-A +A
«عكاظ» (الظهران)

مع اكتشاف النفط والغاز في المملكة العربية السعودية وبدء تصديرهما، وضعت أرامكو السعودية نصب عينيها مسؤوليتها الوطنية والاجتماعية والدولية في المحافظة على سلامة وجمال البيئة البحرية والبرية بتوفير أفضل السبل والتقنيات للمحافظة على النظام البيئي البديع، في البحر وعلى اليابسة، وفي الصحراء والسهول والوديان وعلى الجبال الشاهقة.

وتزخر بحار المملكة بكثير من الكنوز وأسرار الحياة البحرية والأنظمة البيئية، وتشكّل شعابها المرجانية موطناً لآلاف الكائنات البحرية، فيما تشكّل الجزر ملاذاً آمناً لتكاثر العديد من الطيور المهاجرة التي تفد إليها في كل عام، حتى بلغت طيور الغاق السقطري في الجزر البحرية للمملكة نحو 250 ألف طائر، أي ما يشكّل ثلاثة أرباع هذا النوع من الطيور في العالم، إضافة إلى وجود الآلاف من طائر الإنكا ذي الشارب والصقر البحري وأبي قردان وطائر البلشون والنورس وغيرها.

وفيما يحتفل العالم اليوم باليوم العالمي للبيئة، عززت جهود أرامكو السعودية هذا التنوّع البيئي لتبقى شواطئ الخليج العربي محطة موسمية مهمة للطيور المهاجرة التي تحصل على الطعام والمأوى والراحة، حتى عرفت المنطقة عددًا كبيرًا من هذه الطيور.

ولذلك التزمت أرامكو السعودية في تطوير حقولها نهجًا مبتكرًا ومتكاملًا لإنجاز هذه المهمة الكبرى مستخدمة تقنيات هندسية جديدة في مجال صناعة النفط العالمية للمحافظة على عناصر البيئة الطبيعية، ومن بينها حقلها في خليج منيفة والمجتمعات المحلية التي تعيش على صيد السمك في مياه الخليج العربي، وتتخذ قواربها من خليج منيفة مرفأ رئيسيا لها.

وأتاح هذا التحدي للمهندسين فرصة الإبداع والابتكار في بيئة عمل مثالية آخذةً بعين الاعتبار قواعد السلامة والصحة والمحافظة على الثروة الحقيقية للشركة ممثلة في العنصر البشري، بجانب المحافظة على البيئة البحرية والبرية.

وجاءت النتائج على قدر ما بذل الإنسان من العمل والجهد، حيث أسهم هذا الحقل في زيادة الطاقة الإنتاجية لأرامكو السعودية اللازمة لسد احتياجات السوق النفطية العالمية ودعم استقرارها، فيما واجهت الشركة مكمنًا عميقًا للنفط يقع في منطقة ضحلة من مياه الخليج معروفة بوجود الروبيان والأسماك، فبحثت الشركة بين الخيارات المبتكرة لحماية الشعاب المرجانية ومروج الأعشاب البحرية.

وكان لخليج منيفة أثره الكبير وبصمته الواضحة على المكان والإنسان في المنطقة الشرقية منذ زمن صيد السمك واستخراج اللؤلؤ حتى زمن النفط وسخاء الذهب الأسود.

من كل ذلك جاء التزام أرامكو السعودية بمعايير الجودة العالمية، وتبنّي أفضل الحلول المبتكرة للمحافظة على هذا المكان وإرساء ثقافة الصحة والسلامة والوعي البيئي في مشروع منيفة مما أدّى إلى نجاحه بشكلٍ لافتٍ، وانعكس ذلك إيجابًا على المملكة والمنطقة والعالم.

وجاء هذا المشروع الوطني متسقًا مع سياسة المملكة العربية السعودية وتوجهاتها في تنويع مصادر الدخل الوطني وتطويرها، ومنسجمًا مع استراتيجيات وسياسات دعم الاقتصاد الوطني، ومجسدًا لأهمية الصناعة النفطية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث تشكّل أرامكو السعودية جوهر تنمية هذه الصناعة، متحملة مسؤوليتها الكبرى ليس للأجيال السابقة والجيل الحالي فحسب، وإنما للأجيال القادمة أيضًا، وبما يعزز الفرص ومنها الدخل الوطني الأساس للمملكة الذي يأتي من خلال هذا القطاع الحيوي والمهم.

وبصورة عامة، يروي خليج منيفة حكاية السعوديين وعلاقتهم الوطيدة بالبحر وركوب الداو وصيد السمك واستخراج اللؤلؤ، شأنهم في ذلك شأن سائر أهل الخليج العربي الذين اعتادوا النزول في مياهه الزرقاء على أنغام اليامال، يتغنون بها في قوارب شراعية تأخذهم في سفر طويل يمتد لشهور نحو مصائد اللؤلؤ المشهورة التي تجسد معادلة متشعبة الأبعاد، بيئيًا واجتماعيًا وتاريخيًا.