تشهد المملكة موجة تغيير عارمة، وكجزء من الإصلاحات الحكومية واسعة النطاق على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، استطاعت المملكة تحقيق قفزة نوعية ضمن جهودها الهادفة إلى تمكين المرأة في مكان العمل. ويشير مسح القوى العاملة الذي أجرته الهيئة العامة للإحصاء في المملكة إلى أن مشاركة الإناث في القوى العاملة ارتفعت من 19% في عام 2016 إلى 33% في نهاية عام 2020، متجاوزة هدف رؤية المملكة 2030 البالغ 30%، وذلك قبل 10 سنوات كاملة.
وقال المدير الإقليمي للموارد البشرية في أمازون السعودية محمد الشمري: إن الاهتمام بوجود قوة عاملة متوازنة بين الجنسين لا يخدم مصالح الشركات التي تلتزم بهذا التوجه فحسب، بل يحقق مكاسب معتبرة للاقتصاد الوطني والمجتمع السعودي ككل.
وبالرغم من التقدم الملحوظ الذي تم تحقيقه، إلا أنه لا يزال هناك الحاجة لتعزيز الجهود للوصول إلى الأهداف المنشودة. ويعد اليوم العالمي للمرأة، وما يحمله من مكانة سامية لتكريم المرأة، مناسبة رائدة ليس فقط لتقدير الإنجازات التي تم تحقيقها، بل وفي الوقت ذاته للتطلّع إلى الفرص والتحديات التي ترسم ملامح المرحلة القادمة.
الإمكانات غير المستغلة
لا شك أن المرأة السعودية تلعب دوراً محورياً في مكان العمل، إذ تشير الإحصاءات إلى أن النساء العربيات بالإجمال أكثر تعليماً من الرجال. وتمتلك هذه المجموعة من الكوادر الموهوبة غير المستغلة، القدرة على إثراء المؤسسات التي تختار دعم المساواة بين الجنسين. وتتعدد الفوائد الناتجة عن ذلك وتشمل أكثر مما تتمتع به الشركات الفردية، ما يسهم في تعزيز مراحل التطوير على صعيد المملكة من خلال تعزيز دخل الأسر ودفع عجلة نمو الاقتصاد الوطني. ووفقاً لدراسة أجرتها شركة ماكنزي، فإن تحقيق المساواة بين الجنسين في القوى العاملة في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان يمكن أن يسهم في ما يقارب 1.9 تريليون دولار أمريكي في الناتج الاقتصادي الإضافي بحلول عام 2040.
أدركنا في أمازون أهمية خلق بيئة عمل متكافئة، وما زلنا ملتزمين بالتنوع وتكافؤ الفرص على صعيد أعمالنا كافة. وفي ظل فترة التعافي العالمية من جائحة كوفيد-19 على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، أخذت هذه المهمة بعداً جديداً أكثر إلحاحاً.
وفي حين أن الجائحة فرضت العديد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية، إلا أنها ساهمت في الكشف عن فرصٍ مشوقة، لا سيما في القطاعات التي تحظى بمستقبل أفضل، كقطاع التجارة الإلكترونية على سبيل المثال. وللاستفادة من هذه الآفاق، يترتب على قادة الأعمال اغتنام الفرصة من خلال الالتزام باستراتيجيات طويلة الأجل من شأنها دفع عجلة النمو المستدام. وبهدف تحقيق تغيير دائم ومستمر، ينبغي علينا مضاعفة الجهود والتأكد من اعتماد الهياكل الملائمة لمستقبل أكثر إنصافاً.
انتهاز الفرصة
فكيف نتمكّن من تحقيق المساعي والوصل إلى الهدف المنشود؟ على صعيد شركة أمازون، تبدأ العملية بتحقيق التوازن بين الجنسين، ولتحقيق ذلك، قمنا سابقاً بإطلاق العديد من المبادرات والبرامج الناجحة المصممة لجذب أفضل المرشحات على صعيد المملكة والمنطقة بشكل عام، بما في ذلك مبادرة «دايفرساثون» Diversathons، والأنظمة المتطورة لجذب المواهب، ولجان التوظيف المتوازنة بين الجنسين.
بطبيعة الحال، فإن التزامنا بتمكين المرأة لا يقتصر فقط على عملية التوظيف، ولذلك، وتماشياً مع رؤية أمازون العالمية الهادفة إلى توفير بيئة عمل منصفة وآمنة وشاملة للجميع، نواصل التزامنا في دعم وتمكين النساء طوال مسيرتهن المهنية. وانطلاقاً من ضمان حصول الموظفات على جميع التسهيلات اللازمة لتجربة عمل مريحة، وصولاً إلى توفير برامج هادفة إلى تحسين المهارات ورسم مسار واضح للتطور المهني، نحرص على تعزيز ثقافة تشجيع النساء على إطلاق إمكاناتهن الكاملة وتمكينهن من القيام بالمزيد.
تعزيز ثقافة الابتكار
فعلى سبيل المثال، نجحت الشابة الموهوبة فاطمة يمني، مديرة برنامج نظام التميز لعملاء أمازون في أمازون السعودية ACES، في الإشراف على عدد من المشاريع المهمة، وفي أقل من عام ونصف، تمكنت من صقل مهاراتها خلال تلك الفترة الزمنية القصيرة وتحقيق تطور ملحوظ في مهنة مشوقة في مجال التجارة الإلكترونية وإدارة الخدمات اللوجستية. تقول السيدة يمني: "أحب ثقافة اليوم الأول، فنحن ننتمي إلى بيئة محفزة على التفكير والإبداع، فأي شخص لديه فكرة معينة بصرف النظر عن مدى كبرها أو صغرها، فإننا نلقى التشجيع المطلق على تجربتها. وهذا المستوى من الحرية لم أجده لدى شركة أخرى، فبإمكانك تحويل أفكارك إلى مشاريع حية وبدعم عالمي".
ويشكل هذا المستوى من الرضا الشخصي إلهاماً رائعاً، فهو يعكس نهج أمازون في إشعال شغف موظفيها وتمكينهم على تحقيق طموحاتهم. ومن خلال إطلاق العنان لإبداع أعضاء فريقنا، قمنا بتطوير ثقافة ابتكار قوية حيث يعد كل موظف مشاركاً نشطاً وله الحق في إبداء رأيه، بغض النظر عن الجنس أو مستوى الأقدمية.
نشأة قادة المستقبل
ومن جانبها، تسهم رحمة العلي، إحدى موظفات أمازون في مستودع التوزيع في الرياض، في إيجاد الفرص للجيل القادم من المواهب النسائية للنمو والازدهار في قطاع تقليدياً تعد أغلب القوى العاملة فيه من الرجال. وقالت السيدة العلي التي تشغل حالياً منصب مساعدة للموارد البشرية: «لأننا نعمل ضمن قطاع جديد نسبياً في السوق، فنحن حريصون جداً على انضمام النساء ولعب دور محوري في تحديد التوجه المستقبلي للقطاع. بدأت العمل في قسم العمليات قبل أن تتاح لي فرصة للتقدم والانضمام كأول امرأة سعودية للعمل في مستودع أمازون في الرياض. أشعر بالامتنان لالتزام أمازون الراسخ بتكريم ومكافأة المواهب النسائية، ولدي إيمان كامل بأن المرأة السعودية تتمتع بالقدرات المطلوبة لتحقيق إنجازات رائدة للشركة والأمة».
من المؤكد أن خلق إطار عمل يشجع الموظفات على التطور والنمو كقياديات، يعتبر ضرورة للتقدم المستدام، كما يؤكد ذلك أن فريق القيادة المتنوع هو مثال جيد على كل ما يمكن تحقيقه، إذ يسهم نجاحهم في جذب المواهب المتنوعة والاحتفاظ بها وإلهامها. وفي حين أن برامج الإرشاد وتطوير القادة، والمؤتمرات الداخلية، وفرص التعلم قد تكون عناصر أساسية في المسيرة نحو تحقيق المساواة، فمن الضروري أيضاً عدم صرف النظر عن الهدف الأساسي. لذلك فإن متابعة التقدم المستمر نحو الشمولية يعد عنصراً أساسياً لضمان تأثير مستدام طويل الأجل.
بناء غد أفضل
رغم أن الطريق لا يزال طويلاً أمامنا، إلا أن لدينا الكثير للاحتفال به في اليوم العالمي للمرأة هذا العام. إن الإيجابيات الناجمة عن التنوع لها تأثير جلي، لدرجة أن الالتزام بالمساواة بين الجنسين لم يعد يُنظر إليه على أنه ببساطة «من الجيد تواجده»، بل ضرورة عمل حتمية لأي مؤسسة تسعى للازدهار.
لذلك فإننا في أمازون، فخورون بدورنا البارز في التغييرات التي تشهدها المملكة والمنطقة بشكل عام. فانطلاقاً من مساعينا لتمكين الموظفات العاملات لدينا، فإننا نرسي الأسس لمستقبل أفضل لموظفاتنا، وعملائنا، والمجتمعات التي نخدمها.