يمّر قطاع تجارة التجزئة حول العالم بتغيرات مهمة بالتزامن مع تسارع التحول الرقمي، جعلت من الابتكار التكنولوجي ضرورةً لازمة لمواكبة تطور سلوك المستهلكين والتحوّلات المتسارعة في عاداتهم الشرائية. وعلى إثر ذلك، شهد قطاع التجزئة خلال الفترة الماضية قفزاتٍ نوعية من ناحية استخدام التكنولوجيا الحديثة وتوظيف الحلول الذكية للارتقاء بتجربة العملاء وتلبية احتياجاتهم المتغيرة، لا سيما في ظل الظروف القاسية التي فرضتها جائحة كورونا.
وقد ساهمت هذه التغيرات مجتمعةً في إعادة تصور مشهد القطاع ككل ودفعت بالشركات في جميع أنحاء العالم، نحو العمل على تطوير منظومة عملياتها وتعديل أساليب العمل بصورةٍ سريعة، للتكيّف مع المشهد الجديد لتجارة التجزئة. إذ أدركت الشركات أن النموذج الناجح لم يعد يتعلّق فقط بعرض المنتج، ولكن أيضاً بإتاحة الخيارات المتنوعة وتوفّرها وسرعة توصيلها، فضلاً عن توفير تجربةٍ سهلة ومريحة للمستهلكين من خلال استخدام الحلول الرقمية الحديثة.
وقد أثبت قطاع تجارة التجزئة في المملكة مرونةً عالية في التكيّف مع هذه التغيّرات والتأقلم بشكل فعّال مع آفاق الفرص الجديدة التي خلقتها. وكان لتسخير التكنولوجيا المتطورة مثل حلول الذكاء الاصطناعي دورٌ كبير في إحداث نقلةٍ نوعية مكّنت شركات التجزئة من تقديم تجربةٍ استثنائية ومخصّصة تناسب كل مستهلك على حدة، وتُضفي المزيد من القيمة إلى تجربة التسوق.
ولا شك أن التكنولوجيا والابتكار أصبحا أكثر العناصر أهميةً في بلورة مستقبل تجارة التجزئة ورسم ملامح شكله الحديث، ليحصل العملاء على تجربةٍ متكاملة سواء في المتاجر الفعلية أو عبر منصات التجارة الإلكترونية، كالتي نقدّمها في متاجر بن داود والدانوب. ولعلّ أبرز أسباب ريادتنا في هذا المجال هو استشرافنا لضرورة توظيف الحلول الذكية لمواكبة التغيرات في سلوك المتسوّق السعودي، الذي يعدّ أحد أسرع شعوب العالم في استخدام وتبنّي الحلول والمنصات الرقمية، وهذا ما مكّننا بالفعل من الاستجابة بشكل سريع وفاعل في التعاطي مع التغيّر الكبير الذي شهده السوق السعودي خلال العام 2020 بالتزامن مع تفشي جائحة كورونا، باعتبار أننا كنّا في طليعة شركات التجزئة في المملكة في دخول عالم التجارة الإلكترونية في قطاع المواد الغذائية والكماليات عبر الإنترنت منذ سنواتٍ عدّة. كما أن استثماراتنا الاستباقية في هذا المجال مكّنتنا من اكتساب خبرةٍ متعمّقة في مجال التسوّق الإلكتروني، وفهم العادات الشرائية للمستهلكين، وبالتالي التقرّب أكثر من عملائنا وتزويدهم بالحلول التي تساعدهم على تلبية احتياجاتهم بصورةٍ سلسة ومريحة، كاستبدال الدفع النقدي عند التسليم، والانتقال إلى خيارات الدفع عبر الإنترنت.
ولا يخفى على الجميع أن المستقبل هو للحلول الرقمية، حيث إن أموراً مثل البيانات الضخمة (Big Data)، والذكاء الاصطناعي والروبوتات وإنترنت الأشياء، وما تقدّمه من خيارات ثورية في تيسير الأعمال بأقصر الطرق الممكنة أمر لا غنى عنه لأي منشأة ترغب في التكيف مع متغيرات العصر والابتكار. ومع تبنّي المزيد من الشركات في المملكة إستراتيجيات الابتكار والتحول الرقمي، فإن المستفيد الأكبر هو المتسوّق السعودي والسوق السعودية بشكل عام؛ الأمر الذي سيعود بالفائدة على الاقتصاد المحلي وتعزيز تنافسيته على مستوى المنطقة والعالم.