أثارت الأسماء المشاركة في لجنة تحكيم جائزة راشد بن حمد الشرقي للرواية هذا العام تساؤلات عديدة من قبل الوسط الثقافي حول ما إذا كان بالإمكان لروائي أن يحكم جائزة رواية!، واستهجن الدكتور حسين المناصرة في حديثه لـ«عكاظ» جواز تحكيم الروائي لرواية وقال: «الروائيون لا يحكمون، التحكيم العلمي للجوائز الأدبية مسؤولية وأمانة علمية لا يقوم بها إلا نقاد يتصفون بالموضوعية والخبرة المعرفية التي تؤهلهم في مستوى معين مقبول في الثقافة والإبداع، وقد أثيرت قضايا عديدة عن الجوائز والمؤسسات المانحة واللجان المشرفة والمحكمة، لذلك كان لا بد من اتخاذ كافة الوسائل التي تضمن للجوائز هيبتها وموضوعيتها، ومن ثم إغلاق كل أبواب الفساد والإفساد في الثقافة والإبداع»، مضيفا «لا شك في أن نقاد الأجناس الأدبية هم وحدهم القادرون على تحكيم الأعمال الإبداعية، لأنهم يمتلكون معايير شعرية الإبداع التي لا تتوافر لكثير من المبدعين أو الأدباء، الناقد مختص في مجال أدبي معين، فهو طبيب الكتابة، القادر على معرفة أين تكمن مواقع الكتابة الجيدة من غيرها ولا أعتقد بوجاهة أن يتولى الروائيون تحكيم جوائز تمنح للروايات وكذلك لا يتولى الشعراء تحكيم الشعر في الجوائز المعتبرة، المبدعون لهم ثقافة إبداعية تخص فاعلية الكتابة فقط، أما النقاد فهم قد يدركون ما في النصوص من إيجابيات وسلبيات قد لا تخطر في أذهان المبدعين وقد يفاجأ كثير من المبدعين بما يتوصل إليه القراء والنقاد من تفسيرات ودلالات عميقة لم يدركها ولن يدركها المبدع أو الكاتب، عملية التحكيم ليست انطباعية أو تذوقية إنها محكومة بقيم جمالية في المبنى والمعنى وهذا يعني أن يلتزم المحكم بمستويات معينة ومحددة تجعل الجوائز تذهب إلى مستحقيها بنسبة عليا من الجدارة المعرفية. إن هذا الرأي المعني باستبعاد الروائيين عن تحكيم الروايات لا يعني الاسترشاد برأي روائي من بين خمسة نقاد، يكون منهم أربعة نقاد من المختصين في الرواية. ولا يعني هذا الرأي أيضا أن يكون النقاد المحكمون من بين الروائيين؛ فكثيرا ما نجد نقادا اختصوا في النقد الروائي، وكانوا في زمن ما روائيين. هنا تبدو المسألة مختلفة؛ لأن الناقد المختص في الرواية وفي الوقت نفسه يكتب الرواية وهو بكل تأكيد أفضل من الناقد الذي لم يكتب الرواية».
وفي المحصلة، أرى ضرورة أن تتروى الجوائز الأدبية في مسألة أن يحكم الأدباء أعمال زملائهم، لأنهم لا يملكون القدرات الكافية التي تجعل الحيادية أو الموضوعية قيمة مركزية في التحكيم المعتبر الذي يرفع من شأن الجائزة.
فيما ترى الدكتورة سعاد العنزي أن دخول روائيين في تحكيم جائزة أمر مقبول إذا كان العدد روائيا أو روائيين، مضيفة في حديثها لـ «عكاظ» أن يكون جميع المحكمين روائيين، هذه علامة تثير علامة استفهام كبيرة وعلامة تعجب أكبر! أنا مع تنويع اهتمامات أعضاء لجنة التحكيم، أما أن يكونوا كلهم من مجال إبداعي واحد، قد تكون سابقة مثيرة للانتباه! ولكن، لننظر للموضوع من زاوية أخرى، وهو أن الروائي الذي دخل في التحكيم لديه الكفاءة الملائمة للقيام بهذه المهمة، وهي أنه خبير بمكونات الرواية وعناصرها من خلال كتابته وتميزه في مجال الرواية، وأن هذا الروائي حتى يكتب ويطور في إبداعه يجب عليه الاطلاع على النصوص الروائية العالمية، وبشكل عميق، على دراية وفهم عميقين بالمشهد الإبداعي العربي، وهذه نقطة هامة جدا في قراءة وتحكيم الأعمال الإبداعية إذ يسهم في معرفة دقيقة بخريطة الرواية وتفاصيلها الدقيقة، ومن بينها أهم محطاتها المضيئة، ولحظاتها المبصرة، وتلك الدهاليز الأشد عمى، وأبصارا، مما يعني، دراية بكل خلفيات عملية التأليف، وشروط النتاج، والعوامل المنبثقة من داخل الفن الروائي ومن خارجه من مثل العوامل الثقافية وغيرها، وهي بكل تأكيد تسهم في تعليل وفهم الظواهر الإبداعية من داخل البيت الروائي، ولكن كل الامتيازات السابقة لا تعني بأي معنى من المعاني عدم الاعتماد على مؤسسة النقد الأدبي ونقادها، لما للنقد الأدبي من قدرة على الرؤية المضاعفة، من نقد وتحليل وتفسير وتأويل واستبصار نقدي بالظواهر الإبداعية، ومقارنة أشباهها ونظائرها بوعي نقدي مزود بالدراسة النقدية الرصينة والاطلاع الواسع على الاتجاهات والحركات النقدية التي تضع الأشياء بموضعها المناسب، وتعطي النص موضعه الحقيقي وقيمته الفعلية من دون مجاملة القريب من أسرة الروائيين، أو تحيز ابن الفن لفنه، بسلاح المفاهيم النقدية والموضوعية المطلوبة من النقاد، مع بقية الإجراءات النقدية التي تغني تجربة التحكيم. ولابد من الالتفات إلى أهمية تنوع وغنى تجربة الناقد/ة لتمكنهما من فهم الاتجاهات الإبداعية والمؤثرات الأجنبية والإبداعات العالمية التي تجعله موازيا ومواكبا إن لم يكن متجاوزا حركة الرواية العربية. كما يجب على الناقد/ة، ألا يتحيزا إلى مدرسته/ها ومنهجه/ها النقدي ويكون على قدر من المسؤولية في التعامل مع النصوص، ولا أن يحاكمها بسبب اختلافها عن اتجاهه ومدرسته، بمعنى ضرورة تسامحه وتقبله للاتجاهات النقدية المخالفة له. باختصار، لا غنى عن التجارب النقدية والروائية المتعددة، ليضيف كل منهما عن الآخر.
من جهة أخرى، يرى الناقد المصري ممدوح رزق أنه من الممكن أن تتكوّن لجنة تحكيم لجائزة رواية من روائيين فقط بشرط أن يكون لكل منهم رصيد معروف من الدراسات عن فن الرواية وإسهامات دائمة في تحليل الخطاب الروائي واكتشاف جمالياته على حسب وصفه، وأضاف «من المهم أن تتوافر مقاربة الأعمال الروائية حتى لو كانت في شكل مراجعات كتب، أو تدوينات قراءة. ويجب كذلك تميز هذا الرصيد باللعب التخييلي مع النصوص الروائية، أي بعدم النمطية، أو الخضوع إلى التأويلات التقليدية، والتفسيرات الجاهزة، كما ينبغي في هذه الإسهامات تخلصها من اليقينيات السهلة، التي تستند إلى معايير ذاتية صارمة تتخذ طبيعة المطلق حول جودة الكتابة ورداءتها، ذلك لأن التحرر من تلك الشروط الاستعلائية الساذجة سيتيح للكتابات الروائية المختلفة أن تحصل على الفضاءات اللازمة للتحاور والتجادل مع قرائها «أعضاء لجنة التحكيم» في مستوى يتجاوز ضرورة التقييم أو الوصول إلى نتائج، دون إقصاء استباقي، ووجود الناقد في لجنة تحكيم لجائزة رواية ليس حتميا في حد ذاته بل ما يجدر النظر إليه هو ما يمثله هذا الناقد.. ما تعكسه إرادة الهيئة المانحة للجائزة من خلال اختيار التاريخ النقدي الذي يتجسّد في ناقد معين؛ فمن الممكن أن يكون في لجنة التحكيم ناقد أو أكثر، أو أن تتشكل جميعها من نقاد، ولكن تحكمهم انحيازات منفصلة عن فن الرواية، وعن موضوع الكتابة بشكل عام، أو يقدمون من خلال أدوارهم في لجنة التحكيم صورا قاصرة عن الفن الروائي، لا تتخطى الحدود المألوفة التي يختزلون العالم داخلها».
وفي المحصلة، أرى ضرورة أن تتروى الجوائز الأدبية في مسألة أن يحكم الأدباء أعمال زملائهم، لأنهم لا يملكون القدرات الكافية التي تجعل الحيادية أو الموضوعية قيمة مركزية في التحكيم المعتبر الذي يرفع من شأن الجائزة.
فيما ترى الدكتورة سعاد العنزي أن دخول روائيين في تحكيم جائزة أمر مقبول إذا كان العدد روائيا أو روائيين، مضيفة في حديثها لـ «عكاظ» أن يكون جميع المحكمين روائيين، هذه علامة تثير علامة استفهام كبيرة وعلامة تعجب أكبر! أنا مع تنويع اهتمامات أعضاء لجنة التحكيم، أما أن يكونوا كلهم من مجال إبداعي واحد، قد تكون سابقة مثيرة للانتباه! ولكن، لننظر للموضوع من زاوية أخرى، وهو أن الروائي الذي دخل في التحكيم لديه الكفاءة الملائمة للقيام بهذه المهمة، وهي أنه خبير بمكونات الرواية وعناصرها من خلال كتابته وتميزه في مجال الرواية، وأن هذا الروائي حتى يكتب ويطور في إبداعه يجب عليه الاطلاع على النصوص الروائية العالمية، وبشكل عميق، على دراية وفهم عميقين بالمشهد الإبداعي العربي، وهذه نقطة هامة جدا في قراءة وتحكيم الأعمال الإبداعية إذ يسهم في معرفة دقيقة بخريطة الرواية وتفاصيلها الدقيقة، ومن بينها أهم محطاتها المضيئة، ولحظاتها المبصرة، وتلك الدهاليز الأشد عمى، وأبصارا، مما يعني، دراية بكل خلفيات عملية التأليف، وشروط النتاج، والعوامل المنبثقة من داخل الفن الروائي ومن خارجه من مثل العوامل الثقافية وغيرها، وهي بكل تأكيد تسهم في تعليل وفهم الظواهر الإبداعية من داخل البيت الروائي، ولكن كل الامتيازات السابقة لا تعني بأي معنى من المعاني عدم الاعتماد على مؤسسة النقد الأدبي ونقادها، لما للنقد الأدبي من قدرة على الرؤية المضاعفة، من نقد وتحليل وتفسير وتأويل واستبصار نقدي بالظواهر الإبداعية، ومقارنة أشباهها ونظائرها بوعي نقدي مزود بالدراسة النقدية الرصينة والاطلاع الواسع على الاتجاهات والحركات النقدية التي تضع الأشياء بموضعها المناسب، وتعطي النص موضعه الحقيقي وقيمته الفعلية من دون مجاملة القريب من أسرة الروائيين، أو تحيز ابن الفن لفنه، بسلاح المفاهيم النقدية والموضوعية المطلوبة من النقاد، مع بقية الإجراءات النقدية التي تغني تجربة التحكيم. ولابد من الالتفات إلى أهمية تنوع وغنى تجربة الناقد/ة لتمكنهما من فهم الاتجاهات الإبداعية والمؤثرات الأجنبية والإبداعات العالمية التي تجعله موازيا ومواكبا إن لم يكن متجاوزا حركة الرواية العربية. كما يجب على الناقد/ة، ألا يتحيزا إلى مدرسته/ها ومنهجه/ها النقدي ويكون على قدر من المسؤولية في التعامل مع النصوص، ولا أن يحاكمها بسبب اختلافها عن اتجاهه ومدرسته، بمعنى ضرورة تسامحه وتقبله للاتجاهات النقدية المخالفة له. باختصار، لا غنى عن التجارب النقدية والروائية المتعددة، ليضيف كل منهما عن الآخر.
من جهة أخرى، يرى الناقد المصري ممدوح رزق أنه من الممكن أن تتكوّن لجنة تحكيم لجائزة رواية من روائيين فقط بشرط أن يكون لكل منهم رصيد معروف من الدراسات عن فن الرواية وإسهامات دائمة في تحليل الخطاب الروائي واكتشاف جمالياته على حسب وصفه، وأضاف «من المهم أن تتوافر مقاربة الأعمال الروائية حتى لو كانت في شكل مراجعات كتب، أو تدوينات قراءة. ويجب كذلك تميز هذا الرصيد باللعب التخييلي مع النصوص الروائية، أي بعدم النمطية، أو الخضوع إلى التأويلات التقليدية، والتفسيرات الجاهزة، كما ينبغي في هذه الإسهامات تخلصها من اليقينيات السهلة، التي تستند إلى معايير ذاتية صارمة تتخذ طبيعة المطلق حول جودة الكتابة ورداءتها، ذلك لأن التحرر من تلك الشروط الاستعلائية الساذجة سيتيح للكتابات الروائية المختلفة أن تحصل على الفضاءات اللازمة للتحاور والتجادل مع قرائها «أعضاء لجنة التحكيم» في مستوى يتجاوز ضرورة التقييم أو الوصول إلى نتائج، دون إقصاء استباقي، ووجود الناقد في لجنة تحكيم لجائزة رواية ليس حتميا في حد ذاته بل ما يجدر النظر إليه هو ما يمثله هذا الناقد.. ما تعكسه إرادة الهيئة المانحة للجائزة من خلال اختيار التاريخ النقدي الذي يتجسّد في ناقد معين؛ فمن الممكن أن يكون في لجنة التحكيم ناقد أو أكثر، أو أن تتشكل جميعها من نقاد، ولكن تحكمهم انحيازات منفصلة عن فن الرواية، وعن موضوع الكتابة بشكل عام، أو يقدمون من خلال أدوارهم في لجنة التحكيم صورا قاصرة عن الفن الروائي، لا تتخطى الحدود المألوفة التي يختزلون العالم داخلها».