كشف خبراء اقتصاديون لـ«عكاظ» وجود 3 تحديات تواجه الشركات العائلية تهدد استمراريتها على المديين المتوسط والبعيد، لافتين إلى أن تلك التحديات تتمثل في التعاقب الإداري الدائم الذي يعرقل نشاط الشركات بعد وفاة المؤسس، فيما التحدي الثاني يتمثل في غياب ثقافة الإبداع، التي تتوافر عبر ضخ دماء جديدة في الشركة من الشباب المؤهل عمليا وإداريا، بينما التحدي الثالث يكمن في النمو دون الاستحواذ أو الاندماج مع شركات أخرى. وطالبوا بضرورة وجود جهة تتولى مسؤولية تقديم المشورة للكيانات العائلية للمحافظة عليها والحيلولة دون خروجها من السوق، مشددين على ضرورة إيجاد برنامج لتحفيز الشركات العائلية على الخروج من الإدارة التقليدية القديمة.
بيوت الخبرة واللجوء للاستشارات
نوه عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الشرقية بندر الجابري إلى أنَّ مساهمة الشركات العائلية في نمو القطاع الخاص أمر بالغ الأهمية، مشددا على الدور الأساسي لهذه الشركات في نمو الاقتصاد الوطني وتوليد الوظائف.
وبيّن: «هناك تركيز كبير على تنفيذ المشاريع الحكومية من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وفاعلية الشركات العائلية ستزيد خلال السنوات القادمة، خصوصا مع وجود المشاريع الحكومية في مجالات مختلفة مثل التعليم والصحة وغيرها، كما أن الشركات العائلية التي لجأت لبيوت الخبرة للحصول على الاستشارات لمواجهة التحديات قد استفادت في أغلب الأحيان من الحلول التي وضعت لتجاوز تلك المشاكل».
وأفاد أن بيوت الخبرة غالبا ما تتدخل لتقليص قضايا المنازعات في الشركات العائلية، كما أن بيوت الخبرة تساعد في وضع ميثاق العائلة الذي يحدد ضوابط حلِّ النزاعات.
وأكد المتخصص في حوكمة الشركات العائلية الدكتور عمر السنيد أن انعدام الكفاءة المهنية والعلمية المطلوبة بين أفراد الجيل الثاني أو الثالث للعائلة هو أحد أسباب اندثار الشركات العائلية، ومن مسؤولية كل جيل تربية كفاءة ووعي الجيل الذي سيعقبه وتهيئة السبل والأدوات (كالحوكمة) ليؤدي دوره المطلوب في إدارة وتطوير الإرث العائلي فهي ثقافة وتحتاج إلى وقت من الزمن لممارستها وعندما يفقد الجيل القادم الكفاءة والأدوات فسنجد أن قراراته ستؤثر ليس على العائلة وأفرادها بل على كل مستقبل كل عائلة التزمت لتحقيق النجاح من الموظفين وستؤثر على اقتصادية المنطقة التي مكنت هذه العائلة من الازدهار وفي النهاية ستؤثر على سمعة العائلة وأفرادها.
الجيل الثالث وعجز النهوض بالشركات
أوضح أستاذ المالية والاقتصاد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور إبراهيم القحطاني، أن دراسات أثبتت عجز الجيل الثالث في عدد من الشركات العائلية عن النهوض بالشركات.
وقال: «عملية استمرارية الشركات العائلية مرتبطة بوضع الدراسات اللازمة لمراقبة معدلات النمو السنوي، وأحذر من مقارنة الشركات العائلية في البلدان الأوروبية بنظيراتها في المملكة؛ نظرا لوجود اختلافات في الأنظمة، ومنها (نظام الإرث) حيث الكثير من الثروات تنتقل عن طريق الإرث، فيما الشركات العائلية في البلدان الأوروبية لا تنتقل عن طريقه، كما توجد مجموعة من التحديات التي تواجه الشركات العائلية ومنها التعاقب الإداري الدائم، الذي قد يعرقل نشاط الشركة المتمثل في وفاة المؤسس؛ ما يحدث فجوة كبرى في الكيان، فالمؤسس يكون على رأس العمل خلال العشرين أو الثلاثين عاما، فيما الجيل الثاني قد يبدي الرغبة في عدم مزاولة النشاط، أو يكون غير محترف في ممارسة العمل الحر بخلاف المؤسس، كما أن التعاقب الإداري بالغ الأهمية سواء من داخل العائلة أو خارجها، الذي يبدأ التخطيط لهذا الأمر على مدى ما بين 10– 15 عاما عبر تأهيل كوادر بشرية لاستلام المنصب بمجرد حدوث الفراغ الإداري».
وأشار إلى أن التحدي الآخر الذي يواجه الشركات العائلية يتمثل في غياب ثقافة الإبداع، التي تتوافر عبر ضخ دماء جديدة في الشركة من الشباب المؤهل عمليا وإداريا، وكذلك من خلال استقطاب الخبرات سواء المحلية أو الدولية، فهذه العناصر قادرة على التفكير في إطلاق منتجات جديدة وخدمات حديثة.
وذكر أن التحدي الثالث يتمثل في النمو دون الاستحواذ أو الاندماج مع شركات أخرى، كما توجد شركات عائلية لا تولي أهمية بالغة للنمو الذاتي والتوسع المستمر.
استقطاب الكفاءات الوطنية للإدارة
طالب المحلل الاقتصادي ناصر القرعاوي، بضرورة وجود جهة تتولى مسؤولية تقديم المشورة للكيانات العائلية للمحافظة عليها والحيلولة دون خروجها من السوق، مشددا على ضرورة مسؤولية وزارة التجارة وغرف التجارة والصناعة عبر رفع مستوى المحافظة على الشركات العائلية سواء عن طريق تحويلها إلى شركات مساهمة أو اندماجها مع شركات قوية.
وأضاف: «السوق الموازية تمثل عنصرا أساسيا في استمرارية الشركات العائلية، إضافة لاستقطاب الكفاءات الوطنية لإدارة الشركات بحكمة العلم وقدرة الشباب، كما يجب احتفاظ أبناء المؤسسين بنسبة من رأس المال تصل الى 70%».
ودعا الجيل الثالث لاستقطاب الكفاءات الوطنية لإدارة الشركات العائلية، خصوصا أن كثيرا من الجيل الثالث لا يمتلكون القدرة على إدارة الكيانات الاقتصادية العائلية؛ نتيجة الابتعاد عنها بشكل كامل وعدم الرغبة في الانخراط في تلك الكيانات، كما أن الأزمات التي تعيشها بعض الكيانات العائلية مرتبطة بإصرار الجيل الثالث على إدارتها بشكل مباشر؛ الأمر الذي يقودها إلى المحاكم بين الورثة.