جُرأةٌ ومهنيةٌ يخالطهما شيءٌ من الجنون، تلك هي الخلطة السريّة التي جعلت منه شخصاً لا يشابهه أحد، وكانت كفيلة بنقش اسمه في بلاط «صاحبة الجلالة» بحروفٍ من ذهب. ينزوي عن الأنظار متعمّداً؛ ليطل بإنجازٍ جديدٍ يُضاف إلى مسيرته الحافلة بالنجاح.طفولتي تستحق أن أرويها في حديقة ورد
أنا صحافي حتى الممات وهوايتي «النقش على الحجر»
أغبط القوي وأرفض 4 أشياء
طالبوني بحذف تغريدة الصحف الورقية ولم أفعل
تأهيل الإعلاميين يتطلب إنشاء أكاديميات للإعلام التطبيقي
أنصح الشباب بعدم «الطيران في العجّة»
من يبخس حقوق الصحافي الكفؤ لا يفهم
لا قيمة للشهرة الآتية من جوف الطبلة
من يستبعد المرأة عن «رئاسة التحرير» لديه خلل
تقلّب في مناصب عديدة في الإعلام الورقي والإلكتروني والمرئي، إذ كان أول رئيس تحرير لصحيفة الاقتصادية، وبعدها تولّى رئاسة تحرير صحيفة إيلاف الإلكترونية، ليواصل نجاحاته في قناة الإخبارية مديراً عاماً، ثم رئيساً لتحرير صحيفة «عكاظ» من 2008 إلى 2011، وهي المرحلة التي وصفها في هذا الحوار قائلاً: «ما أجملها من مرحلة»، استمر في رحلة تميّزه عبر صحيفة الرؤية الإماراتية رئيسَ تحريرٍ، ليستقر به الحال قبل عامين مديراً عاماً لمجموعة قنوات MBC في السعودية. واجهناه بعددٍ من المحاور، فكان محمد التونسي كما عرفناه جريئاً، صريحاً، لا يخشى في سبيل المهنية «لومة لائم». هاجم مشاهير «السوشيال ميديا» ووصفهم بـ«الفقاعات»، وقال في حواره مع «عكاظ»: إن الصحافة تحتاج إلى هيكلة تواكب «الرقمنة» و«الرؤية». التونسي برّأ كليات الإعلام من مسؤولية تأهيل الإعلاميين، وطالب بإنشاء أكاديميات للإعلام التطبيقي، واختصر نصيحته للإعلاميين الشباب قائلاً: أوصيهم بعدم «الطيران في العجّة». فإلى نص الحوار:
• لماذا التونسي قليل الظهور في المقابلات؟
•• جانبٌ من مهمتي إعلامياً أن أُظهِرُ الآخرين وليس نفسي.. ثم إن العمل في الوسائل كفيل بإظهار صاحبه بحسب ما يقدمه ـ النوع هنا قبل الكم.
• ما الفوبيا التي يعاني منها التونسي؟
•• لا رِهَابَ عندي.
• إلى ماذا تحنْ، وكيف تصف طفولتك؟
•• أحن إلى تدليل أبي لأمي.. الأول رحمه الله والثانية أمد الله في عمرها. طفولتي تستحق أن أرويها في حديقة ورد.
• ما هواياتك التي لا يعرفها الناس عنك كشخصية عامة؟
•• النقش على الصخر.
• حصلت على البكالوريوس والماجستير، ما الذي وقف بينك وبين الدكتوراة؟
•• في ختام مناقشتي رسالة الماجستير في جامعة أوهايو ـ الولايات المتحدة خاطبني رئيس اللجنة د. كالبيرسون كتابياً: «جهدك في هذا البحث يعادل جهد دكتوراة.. نقترح أن تعود إلى وطنك وتساهم في خدمة إعلامه»
• ما مسمى مهنتك في سجلّك المدني؟
••صحافي، وأزيد: حتى الممات.
• في حياتك العملية توقفتَ حتى الآن في 11 محطة، ما أصعب موقف لك مع رؤسائك في العمل؟
•• «قلت يا صعب سهلا» أمام نبل أغلبيتهم معي. أعتبر نفسي محظوظاً بمن وجدتهم رؤسائي في محطاتي العملية كافة.
• من تغبط من رؤسائك؟
•• القوي.. القوي، والقوي.
• ما الذي تخشاه منذ بداياتك كقيادي في الإعلام؟
•• أربعة أرفضها بشدة:
ـ أن يقترب الإحباط مني.
ـ أن أتبرَم أو أشكو.
ـ أن يحاول أحد جرّي إلى الصراعات.
ـ أن أذمّ الجهة التي أعمل أو عملت بها.
• لديك تجارب في الصحافة الورقية والإلكترونية وكذلك التلفزيون، أيها الأقرب لك؟ وما السبب!
•• أحبها ثلاثتها، لقد علّمتني في الإعلام.
• ما الفرق بين الإعلام السعودي والإماراتي؟ وما الأكثر انفتاحاً؟
•• عملت في إعلام الإمارات لأكثر من ست سنوات رئيساً مؤسساً لتحرير صحيفة الرؤية، ثم عدت إلى الإعلام السعودي.. وفي كلتا المرحلتين اكتسبت خبرةً وكُرّمت.. هنا وهناك، أَحترمُ الرغبة القوية في التحديث والارتقاء بالإعلام وأطره وقوانينه.
• كيف تتطور الصحف السعودية، وفيها من يدير وينتسب إليها دون أن يقابل متطلباتها؟
•• الصحافة لا تقبل بمن يمتهنها وهو لا يعرف كيف يمارس ويدير وغير قادر على قياس رجع الصدى.. قلت رأيي وأزيد عليه هنا.. نحتاج إعادة هيكلة ومع الهيكلة رؤية واضحة وإستراتيجية عملية تواكب التطور الرقمي و«زمن الرؤية» الذي نعيشه.
• قلت في حسابك على تويتر «أهل الصحف الورقية فكوا عن رؤوسكم العصابة وفكروا بمنحى مختلف، الزمن تغير والقُراء كذلك» هل هذا رأيك اليوم؟
•• نعم، مازال هذا رأيي منذ العام 2011 الذي كنت فيه رئيسا لتحرير صحيفة عكاظ ـ وما أجملها من مرحلة ـ وهو العام الذي حققت فيه المؤسسة 127 مليوناً أرباحاً صافية.. حينها، كثيرون استنكروا رأيي، بل هناك من طالبني بحذف التغريدة، ولم أفعل.
• لماذا المكافآت المقدمة للصحفي السعودي غير مُجزية؟
•• إذا كنتِ تقصدين الصحافي الكفؤ، فالذين يقدّرون قيمة المكافأة الضعيفة لا يحسنون التقدير وربما لا يفهمون.
• رأست 4 صحف في مسيرتك، كيف تلخّص تجربتك؟
•• كل منها مثيرة.
• لماذا رئاسة التحرير محكورة غالباً على الرجال؟
•• في زمننا الجميل هذا، لا يجرؤ أحد أن يستبعد المرأة الكفؤ من أن تتبوأ رئاسة تحرير لسبب غير وجيه ويفتقد المنطقية ولمجرد أنها امرأة إلا ولديه خلل فعلي.
• في تقديم البرامج، تُقبل جميلة المظهر أم المخبر؟
•• المخبر والمظهر معاً ـ إنه منطق الرائي.
• من الأحق وظيفياً في الإعلام بالنسبة لك، صاحب الموهبة أم الشهادة؟
•• الصحافي الحقيقي هو من يولد ويُصْنَعُ معاً وعليه الباقي.
• على ماذا تعتمد في استقطاب المواهب الشبابية؟
•• قدرتهم على استقطابي باتجاه حماسهم للمهنة.
• يُذْكَرُ لمحمد التونسي أن العنصر السعودي في دائرة عمله هو نقطة ضعف لديه، كيف تعلّق؟
•• لعلك تقصدين هنا تمكين العنصر السعودي.. هو أيضاً نقطة قوة ولن أحيد عنه أبداً.
• ما هي مميزات الإعلام السعودي، وما أبرز سلبياته؟
•• الإعلام السعودي بأهله، إن هم أجادوا تَمَيَّز، وإن أخفقوا غاب.
• كيف ترى تعاطي الإعلام السعودي مع القضايا السياسية؟
•• الإعلام مثلّث أضلاعه: سياسة ـ إدارة ـ مهنة.
• أين يقف التونسي في نقاشات الشارع السعودي حول القضية الفلسطينية؟
•• الشارع السعودي لديه ما يهمّه من شؤونه وهو دائماً صادق مع الحق.
• لماذا أنت في الـ MBC؟
•• لأنها: Number 1
• مدن الأطراف تفتقر للإعلام، وهناك تقصير من القنوات في التغطيات والتقارير؟ ما السبب وما الحل؟
•• نحتاج تقديم «المحلية» بأصولها.. الحل في وعي سياسي ـ مهني لدى المعنيين بالتغطية للتواصل باحترافية مع الداخل من الأطراف إلى الأطراف.
• هل هناك اعتماد جديد في سياستك الإعلامية، على كفاءات مشاهير مواقع التواصل لتوظيفهم؟
•• كفاءات مشاهير؟! إلى السؤال التالي.
• بعد اجتياح المشاهير لعالم الإعلانات، هل خسائر القنوات كبيرة؟
•• نحتاج وبشدّة إلى إعادة هيكلة صناعة الإعلان في السوق السعودية.
• هل مشاهير مواقع التواصل سحبوا البساط من النخبويين في الإعلام؟
•• في الإعلام لا مشاهير إلا أهله الحقيقيون، وما عداهم «فقاعة».
• مصطلح «مشاهير الفلس» صار اليوم مُعتمداً في النقاشات الاجتماعية، هل هم كذلك فعلًا؟
•• وما أكثر المفلسين «حين تعدّهم»
• كلمة مشهور اليوم ماذا تعني لك؟ وما تعريفك للشهرة؟
•• مخطئ من يمتهن الإعلام ولا يسعى للنجومية.. ولا قيمة للشهرة الآتية من جوف الطبلة.
• منذ سنوات وهم يرددون أن الصحافة الورقية انتهت، كيف ترد؟
•• طالما أن شركات توزيع الصحف والمجلات وجدت نفسها مضطرة إما للإغلاق أو تغيير النشاط، فمن الطبيعي أن تُوَاجَهَ صحافة الورق بحقيقة أنها انتهت. نحن في عالم الرقمية والمنصات الذي يستدعي هوية جديدة ويعتمد المبادرات.
• كيف تتبع «السوشل ميديا» الإعلام كما قلت؟
•• أن يواكب الثورة الإعلامية الرقمية بأصولها ويكون أول من يعرف وأول من يجعل الآخرين يعرفون.
• هل تنصح أبناءك بدخول المجال الإعلامي، ولماذا؟
•• لم أنصحهم ولم يختاروه.. طبعاً ولن.. هم أحرارٌ كما رباني أبي «حُرّاً».
• ما نصيحتك للشباب المُقبلين على الإعلام؟
•• الصبر ـ المعرفة ـ الطموح العاقل ـ الإصرار على النجاح ـ مواجهة «الحروب» بحكمة ـ عدم «الطيران في العجّة» وكفى الله المؤمنين شرّ القتال.
• في ظل الحاجة الملحّة إلى تكوين جيل مؤهل في فنيات الإعلام، تظهر أصوات تحمّل أقسام الإعلام مسؤولية الإعداد والتأهيل.. أين المنطق هنا؟
•• بل الحلّ في إنشاء أكاديمية أو أكاديميات للإعلام التطبيقي.
• بماذا يتميز هذا الجيل عن سابقيه؟
•• الأول يكتب على الورق.. والحالي أنامله تغازل حبّات الكيبورد.
• متى توصف الحرية الإعلامية على أنها «انحلال»؟
•• عندما تكذب الوسيلة وهي تعرف بأن الجمهور يعرف بأنها تكذب
• الإعلام مغامرة حظ، أم نجاح مُخطط؟
•• الحظ لا يخون من خطط.
• دبلوماسية الإعلامي، ذكاء أم جُبن؟
•• الدبلوماسية واحدة من ألف متطلَّب والإعلام يلفظ الجبن والجبناء.
• ما آخر مستجدات الوضع الصحي لزوجتك الإعلامية القديرة ريما الشامخ؟
••بخير.. كلكم تدعون معي لها بالشفاء التام.. تظل بنت الشامخ شامخة.
• في دهاليز الأرزاق هل الإعلام «يؤكل عيش»؟
•• ممكن شريطة أن يكون المشتغل بالإعلام إعلامياً صِرْفاً.
• متى يجب على الإعلامي أن يعتزل نشاطه؟
•• إذا تاجَر.
• لماذا الاختصار سائداً على أجوبتك؟
•• حرصاً على أن تُقرأ في زمن تُهْمَل فيه المطوّلات.
• لمن تعتذر عبر هذا الحوار؟
•• أعتذر لكل من عمل معي وتقاسمت معه النجاح ولم أقل له شكراً.