الغيابُ عكسُ الماءِ، عكسُ خريرِه وزمجرتِه وذبولِه عندما تشربُ شمسُ الفصولِ وترابُها حلاوةَ رُوحِه.
هو الغيابُ...
له لونٌ وطعمٌ ورائحةٌ لا يعرفُها إلّا مَن أوجعَهم إلى حدِّ الأملِ أو اليأسِ.
لونُ الغيابِ خاصٌّ.
ليس هو أسودَ ولا كحليّاً ولا أبيضَ كطيرٍ لا يقرُبُ الميدانَ والجنودَ ولا أصفرَ يرمُزُ لعودةِ الغائبِ. ليس الغيابُ بنيّاً كترابِ المشتلِ أو البستانِ الذي ترتاحُ إلى اخضرارِه أشجارُ الصبرِ... ترتاحُ إلى اخضرارِه العصافيرُ على أشجارِ الأملِ المزدهرةِ باللغةِ..
ليس الغيابُ غامضاً كبحرٍ أزرقَ على صورتِه، ولا هو سهلٌ ممتنعٌ كسماءٍ، هو ليس رماديّاً كفُقاعةٍ خجولةٍ، ولا أحمرَ مزدهِراً كالصرعى في ساحة حربٍ. هو لونٌ بين الألوانِ، بين لونِ الحياةِ ولونِ الموتِ.. بين لونِ ثرثرةِ لغةٍ تتدفَّقُ في فمِ طفلٍ تعلّمَ الكلامَ وخرسِ شيخٍ تعلّم الحكمةَ... بين لونِ الرحيلِ ولونِ الإياب...
هو الغيابُ لونُ جهةٍ أخرى، تقعُ بينَ الجهاتِ، وتقودُ خطوَك نحوَ الفراغِ. هو لونُ الملاحظةِ العابرةِ.
السكونُ المحبوسُ في قمقمِ الضجيجِ. هو الطَعمُ المشتَهى لشجرةِ الحياةِ التي ترتفعُ قامةً عند الأفقِ... وهو طعمٌ حامضٌ حلوٌ مُرٌّ مالح... وطعمُ هواءٍ خامِرٍ كرحيلِ نهرٍ خاسرٍ إلى المصبِّ... هو طعمُ الحسراتِ والمَراراتِ وطعمُ الشهوةِ المستحيلةِ. وهو الغيابُ... هو... هي رائحةٌ تأتي عبرَ البحارِ، وتسكنُ في قاع الروح... وبعدُ وبعدُ، هو كلٌّ من الكلِّ: لونٌ وطعمٌ ورائحةُ فلفلٍ أسودَ فوق اللحظةِ الآتيةِ... النبضُ المخزونُ في قلبِ الذاكرة. الأنا غيرُ المتوفرةِ في كلِّ المناسباتِ، بل عطلةُ الحياةِ عن الولادةِ والموتِ. ثمَّ إنّه، بعدَ كلِّ ما تقدَّمَ، حدَجني بنظرةٍ مُرَّةٍ كأنّه لا يريدُني أنْ أُصابَ بـ«فوبيا» الفلفلِ الأسودِ، وأنْ أعتبرَه علاجاً بالصوتِ والصورةِ، كما باللونِ أو الطعمِ أو الرائحةِ لكلِّ مشكلاتِ الحياةِ المعاصرةِ. ولمّا وجدني لا أنظرُ إليه، وأنّ نظراتِه لم تُصِبْ منّي مقتلاً، قال لي وكأنّه يسألُني: الفلفلُ الأسودُ لا يمكنه جمع أشلاءِ «الدنيا المكسورة» التي لا تجعلُ «جاد» بخلافِ «بلال» يفعلُ كذا أو لا يفعلُ، يغادرُ المكانَ والزمانَ أو لا يفعلُ.
هو الغيابُ...
له لونٌ وطعمٌ ورائحةٌ لا يعرفُها إلّا مَن أوجعَهم إلى حدِّ الأملِ أو اليأسِ.
لونُ الغيابِ خاصٌّ.
ليس هو أسودَ ولا كحليّاً ولا أبيضَ كطيرٍ لا يقرُبُ الميدانَ والجنودَ ولا أصفرَ يرمُزُ لعودةِ الغائبِ. ليس الغيابُ بنيّاً كترابِ المشتلِ أو البستانِ الذي ترتاحُ إلى اخضرارِه أشجارُ الصبرِ... ترتاحُ إلى اخضرارِه العصافيرُ على أشجارِ الأملِ المزدهرةِ باللغةِ..
ليس الغيابُ غامضاً كبحرٍ أزرقَ على صورتِه، ولا هو سهلٌ ممتنعٌ كسماءٍ، هو ليس رماديّاً كفُقاعةٍ خجولةٍ، ولا أحمرَ مزدهِراً كالصرعى في ساحة حربٍ. هو لونٌ بين الألوانِ، بين لونِ الحياةِ ولونِ الموتِ.. بين لونِ ثرثرةِ لغةٍ تتدفَّقُ في فمِ طفلٍ تعلّمَ الكلامَ وخرسِ شيخٍ تعلّم الحكمةَ... بين لونِ الرحيلِ ولونِ الإياب...
هو الغيابُ لونُ جهةٍ أخرى، تقعُ بينَ الجهاتِ، وتقودُ خطوَك نحوَ الفراغِ. هو لونُ الملاحظةِ العابرةِ.
السكونُ المحبوسُ في قمقمِ الضجيجِ. هو الطَعمُ المشتَهى لشجرةِ الحياةِ التي ترتفعُ قامةً عند الأفقِ... وهو طعمٌ حامضٌ حلوٌ مُرٌّ مالح... وطعمُ هواءٍ خامِرٍ كرحيلِ نهرٍ خاسرٍ إلى المصبِّ... هو طعمُ الحسراتِ والمَراراتِ وطعمُ الشهوةِ المستحيلةِ. وهو الغيابُ... هو... هي رائحةٌ تأتي عبرَ البحارِ، وتسكنُ في قاع الروح... وبعدُ وبعدُ، هو كلٌّ من الكلِّ: لونٌ وطعمٌ ورائحةُ فلفلٍ أسودَ فوق اللحظةِ الآتيةِ... النبضُ المخزونُ في قلبِ الذاكرة. الأنا غيرُ المتوفرةِ في كلِّ المناسباتِ، بل عطلةُ الحياةِ عن الولادةِ والموتِ. ثمَّ إنّه، بعدَ كلِّ ما تقدَّمَ، حدَجني بنظرةٍ مُرَّةٍ كأنّه لا يريدُني أنْ أُصابَ بـ«فوبيا» الفلفلِ الأسودِ، وأنْ أعتبرَه علاجاً بالصوتِ والصورةِ، كما باللونِ أو الطعمِ أو الرائحةِ لكلِّ مشكلاتِ الحياةِ المعاصرةِ. ولمّا وجدني لا أنظرُ إليه، وأنّ نظراتِه لم تُصِبْ منّي مقتلاً، قال لي وكأنّه يسألُني: الفلفلُ الأسودُ لا يمكنه جمع أشلاءِ «الدنيا المكسورة» التي لا تجعلُ «جاد» بخلافِ «بلال» يفعلُ كذا أو لا يفعلُ، يغادرُ المكانَ والزمانَ أو لا يفعلُ.