قينان الغامدي.
قينان الغامدي.
-A +A
علي الرباعي (الباحة)Al_ARobai@

مشتاق لمشاهدة المملكة في 2030

عايشت العزوبية سنوات لكنني لا أجيد الطبخ

لا تضع وقتك بتسويق فكرة المؤامرة

بدأت بكتابة مذكراتي وسترى النور قريباً

يطربني عزف رعاة الأغنام لـ«الناي»

صوت طلال مداح لم يذبل بعد رحيله

في اتصال بالكاتب والإعلامي المعروف قينان الغامدي لتهنئته برمضان، لم تغب حيويته وروحه المعطاءة وكلماته المفعمة بالحب والبساطة، عن تلك المكالمة، كما أن طبيعته المرحة وسرعة بديهته منحتني حافزاً قبل إنهاء المكالمة أن أقول له: طلبتك، فقال: في ايش. قلت: «يا بوعبدالله ترى ردك ما هو مطابق للبدع». فقال:«وش تبغاني أقول ؟»، قلت:«قل تم». فقال: تم. ولما أبلغته بالرغبة في الحوار معه، حاول الاعتذار، ولم أجد بداً من الإلحاح عليه فلم يخذلني. وإليكم نص الحوار:

• ماذا في الذاكرة عن رمضان؟

•• صور طفولة وجيران وعائلات ومسامرات وصبية يغنون وصبايا يلعبن بالدفوف. بساطة مسرح حياة عامر بالحيوية ومعبر بعفوية عن مجتمع الإنتاج، ولا أنسى تاريخ زواجي الذي كان قبل رمضان بأربعة أيام، وحفلة الزواج استمرت لمدة ثلاث ليال. غادر المعازيم، ودخل رمضان.

• عادة رمضانية تتمسك بها؟

•• بالطبع وبحكم أنه لا يوجد لدي عمل، فطيلة العام أرتب في مكتبتي وكلما توفر كتاب ضخم صفحاته أكثر من 500 صفحة أركنه جانباً وأخصص لقراءة الكتب الضخمة شهر رمضان، أقرأ عمل الروائي الإسباني ميخائيل دي سرفانتس «دون كيشوت» الشخصية التي تجسد -اندفاعاتها العاطفية وتخيلاتها وتوهماتها غير العقلانية وهوسها بأدب الفروسية وأخلاقه البائدة- القطيعة المعرفية مع التصورات الغيبية القديمة للعالم التي أنجزها التنوير الأوروبي، وبصدد قراءة مذكرات عبدالوهاب المسيري، وأنا أقرأ وأدون ملاحظات.

• لو صادفت ليلة القدر بماذا تدعو الله؟

•• بالطبع هي أمنية طوباوية، ولو صادفتها لطلبت أن يحل السلام في العالم ويصرف البشرية لعمارة الأرض، فأنا ضد الحروب والعنصرية والتنمر والعنف.• إلى ماذا تشتاق؟

•• مشتاق جداً للمستقبل خصوصاً منذ قرأتُ رؤية المملكة، وأنا كلي شوق وتحفز لمشاهدة المملكة بعد عشرة أعوام. المملكة تقفز قفزات مبشرة وواعدة.

• بماذا تهب عليك رياح الحنين؟

•• لست من هواة ولا محترفي نبش الماضي. ما عندي النوستالجيا التي تسكن البعض. أنا كائن استشرافي، والتاريخ لن يعيد نفسه. في حياة كل إنسان مواقف وذكريات يحن إليها بحكم أنه عاشها فكانت جزءاً منه وأنا رجل أحلام وخيالات وأشكال مستقبلية أرسمها في ذهني وأحن إليها. • كم مساحة الندم داخلك؟

•• قليلة جداً وقد تستغرب أني شخصياً لا أندم ولا أبكي على اللبن المسكوب. كل ندم وحنين استهلاك للحاضر وتعتيم على المستقبل، ولن أتوقف عند أخطائي ولا أخطاء الآخرين كون ذلك مدمراً نفسياً وعقلياً، لا داعي لمنح الماضي فرصة ليسرق حاضرنا. أعيش الحاضر وأتفاعل وأتحاور معه، دع الندم والتحسر لن يفيدا بشيء سوى التكبيل وتعطيل طموحاتك وتطلعاتك.

• ما أخبار الصحبة القديمة؟

•• شأنهم شأن الحياة بها فاتح وبها قاتم. وفيها مستمر وفيها ساقط بالتقادم، وبعضها عامر وبعضها يتدمر، وبعضها يذبل وآخر في نمو دائم ولا أعتب على صحبة توقف عطاؤها كوني متسامحاً، وأنا بصدق مستوعب طبيعة البشر وأقدّرها.

• ما أبشع الصفات من وجهة نظرك؟

•• الكذب، وهو أبو الشرور. وحديث النبي عليه السلام يؤكد أن المؤمن يرتكب مخالفات لكنه لا يكذب. لم أتعامل مع أسرتي وزملائي بأسلوب اضطرهم فيه للكذب، فالكذب منقصة. وبحكم قضاء فترة في الغرب تملكتني الدهشة أن المجتمعات غير المسلمة تتبنى الصدق في تعاملها، أي صفة قبيحة ممكن تغفر، من يكذب قد يفعل ما لا تتخيل من الرذائل، والبعض نعرف الكذب من عيونه، وأظل دوماً ضد الاختلاق، كن صادقاً حتى وإن أخطأت.

• كيف تشوف حال الصحافة؟

•• بنت زمنها، ونأمل أن تكون وفق تطلعاتنا لكنها جزء من مشهد وعضو من جسد وعندما تطرأ ملامح ضعف على الجسد كاملاً، فمن غير الموضوعي أن تأخذ عضواً واحداً لتقييمه أو محاكمته. أتمنى أن يكون إعلامنا بقامة مملكتنا ولا يتخلف عن تقدمية الوطن.

• أي عصر تمنيت أن تعيش فيه؟

•• 2030 أنا كائن مستقبلي، وأشعر بالارتياح لما أنجز، وأحلم بالمزيد من التحولات الإيجابية. وبحكم أني من عشاق الحياة أركب القطار لمحطات قادمة والقطار لا يعود للوراء ولا يلتفت للمحطات التي تركها خلفه.

• ما الفرق بين عزلة اختيارية وعزلة اضطرارية؟

•• العزلة الاختيارية غالباً ما تكون مريحة لصاحبها. أما الاضطرار فيوحي بما هو غير اختياري، وأراها تتفاوت في مساحة الحرية. الاختيارية مقنعة إلى حد ما. الاضطرارية تحد كثيراً من الحرية وتقمعها بتوفر مبررات.

• ما دورك في المنزل؟

•• مستهلك، ومخدوم. تجدني بين الكتب والأرشفة، ومع أني عشت سنوات عزابياً لكنني لا أجيد الطبخ.• كم جائحة قبل كورونا أدركتها وأدركتك؟

•• على المستوى العام لم أدرك جوائح تاريخية منها الطاعون والجدري. سمعت بها فقط من رواة، وكان القابر ما يروّح من المقبرة كما يقولون. على مستوى شخص زيي زي الناس الحياة فيها صعود وهبوط ويسر وعسر. وعلى المستوى الشخصي تمر بي حالات ضيق معنوي أو مادي شأن الآخرين. • كيف قوة مناعتك؟

•• أعتقد مناعتي معنوياً ممتازة. الشعور بالمناعة الحسية خادع. أحياناً نمارس سلوكاً خاطئاً مماثلاً لما يمارسه مصاب بالسرطان ونشعر أننا بمأمن أو معزل عن إصابة ما وهي مشاعر خادعة.• هل سبق وزرت الصين؟

•• نعم.. زرت الصين، قبل سنوات، وتحديداً غوانزو ووهان تعد بوابة الاستثمار الأجنبي مثل نيويورك في أمريكا ولذا لزموا الصمت على مدى أشهر خشية انهيار الاقتصاد. غوانزو تشعرك بأنك في حديقة كبيرة.

• ماذا غيرت الجائحة فيك؟

•• لا أخرج من البيت إلا وأنا مدجج بالكمامات والقفازات المدبلة.

• كيفك مع وجبات رمضان ؟

•• أنا من أنصار السلطة بحكم النظام الغذائي «كيتو لايف». وعلى كل حال رمضان كريم.

• ما موقفك من آكل الخفاش؟

•• أرثي لحاله، لو كان يدري عن العواقب ما سواها.

• ما أبرز التجليات الكورونية؟

•• ضعف الإنسان، وقلة حيلته. الإنسان الذي وصل القمر وزرع القلب وأنجز مشاريع عملاقة كما يقول الدكتور مصطفى محمود يقف عاجزاً أمام فايروس غير مرئي. هذه الحكمة الإلهية ملفتة للنظر.• ماذا تقول لمن يعزون الأحداث لمؤامرة؟

•• لا تضع وقتك بتسويق فكرة المؤامرة، العبرة بالشغل والإنجاز كل من يتحدث لتفسير ما حدث نقول له عليك بالعمل في مصنعك ومختبرك، النتيجة في المحصلة أنت أمام حالة خطرة فيها هلاك البشرية. • لو تكتب قصة عن هذه الأزمة ما سيكون عنوانها؟

•• العجز البشري.

• ماذا تعني لك ساعة اجتماع أحفادك حولك؟

•• الامتداد، والتجذر والمستقبل سيحملون اسمي وشيئاً من روحي لزمن طويل وهم لم يختاروا أن أكون جدهم. وبالطبع متفائل بمستقبلهم والذي سأكون ممتداً فيه بصورة ما.

• ما أبرز ما يحتاجه الإنسان اليوم؟

•• الطمأنينة، وهذه لا تباع ولا تشترى لكن يمكننا توفيرها وصناعتها بقوة الإرادة وحسن الإدارة، ولا أغنى للإنسان من السلام النفسي. وأنا أتأمل وكثير النظر للحياة بموضوعية ولا أكذب على نفسي.

• ماذا عن الكتابة؟

•• عندي مخطط أولي لمذكراتي، وبدأت كتابة حكايات من القرية، وأرجو أن ترى النور قريباً.

• ما هي نغمتك الموسيقية؟

•• الموسيقى الكلاسيكية العربية. أسمع من حين لآخر معزوفة أطلس على العود وأحب الموسيقى التونسية، والصفريقه (الناي) التي يزمّر بها رعاة الأغنام في جبال السراة.

• لو كان طلال مداح حياً كيف تكون شعبيته؟

• شعبيته اليوم بعشرات الآلاف وهو راحل، وهذا تأكيد على أن الكلمة الصادقة لا تموت والإحساس المنتمي لا يذبل، وفي البدء كانت الكلمة، وكذلك في الختام. كم من رموز رحلوا وكلماتهم تتجدد بيننا ونتداولها كأنهم نطقوها في اللحظة الراهنة، لا شيء يعدل الصدق لتحقيق الخلود.

• لو أتيح لك خيار التحول لطائر ماذا تختار؟

•• أن أكون حمامة سلام، أنقل رسائل الحب بين الشعوب. والعشاق والفضاء نقي جداً هذه الأيام.• لمن تقول سامحني؟

•• لكل من يشعر أني أخطأت في حقه، بنظرة أو كلمة أو سلوك. وليصارحني إن أمكن قبل أن يسامحني، وأنا مسامح الجميع دون استثناء.