كان متوقعاً أن تنجم فترة الصمت والتأمل التي اختارها الناقد الدكتور معجب الزهراني منذ إصداره روايته الأولى «رقص» 2015 عن عمل سردي ثانٍ، فالرواية الأولى بكل جمالياتها قامت على سيرة آخر، ووظفّت بصورة غير مباشرة سيرة إحدى الشخصيات العامة، وكان مسرح أحداثها قرية في منطقة الباحة، ومدينة في الريف الفرنسي، وعواصم أوروبية وعربية، وتناولت حقبة تاريخية حافلة بمتغيرات وتحولات سياسية، ودينية، واجتماعية كبرى، ولم يغب عن ذهن أبي توفيق أنه يغامر بسرد حكاية بطل واقعي، حاول جاهداً أن يثبت للقارئ أنه متخيّل، ما أوقعه في مجابهات صحفية وثقافية واجتماعية لم ينمح أثرها حتى اليوم، ليبعث سؤالاً جوهرياً من مرقده «هل يمكن أن نتناول حياة أصدقائنا وقرابتنا سردياً دون إذن منهم؟»، خصوصاً حين ترتبط ثيمة العمل وبطولته بحكاية ناشط سياسي.
أبوتوفيق كعادته في صنع المفاجآت الفاتنة صافح زائري ورواد معرض الدار البيضاء بروايته الثانية «سيرة الوقت، حياة فرد، حكاية جيل»، وبحكم أن العمل لم يصل إلى المملكة استنطقنا كاتبه ليفصح بشيء من سيرة النص التي بدأت صدفة كما قال، وكان محفزها مكالمة هاتفية من الصحفي البحريني علي الديري الذي طلب من الدكتور معجب أن يكتب مقالة سيرية مختزلة، لنشرها في صحيفة الوقت، فوافق مبدئياً إثر تردد، ثم كتب ونشرت المقالة عام 2009، إلا أن الحكاية لم تنته، إذ بمراجعة أبي توفيق لما كتب اكتشف أنه ليس من السهل أن يختزل إنسان فاعل في المشهد الأكاديمي والثقافي تجربة نصف قرن في ألف كلمة، وظل طيف يلاحقه ويغريه باستكمال ما بدأ من سيرة الوقت، ليدوّن لأجيال سيرته باعتباره حكاية جيل بأكمله، والكتابة قابلة للاتساع والتناول بشفافية لتحقيق غايتين تتمثل إحداهما في كتابة نص ذاتي حميم يستشفي به المثقف الفرنكفوني من نوستالجيا لا طب لها إلا العودة للبئر الأولى، والأخرى لتعميق الوعي بتحولات جذرية شاملة عاشها وعايشها جيل الكاتب، ولم تشهد مجتمعاتنا مثيلاً لها. ويؤكد الزهراني أن الفكرة ظلت مخاضاً، بحكم انشغاله أستاذا في جامعة الملك سعود، ثم في جامعة اليمامة، وتأسيسه لاحقاً كرسي غازي القصيبي للدراسات الثقافية، الذي يعده أهم ثمرات مسيرته العملية.
وعاودته الرغبة الجارفة للكتابة مع شيء من حنين الغربة إبان اختياره مديراً عاماً لمعهد العالم العربي في باريس 2016. وشرع في السيرة التي اجتهد في الوفاء بشروط كتابتها من خلال عرض حياة مجتمع بسيط وسمح ومنفتح اتجه فجأة للتعقيد والتزمت، لينتصر بالكتابة للبيت الحجري من بيوت الخرسانة، وللرمان والمشمش والعنب والخوخ من الفواكه المستوردة التي لا طعم لها ولا رائحة توازي روائح وطعوم فواكه وادي الصدر.
أبوتوفيق كعادته في صنع المفاجآت الفاتنة صافح زائري ورواد معرض الدار البيضاء بروايته الثانية «سيرة الوقت، حياة فرد، حكاية جيل»، وبحكم أن العمل لم يصل إلى المملكة استنطقنا كاتبه ليفصح بشيء من سيرة النص التي بدأت صدفة كما قال، وكان محفزها مكالمة هاتفية من الصحفي البحريني علي الديري الذي طلب من الدكتور معجب أن يكتب مقالة سيرية مختزلة، لنشرها في صحيفة الوقت، فوافق مبدئياً إثر تردد، ثم كتب ونشرت المقالة عام 2009، إلا أن الحكاية لم تنته، إذ بمراجعة أبي توفيق لما كتب اكتشف أنه ليس من السهل أن يختزل إنسان فاعل في المشهد الأكاديمي والثقافي تجربة نصف قرن في ألف كلمة، وظل طيف يلاحقه ويغريه باستكمال ما بدأ من سيرة الوقت، ليدوّن لأجيال سيرته باعتباره حكاية جيل بأكمله، والكتابة قابلة للاتساع والتناول بشفافية لتحقيق غايتين تتمثل إحداهما في كتابة نص ذاتي حميم يستشفي به المثقف الفرنكفوني من نوستالجيا لا طب لها إلا العودة للبئر الأولى، والأخرى لتعميق الوعي بتحولات جذرية شاملة عاشها وعايشها جيل الكاتب، ولم تشهد مجتمعاتنا مثيلاً لها. ويؤكد الزهراني أن الفكرة ظلت مخاضاً، بحكم انشغاله أستاذا في جامعة الملك سعود، ثم في جامعة اليمامة، وتأسيسه لاحقاً كرسي غازي القصيبي للدراسات الثقافية، الذي يعده أهم ثمرات مسيرته العملية.
وعاودته الرغبة الجارفة للكتابة مع شيء من حنين الغربة إبان اختياره مديراً عاماً لمعهد العالم العربي في باريس 2016. وشرع في السيرة التي اجتهد في الوفاء بشروط كتابتها من خلال عرض حياة مجتمع بسيط وسمح ومنفتح اتجه فجأة للتعقيد والتزمت، لينتصر بالكتابة للبيت الحجري من بيوت الخرسانة، وللرمان والمشمش والعنب والخوخ من الفواكه المستوردة التي لا طعم لها ولا رائحة توازي روائح وطعوم فواكه وادي الصدر.