ارتبط المثل العربي «بيضة ديك» بالمنجز الأوحد الذي لا يتكرر، وهو مأخوذ من بيت بشّار بن بُرد: «قد زُرتِنا زورةً في الدهر واحدةً، ثنّي ولا تجعليها بيضة الدِّيكِ»، وبعض المبدعين من الشعراء والروائيين آثر الاكتفاء بعمل واحد، يخلّد اسمه، ويغدو حديث أجيال، منها العالمي، مثل «ذهب مع الريح» للكاتبة الأمريكية «مارجريت ميتشيل»، و«دكتور جيفاغو» للشاعر الروائي الروسي «بوريس باسترناك»، ورواية «لا تقتل عصفوراً ساخراً» للكاتبة الأمريكية «هاربر لي»، و«مرتفعات وذرينج» لكاتبتها «إيميلي برونتي» وعربياً يحضر الروائي العراقي صموئيل شمعون، بروايته «عراقي في باريس» والكاتبة السعودية رجاء الصانع برواية «بنات الرياض»، فيما يلتزم أدباء بجدول زمني لإصدارات، هاجسها العددي أكثر من النوعي ما يُرطّب حضورها في أذهان القُرّاء ما حفّزنا لاستجلاء آراء نقاد ومؤلفين، لتسليط ضوء على الظاهرة، ولم تستبعد الناقدة العراقية الدكتورة فاطمة المحسن إمكانية تخليد اسم كاتب بعمل واحد، وقالت: «ربما يحصل هذا فهناك كُتّاب يُعرفون بعمل أو عملين عادة بصرف النظر عن عدد كتبهم». وترى المحسن أن القراء العرب عزفوا عن الكثير من الروايات التي تصدرها المطابع العربية حتى الجيد منها، كونها أوقعت في إشكالية بسبب التزاحم على كتابة الرواية، دون انتباه لتغير وسائل التلقي، إذ غدت الحياة الشخصية عبر الفيس بوك وغيره الرواية الواقعية والمتخيلة.
ويؤكد الروائي المصري صبحي موسى أن كتابة رواية واحدة خالدة مثل مرتفعات «وذرينج» أفضل آلاف المرات من إصدار عشرات الروايات التي لا تترك أثراً. وتساءل: «من الذي يضمن أن المكتوب اليوم سينال هذا القدر من الخلود أو حتى نصفه في الغد؟»، ويجيب: «بالتأكيد يصعب الرهان على المستقبل، فضلاً عن أن الأعمال الخالدة لا بد أن تتوافر لها مجموعة من الشروط، بعضها يخص العمل نفسه من حيث القوة والجُرأة والتفرد في طرح القضية، والبناء المحكم، وغيرها من التفاصيل الفنية، وبعضها يخص الكاتب نفسه وحياته»، وعد موسى بعض الكتاب أقرب إلى الأسطورة التي تلفت انتباه القارئ إليه، وتغويه لقراءة عمله، وتضع مزيداً من الإضافات والتخيلات حول العمل، لافتاً إلى نوعية القراء والإعلام الذي يرى أن النص يتماس مع قضيته، فيقوم بالترويج له، ويصل إلى شريحة أوسع من البشر، ما يُضعف احتمال إغفاله أو التغاضي عن قراءته. ويرى أن هناك دوائر وآليات كثيرة لصناعة النجم وزيادة عمليات التوزيع، من أبرزها قوائم الأكثر مبيعاً التي توهم القراء بنفاد العمل من اليوم الأول، وأن على القارئ أن يحجز نسخته من قبل الصدور، وأن هذا الكاتب أتى بما لم يأتِ به الأوائل، هكذا يتم توليف لوازم الأسطورة، حد أننا نسمع باسم الكاتب واسم عمله من جماهير غفيرة تردد الكلمات نفسها عن كل عمل يصدر، وندهش عندما نذهب لقراءة العمل ولا نجد الفرادة والصفات التي خلعها عليه الجميع، ما يعني أن الميديا ومواقع التواصل باعت الوهم للمتلقي، وغداً أو بعد غدٍ تبيعه من جديد. وحمّل موسى احتراف الكتابة الروائية مسؤولية ما يحدث إذ ينتج كاتب عملاً أو اثنين سنوياً، فيعزز سيادة الحالة الاستهلاكية التي نعيشها، عبر قوائم «البيست سيلر» التي تبيع أي شيء بأعلى سعر وأضخم كم من النسخ والطبعات، مضيفاً أن سباق الجوائز أشبه بلعبة البوكر، فكلما خسر الكاتب جائزة ازدادت رغبته في التعويض، فيسرع إلى كتابة عمل جديد ليهرول به إلى الجوائز، وإذا فاز بجائزة فإنه لا يقنع ويرضى، لكنه يهرول من جديد ليكتب ويدخل إلى الجوائز، وفي كل هذه الهرولة لا ينتبه إلى أنه الكاتب الذي يقدم للناس ما لديه، فيغدو موظفاً لدى الجوائز ودور النشر والقارئ العام الذي يشتري كتاباً ليتباهى به أمام أسرته وأصدقائه، وعدّ غالبية ما نشهد يومياً من صدور عشرات الأعمال، كالمناديل الورق، تستخدم مرة واحدة فقط، وتذهب بعدها إلى سلة المهملات، من أوّل صفحة، وأبدى أسفه حيال المبالغات وكثرة الترويج الوهمي كونه يغطى على الأعمال الجيدة التي لا يحبذها القارئ العام، ولا بعض دور النشر؛ لأنها تقول ما يريده كاتبها وليس ما تطمح له الذائقة البسيطة للقارئ العادي، ما يعزز فكرة موت الكاتب، وانتهاء زمن الخلود.
وأرجع الناقد الدكتور أحمد سماحة، الظاهرة إلى الواقع الثقافي الذي بدأت منه، والإعلام ودوره في إضاءة العمل، وتبني النقد السائد ورموزه لعمل ما وإضفاء صفات تسويقية شأن رواية بنات الرياض، ويرى سماحة أن هناك مبدعين أشهرتهم رواية واحدة، منهم الأديب الإسباني ميغيل دي ثيربانتس سابيدر بروايته «دون كيشوت» واميلي برونتي في رائعة «مرتفعات وذرنج» وأوسكاروايلد في «صورة دوريان جراي» والروائية الشهيرة مارغريت ميتشل «ذهب مع الريح» والشاعر باسترناك «دكتور زيفاجو» ورالف اليسون كاتب رواية «الرجل الخفي».
وتذهب الكاتبة اعتدال عطيوي إلى أن رواية واحدة خالدة أفضل من عشرات بحكم إخلاص كاتب لرواية عدّها جوهرة تاجه الإبداعي، فيما الباقي ربما يكون حشوا به شيء من الإبداع، ولفتت إلى كتاب ماركيز «مائة عام من العزلة» والثلاثية لايزابيل الليندي، والخبز الحافي لمحمد شكري، وموسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح، ومدن الملح لعبدالرحمن منيف، وأضافت: بعض النقاد يطلقون على الرواية الواحدة للكاتب أو الكاتبة «بيضة الديك» وربما كان ذلك صحيحاً كما ترى.
ويؤكد الروائي المصري صبحي موسى أن كتابة رواية واحدة خالدة مثل مرتفعات «وذرينج» أفضل آلاف المرات من إصدار عشرات الروايات التي لا تترك أثراً. وتساءل: «من الذي يضمن أن المكتوب اليوم سينال هذا القدر من الخلود أو حتى نصفه في الغد؟»، ويجيب: «بالتأكيد يصعب الرهان على المستقبل، فضلاً عن أن الأعمال الخالدة لا بد أن تتوافر لها مجموعة من الشروط، بعضها يخص العمل نفسه من حيث القوة والجُرأة والتفرد في طرح القضية، والبناء المحكم، وغيرها من التفاصيل الفنية، وبعضها يخص الكاتب نفسه وحياته»، وعد موسى بعض الكتاب أقرب إلى الأسطورة التي تلفت انتباه القارئ إليه، وتغويه لقراءة عمله، وتضع مزيداً من الإضافات والتخيلات حول العمل، لافتاً إلى نوعية القراء والإعلام الذي يرى أن النص يتماس مع قضيته، فيقوم بالترويج له، ويصل إلى شريحة أوسع من البشر، ما يُضعف احتمال إغفاله أو التغاضي عن قراءته. ويرى أن هناك دوائر وآليات كثيرة لصناعة النجم وزيادة عمليات التوزيع، من أبرزها قوائم الأكثر مبيعاً التي توهم القراء بنفاد العمل من اليوم الأول، وأن على القارئ أن يحجز نسخته من قبل الصدور، وأن هذا الكاتب أتى بما لم يأتِ به الأوائل، هكذا يتم توليف لوازم الأسطورة، حد أننا نسمع باسم الكاتب واسم عمله من جماهير غفيرة تردد الكلمات نفسها عن كل عمل يصدر، وندهش عندما نذهب لقراءة العمل ولا نجد الفرادة والصفات التي خلعها عليه الجميع، ما يعني أن الميديا ومواقع التواصل باعت الوهم للمتلقي، وغداً أو بعد غدٍ تبيعه من جديد. وحمّل موسى احتراف الكتابة الروائية مسؤولية ما يحدث إذ ينتج كاتب عملاً أو اثنين سنوياً، فيعزز سيادة الحالة الاستهلاكية التي نعيشها، عبر قوائم «البيست سيلر» التي تبيع أي شيء بأعلى سعر وأضخم كم من النسخ والطبعات، مضيفاً أن سباق الجوائز أشبه بلعبة البوكر، فكلما خسر الكاتب جائزة ازدادت رغبته في التعويض، فيسرع إلى كتابة عمل جديد ليهرول به إلى الجوائز، وإذا فاز بجائزة فإنه لا يقنع ويرضى، لكنه يهرول من جديد ليكتب ويدخل إلى الجوائز، وفي كل هذه الهرولة لا ينتبه إلى أنه الكاتب الذي يقدم للناس ما لديه، فيغدو موظفاً لدى الجوائز ودور النشر والقارئ العام الذي يشتري كتاباً ليتباهى به أمام أسرته وأصدقائه، وعدّ غالبية ما نشهد يومياً من صدور عشرات الأعمال، كالمناديل الورق، تستخدم مرة واحدة فقط، وتذهب بعدها إلى سلة المهملات، من أوّل صفحة، وأبدى أسفه حيال المبالغات وكثرة الترويج الوهمي كونه يغطى على الأعمال الجيدة التي لا يحبذها القارئ العام، ولا بعض دور النشر؛ لأنها تقول ما يريده كاتبها وليس ما تطمح له الذائقة البسيطة للقارئ العادي، ما يعزز فكرة موت الكاتب، وانتهاء زمن الخلود.
وأرجع الناقد الدكتور أحمد سماحة، الظاهرة إلى الواقع الثقافي الذي بدأت منه، والإعلام ودوره في إضاءة العمل، وتبني النقد السائد ورموزه لعمل ما وإضفاء صفات تسويقية شأن رواية بنات الرياض، ويرى سماحة أن هناك مبدعين أشهرتهم رواية واحدة، منهم الأديب الإسباني ميغيل دي ثيربانتس سابيدر بروايته «دون كيشوت» واميلي برونتي في رائعة «مرتفعات وذرنج» وأوسكاروايلد في «صورة دوريان جراي» والروائية الشهيرة مارغريت ميتشل «ذهب مع الريح» والشاعر باسترناك «دكتور زيفاجو» ورالف اليسون كاتب رواية «الرجل الخفي».
وتذهب الكاتبة اعتدال عطيوي إلى أن رواية واحدة خالدة أفضل من عشرات بحكم إخلاص كاتب لرواية عدّها جوهرة تاجه الإبداعي، فيما الباقي ربما يكون حشوا به شيء من الإبداع، ولفتت إلى كتاب ماركيز «مائة عام من العزلة» والثلاثية لايزابيل الليندي، والخبز الحافي لمحمد شكري، وموسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح، ومدن الملح لعبدالرحمن منيف، وأضافت: بعض النقاد يطلقون على الرواية الواحدة للكاتب أو الكاتبة «بيضة الديك» وربما كان ذلك صحيحاً كما ترى.