-A +A
قراءة: علي الرباعيOkaz_Culture@
ظل المفكرون والفلاسفة والمثقفون محل تهديد من الفقهاء والوعاظ الذين يحتسبون على الوعي بهدف إقامة حدود تعزيرية غير منصوص عليها شرعاً، ولم ترد في القرآن الكريم عقوبة للردة أو ما يسمى التطاول المرتبط بظهور ما سمي بالإسلام السياسي.

ويؤكد الباحث رشيد الخيون أن الفقه الإسلامي شهد تحولات كبرى عبر مراحل تاريخانية وألحق الغلاة بالعقوبات أحكاما غلو فيها غلواً كبيراً وغير منسجم مع روح الشريعة التي تروم استصلاح الإنسان وتأديبه بما لا يلحق به ضرراً نفسياً أو اجتماعياً.


ومن خلال مركز المسبار صدر كتاب الخيون «العقاب والغلو في الفقه والتراث الإسلامي» تعقب فيه ورصد أبرز ما ورد عن الفقهاء من أقوال في عقوبات (الردة، والسب، الزنا، السحر، الكراهية).

ويؤكد الخيون في مقدمة الكتاب أن إشكاليات بعض العقوبات تتمثل في كونها لم ترد في القرآن الكريم وإنما ثبتها الفقهاء بأعذار وحجج مختلفة، وبينها ما نسب إلى السنة بأحاديث ظنية الثبوت ما جعلها موضع خلاف، إضافة إلى أن من الفقهاء من نص على إعلان التوبة عن الذنب، ومنهم من ذهب إلى عقوبات بديلة منها السجن أو التكليف بعمل اجتماعي فيه نفع عام.

وأوضح الخيون لـ «عكاظ» أن كتاب العِقاب والغلو في الفقه والتراث الإسلامي، جاء إجابة على أسئلة كثيرة تناولت عقوبة الرجم، أي الموت رجماً بالحجارة، عبر التساؤل عن استناد الحكم على نص قرآني أم لا؟ وعلى ما اعتمد الفقهاء في إقرار هذا الحكم؟ مشيراً إلى أن الوارد في القرآن الكريم (الإبعاد والحجر)، وليست هناك عقوبة قتل في الكتاب (غير القصاص ممن قتل نفساً). ولفت إلى ما حفزه للكتابة من اتهام الكُتّاب والباحثين في الآونة الأخيرة بازدراء الدين أو الذوات المقدسة، وقُتل بعضهم بهذا السبب دون استتابة. وكشف أن مراجع الكتاب هي كتب الفقه نفسها من مختلف المذاهب، مؤكداً أن العقوبات قد تصطدم بالزمن والتقدم، في ظل عدم وجود أصل لها في القرآن، لا قتل المرتد ولا الزاني والزانية المُحصنين ولا المسيء للذوات المقدسة ولا الساحر، وعدّ العقاب دون نص من الغلو بالعقوبة، مما يُنفر عن الدين خصوصا عند عرض مشاهد المتطرفين وهم يرجمون نساء بطريقة تعبث بالضمائر وتمزق القلوب. وشدد على أن الأحكام في القرآن الكريم هي المرجع ولم ترد عقوبة قتل الساحر أو الزاني أو المرتد ما يعني أن الدين فيه فسحة عظيمة، بعيد عن التشدد الذي صنعه الرجال من خلال صياغة الفقه، على مختلف المذاهب، فالعديد من الفقهاء أطلقوا فتاوى قتل بمعزل عن محاكمات رسمية ودفعوا العوام إلى تنفيذها، وهنا لا بد من حصر العقاب بيد الدولة لا عبر فتاوى فقهية. وذهب إلى أن الجامعة العربية في قسمها القانوني تبنت تلك العقوبات، بل تبنت المذهب الأشد من بين المذاهب. وتناول في الباب الثاني الغلو العقائدي ومحاولات التنوير، ومصائر تلك المحاولات، وكيف انتشر التشدد عبر الحملات الدعوية الإيمانية، مع شرح وافٍ عن الحملة الإيمانية بالعراق التي نشط الإسلام السياسي في ظلها، وكان ذلك قبل غزو بغداد 2003، ثم عاودت بعد ذلك لتستمر الحملة الإيمانية الدينية وبشكل مشوه.

مصادر الكتاب فقهية وتراثية وتاريخية وغيرها، وتناول الباحث العقوبات الأربع: قتل المرتد والزاني المُحصن والساب أو المسيء باللفظ والساحر، وأتى الكتاب بأسماء شخصيات حجبت كتبهم أو مقالاتهم أو أقوالهم، وبعض الشخصيات التي قُتلت في العهود السابقة.