لا أزعم أنني دخلت أرض السرد من بواباته الشاسعة، لكن في بداياتي الأولى كنت مفتونة باللغة، لربما اختار نجم سعدي أن أولد وفي فضائي وحولي على مد النظر أحرف ومفردات تبرق وتسبح في مداراتي، ويتبرعم الوعي على الجدران التي ترصف فيها الكتب من الأرض حتى السقف، ونكهة الأمسيات التي كان يقضيها أبي وأمي تحت شجرة ياسمين في الحديقة المنزلية، وهما منهمكان في مراجعة كتاب، حيث والدي يقرأ وأمي تدون، أو أبي يقرأ وأمي تراجع، والدتي تلك الكنعانية الفلسطينية الوضيئة، التي أفضت إلى قلب نجد، ودخلت عباءة رجل يكابد حلماً كبيراً فشاطرته بعضاً منه. وهناك في أرض الكلام بدأت الحكاية فكانت مجموعات من القصص القصيرة أشعر الآن بأنها كانت (دوزنة) لأدواتي السردية، وترنيمات خافتة قبل أن أشرع في المعزوفة الكبرى.. الرواية.
فالرواية هي الصيغة الأكثر نضجاً في مسيرة الإبداع الإنساني والشكل الأكثر تعقيداً وتركيباً للفنون كلها، فبنيتها المرنة تختزل الشعر جموحه وعوالمه المتوهجة، وتدرج المسرح حواره فلسفته وبعده الدرامي، أيضاً الرواية تتوسل الفنون البصرية الحديثة من خلال السيناريو والتقطيع والفلاش باك، والاتكاء على الحوار للمعالجة الفنية، لذا تبدو الشكل الأكثر اقتراباً من الحياة ومن خلالها يتم رصد الكثير من التحولات الاجتماعية والسياسية والتاريخية للشعوب، حتى باتت الرواية.. ديوان العصر الحديث. الرواية هي محاولة استرجاع المادة الأولى للعالم، تفتيت المشهد إلى جزيئاته الصغرى، ومن ثم إنشاؤها كرة أخرى وفق شروط مستجيبة لمشيئة تتحدى العدم. وأنا أقف اليوم هنا فوق هذا المنبر المصري الخصب الذي تهجت منه البشرية أبجدية الحضارة، لا يسعني إلا أن أقدم باقة نخيل للمشرفات والمشرفين على الجائزة، الذين ما برحوا يرون في الآداب والفنون ترياقاً لسموم هذا العالم. الشكر لعبدالله بن خميس وسهام السرحي، والديَّ اللذين كانا كل صباح يشرعان البوابة ويمضيان إلى الحقل فتبعتهما إلى حقل الكتابة بصورة فطرية وتلقائية، كما يتبع كل أطفال العالم خطى الكبار. باقة غيم لرفيق دربي الدكتور خالد البداح الذي أمَّن لي طوال امتداد رحلتنا مركبة قوية متينة آمنة، يعرف قيمتها من يكابد مخاضات الحكاية، وجفول الكلمات والأسطر، وتباريح السرد، ونزق الشخصيات.
شكري لأبنائي فهد وفراس والغالية بثينة، وهم الذين أكرموني بتجربة الأمومة، أعظم تجربة عاطفية من الممكن أن يخوضها قلب.
وفي النهاية شكري لوطني الجليل السعودية العظمى، وطني الذي آمن بي وبقلمي كامرأة تنتصر للمستقبل، وجعلني جزءاً من جميع ما سبق.
أميمة الخميس
فالرواية هي الصيغة الأكثر نضجاً في مسيرة الإبداع الإنساني والشكل الأكثر تعقيداً وتركيباً للفنون كلها، فبنيتها المرنة تختزل الشعر جموحه وعوالمه المتوهجة، وتدرج المسرح حواره فلسفته وبعده الدرامي، أيضاً الرواية تتوسل الفنون البصرية الحديثة من خلال السيناريو والتقطيع والفلاش باك، والاتكاء على الحوار للمعالجة الفنية، لذا تبدو الشكل الأكثر اقتراباً من الحياة ومن خلالها يتم رصد الكثير من التحولات الاجتماعية والسياسية والتاريخية للشعوب، حتى باتت الرواية.. ديوان العصر الحديث. الرواية هي محاولة استرجاع المادة الأولى للعالم، تفتيت المشهد إلى جزيئاته الصغرى، ومن ثم إنشاؤها كرة أخرى وفق شروط مستجيبة لمشيئة تتحدى العدم. وأنا أقف اليوم هنا فوق هذا المنبر المصري الخصب الذي تهجت منه البشرية أبجدية الحضارة، لا يسعني إلا أن أقدم باقة نخيل للمشرفات والمشرفين على الجائزة، الذين ما برحوا يرون في الآداب والفنون ترياقاً لسموم هذا العالم. الشكر لعبدالله بن خميس وسهام السرحي، والديَّ اللذين كانا كل صباح يشرعان البوابة ويمضيان إلى الحقل فتبعتهما إلى حقل الكتابة بصورة فطرية وتلقائية، كما يتبع كل أطفال العالم خطى الكبار. باقة غيم لرفيق دربي الدكتور خالد البداح الذي أمَّن لي طوال امتداد رحلتنا مركبة قوية متينة آمنة، يعرف قيمتها من يكابد مخاضات الحكاية، وجفول الكلمات والأسطر، وتباريح السرد، ونزق الشخصيات.
شكري لأبنائي فهد وفراس والغالية بثينة، وهم الذين أكرموني بتجربة الأمومة، أعظم تجربة عاطفية من الممكن أن يخوضها قلب.
وفي النهاية شكري لوطني الجليل السعودية العظمى، وطني الذي آمن بي وبقلمي كامرأة تنتصر للمستقبل، وجعلني جزءاً من جميع ما سبق.
أميمة الخميس