أكد القاص عبدالرحمن الدرعان أنّه كان سيعتذر لنادي أبها الأدبي عن تلبية هذه الدعوة، لو كانت الظروف في أبها عادية نظراً لالتزامات لا يستطيع الإفلات منها؛ ولكنه لم يستطع؛ لأن خجله لا يسعفه للاعتذار عن أبها، وأنّ الزملاء في النادي ظلوا يلاحقونه بعد أن توجسوا من اعتذارات بعض الزملاء، وقال في شأن آخر إن كل ما يصيب منطقة من مناطق الوطن يصيب قلوبنا جميعاً، وعندما يقع عود ثقاب على مطار أبها يحترق سعف النخيل في الجوف وفي الأحساء.
وكان الدرعان قد تحدث في الأمسية القصصية التي أدارها الدكتور حسن حجاب الحازمي، وتغيب عنها خليل الفزيع ومحمد منصور الشقحا وخالد اليوسف، وعن علاقته بالكتابة التي بدأت كما قال منذ أن بدأ تعلم الألف باء، أو كان محظوظا لأنه ولد لأب يمتلك مكتبة، وكان الكتاب واحداً من أفراد البيت، على حدّ وصفه!
وأضاف الدرعان أنّ من أكبر المحرضين له على القراءة رجلاً مسناً، يعمل في مصلحة قريبة من مكتبة الثقافة في الجوف، والتي كان الدرعان يتردد عليها، وكان ذلك الشيخ أميّاً لا يقرأ ولايكتب، ولكنه كان يزور المكتبة بشكل يومي ويطلب منه قراءة صفحات من بعض الكتب، وإذا أعجبه شيء، يطلب منه كتابته بخط يده، لكي يفاجئ به أصدقاءه في سهرته، فكان هذا الرجل الأمّي سببا في علاقته بالكتاب، وتحريضه على الكتابة والقراءة. وأكد الدرعان على أنه بدأ الكتابة بالشعر ولديه نصوص لم تنشر في مطبوعة، ثم انتقل للرواية مصادفة، وأنه فكر في كتابة نص لا يعلم ماهيته، وبعثه لصحيفة «عكاظ» ونشر في وقتها تحت عنوان: «قصة».
وتحدث الدرعان عن هزات الوطن العربي أثناء حرب الخليج، التي تركت آثارها في نفس شاب يرى الكتاب والمثقفين يتحولون لعصابات وانقسامات، بعد أن فوجئ ببعض من الأدباء العرب الذين كان يجلهم وقتها يتبادلون الشتائم، فقرر ترك الكتابة والقصة، وأحرق على ضوء هذه الخيبات مجموعته القصصية الأولى، وحاول أن تكون توبته عن الكتابة نَصوحاً ولكنه لم يفلح ! بعدها قرأ بعض نصوصه القصصية التي تفاعل معها الحاضرون. وكان الدكتور حسن حجاب الحازمي قد بدأ الأمسية بتقديم نبذة عن القصة في السعودية، التي وصف بداياتها بأنها كانت محاولات قليلة وضعيفة ومتناثرة، قبل ظهور جيل مخلص لهذا الفن، وأنّ أغلب المجتهدين في البدايات المبكرة نشروا نصوصا في الصحف، ولم ينشروا مجموعات قصصية. فيما كانت مرحلة الريادة الفنية في كتابة القصة في السعودية، قد بدأت من لحظة إدراك كتاب القصة بالخصائص الفنية والملامح الواقعية الملتزمة بأصول كتابة القصة، والتي سماها الدكتور معجب الزهراني بالتحديث وسماها الحازمي بالتحديث والازدهار، وبدأت مع الخبز والصمت لمحمد علي علوان.
وفي المداخلات تساءل القاص والكاتب يحيى العلكمي عن معيار الريادة الأدبية، ومن يحددها بعد حديث الحازمي عن المعيار التاريخي، وهل يكون المدخل الفني معياراً للريادة الفنية؟!
فيما وصف العلكمي الدرعان بأنه قاص من المدرسة الواقعية الوصفية، التي تموسق الحدث والنهايات المدهشة لو كتب الدرعان السيناريو فإنه سيكون مدهشاً.
أما الدكتور أحمد التيهاني فقد علل ضعف البدايات الأولى في كتابة القصة في السعودية، بأنّ أولئك الكتاب كانوا يقرأون لكتاب غير ناضجين كتيمور ونجيب محفوظ ومحمد عبدالحليم عبدالله ! وأضاف التيهاني أن كتّاب القصة في عسير ومما وقف عليه أثناء بحثه عن نشأة القصة، بأنّ الكتاب كانوا يتحرجون من القصة لأنها كانت عيباً في عسير، واستشهد بابن حميد الذي كان يكتب القصة وينشرها بـ (م.ع.ح)، فيمان كان ينشر مقالاته في البلاد باسمه الثلاثي الصريح، وعلل العيب بأنّ القصة كانت فناً جديداً والجديد مرفوض في المجتمعات التقليدية.