما، على اعتبار أن الثقافة تشكل الهوية والصورة الأكثر توهجا وحضورا في عالم اليوم.
ولعل إسهامات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في تنمية الصورة الثقافية بين البلدين من الإسهامات التي يشار إليها بالبنان، خصوصاً أنها تتجاوز المفهوم المكتبي إلى مفاهيم الثقافة والمعرفة الشاملة التي تستفيد منها مختلف شرائح القراء والمثقفين والكتاب وطلاب العلم والباحثين.
فقد سعت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة من خلال شراكاتها مع المكتبات الوطنية وفي مقدمتها المكتبة الوطنية البحرينية ومن خلال مشروعها الكبير إلى تحقيق قيم وأهداف سامية عبر مركز الفهرس العربي الموحد، والذي أسس لتكامل عربي وتعاون مشترك، سواء عبر خدمات الفهرس العربي الموحد ونشاطاته في بناء مجتمع المعلومات العربي، أو ما أضافه للحركة الثقافية والنشر عبر إنشاء شبكة معلومات تضم المكتبات العربية، وبوابات مكتبات الدول، وبوابة الكتب المترجمة، والبحث في المخطوطات والرسائل الجامعية.
وفي هذا السياق أنشأت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة: بوابة البحرين الثقافية التي تضم أبرز ما تحويه المكتبات الثقافية بالبحرين، كما قامت بعقد 13 دورة بحثية لمجموعة من الكوارد الثقافية البحرينية بلغ عددها (168) متدربا قدموا من (14) جهة ومؤسسة ثقافية بحرينية.
وقد أشاد وزير التربية والتعليم البحريني الدكتور ماجد النعيمي بإنشاء البوابة عند صدورها حيث قال: إن مكتبة الملك عبدالعزيز العامة باعتبارها الرائدة في العمل التعاوني والمبادرة دائماً إلى القيام بالأعمال التي من شأنها حفظ ونشر التراث الفكري العربي والإسلامي، باتت أيقونة عربية وعالمية للعمل المشترك، وإن مكتبة الملك عبد العزيز العامة، بإطلاقها للمكتبة الرقمية العربية لتضيف بذلك إسهاماً مهماً إلى ما تقوم به من خدمات جليلة في عالم الفكر والثقافة، ونحن في مملكة البحرين كعضو رئيس في هذه المشاريع الثقافية العربية نبارك مثل هذه الخطوة وندعو الله للقائمين عليها التوفيق والسداد.
من جهتها علقت مديرة مكتبة جامعة الخليج الشيخة سعاد آل خليفة على التفاعل المتواصل بين المكتبة وبين المؤسسات الثقافية البحرينية حيث قدمت الشكر للمكتبة و مركز الفهرس العربي الموحد لما يقدمه من خدمات بشكل عام وما قدمه من الدورات التدريبية النوعية التي «تسهم في تطوير العاملين في مكتباتنا، وما لمسناه من المتدربين بعد الانتهاء من البرنامج التدريبي كان خير مثال لذلك»، وأضافت سعاد آل خليفة: أتمنى من المكتبة أن تستمر في دعم المكتبات بتقديم البرامج التدريبية النوعية والتي تسهم في تطوير المكتبات العربية، ورغم عمر الفهرس القصير إلا أننا نلمس جهده والذي غطى العالم العربي من المحيط إلى الخليج على أمل أن يحقق أهدافه التي يصبو ونصبو أيضاَ اليها بتوحيد المعايير والممارسات في جميع المكتبات العربية".
شراكة ثقافية:
وتعد الشراكة بين مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ومركز عيسى الثقافي ممثلاً في المكتبة الوطنية من الشراكات ذات الغايات الواضحة الآنية والمستقبلية حيث يعملان على تقديم الخدمات الثقافية والمعرفية والبحثية عبر عدد من الأهداف المشتركة والوسائل المتبادلة، لصناعة المحتوى الذي يضيف إلى الرصيد العالمي.
وقد بدأت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة وباعتبارها أحد أهم أدوات المعرفة العربية بتيسير أساليب الحياة الثقافية، ومن بينها الثقافة في البحرين من خلال التعاون الدائم والفعال في تحقيق وعي ثقافي تنويري يلامس منجزات الثقافة العربية والإسلامية والعالمية، فالثقافة هي القوة الناعمة للشعوب التي تحتضن فلذات الفكر والإبداع الإنساني. وذلك من خلال إطلاقها مشروعات رائدة تصب في خدمة الثقافة العربية والإسلامية، وتربطها بالثقافات الأخرى، لتتمكن الأقطار العربية من امتلاك المعلومات خصوصاً ونحن نعيش في عصر ثورة المعلومة، وهو ما يؤهل الدول العربية من امتلاك قاعدة بيانات واضحة.
وقد وصل أعضاء الفهرس من المكتبات ومراكز المعلومات من جميع أقطار العالم العربي 560 جهة يتبعها أكثر من 4500 مكتبة. مما يوضح أن حجم القاعدة الكلية ينمو بصورة مضطردة كمًا ونوعًا حيث يتجاوز عدد التسجيلات الببليوجرافية مليونين ثلاثمائة ألف تسجيلة مغطية جميع أشكال أوعية المعلومات من كتب ورسائل جامعية ومخطوطات ومصادر إلكترونية وغيرها من الأوعية.
يذكر أن مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تحرص من خلال مشروعاتها الثقافية على نقل المنجز الثقافي العربي المعاصر إلى العالم، من خلال فروعها بالمملكة وفرعيها بالمملكة المغربية والصين، ومن خلال برامجها الثقافية وعقدها للدورات التدريبية وإنشائها البوابات الثقافية لدول العالم العربي، وإقامتها المعارض المصورة في العواصم العالمية، وإطلاقها جائزة الملك عبدالله العالمية للترجمة، كذلك حرصها الدائم على زيادة الرصيد المعرفي العربي والإسلامي على شبكة الإنترنت عبر المحتوى العربي الرقمي الكبير الذي تبثه دائما.
كما تعمل على تدريب العاملين في المكتبات العربية من المحيط إلى الخليج عن طريق التدريب المباشر أو غير المباشر وذلك عبر برامج تقنية متطورة، بهدف إكساب المتدرب كيفية الاستفادة من الخدمات في مجال المكتبات والمعلومات والتوثيق والأرشفة والمجالات الثقافية والمعرفية بوجه عام.