40 يوما فقط وتختفي «سعودي أوجيه» -ثاني أكبر شركة في السعودية- من خريطة قطاع الأعمال بالمملكة، وستطوي صفحة طويلة استمرت 39 عاما؛ لتغلق الشركة أبوابها في جميع المدن، بعد أن وجهت خطابا إلى موظفيها يؤكد أن 2017/7/31 سيكون آخر يوم في تاريخها، بعد أن بدأت رحلة الانهيار قبل أربعة أعوام، وماتت إكلينيكيا في أغسطس من العام الماضي.
إمبراطورية «سعودي أوجيه» التي انطلقت عام 1978، ولامست المجد في الثمانينات والتسعينات وبداية الألفية الجديدة، ووصلت إيراداتها عام 2010 إلى أكثر من ثمانية مليارات دولار، وعدد العاملين بها إلى 56 ألف موظف ومهندس وعامل، ربما تتحول ذات يوم إلى مسلسل متعدد الحلقات، وستكون محل دراسات وأبحاث للكثير من الاقتصاديين في السعودية والعالم العربي سنوات عدة.
ويبقى السؤال الذي تطرحه «عكاظ»: لماذا وصلت «سعودي أوجيه» إلى خط النهاية؟ هل تعطي الأسباب المعلنة من تراجع أسعار النفط، وتقليص المشاريع الحكومية تفسيرا حقيقيا لانهيار إمبراطورية اقتصادية عملت في المقاولات، والعقارات، والاتصالات، والطباعة، وخدمات الكمبيوتر؟
هل انشغل مسيرو الشركة وتركوها عرضة للعواصف؟ وهل لعبت المتغيرات المحلية والدولية دوراً فيما وصلت إليه؟
الإجابة على استفهامات «عكاظ» جاءت على لسان اقتصاديين متخصصين، بينوا أن الإدارة هي أحد أكبر المشكلات التي واجهت «سعودي أوجيه»، وتسببت في حالة الانهيار السريع، مع إغفال الشركة للشفافية والحوكمة منذ بداية الأزمة. وفي تقرير بثته وكالة الأنباء الفرنسية، اتهم عمال وموظفون بينهم فرنسيون إدارة الشركة بسوء تسيير الأمور، وانشغالهم بالسياسة؛ الأمر الذي تسبب في أزمة عاصفة في شهر أغسطس 2016. وإليكم المشهد من البداية.
انطلاقة صاروخية
جاءت انطلاقة «سعودي أوجيه» كشركة سعودية متعددة النشاطات، أسست سنة 1978، وبدأت كشركة مقاولات وأشغال عامة، قبل أن تطور نشاطها ليشمل الاتصالات، والطباعة، والعقارات، وخدمات الكمبيوتر، وكان يمتلكها رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري، الذي نجح في آواخر سبعينات القرن العشرين بشراء «شركة أوجيه الفرنسية» ودمجها في شركته ليصبح اسمها «سعودي أوجيه»، وأصبحت من أكبر شركات المقاولات في العالم العربي.
واتسع نطاق أعمالها ليشمل شبكة من البنوك والشركات في السعودية ولبنان، إضافة إلى شركات للتأمين والنشر والصناعات الخفيفة، وظلت الشركة في رحلة صعود قوي حتى وصل إيرادها سنة 2010 إلى ثمانية مليارات دولار.
رحلة الصعود
أنجزت سعودي أوجيه على مدار أربعة عقود من الزمن مجموعة من أهم المشاريع، خصوصاً المشاريع الحكومية، كان أبرزها على الإطلاق بناء مجلس الشورى في الرياض، والديوان الملكي في جدة، والرياض، والمدينة المنورة، وعملت في بناء مجموعة كبيرة من الفنادق الفاخرة العالمية، والمحلية، وقصور الضيافة، وتولت بناء مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات، ومجمع المحاكم الرئيسي في الرياض، ومركز الملك عبدالعزيز التاريخي، ومجموعة من المنشآت العسكرية مثل مدينة الملك عبد الله العسكرية في الأحساء، وقاعدة الأمير سلطان الجوية في الخرج، والمرافق العسكرية في معهد تبوك والمدرعة، وكان لها باع طويل في المدارس والجامعات فأشرفت على بناء مدارس الرياض، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا، وجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، وساهمت في طريق الملك عبد الله بجدة، ومركز الملك عبد الله المالي ومسارات القطار الكهربائي بالرياض، وكانت المقاول الرئيسي لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة.
شرارة التراجع
اعتبر متخصصون أن اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري في العام 2005 كان المسمار الأول في نعش الشركة العملاقة، إذ تسلم الجيل الجديد مسؤولية الشركة. وتولى قيادتها سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية الحالي، وأخوه أيمن الحريري، لكن الأزمة الحقيقية بدأت قبل أربعة أعوام، وبالتحديد عام 2013، إذ أكد مهندسون وموظفون في الشركة في تقرير بثته وكالة الأنباء الفرنسية أن الأزمة المالية الحادة بدأت في هذا العام، لكن الأمور لم تخرج إلى العلن بسبب تخوفات الموظفين من فقدان وظائفهم وطردهم، إلى أن بدأت الشركة تتعثر في دفع الرواتب، ووصلت الرواتب المتأخرة في العام الماضي 2016 إلى تسعة رواتب.
تدخل حكومي
لم تقف الحكومة السعودية مكتوفة الأيدي أمام تفاقم أزمة سعودي أوجيه، وتدخلت بشكل قوي وفق توجيهات صدرت لـ«وزارة العمل» بإيجاد حلول سريعة وعاجلة لقضية الكثير من العمال والموظفين، وتضمنت التوجيهات ثلاثة خيارات هي: نقل خدمات العمال، أو تجديد الإقامات مجانا، أو إعطاؤهم تأشيرة الخروج النهائي لمن يرغب منهم في مغادرة السعودية.
وشددت التوجيهات على أهمية حفظ الحقوق المالية لموظفي الشركة كافة، وتشكيل لجان تباشر تنفيذ هذه التوجيهات.
وبدأت المحاكم والجهات الرسمية في تلقي الشكاوى التي رفعها موظفو «سعودي أوجيه» ضد الشركة بسبب تأخر الرواتب، وبلغت الدعاوى 31 ألف دعوى؛ ما اضطر الشركة إلى إيقاف مشاريعها كافة، رغم تأكيدات رسمية أن الحكومة دفعت أكثر من 75% من مستحقات الشركة في المشاريع التي نفذتها؛ بهدف مساعدتها على تجاوز الأزمة.
بيع أصول بـ30 مليار ريال
اتبعت الشركة سياسة الموت البطيء، وتخلصت خلال الشهور العشرة الماضية من نحو 40 ألف عامل وموظف، بعد أن بدأت في بيع بعض أصولها الثابتة في السعودية التي تتجاوز 30 مليار ريال، إضافة إلى شركاتها الخارجية في أوروبا ودول الخليج.
وقدر مراقبون العمالة الحالية الموجودة بأقل من 25% من قوة الشركة التي كانت تعمل بها في العقود الماضية، وتمثل نسبة السعوديين نحو 23% من أصل العاملين في الشركة.
مستحقات العمالة بالقوة الجبرية
أصدرت محكمة التنفيذ أخيرا، أحكام تنفيذ بالقوة الجبرية، وفق نظام التنفيذ على شركة «سعودي أوجيه»؛ لصرف مستحقات مجموعة من منسوبيها. وشددت على أنها منحت الشركة المدد النظامية المحددة للالتزام بما صدر من أحكام قضائية بحقها، على أن تستكمل الإجراءات المنصوص عليها في نظام التنفيذ ولائحته التنفيذية؛ لإلزام الشركة بتنفيذ منطوق الأحكام بما في ذلك الحجز على ممتلكاتها وأرصدتها. وتتأهب محاكم التنفيذ لإحالة عدد من المماطلين من رجال أعمال، وعقاريين ومديرين عامين، ورؤساء مجالس إدارة مصارف، وشركات كبرى إلى النيابة العامة للتحقيق معهم واستجوابهم، حيال تعطيلهم تنفيذ قرارات تنفيذية نهائية، ومن ثم تحرير لوائح اتهام بحقهم وإحالتهم إلى المحاكم الجزائية لمعاقبتهم وفق العقوبات، المنصوص عليها في نظام التنفيذ من سجن وغرامة.
3 سفارات تتدخل لإنقاذ عمالتها
تدخل السفير الفرنسي بالرياض برتران بيزنسينو، في شهر سبتمبر الماضي، عبر توجيه رسالة إلى رئيس شركة سعودي أوجيه سعد الحريري؛ ما ساهم في تسليم العمال جزءا من رواتبهم.
وفي رسالة بعثتها إدارة الشركة للعمال في 16 فبراير الماضي، شكرت «سعودي أوجيه» موظفيها على «صبرهم»، واعدة إياهم بدفع رواتبهم بانتظام انطلاقا من شهر مارس. وأكد مصدر رسمي بالسفارة الباكستانية أن «قسم شؤون رفاهية المغتربين في السفارة يتلقى تجاوبا من الحكومة السعودية من أجل العمل على حل المشكلة». أما القنصل اللبناني في المملكة عبدالستار عيسى فقد قال: «إن الجهات الحكومية بالمملكة تقدم تعاونا ملحوظا لحل الأزمة التي تعرض لها عدد كبير من منسوبي الشركة».
غياب الشفافية والحوكمة فاقم الأزمة
دعا متخصصان عبر «عكاظ» الشركات العائلية الكبرى في السعودية أن يتخذوا من أزمة «سعودي أوجيه» عبرة ودرسا للحفاظ على الحوكمة والقيادة الرشيدة للأجيال المتعاقبة، في ظل المخاطر التي تواجه الكثير منها، بالتواكب مع الظروف الاقتصادية والمتغيرات الإقليمية والمحلية الحالية.
وقال رئيس لجنة التثمين العقاري في غرفة تجارة وصناعة جدة عبدالله الأحمري لـ«عكاظ»: «لا شك أن انهيار شركة «سعودي أوجيه» يضع بعض الشركات الكبيرة والصغيرة في دائرة الخطر، إذ ارتفعت الشكوى في كثير من شركات المقاولات والإنشاءات في الآونة الأخيرة من عدم تسلم رواتبهم وتأخر مستحقاتهم، مع وجود أرقام تؤكد أن حجم الديون على الشركات السعودية وصل في نهاية عام 2016 إلى أكثر من 300 مليار ريال».
ونوه إلى أن الإدارة هي كبرى المشكلات التي واجهت سعودي أوجيه وتسببت في حالة الانهيار السريع، لافتاً إلى وجود ظروف عدة لا يمكن إهمالها، لكن كان من الممكن تفادي بعضها لو تعاملت الشركة بشفافية وحوكمة من بداية الأزمة.
من جانبه، أفاد الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة لـ«عكاظ» بأن الأزمة التي تواجه شركات المقاولات لن تتوقف عند سعودي أوجيه، وسيكون لها آثار سلبية على عدد آخر من الشركات. ولفت إلى تراجع عدد العمال بشكل في بعض الشركات الكبرى، وبينها شركة بن لادن التي كانت تستحوذ على النصيب الأكبر من السوق.
وذكر أن انهيار شركة «سعودي أوجيه» ليس الأول ولن يكون الأخير، في ظل تهاوي شركات عالمية عملاقة؛ بسبب الأزمات الاقتصادية، ووجود شركات أخرى ما زالت تقاوم، وتحاول الوقوف على قدميها.
تكليف محامين للترافع عن حقوق العمالة
أوضح المتحدث باسم الوزارة خالد أبا الخيل، أن الوزارة تتابع مع الجهات الحكومية حل مشكلة العمالة في شركة «سعودي أوجيه»، وأكد أن جميع حقوق العمالة التي تعمل لدى الشركة موثقة لدى الوزارة، وأنها كلفت محامين للترافع عن العمالة لدى الجهات القضائية في المملكة.
ولفت إلى أن عدد العاملين في المنشأة يبلغ حاليًا نحو 8000 عامل منهم 1200 سعودي، ويتم العمل على نقل نحو 600 سعودي للعمل في منشآت أخرى.
ونوه إلى أن وزير العمل والتنمية الاجتماعية رئيس مجلس إدارة صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) الدكتور علي الغفيص، وجه الصندوق بإيجاد فرص عمل مناسبة للمتبقي من السعوديين، إذ يتم حاليا نقل خدمات 6000 عامل ووافد إلى منشآت أخرى بالتعاون مع الشركة.
من جهتها، دعت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية موظفي شركة سعودي أوجيه المتعطلين عن العمل إلى الاستفادة من خدمات نظام ساند.
وقالت التأمينات الاجتماعية، عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «التأمينات الاجتماعية تدعو موظفي شركة سعودي أوجيه المتعطلين عن العمل للاستفادة من منافع نظام التأمين ضد التعطل عن العمل (ساند)».
إمبراطورية «سعودي أوجيه» التي انطلقت عام 1978، ولامست المجد في الثمانينات والتسعينات وبداية الألفية الجديدة، ووصلت إيراداتها عام 2010 إلى أكثر من ثمانية مليارات دولار، وعدد العاملين بها إلى 56 ألف موظف ومهندس وعامل، ربما تتحول ذات يوم إلى مسلسل متعدد الحلقات، وستكون محل دراسات وأبحاث للكثير من الاقتصاديين في السعودية والعالم العربي سنوات عدة.
ويبقى السؤال الذي تطرحه «عكاظ»: لماذا وصلت «سعودي أوجيه» إلى خط النهاية؟ هل تعطي الأسباب المعلنة من تراجع أسعار النفط، وتقليص المشاريع الحكومية تفسيرا حقيقيا لانهيار إمبراطورية اقتصادية عملت في المقاولات، والعقارات، والاتصالات، والطباعة، وخدمات الكمبيوتر؟
هل انشغل مسيرو الشركة وتركوها عرضة للعواصف؟ وهل لعبت المتغيرات المحلية والدولية دوراً فيما وصلت إليه؟
الإجابة على استفهامات «عكاظ» جاءت على لسان اقتصاديين متخصصين، بينوا أن الإدارة هي أحد أكبر المشكلات التي واجهت «سعودي أوجيه»، وتسببت في حالة الانهيار السريع، مع إغفال الشركة للشفافية والحوكمة منذ بداية الأزمة. وفي تقرير بثته وكالة الأنباء الفرنسية، اتهم عمال وموظفون بينهم فرنسيون إدارة الشركة بسوء تسيير الأمور، وانشغالهم بالسياسة؛ الأمر الذي تسبب في أزمة عاصفة في شهر أغسطس 2016. وإليكم المشهد من البداية.
انطلاقة صاروخية
جاءت انطلاقة «سعودي أوجيه» كشركة سعودية متعددة النشاطات، أسست سنة 1978، وبدأت كشركة مقاولات وأشغال عامة، قبل أن تطور نشاطها ليشمل الاتصالات، والطباعة، والعقارات، وخدمات الكمبيوتر، وكان يمتلكها رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري، الذي نجح في آواخر سبعينات القرن العشرين بشراء «شركة أوجيه الفرنسية» ودمجها في شركته ليصبح اسمها «سعودي أوجيه»، وأصبحت من أكبر شركات المقاولات في العالم العربي.
واتسع نطاق أعمالها ليشمل شبكة من البنوك والشركات في السعودية ولبنان، إضافة إلى شركات للتأمين والنشر والصناعات الخفيفة، وظلت الشركة في رحلة صعود قوي حتى وصل إيرادها سنة 2010 إلى ثمانية مليارات دولار.
رحلة الصعود
أنجزت سعودي أوجيه على مدار أربعة عقود من الزمن مجموعة من أهم المشاريع، خصوصاً المشاريع الحكومية، كان أبرزها على الإطلاق بناء مجلس الشورى في الرياض، والديوان الملكي في جدة، والرياض، والمدينة المنورة، وعملت في بناء مجموعة كبيرة من الفنادق الفاخرة العالمية، والمحلية، وقصور الضيافة، وتولت بناء مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات، ومجمع المحاكم الرئيسي في الرياض، ومركز الملك عبدالعزيز التاريخي، ومجموعة من المنشآت العسكرية مثل مدينة الملك عبد الله العسكرية في الأحساء، وقاعدة الأمير سلطان الجوية في الخرج، والمرافق العسكرية في معهد تبوك والمدرعة، وكان لها باع طويل في المدارس والجامعات فأشرفت على بناء مدارس الرياض، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا، وجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، وساهمت في طريق الملك عبد الله بجدة، ومركز الملك عبد الله المالي ومسارات القطار الكهربائي بالرياض، وكانت المقاول الرئيسي لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة.
شرارة التراجع
اعتبر متخصصون أن اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري في العام 2005 كان المسمار الأول في نعش الشركة العملاقة، إذ تسلم الجيل الجديد مسؤولية الشركة. وتولى قيادتها سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية الحالي، وأخوه أيمن الحريري، لكن الأزمة الحقيقية بدأت قبل أربعة أعوام، وبالتحديد عام 2013، إذ أكد مهندسون وموظفون في الشركة في تقرير بثته وكالة الأنباء الفرنسية أن الأزمة المالية الحادة بدأت في هذا العام، لكن الأمور لم تخرج إلى العلن بسبب تخوفات الموظفين من فقدان وظائفهم وطردهم، إلى أن بدأت الشركة تتعثر في دفع الرواتب، ووصلت الرواتب المتأخرة في العام الماضي 2016 إلى تسعة رواتب.
تدخل حكومي
لم تقف الحكومة السعودية مكتوفة الأيدي أمام تفاقم أزمة سعودي أوجيه، وتدخلت بشكل قوي وفق توجيهات صدرت لـ«وزارة العمل» بإيجاد حلول سريعة وعاجلة لقضية الكثير من العمال والموظفين، وتضمنت التوجيهات ثلاثة خيارات هي: نقل خدمات العمال، أو تجديد الإقامات مجانا، أو إعطاؤهم تأشيرة الخروج النهائي لمن يرغب منهم في مغادرة السعودية.
وشددت التوجيهات على أهمية حفظ الحقوق المالية لموظفي الشركة كافة، وتشكيل لجان تباشر تنفيذ هذه التوجيهات.
وبدأت المحاكم والجهات الرسمية في تلقي الشكاوى التي رفعها موظفو «سعودي أوجيه» ضد الشركة بسبب تأخر الرواتب، وبلغت الدعاوى 31 ألف دعوى؛ ما اضطر الشركة إلى إيقاف مشاريعها كافة، رغم تأكيدات رسمية أن الحكومة دفعت أكثر من 75% من مستحقات الشركة في المشاريع التي نفذتها؛ بهدف مساعدتها على تجاوز الأزمة.
بيع أصول بـ30 مليار ريال
اتبعت الشركة سياسة الموت البطيء، وتخلصت خلال الشهور العشرة الماضية من نحو 40 ألف عامل وموظف، بعد أن بدأت في بيع بعض أصولها الثابتة في السعودية التي تتجاوز 30 مليار ريال، إضافة إلى شركاتها الخارجية في أوروبا ودول الخليج.
وقدر مراقبون العمالة الحالية الموجودة بأقل من 25% من قوة الشركة التي كانت تعمل بها في العقود الماضية، وتمثل نسبة السعوديين نحو 23% من أصل العاملين في الشركة.
مستحقات العمالة بالقوة الجبرية
أصدرت محكمة التنفيذ أخيرا، أحكام تنفيذ بالقوة الجبرية، وفق نظام التنفيذ على شركة «سعودي أوجيه»؛ لصرف مستحقات مجموعة من منسوبيها. وشددت على أنها منحت الشركة المدد النظامية المحددة للالتزام بما صدر من أحكام قضائية بحقها، على أن تستكمل الإجراءات المنصوص عليها في نظام التنفيذ ولائحته التنفيذية؛ لإلزام الشركة بتنفيذ منطوق الأحكام بما في ذلك الحجز على ممتلكاتها وأرصدتها. وتتأهب محاكم التنفيذ لإحالة عدد من المماطلين من رجال أعمال، وعقاريين ومديرين عامين، ورؤساء مجالس إدارة مصارف، وشركات كبرى إلى النيابة العامة للتحقيق معهم واستجوابهم، حيال تعطيلهم تنفيذ قرارات تنفيذية نهائية، ومن ثم تحرير لوائح اتهام بحقهم وإحالتهم إلى المحاكم الجزائية لمعاقبتهم وفق العقوبات، المنصوص عليها في نظام التنفيذ من سجن وغرامة.
3 سفارات تتدخل لإنقاذ عمالتها
تدخل السفير الفرنسي بالرياض برتران بيزنسينو، في شهر سبتمبر الماضي، عبر توجيه رسالة إلى رئيس شركة سعودي أوجيه سعد الحريري؛ ما ساهم في تسليم العمال جزءا من رواتبهم.
وفي رسالة بعثتها إدارة الشركة للعمال في 16 فبراير الماضي، شكرت «سعودي أوجيه» موظفيها على «صبرهم»، واعدة إياهم بدفع رواتبهم بانتظام انطلاقا من شهر مارس. وأكد مصدر رسمي بالسفارة الباكستانية أن «قسم شؤون رفاهية المغتربين في السفارة يتلقى تجاوبا من الحكومة السعودية من أجل العمل على حل المشكلة». أما القنصل اللبناني في المملكة عبدالستار عيسى فقد قال: «إن الجهات الحكومية بالمملكة تقدم تعاونا ملحوظا لحل الأزمة التي تعرض لها عدد كبير من منسوبي الشركة».
غياب الشفافية والحوكمة فاقم الأزمة
دعا متخصصان عبر «عكاظ» الشركات العائلية الكبرى في السعودية أن يتخذوا من أزمة «سعودي أوجيه» عبرة ودرسا للحفاظ على الحوكمة والقيادة الرشيدة للأجيال المتعاقبة، في ظل المخاطر التي تواجه الكثير منها، بالتواكب مع الظروف الاقتصادية والمتغيرات الإقليمية والمحلية الحالية.
وقال رئيس لجنة التثمين العقاري في غرفة تجارة وصناعة جدة عبدالله الأحمري لـ«عكاظ»: «لا شك أن انهيار شركة «سعودي أوجيه» يضع بعض الشركات الكبيرة والصغيرة في دائرة الخطر، إذ ارتفعت الشكوى في كثير من شركات المقاولات والإنشاءات في الآونة الأخيرة من عدم تسلم رواتبهم وتأخر مستحقاتهم، مع وجود أرقام تؤكد أن حجم الديون على الشركات السعودية وصل في نهاية عام 2016 إلى أكثر من 300 مليار ريال».
ونوه إلى أن الإدارة هي كبرى المشكلات التي واجهت سعودي أوجيه وتسببت في حالة الانهيار السريع، لافتاً إلى وجود ظروف عدة لا يمكن إهمالها، لكن كان من الممكن تفادي بعضها لو تعاملت الشركة بشفافية وحوكمة من بداية الأزمة.
من جانبه، أفاد الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة لـ«عكاظ» بأن الأزمة التي تواجه شركات المقاولات لن تتوقف عند سعودي أوجيه، وسيكون لها آثار سلبية على عدد آخر من الشركات. ولفت إلى تراجع عدد العمال بشكل في بعض الشركات الكبرى، وبينها شركة بن لادن التي كانت تستحوذ على النصيب الأكبر من السوق.
وذكر أن انهيار شركة «سعودي أوجيه» ليس الأول ولن يكون الأخير، في ظل تهاوي شركات عالمية عملاقة؛ بسبب الأزمات الاقتصادية، ووجود شركات أخرى ما زالت تقاوم، وتحاول الوقوف على قدميها.
تكليف محامين للترافع عن حقوق العمالة
أوضح المتحدث باسم الوزارة خالد أبا الخيل، أن الوزارة تتابع مع الجهات الحكومية حل مشكلة العمالة في شركة «سعودي أوجيه»، وأكد أن جميع حقوق العمالة التي تعمل لدى الشركة موثقة لدى الوزارة، وأنها كلفت محامين للترافع عن العمالة لدى الجهات القضائية في المملكة.
ولفت إلى أن عدد العاملين في المنشأة يبلغ حاليًا نحو 8000 عامل منهم 1200 سعودي، ويتم العمل على نقل نحو 600 سعودي للعمل في منشآت أخرى.
ونوه إلى أن وزير العمل والتنمية الاجتماعية رئيس مجلس إدارة صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) الدكتور علي الغفيص، وجه الصندوق بإيجاد فرص عمل مناسبة للمتبقي من السعوديين، إذ يتم حاليا نقل خدمات 6000 عامل ووافد إلى منشآت أخرى بالتعاون مع الشركة.
من جهتها، دعت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية موظفي شركة سعودي أوجيه المتعطلين عن العمل إلى الاستفادة من خدمات نظام ساند.
وقالت التأمينات الاجتماعية، عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «التأمينات الاجتماعية تدعو موظفي شركة سعودي أوجيه المتعطلين عن العمل للاستفادة من منافع نظام التأمين ضد التعطل عن العمل (ساند)».