تفتح الدورة الجديدة من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي الباب على قطاع الصناعات الإبداعية، بوصفه مورداً مهماً يمكن من خلال الاستثمار به، وأن يتحوّل لثروة مساهمة في رفع مستويات النمو الاقتصادي لبلدان المنطقة والعالم، وهو ما تؤكده نتائج تقرير صادر عن «إرنست أند يونغ»، الذي يشير إلى أنه من المتوقع أن يصل سوق الصناعات الثقافية والإبداعية العالمية خلال السنوات العشر القادمة إلى نحو 2 تريليون دولار، وأن هذه الصناعات ستستوعب نحو 29 مليون وظيفة، وستعمل أيضاً على استحداث قطاعات جديدة مرتبطة بهذه الصناعة بشكل مباشر وغير مباشر، مما يدعم ريادة الأعمال ويهيئ المناخ المناسب للشركات الناشئة القائمة على المواهب والأفكار الشبابية.
ويتناول المنتدى، الذي يعقد تحت شعار «موارد اليوم.. ثروات الغد»، الفرص المتاحة أمام المنطقة العربية لتحويل الصناعات الإبداعية إلى محرك ومساهم جوهري في اقتصاد المنطقة، وتبين نتائج التقرير على مستوى الوطن العربي، أنه من المرجح أن ينمو سوق القطاعات الثقافية والإبداعية إلى نحو 58 مليار دولار، وسيوفر نحو 2.4 مليون وظيفة، أي ما يعادل 1.1% من الناتج المحلي الإجمالي الحالي للبلدان العربية.
وينطلق المنتدى في تركيزه على هذا المحور من رؤية واضحة، يؤمن فيها بأن الحالة الراهنة والمبشرة للاقتصاد الإبداعي لا تعني أنه قادر على الاستمرار بالنمو بقواه الذاتية، أو أنه قد يتحول إلى قطاع منظم بدون اهتمام الجهات المختصة بحيث ترعاه وتوفر له شروط الاستدامة من سياسات وتشريعات وقوانين وتسهيل الوصول إلى الموارد والأسواق، والأهم من ذلك بناء الثقافة الاجتماعية التي تحتضن المبدعين من رواد هذه الصناعة.
وحول ذلك، يؤكد مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة طارق سعيد علاي، أن تشكيل ثقافة الصناعات الإبداعية سيكون مساراً صعباً إلا إذا تم تبني هذه المهمة من قبل المؤسسات الرسمية التي يقع عليها عاتق أن تنشئ شبكة علاقات مع الإعلام ورواد القطاع الإبداعي وصناع القرار وممارسة اتصال ممنهج يسلط الضوء على أهمية هذه الصناعات بوصفها مورداً بشرياً لا ينفد ولا يرتبط بشكل مباشر بالموارد المادية، بل وقد يشكل بديلاً تنموياً مستداماً للدول التي لا تمتلك من الموارد المادية ما يكفي لتجاوز تحدياتها الاقتصادية من ناحية، والدول التي تضع مخططات مستقبلية طموحة وتحتاج لمواردها البشرية المستدامة من أجل تحقيقها.
وحول الدور المباشر للاتصال الحكومي في دعم الصناعات الإبداعية، يوضح علاي أن المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، الذي ينظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة في كل عام، ركز عبر دوراته المتتالية على أهمية دور الاتصال الحكومي في حشد الطاقات البشرية الكامنة، من مواهب وحرف وأفكار وإبداعات، ويقول: «إن اهتمام المنتدى بأهمية استثمار الثروات والموارد غير المادية لا يأتي فقط من التوقعات الضخمة حول مساهمة هذه الثروات في الاقتصادات الوطنية، بل وأيضاً لدور الصناعات الإبداعية في تشكيل الهوية الثقافية والفنية للمجتمعات، وتوسيع قاعدة النشاط البشري الإبداعي في الاقتصادات الوطنية، فهذا النوع من النشاط يشكل جوهر اقتصاد المستقبل الذي سيرتكز على الأفكار أكثر من الموارد المادية، وهذا يعني أن اهتمامنا اليوم بالصناعات الإبداعية هو ضمانة لترسيخ مكانة متقدمة في المشهد الاقتصادي العالمي مستقبلاً».