أكد مساعد وزير المالية لشؤون المالية الدولية والسياسات عبدالعزيز الرشيد، أن المبادرات وحزم الإجراءات الحكومية المتخذة للتخفيف من الآثار السلبية لجائحة «كورونا» على القطاع المالي والاقتصادي راعت معاناة القطاع الخاص من التدفقات النقدية عبر العديد من المبادرات، ومنها تأجيل المستحقات المالية والإقرارات الضريبة والزكوية، إذ وصل إجمالي قيمة المبادرات الهادفة إلى توفير السيولة النقدية للقطاع الخاص ليتمكن من إدارة أنشطته الاقتصادية نحو 80 مليار ريال، إضافة لتخصيص مبلغ 50 مليار ريال لتعجيل سداد مستحقات القطاع الخاص.
وأوضح الرشيد أن أزمة فايروس «كورونا» التي يعيشها العالم في الوقت الراهن جاءت في الوقت الذي لا تملك فيه الكثير من الدول المساحة المالية الكافية حتى تكون ردة فعلها مشابهة لما حدث في الأزمة الاقتصادية العالمية العام 2008.
وبيّن أن أزمة «كورونا» تسببت في انخفاض الطلب العالمي الحاد على النفط والغاز، والذي كان له انعكاس كبير على الإيرادات الحكومية في المملكة، ما تطلب مراجعة لخطط الإنفاق في العام 2020، وإعادة ترتيب الأولويات مع التركيز على خدمة القطاع الصحي للمحافظة على صحة المواطنين والمقيمين في المملكة.
وأشار إلى أن التحدي الذي كان وما زال يواجه حكومة المملكة وبقية دول العالم هو استشراف ما سيكون عليه الوضع المالي خلال العام الحالي أو القادم، سواءً فيما يتعلق بتوقعات الإيرادات الحكومية أو التخطيط للنفقات بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، ويحافظ على مستويات إنفاق جيدة تحقق للمواطن جميع الخدمات الأساسية التي يتطلع إليها من الحكومة.
ولفت إلى أن أكثر من 640 ألف منشأة استفادت من تأجيل الإقرارات الزكوية، كما استفادت نحو 250 ألف منشأة من مبادرة تأجيل إقرارات ضريبة القيمة المضافة، منوهاً بأن هذه المبادرات الحكومية تدعم الجانب المالي لمنشآت القطاع الخاص بما يساهم في توفير قدرة مالية لها تمكّنها من تجاوز الأزمة بأقل الأضرار.
جاء ذلك خلال اللقاء الافتراضي الذي عقده مركز التواصل والمعرفة المالية (إحدى مبادرات وزارة المالية) أمس (الاثنين)، بعنوان «تمكين منظومة الاقتصاد السعودي في زمن الجائحة»، بمشاركة عدد من المسؤولين من القطاعين العام والخاص.
وشارك في اللقاء إلى جانب مساعد وزير المالية، وكيل محافظ مؤسسة النقد للأبحاث والشؤون الدولية الدكتور فهد الدوسري، ووكيل وزارة الاقتصاد والتخطيط لشؤون سوق العمل وتنمية رأس المال البشري أيمن أفغاني، ورئيس مجلس إدارة أكوا باور محمد أبو نيان، ورئيس مجلس إدارة مجموعة سامبا المالية المهندس عمار الخضيري، وأدار اللقاء أستاذ الاقتصاد المشارك بمعهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية المالية السعودية الدكتور رجا المرزوقي.
وذكر وكيل محافظ مؤسسة النقد الدكتور فهد الدوسري، أن الدول اتخذت في سبيل التعامل مع الأوضاع الحالية إجراءات متنوعة ما بين تخفيض أسعار الفائدة وتيسير برامج الإقراض لمساعدة القطاع الخاص على تخطي تداعيات هذه الجائحة، مشيراً إلى أن المؤسسة أعلنت في منتصف شهر مارس إطلاق برنامج تصل قيمته إلى نحو 50 مليار دولار لدعم القطاع الخاص، خصوصاً المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة لتخفيف الآثار المالية والاقتصادية المتوقعة من الإجراءات الاحترازية، إذ تجاوزت عدد عقود المنشآت المستفيدة من برنامج تأجيل الدفعات 68 ألف عقد وبحجم إجمالي تجاوز 48 مليار ريال حتى بداية شهر يونيو.
ونوّه الدوسري بدور المملكة القيادي في تخفيف آثار الجائحة بقيادتها الفاعلة لمجموعة العشرين وعقد قمة استثنائية افتراضية برئاسة خادم الحرمين الشريفين لتنسيق الجهود الدولية ودعم عمليات التعافي الاقتصادي العالمي.
وفيما يخص المؤشرات المالية والنقدية في ظل أزمة كورونا، شدد وكيل محافظ مؤسسة النقد للأبحاث والشؤون الدولية على أن المؤشرات في المملكة في مستويات جيدة وهو ما أكده تحقيق الائتمان المصرفي في القطاع الخاص نمواً بنسبة 12.2% في أبريل الماضي ويعتبر الأعلى منذ العام 2015، مضيفاً بأن إجمالي القروض العقارية السكنية الجديدة للأفراد الممنوحة من المصارف التجارية في الأربعة أشهر الماضية ارتفعت بشكل ملحوظ في الربع الأول من العام الحالي وبلغ عدد العقود 87.1 ألف عقد مقارنة بنحو 43.3 ألف عقد بنفس الفترة العام الماضي.
من جهته، قال أيمن أفغاني إن الاقتصاد العالمي لم يكن في أفضل حالاته قبل بداية الأزمة لأسباب عدة، منها الحرب التجارية بين أمريكا والصين ومداولات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأن تلك الأمور لعبت دوراً في تعزيز الأثر السلبي للجائحة.
وعلى الصعيد المحلي، أوضح أن المبادرات التي قدمتها الحكومة تهدف إلى تخفيف الآثار المالية والاقتصادية على القطاع الخاص ليتمكن من مواصلة مشاركته الفاعلة في الاقتصاد والتصدي لآثار الجائحة، والمحافظة على نسب التوطين التي تحققت خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى استفادة 400 ألف سعودي في 80 ألف منشأة من مبادرة دعم الأجور عبر نظام ساند، إذ استفادت الأنشطة الأكثر تضرراً من الجائحة في قطاعات مثل تجارة الجملة والتجزئة والتشييد والبناء، وخدمات الفندقة والإقامة والأطعمة.
من ناحيته، رأى المهندس عمار الخضيري أن التأثيرات الاقتصادية للأزمة الحالية ستستمر بين سنه إلى سنتين، موضحاً أن هناك فارقا بين ما يحصل في الاقتصاد وما يحصل في أسواق المال، وأن الفرق يعزوه لسببين، أولهما الانهيار في أسعار الفائدة، والثاني حزم التحفيز التي اعتمدتها البنوك المركزية، مشيداً بالمبادرات التي اتخذتها مؤسسة النقد العربي السعودي للتعامل مع الأزمة، مؤكداً أن مبادراتها لم تخفف الأثر فحسب بل أزالته، وبناءً على ذلك تمت إعادة جدولة القروض دون تكلفة إضافية على المستفيدين من منشآت القطاع الخاص.
إلى ذلك، أشاد محمد أبو نيان بالإجراءات والمبادرات التي اتخذتها حكومة المملكة لمكافحة فايروس كورونا والتي سبقت فيها دول العالم، مشيراً إلى أهمية دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة خلال هذه الأزمة كونها تشكل جزءاً أساسيا من الاقتصاد، الذي أبدى ثقته بعودته إلى وضعه الطبيعي بعد زوال الجائحة.