لم يكن عادياً كان مختلفاً جداً، إذ لم يسبق أن مشى في الطريق، الطريق كان يمشي به، يأخذه حيث يريد أو يرغب. ظله كان دائماً سابقاً له بخطوة، وقد كان هذا أمراً جيداً، فقد كان درعه الحافظة الأمينة، يحميه من فاجعة الأوان، أو الوقوع في هوة المستقبل.
كان حذراً جداً، وهو أمر لم يكن ليفيده أبداً، فقد استيقظ اليوم ليجد المأساة ملتصقةً بوجهه، صرخ، لكنه لم يسمع لصراخه أي صوت، صرخ مراراً لكنْ دون صوت ودون فائدة. تساءل كثيراً في نفسه عن الذي يحدث؟ رغب في أن يشارك الأمر مع أحد، أمسك بالهاتف، ضغط الأرقام، وأرسل الخط، رن مرتين، فقطعه! استدرك أن أحداً لا يفهمه، أحداً لم يفهمه عندما كان طبيعياً ويشتكي أموراً تحدث مع الجميع، فكيف إذا اشتكى مما يصنف خارجاً عن العادة والمألوف! تساءل في نفسه، هل ضاقت الأرض بالمأساة لتلتصق بوجهه؟ لماذا لم تختبئ في داخله، قد يبدو الأمر منطقياً نوعاً ما، لكن ليس بوجهه!
كان متوجساً، وبدأ دفق الأسئلة
يزلزل ما بقي ساكناً من
ذهن يفترض أن جمجمته تحتويه.
- ما به وجهك؟
- تبدو غريباً جداً اليوم!
- هل نمت البارحة؟
- أنت لم تتناول إفطارك.
- هل حرارتك مرتفعة!
- من ضربك؟
لم يرد أن يسمعهم، لقد ملَّ الكذب، بودِّه لو يخبرهم أنها المأساة جاثمة تسكن وجهه، لكنه موقن أنهم سيجتمعون على جنونه. استخدم الماء البارد ثم الساخن، أضاف الملح فرك وجهه بالمنشفة، حاول أن يجتثها بيديه. كلُّ ذلك دون جدوى. قرر أن ينسى الأمر، وأن يتعامل معه كأن لم يكن، ارتدى ثيابه، وانطلق خارجاً لا يعلم لأين، إنما إلى الخارج، أليس هو الذي يمشي به الطريق؟ وقف عند باب المنزل لكنَّ الطريق لم يتحرك به، مشى خطوتين ليصبح في منتصف الشارع ولم يحدث شيء، غير أن سيارةً كادت تدهسه، أيعقل أنه صار عادياً؟ نظر نحو ظله فوجد أنه منه بمسافة عادية كالمسافة التي يظهر عندها الظل في تمام السابعة صباحاً والشمس لتوها منذ دقائق قد أشرقت، أي أن ظله لم يعد سابقاً له «يا للخيبة» قال في نفسه، امتلأت عيناه ألماً، ومضى ماشياً نحو (لا يدري) كم كانت روحه موجوعةً حينها، حاول مرة ثانية أن يصرخ لكن مجدداً دون جدوى. سمع صوتاً أشبه بالركض، اتجه بوجهه نحو مصدر الصوت، كان عند ظهره، هناك رأى ظله يركض بعيداً، ولا إرادياً بدأ بالركض خلفه والصراخ، ولكنَّ ذلك ما كان ليجدي! حين يتركك ظلك لا تفكر في أنه سيعود، وحين ينساك صوتك لا تحاول استعادته، هي الأشياء هكذا تحدث، إنها اللحظة التي تستقل فيها، وهو أمر يجعلها ليست من شأنك، وإن كان قد حدث أن كانت كذلك.
إنه يركض..
ما زال يركض.
كان حذراً جداً، وهو أمر لم يكن ليفيده أبداً، فقد استيقظ اليوم ليجد المأساة ملتصقةً بوجهه، صرخ، لكنه لم يسمع لصراخه أي صوت، صرخ مراراً لكنْ دون صوت ودون فائدة. تساءل كثيراً في نفسه عن الذي يحدث؟ رغب في أن يشارك الأمر مع أحد، أمسك بالهاتف، ضغط الأرقام، وأرسل الخط، رن مرتين، فقطعه! استدرك أن أحداً لا يفهمه، أحداً لم يفهمه عندما كان طبيعياً ويشتكي أموراً تحدث مع الجميع، فكيف إذا اشتكى مما يصنف خارجاً عن العادة والمألوف! تساءل في نفسه، هل ضاقت الأرض بالمأساة لتلتصق بوجهه؟ لماذا لم تختبئ في داخله، قد يبدو الأمر منطقياً نوعاً ما، لكن ليس بوجهه!
كان متوجساً، وبدأ دفق الأسئلة
يزلزل ما بقي ساكناً من
ذهن يفترض أن جمجمته تحتويه.
- ما به وجهك؟
- تبدو غريباً جداً اليوم!
- هل نمت البارحة؟
- أنت لم تتناول إفطارك.
- هل حرارتك مرتفعة!
- من ضربك؟
لم يرد أن يسمعهم، لقد ملَّ الكذب، بودِّه لو يخبرهم أنها المأساة جاثمة تسكن وجهه، لكنه موقن أنهم سيجتمعون على جنونه. استخدم الماء البارد ثم الساخن، أضاف الملح فرك وجهه بالمنشفة، حاول أن يجتثها بيديه. كلُّ ذلك دون جدوى. قرر أن ينسى الأمر، وأن يتعامل معه كأن لم يكن، ارتدى ثيابه، وانطلق خارجاً لا يعلم لأين، إنما إلى الخارج، أليس هو الذي يمشي به الطريق؟ وقف عند باب المنزل لكنَّ الطريق لم يتحرك به، مشى خطوتين ليصبح في منتصف الشارع ولم يحدث شيء، غير أن سيارةً كادت تدهسه، أيعقل أنه صار عادياً؟ نظر نحو ظله فوجد أنه منه بمسافة عادية كالمسافة التي يظهر عندها الظل في تمام السابعة صباحاً والشمس لتوها منذ دقائق قد أشرقت، أي أن ظله لم يعد سابقاً له «يا للخيبة» قال في نفسه، امتلأت عيناه ألماً، ومضى ماشياً نحو (لا يدري) كم كانت روحه موجوعةً حينها، حاول مرة ثانية أن يصرخ لكن مجدداً دون جدوى. سمع صوتاً أشبه بالركض، اتجه بوجهه نحو مصدر الصوت، كان عند ظهره، هناك رأى ظله يركض بعيداً، ولا إرادياً بدأ بالركض خلفه والصراخ، ولكنَّ ذلك ما كان ليجدي! حين يتركك ظلك لا تفكر في أنه سيعود، وحين ينساك صوتك لا تحاول استعادته، هي الأشياء هكذا تحدث، إنها اللحظة التي تستقل فيها، وهو أمر يجعلها ليست من شأنك، وإن كان قد حدث أن كانت كذلك.
إنه يركض..
ما زال يركض.