الدكتور غسان السليمان
الدكتور غسان السليمان




غسان السليمان يتحدث للزميل صالح الزهراني. (تصوير: أحمد المقدام)
غسان السليمان يتحدث للزميل صالح الزهراني. (تصوير: أحمد المقدام)
-A +A
صالح الزهراني (جدة)saleh597@
نصح رئيس المركز الوطني للمنشآت العائلية، الدكتور غسان بن أحمد السليمان الشركات التي ارتفعت أصوات خلافاتها في المحاكم، إلى «التخارج» والبحث عن حلول توافقية، تدفعها لمواصلة مسيرتها ودفع عجلة الإنتاج، وأكد خلال حواره لـ«عكاظ» أن الشركات العائلية الموجودة في السعودية تمثل 63% من نحو مليون ونصف شركة في السوق السعودية، توفر 76% من إجمالي الوظائف التي يقدمها القطاع الخاص. واعتبر الاستثمار في قطاع التعليم، أكبر أولويات مركز المنشآت العائلية في الفترة القادمة، مشيراً إلى ضرورة رفع نسبة الاستثمار في التعليم العام من 17% إلى 25%، والتعليم العالي من 5% إلى 15%، لافتاً إلى أن سياسة سوق العمل تمثل التحدي الأكبر لقطاع الأعمال، وأن المركز يضع حلولا علاجية وأخرى وقائية بهدف دفع نسبة مساهمة الشركات العائلية في الاقتصاد الوطني. ورفض السليمان في أول حوار صحفي بعد تولي رئاسة المركز، أن تكون عضوية المؤسسات والشركات، في الوقت الحالي إجبارية، مشدداً في الوقت نفسه على وجود أسماء لامعة تنتمي إلى عائلات تجارية كبيرة وتتولى ملفات مهمة، وتحدث عن قضايا أخرى.. إلى تفاصيل الحوار:

• في البداية.. ما قصة المركز الوطني للمنشآت العائلية، لماذا ظهر ثم اختفى؟


•• انطلق المركز بمرسوم ملكي قبل ما يقارب 8 سنوات، في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز «يرحمه الله»، كانت قراءتنا للموضوع تتركز على تأسيس مركز لمعالجة المشاكل الكثيرة التي تمر بها الشركات العائلية، وخصوصا عند الانتقال من جيل إلى جيل آخر، وصدر وقتها مرسوم بتأسيس مركز تابع لوزارة التجارة بالتنسيق مع مجلس الغرف السعودية. رأت وزارة التجارة منح حق التأسيس إلى مجلس الغرف، وبالفعل تم تشكيل المركز الوطني للمنشآت العائلية، وحظيت بعضوية مجلس الإدارة، لكن للأسف بقيت الأمور «محلك سر»، وكان دور مجلس الإدارة الأول الإشراف والتأسيس فقط، اجتمعنا مرة واحدة، ولم يتم اتخاذ أي خطوات جدية، ومات الموضوع.

عقب تعييني مستشاراً لوزير التجارة ومسؤولا عن المنشآت الصغيرة والمتوسطة جاءت متابعة من الديوان الملكي عن مستجدات تأسيس المركز، وأرسل لي الملف من الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة والاستثمار بهدف إيجاد محاولة جدية لتأسيس المركز، كانت لدينا وجهة نظر مختلفة عن السابق، تقوم على دور الشركات العائلية المرموقة في وضع لجنة تأسيسية، وكنت أحضر معهم كممثل لوزارة التجارة.

• وكيف عاد المركز من جديد؟

•• لم تكن المهمة انتهت، طلب مني الإخوة في اللجنة التأسيسية الانضمام إليهم كعضو من القطاع الخاص بعد أن خرجت من عملي الرسمي في وزارة التجارة، وبعدها بفترة وجيزة أشار إلي الدكتور ماجد القصبي إلى ضرورة الانتهاء من التأسيس، وبالفعل دشنه خلال فترة وجيزة، وعقد الاجتماع الأول في جدة، والثاني في الرياض والثالث في الشرقية، وباتت عضويات مجلس الإدارة موزعة على كل مدن المملكة واجتماعاتنا تعكس ذلك.

وقاية وعلاج

• هل تبحثون عن علاج الوضع القائم أم وضع خطط مستقبلية لتطوير الشركات العائلية؟

•• أهداف المركز تجمع بين هذا وذاك، فهدفنا الأول استدامة الشركات العائلية ومعالجة المشاكل التي لمستها حكومتنا الرشيدة، والتي كانت وراء صدور الأمر السامي بتأسيس المركز، لاسيما أن الخلافات تعطل مسيرة هذه الشركات التي تمثل اللاعب الرئيسي في الاقتصاد الوطني، وهدفنا الآخر هو الوقاية والحماية وتطوير هذه الشركات، من خلال حوكمة جيدة وبعض الإجراءات الحكومية والقوانين التي تساعد على الاستدامة، وهذا الجانب نعمل عليه الآن حتى تستطيع الشركات العائلية المساهمة بصورة أفضل في الاقتصاد الوطني.

• ما مدى مساهمة الشركات العائلية في الاقتصاد الوطني ودورها في التوظيف؟

•• حتى ننطلق من أرض صلبة، كلفنا جهة لعمل دراسة عن وضع الشركات العائلية في ظل غياب هذا النوع، وأظهرت الدراسة أن 63% من منشآت القطاع الخاص هي شركات عائلية، و66% من الناتج المحلي للقطاع الخاص يعود إلى هذه الشركات، والرقم المفاجئ الذي أظهرته الدراسة هو أن 76% من التوظيف في القطاع الخاص يتم عبر الشركات العائلية، وهو أعلى من المعدل العالمي وأمر غير مستغرب في ظل وضعنا الثقافي وعاداتنا وتقاليدنا، والروابط العائلية القوية بين السعوديين، ونعمل الآن على دراسة توضح أهمية الشركات العائلية حتى نعمل وفق قاعدة معلومات رقمية دقيقة، وحتى نعرف التحديات التي تواجه هذه الشركات، ونعمل على تذليلها قبل الوصول إلى مرحلة التطوير.

التعليم أولاً

• ما أبرز الأولويات التي يضعه المركز الوطني للمنشآت العائلية نصب عينيه؟

•• أنشطتنا مركزة على 3 محاور، حيث بدأنا بورشة عمل مع هيئة الاستثمار كنموذج للتعاون مع شركائنا، وحرصنا على أن يكون لنا وجود، ودور قوي في تحقيق مرتكزات رؤية 2030، وبالأخص ما يتعلق برفع مستوى مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، تواصلنا مع هيئة الاستثمار وعرفنا بالمركز، واستمر النقاش حول التركيز على القطاعات التي لم تتم تغطيتها من قبل وهي متاحة حاليا، واستقررنا على ضرورة أن تكون هناك أولوية لقطاع التعليم، حيث يواجه القطاع الخاص تحديات كبيرة في هذا الجانب، ورؤية الوطن تشير إلى أهمية رفع مساهمة القطاع الخاص في التعليم العالي إلى 15% وهي حاليا تتراوح بين 4 و5 %، وفي التعليم العام لا تتجاوز الاستثمارات في الوقت الحالي 17% ونحن مطالبون برفعها إلى 25%.. وهذه كلها تحديات في ظل الأوضاع الحالية. ولتلبية ذلك لا بد أولا من تذليل العوائق التي تقف في طريق الاستثمار في القطاع الخاص، ونحن نعمل مع هيئة الاستثمار على ذلك، علماً أن الشركات العائلية هي أكثر من يستثمر في قطاع التعليم، ولها بصمة كبيرة في هذا الجانب.

• التحديات أمامكم كثيرة.. لكن ما هي الملفات التي بدأتموها بالفعل؟

•• بعض استطلاعات الرأي السابقة عن تحديات القطاع الخاص، كشفت أن سياسات سوق العمل تمثل التحدي الأكبر، والفترة الماضية شهدت نتائج إيجابية منها تقلد المهندس أحمد الراجحي وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، حيث تواصلنا مع الوزارة، ونجهز لورشة عمل عن آليات توطين تخدم الوطن وتحقق أهداف الشركات العائلية، فكلنا نؤمن بالتوطين كحق أساسي لشباب وفتيات الوطن، لكن التطبيق يجب ألا يوقع الضرر على الشركات العائلية والقطاع الخاص بشكل عام.

نعمل على آلية مقننة تخدم جميع الأطراف، وقد شهدت الفترة الماضية توقيع وزارة العمل اتفاقية مع هيئة المحاسبين لتوطين 20 ألف وظيفة في هذا القطاع، وهي فرص جيدة للسعوديين خصوصا النساء، ونسعى أن يكون لهذه البرامج نتائج طيبة، وهو ما نعمل عليه مع وزارة العمل قريبا.

وهناك أيضا مبادرات نقدمها مع وزارة التجارة والاستثمار التي تشرف على مركزنا، عبارة عن مبادرتين، واحدة تخص الاستدامة والأخرى للشركات وأغلبها عائلية، وهكذا تواصلنا مع 3 جهات خلال فترة وجيزة لا تزيد على أشهر، رغم أن كوادرنا لم تكتمل، لكن ولله الحمد نعوض ذلك من خلال العلاقات التي نسجناها مع كثير من الجهات الحكومية، التي ستكون لها بصمة معنا في الفترة القادمة.

لن نجبرهم

• هل باتت مشاركة جميع المنشآت العائلية السعودية في المركز الوطني إجبارية؟

•• نرفض إجبار أحد على المشاركة، الأمر اختياري، وليس هناك تنظيم يفرض على الشركات العائلية المشاركة في المركز، نحن نختلف عن الغرف التجارية، المركز الوطني مدعوم من بعض الجهات وعلى رأسها وزارة التجارة والاستثمار، وغرفة تجارة وصناعة جدة تعطينا الدعم الأكبر وأعطتنا المقر، علاوة على دعم مجلس الغرف، وأعضاء مجلس إدارة المركز أنفسهم.

قد تشهد المرحلة القادمة طرح عضوية للشركات ولا نتوقع انضمام الكثيرين، وللتذكير حتى الغرف التجارية لم يكن لديها أعضاء كثر إلا بعد صدور مرسوم يلزم الشركات بالسجل التجاري عبر الغرف، ومستقبلا قد يكون هناك إلزام أو قد لا يكون، فنحن نختلف عن الغرف، وسنختار ملفات معينة للعمل عليها، ودورنا مكمل لعملها وعمل مجلس الغرف السعودية.

لماذا كانت • بدايتكم من جدة؟

•• استضافتنا غرفة تجارة وصناعة جدة في أحد المباني التابعة لها، ولدينا مكتب في مبنى مجلس الغرف بالرياض، ونحن على تواصل وتنسيق مع كل الغرف التجارية لتحقيق أهداف المركز، والارتقاء بعمل الشركات العائلية وتحقيق أهدافها.

• ما دوركم في حل النزاعات التي وصلت للمحاكم بين الشركات العائلية.. وما حجمها؟

•• لا تتوفر لدينا أرقام دقيقة عن حجم قضايا المنازعات المنظورة أمام المحاكم بخصوص خلافات الشركات العائلية، والأرقام المتداولة ليست دقيقة، ومن صلب عملنا نحاول إنهاء هذه النزاعات بين الشركات ووضع السبل الكفيلة بعدم وصولها إلى المحاكم.

ربما يكون تعاقب الأجيال هو السبب في أغلب الخلافات، لكني أعتقد أننا إذا تدخلنا فيها ستحل، وأفضل الأساليب هي «التخارج» لتقليل المنازعات والوصول إلى حلول توافقية، ونحن نضع أمام أعيننا عمليات الإدارة وانتقالها وآلية عملها، وهي من الأمور الشائكة التي تسبب الكثير من الخلل، وتؤدي إلى نزاعات في أغلب الشركات العائلية، ليس في المملكة بل على مستوى العالم، ونعمل على وضع أنظمة تقنن هذا الجانب.

وقف النزاعات

• وماذا ستفعلون لوقف هذه النزاعات أو محاصرتها؟

•• سنحاول أن تكون هناك حوكمة رشيدة في الشركات العائلية السعودية، فالحوكمة مجرد اتفاق بين أطراف معينة باتباع نهج معين يقومون به وليست ملزمة في السعودية وهو ما يصنع المشاكل، المحاكم لا تنظر إلى أي اتفاق في الحوكمة، لكن إذا وجد نظام وضعته الدولة يقنن الحوكمة ويلزم الشركات العائلية باتباعه، فهذا سيساعد على حل أي مشكلة، وسيختلف الوضع كثيرا في الشركات، لكن للأسف الحوكمة ليست ملزمة حاليا، على سبيل المثال تلزم الحوكمة أحيانا بآلية نظامية للتخارج قد تصل إلى منع بعض أفراد العائلة من إدارة الشركة.

• هل هناك رقم واضح لعدد الشركات العائلية في المملكة؟

•• بشكل عام يتراوح عدد الشركات في السعودية بين 1.2 مليون إلى 1.5 مليون شركة، تمثل الشركات العائلية 63% منها، ونحن نعمل الآن على الإجراءات والسياسات الداخلية للشركات، وعلى أن تكون هناك لجان منبثقة عن مجلس الإدارة وإطلاق عدد من المبادرات، والاستقرار على شعار المركز ومواضيعه التسويقية وطرحنا المستقبلي للعضوية.. وهناك ملفات كثيرة.

• أخيراً.. بعد شهور من تأسيسكم الحقيقي أين وصلتم الآن؟

•• لدينا مجلس إدارة يتكون من 11 عضوا، يمثل 3 مدن رئيسية التي يوجد بها أكبر عدد من الشركات العائلية، وكلها أسماء لامعة تمثل عائلات تجارية كبيرة، ونستطيع القول إن مجلس الإدارة الحالي مميز، وكل واحد منهم متحمس لموضوع معين وسنشكل اللجان في ضوء ذلك.

أجرينا اتصالات كثيرة مع عدة جهات حكومية وعلى رأسها وزارة التجارة وهيئة الاستثمار ووزارة العمل وغيرها من الجهات الحكومية الأخرى مثل وزارة التعليم التي كان لها ردة فعل إيجابية بعد تواصلنا معها.. والقادم سيكون أفضل.