أكد الكاتب محمد علي المحمود لــ «عكاظ» أنّ المتابعة التي حظيت بها مقالته عن «داعشية المتنبي» في صحيفة «عكاظ» أسعدته، لأنها جعلت كثيرين يفكرون في هذا الموضوع، سواء اتفقوا أو اختلفوا معه. وأضاف أنّه لم يلغ المتنبي كشاعرعظيم، بل ولا حتى ينتقص من تجربته الشعرية الباذخة عظمة في فضاء الإبداع، ومن الطبيعي جداً أن يكون هناك من يتفق ويختلف مع المقال، و«النقد العلمي» محل تقدير واحترام، ولكنه لا يلتفت للأصوات التي لها مواقف مُسْبقة من شخصه؛ لأسباب لا علاقة لها بنقده للمتنبي، بل ولا علاقة لها بالهمّ الأدبي الذي تدعيه أو تمتطيه، وإنما موقفها الغاضب سببه الوحيد اصطفافي تياراتي، وأنهم غاضبون من مجمل مسيرته الفكرية الناقدة -بلا هوادة- لما يرونه مقدسهم التراثي/ الأيديولوجي في راهنه وماضيه، والذي تصدى له منذ 18 عاماً ولا يزال -كما قال-.
وأكد المحمود أنّ تعليق أحد أكبر النقاد في عالمنا العربي الدكتور صالح زياد جاء تأكيداً لما جاء في المقال، وكان هذا يكفي وزيادة، ولا حاجة بعد ذلك لتكرار ما قلته في «التغريدات» التي رافقت نشر المقال. ولهذا لم أعلّق، إذ ليس في اتهامات المؤدلجين الغاضبين إلا عموميات سطحية تستطيع أن تصف بها أي مقال/ أي كتاب، مضيفاً أنه اطلع اليوم على نقد الدكتور خالد الرفاعي المنشور في «عكاظ»، وهو مما يستحق التوقف عنده، واصفاً إياه بالنقد محلّ التقدير وإن اختلف معه؛ لأنه يصدر عن موقف نقدي/ علمي غير متحيّز، أي موقف مرتبط برؤيته النقدية للمقال، وليس بدافع الخلافات الأيديولوجية التي تجعل بعضهم يضع المتنبي قنطرة، مؤكداً أنه لن يقف عند جميع النقاط التي ذكرها الدكتور خالد، ولكنه سيكتفي بإيضاح رأيه فيما يراه مشكلا أو مستشكلا، وهي مسألة «الانتقاء» التي أشار إليها الرفاعي في مقاله عن «العنف في الثقافة العربية» السابق لمقالي عن «داعشية المتنبي»، وأنه قام على الانتقاء، ثم جرى تعميم هذا الانتقاء في حالة المتنبي، بتعميم القليل من شعره على الكثير، وبالتالي تأطير ثراء التجربة الشعرية لشاعرنا العظيم.
وأضاف المحمود أنه عندما تحدث عن العنف في الثقافة العربية لم يكن يقصد وصفها كلها (من أولها إلى آخرها) بأنها ثقافة عنف، وأنها لا تعبّر إلا عن عنف. نعم، العنف داء في الثقافة العربية وكما أن الإشارة إلى علل/ أمراض الجسد، لا تعني أن الجسد كله بات عليلا، فكذلك داء العنف في الثقافة. عندما توجد علة طافحة بالألم أو ذات آثار متعدية، فقد تكون معيقة أو مربكة للجسد كله؛ مع سلامة بقية أعضائه. ولا بد، والحال كذلك، من التنبيه عليها، وعلاجها، وإلاّ زاد الألم واستفحل الداء.
وأكد أنّ «الدعشنة» عند المتنبي ذات منحى خاص، إذ ليس وصف المعارك والقتل والقتال، ولا الاعتداد الفخري بالذات/ النرجسية/ تضخم الأنا، هو رأس حربتها (وإن دلّ عليها كقرائن بالإجمال)، بل رأس حربتها هو هذا العشق الكبير «الاستثنائي نوعاً» للعنف، وأنه لم يستشهد بكل أبياته العُنْفية مثل: «المجد للسيف ليس المجد للقلم» أو «أعلى الممالك ما يُبنى على الأَسَل»، أو «ومن جثث القتلى عليها تمائم» «إذا دعا العلج علجا حال بينهما...»، أو «للسبي ما نكحوا والقتل ما ولدوا»، كما أنه لم يستشهد في مجال الفخر بمثل: «سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا بأنني خير من تسعى به قدم» أو «الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح...» أو «أي محل أرتقي أي عظيم أتقي، وكل...» أو «ولو برز الزمانُ إلي شخصا لخضّب شعر مفرقه حسامي»، أو «أنا ابن الفيافي أنا ابن القوافي...» ولكنه استشهد فقط بما وجده يتلذذ فيه بالعنف على سبيل العشق، وهذه الأبيات العنفية التي تقدس العنف، بل وتتلذذ به، تشكل ظاهرة في شعره، والاعتذار عنها بسياقها الظرفي/ التاريخي لا يستقيم؛ لأنه -من بين شعراء عصره- ظهر عنده «تعشّق العنف» على هذا النحو كمّاً وكيفاً.
ولم ينف المحمود أنّ عند أبي تمام والبحتري والشريف الرضي وابن هانئ الأندلسي...إلخ تفنناً في وصف الحروب وتبجيلاً لها (كما عند المتنبي في سائر شعره، وسيفياته على نحو خاص)، ولكن ليس على ذات المنحى الذي ذكره عند المتنبي الذي أقام العنف/ القتل مقام معشوقته التي يسهر الليالي شوقاً لها.
ونفى المحمود أن يكون ما ذكره عن المتنبي في مقال «داعشية المتنبي» مؤطراً لتجربة المتنبي الشعرية كما أشار إلى ذلك الدكتور خالد الرفاعي، ولا يظنّ أنه يفهم من المقال بأي حال، لأنه لم يزعم أنّ شعر المتنبي كلّه دعشنة، (وإن كان معبراً عنها) لا في هذا المقال ولا في غيره، ولم يزعم أن فكرة المقال تختصر تجربة المتنبي لأنها تجربة أعظم وأشد تنوعاً من اختصارها في موضوع واحد أو ملمح واحد أو بُعد واحد، ولم يخف المحمود وجود «الداعشية» بوضوح في شعر المتنبي، وهي تهمة ثابتة عليه لأنه الأكثر حظاً منها من بين شعراء العربية الكبار!
وختم المحمود تعقيبه بأنّ تهمة «الانتقاء» تصح لو أنّ في شعر المتنبي ما يفوقها كمّاً وكيفاً في الدعوة إلى السلام ونبذ العنف وحرمة الدماء، إذ لا يوجد مثل هذا، ولا ما هو قريب منه، بل إن بقية شعره -مما هو في مواضيع/ معانٍ أخرى- إن لم تُرحّب بالعنف أو تتساوق معه؛ فهي تقف منه على الحياد، أي لا تشكل نقيضاً للمنحى العنفي، بل تتجاور معه -كتعدّدٍ وتنوّعٍ- في أحسن الأحوال!.
وأكد المحمود أنّ تعليق أحد أكبر النقاد في عالمنا العربي الدكتور صالح زياد جاء تأكيداً لما جاء في المقال، وكان هذا يكفي وزيادة، ولا حاجة بعد ذلك لتكرار ما قلته في «التغريدات» التي رافقت نشر المقال. ولهذا لم أعلّق، إذ ليس في اتهامات المؤدلجين الغاضبين إلا عموميات سطحية تستطيع أن تصف بها أي مقال/ أي كتاب، مضيفاً أنه اطلع اليوم على نقد الدكتور خالد الرفاعي المنشور في «عكاظ»، وهو مما يستحق التوقف عنده، واصفاً إياه بالنقد محلّ التقدير وإن اختلف معه؛ لأنه يصدر عن موقف نقدي/ علمي غير متحيّز، أي موقف مرتبط برؤيته النقدية للمقال، وليس بدافع الخلافات الأيديولوجية التي تجعل بعضهم يضع المتنبي قنطرة، مؤكداً أنه لن يقف عند جميع النقاط التي ذكرها الدكتور خالد، ولكنه سيكتفي بإيضاح رأيه فيما يراه مشكلا أو مستشكلا، وهي مسألة «الانتقاء» التي أشار إليها الرفاعي في مقاله عن «العنف في الثقافة العربية» السابق لمقالي عن «داعشية المتنبي»، وأنه قام على الانتقاء، ثم جرى تعميم هذا الانتقاء في حالة المتنبي، بتعميم القليل من شعره على الكثير، وبالتالي تأطير ثراء التجربة الشعرية لشاعرنا العظيم.
وأضاف المحمود أنه عندما تحدث عن العنف في الثقافة العربية لم يكن يقصد وصفها كلها (من أولها إلى آخرها) بأنها ثقافة عنف، وأنها لا تعبّر إلا عن عنف. نعم، العنف داء في الثقافة العربية وكما أن الإشارة إلى علل/ أمراض الجسد، لا تعني أن الجسد كله بات عليلا، فكذلك داء العنف في الثقافة. عندما توجد علة طافحة بالألم أو ذات آثار متعدية، فقد تكون معيقة أو مربكة للجسد كله؛ مع سلامة بقية أعضائه. ولا بد، والحال كذلك، من التنبيه عليها، وعلاجها، وإلاّ زاد الألم واستفحل الداء.
وأكد أنّ «الدعشنة» عند المتنبي ذات منحى خاص، إذ ليس وصف المعارك والقتل والقتال، ولا الاعتداد الفخري بالذات/ النرجسية/ تضخم الأنا، هو رأس حربتها (وإن دلّ عليها كقرائن بالإجمال)، بل رأس حربتها هو هذا العشق الكبير «الاستثنائي نوعاً» للعنف، وأنه لم يستشهد بكل أبياته العُنْفية مثل: «المجد للسيف ليس المجد للقلم» أو «أعلى الممالك ما يُبنى على الأَسَل»، أو «ومن جثث القتلى عليها تمائم» «إذا دعا العلج علجا حال بينهما...»، أو «للسبي ما نكحوا والقتل ما ولدوا»، كما أنه لم يستشهد في مجال الفخر بمثل: «سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا بأنني خير من تسعى به قدم» أو «الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح...» أو «أي محل أرتقي أي عظيم أتقي، وكل...» أو «ولو برز الزمانُ إلي شخصا لخضّب شعر مفرقه حسامي»، أو «أنا ابن الفيافي أنا ابن القوافي...» ولكنه استشهد فقط بما وجده يتلذذ فيه بالعنف على سبيل العشق، وهذه الأبيات العنفية التي تقدس العنف، بل وتتلذذ به، تشكل ظاهرة في شعره، والاعتذار عنها بسياقها الظرفي/ التاريخي لا يستقيم؛ لأنه -من بين شعراء عصره- ظهر عنده «تعشّق العنف» على هذا النحو كمّاً وكيفاً.
ولم ينف المحمود أنّ عند أبي تمام والبحتري والشريف الرضي وابن هانئ الأندلسي...إلخ تفنناً في وصف الحروب وتبجيلاً لها (كما عند المتنبي في سائر شعره، وسيفياته على نحو خاص)، ولكن ليس على ذات المنحى الذي ذكره عند المتنبي الذي أقام العنف/ القتل مقام معشوقته التي يسهر الليالي شوقاً لها.
ونفى المحمود أن يكون ما ذكره عن المتنبي في مقال «داعشية المتنبي» مؤطراً لتجربة المتنبي الشعرية كما أشار إلى ذلك الدكتور خالد الرفاعي، ولا يظنّ أنه يفهم من المقال بأي حال، لأنه لم يزعم أنّ شعر المتنبي كلّه دعشنة، (وإن كان معبراً عنها) لا في هذا المقال ولا في غيره، ولم يزعم أن فكرة المقال تختصر تجربة المتنبي لأنها تجربة أعظم وأشد تنوعاً من اختصارها في موضوع واحد أو ملمح واحد أو بُعد واحد، ولم يخف المحمود وجود «الداعشية» بوضوح في شعر المتنبي، وهي تهمة ثابتة عليه لأنه الأكثر حظاً منها من بين شعراء العربية الكبار!
وختم المحمود تعقيبه بأنّ تهمة «الانتقاء» تصح لو أنّ في شعر المتنبي ما يفوقها كمّاً وكيفاً في الدعوة إلى السلام ونبذ العنف وحرمة الدماء، إذ لا يوجد مثل هذا، ولا ما هو قريب منه، بل إن بقية شعره -مما هو في مواضيع/ معانٍ أخرى- إن لم تُرحّب بالعنف أو تتساوق معه؛ فهي تقف منه على الحياد، أي لا تشكل نقيضاً للمنحى العنفي، بل تتجاور معه -كتعدّدٍ وتنوّعٍ- في أحسن الأحوال!.