«من الهالات الأسطورية المحيطة بالشعراء لدى العقل الجمعي، هالة قدرة الشعراء على التنبؤ، ونجد في ذاكرة العرب الجمعية - على المستويين الشعبي والنخبوي - الكثير من الأبيات التي يستشهد بها لإثبات قدرة الشعراء الخارقة على التنبؤ بالمستقبل».
هذا ما استهل به الشاعر والكاتب الكويتي صلاح العرجاني كتابه الجديد «تنبؤات الشعراء»، الصادر عن دار «روايات» المتخصصة في نشر الأعمال الأدبية العربية والمترجمة، التابعة لمجموعة «كلمات» التي تتخذ من إمارة الشارقة مقراً لها.
ووقع العرجاني كتابه الذي جاء في 157 صفحة من القطع المتوسط، خلال فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب بدورته الـ38، مقدماً للمكتبة العربية دراسة استغرق في إتمامها 3 سنوات، تتبع فيها قصائد كُتبت منذ العصر النبوي وحتى العصر الحديث، وحملت تنبؤات لأحداث تحققت فعلياً على أرض الواقع.
وتوزع كتاب العرجاني على 3 فصول، تناول الفصل الأول حقيقة هذه الظاهرة وأساليب الدارسين والباحثين لها وجوانب الحقيقة والخرافة فيها، وفي الفصل الثاني استعرض المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي للتنبؤ، وشرح كيفية استقصاء هذه الظاهرة في المراجع المتقدمة والمتأخرة، وآلية استخلاص النبوءات التي احتواها الكتاب والشروط المحددة لها، كما اشتمل الكتاب في الفصل الثالث على دراسة تفصيلية بعنوان «مثلث النبوءة»، تناولت الشاعر باعتباره المتنبئ الذي توقع الحدث، والحدث باعتباره النبوءة التي تحققت، والقصيدة باعتبارها السياق الذي وردت فيه النبوءة.
وطرح الشاعر في كتابه 3 أساليب للتعامل مع ظاهرة التنبؤ في الشعر التي يتعامل بها العقل الجمعي، ويتضمن الأول أسلوباً يبالغ في ليّ أعناق الأبيات لجعلها تتوافق مع أحداث مستقبلية، بالرغم من عدم وجود حد أدنى من التصريح في الأبيات يمكن أن يدل على المقصود، أما الأسلوب الثاني فيستخدم قصائد مكتوبة في فترة لاحقة للأحداث، ويمكن لأي شخص يقوم ببحث أولي بسيط اكتشاف عدم وجود أصل للقصيدة وأحياناً للشاعر، ويتعامل الأسلوب الثالث مع قصائد حقيقية تنبأت بأحداث مستقبلية وقعت بالفعل بعد كتابتها، وهذا الأسلوب هو جوهر الكتاب وموضوع العرض والمناقشة.
ومن النبوءات التي يتضمنها الكتاب، نبوءة حسان بن ثابت في وصف فتح مكة، ونبوءة الشماخ بفتنة المسلمين الكبرى، ونبوءة نصر بن سيار بسقوط الدولة الأموية، ونبوءة الحرب الأهلية بين أبناء الرشيد، ونبوءة إبراهيم اليازجي عن الثورة العربية الكبرى، إضافة إلى نبوءة ضياع فلسطين، ونبوءة فهد العسكر بنهضة الكويت في عهد الشيخ عبدالله السالم، إضافة إلى نبوءات أخرى.
يشار إلى أن صلاح العرجاني هو شاعر وكاتب كويتي حاصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، ويعتبر أحد المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، وصدر له «ديوان المقامات» (شعر شعبي).