حققت المملكة تقدماً ملحوظاً في مجال التنوع الاقتصادي، حيث ارتفعت معدلات نمو الاقتصاد غير النفطي من نحو 0.2% في العام 2016م إلى نحو 3.3% في العام 2019، لتصل إلى نحو 5.4% خلال النصف الأول من العام 2021 مدفوعة بزيادة الاستثمارات الخاصة، ونمو الأنشطة الإنتاجية والخدمية المتنوعة.
وأوضح وزير المالية محمد بن عبدالله الجدعان، أن توجيهات القيادة وتضافر جهود جهات الاختصاص المعنية، أسهمت في استمرار التعافي التدريجي للاقتصاد السعودي، خلال المرحلة الاستثنائية الماضية التي شهدت تفعيل منهجية موحدة ومترابطة للتعامل مع تداعيات جائحة كورونا من خلال خطط وبرامج وسياسات استهدفت مواجهة المخاطر والمحافظة على المكتسبات.
وتناول ما تحقق من إنجازات في الأداء المالي والاقتصادي رغم كل الظروف الصعبة، مشيراً إلى أن وزارة المالية -بالشراكة مع المركز الوطني لنظم الموارد الحكومية- استلمت حتى نهاية شهر أغسطس من هذا العام عبر منصة اعتماد الرقمية التي سهّلت إجراءات التعاملات المالية للقطاعين العام والخاص، ما يزيد على 623 ألف أمر دفع، بقيمة تجاوزت 575 مليار ريال، وأنجزت إجراءات صرف قيمتها 568 مليار ريال تقريباً خلال 15 يوماً (أي بنسبة تجاوزت 98% من قيمة أوامر الدفع المستلمة).
وأشار إلى أن برنامج تطوير القطاع المالي شهد بالمثل نجاحات أخرى؛ حيث زاد حجم التداول في أسواق الدين الثانوية المحلية بأكثر من 70 مليار ريال في العام 2020، مقارنة بـ10 مليارات ريال في العام 2019، كما أسهمت مبادرة الإقراض غير المباشر في تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة بمبالغ تقدر بنحو 642 مليون ريال لتخدم 611 منشأة صغيرة ومتوسطة.
وأفاد وزير المالية بأن مبادرة دعم استدامة الشركات ومبادرة صندوق دعم المشاريع أسهمتا في دعم منشآت القطاع الخاص لتعزيز دورها في المنظومة الاقتصادية بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030، حيث وصل حجم الموافقات التمويلية بنهاية العام 2020 إلى 4 مليارات ريال، كما تم تأجيل سداد أقساط القروض المستحقة خلال العام 2020، وتخفيف الإجراءات لمواجهة تداعيات جائحة كورونا.
ونوّه بالجهود المبذولة لتطوير السوق المالية السعودية (تداول)، حيث ارتفع إجمالي عدد الشركات والصناديق المدرجة بنسبة 7.6% ليصل إلى 213 شركة مقارنة بـ198 شركة بنهاية عام 2017، لترتفع بذلك قيمة ملكية المستثمرين الأجانب في السوق المالية السعودية بنسبة 195.9% لتصل إلى 208.3 مليار ريال بنهاية العام 2020، وبنسبة ملكية بلغت 12.8% من إجمالي الأسهم الحرة في السوق الرئيسة، مقارنة بقيمة استثمارات أجنبية بلغت 70.4 مليار ريال بنهاية العام 2017، فيما بلغ حجم الأصول المدارة 612 مليار ريال بنهاية العام 2020، مقارنة بـ391 مليار ريال بنهاية العام 2017، بارتفاع نسبته 57%.
وقال: «حققت المملكة قفزة كبيرة في التحول الرقمي للقطاع المالي، وهو ما أسهم في تحسين كفاءة وسرعة الخدمات المالية»، مشيراً إلى أن المملكة استمرت في رحلة رقمنة المدفوعات مسجلةً نمواً بمعدل العمليات الإلكترونية بلغ 36% من إجمالي عمليات الدفع المتاحة في العام 2019، متجاوزة بذلك مستهدف برنامج تطوير القطاع المالي لعام 2020 المقدر بـ28%.
ولفت إلى أن برنامج تطوير القطاع المالي قاد -بفضل الله ثم توجيهات القيادة الرشيدة- العديد من التطورات في مجال التقنية المالية، ومنها إصدار سياسات المصرفية المفتوحة، كما أثبت خلال الجائحة أنه أقوى قطاع من حيث النمو مدعومًا بالتحول الرقمي.
وبين وزير المالية أنه منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 تمت السيطرة على مستويات عجز المالية العامة للدولة من 15.8% في العام 2015 إلى 4.5% في العام 2019، والمتوقع أن تصل إلى مستويات أقل في ميزانية العام الحالي 2021 بعد انحسار الآثار المالية والاقتصادية من تداعيات جائحة «كوفيد-19» نتيجة مبادرات لتنمية الإيرادات غير النفطية التي ارتفعت من 166 مليار ريال في عام 2015 لتصل إلى 369 مليار ريال عام 2020، وفي نفس الوقت التركيز على رفع القدرات في عملية التخطيط المالي، حيث انخفض متوسط التباين السنوي للأداء الفعلي لإجمالي النفقات عن تقديراتها في الميزانية، من متوسط 16% خلال الفتــرة مــن 2014م إلى 2016، إلى متوسط 4% من2017 إلى 2019، إضافة إلى جهود رفع وترشيد كفاءة الإنفاق التي أسهمت في تحقيق وفورات في التكاليف تجاوزت 500 مليار ريال خلال السنوات الأربع الماضية حتى منتصف العام 2021.
واستعرض العمل الحثيث في تطوير التعاملات المالية الحكومية، وأتمتة أوامر الدفع عبر منصة «اعتماد»، فضلاً عن إسهام البرنامج في توجيه الدعم لمستحقيه عبر برنامج «حساب المواطن» بأكثر من 100 مليار ريال حتى شهر محرم 1443، علاوة على دوره في تطوير نظام المنافسات والمشتريات الحكومية.
ولفت إلى استهداف منظومة التخصيص لـ17 قطاعاً و176مبادرة، إذ أطلق منها 32 فيما تمت ترسية 18 أخرى، مشيراً إلى تحقيق المنظومة 5.77 مليارات ريال من عوائد بيع الأصول عبر اكتمال عملية تخصيص المرحلتين الأولى والأخيرة لقطاع مطاحن الدقيق، التي شملت طرح كامل حصص شركات المطاحن الأربع (الأولى والثانية والثالثة والرابعة) أمام مستثمرين من القطاع الخاص خلال العامين 2020 و2021، إضافة إلى توقيع اتفاقية مشروع إنشاء محطة الجبيل المرحلة الثالثة (ب) بالجبيل بالمنطقة الشرقية لإنتاج 570 ألف متر مكعب من المياه المحلاة يومياً.
وعلى المستوى الدولي، قال وزير المالية: «إن المملكة حققت العديد من الإنجازات في المؤشرات والتقارير والتصنيفات العالمية؛ فعلى سبيل المثال، سجلت المملكة مركزاً متقدماً في مؤشر توافر رأس المال الجريء ضمن تقرير التنافسية العالمية لعام 2020، كما احتلت مركزاً متقدماً في مؤشر شفافية الميزانية الصادر عن منظمة الشراكة الدولية للميزانية؛ وهو إنجازٌ يعكس حجم الجهود المستمرة لتعزيز مستوى الشفافية والإفصاح في الماليّة العامة، إضافة للمراكز المتميزة التي حافظت عليها المملكة في التصنيفات الائتمانية الدولية، فضلاً عن إشادة المنظمات المالية الدولية بالإصلاحات الهيكلية التي شهدتها المملكة وانعكاساتها على آفاق نموها الاقتصادي، خصوصاً للقطاع الخاص».
وضمن جهود وزارة المالية لتعزيز الشراكة والتكامل والتعاون بين الجهات الحكومية؛ أوضح الجدعان أن المركز الوطني لنظم الموارد الحكومية، حقق أخيراً 3 جوائز عالمية؛ حيث حصل على الجائزة الذهبية لمنصة «اعتماد» عن فئة حلول إدارة الأنظمة، كما نال نظام «صرف» الجائزة الفضية ضمن فئة حلول إدارة رأس المال البشري، وفي مجال إدارة المدفوعات، حقق نظام «تحصيل» الجائزة الفضية عن فئة إدارة المدفوعات، كما توّج المركز الوطني لإدارة الدين للعام الثاني على التوالي بجائزتي «قلوبال كابيتال» لجوائز السندات للعام 2021 بوصفه «أفضل مصدر سيادي لأدوات الدين في الشرق الأوسط»، و"أفضل مصدر لأدوات الدين في الأسواق الناشئة.
واختتم وزير المالية تصريحه قائلًا: «في اليوم الوطني الخالد، من حقنا أن نفخر بقوة الاقتصاد السعودي، وقدرته بفضل الله على تجاوز تداعيات أزمة كورونا الراهنة، والتعامل معها بمرونة عالية».