خرج المنتدى الدولي لاستدامة القهوة السعودية، الذي نظمته وزارة الثقافة في جازان خلال الفترة من 1 إلى 2 أكتوبر تزامناً مع اليوم العالمي للقهوة، بعدد من التوصيات كان أبرزها انضمام المملكة للمنظمة الدولية للقهوة لتبادل الخبرات وتعزيز حضور القهوة السعودية دولياً، والتعاون مع المنظمات الدولية ذات الصلة بأبحاث القهوة؛ لتعزيز التعاون في مجال البحث والابتكار وتعزيز القدرات الوطنية، وتنظيم منتدى دولي سنوي خاص بالقهوة السعودية يناقش المنجزات والتحديات والتطلعات بالشراكة مع المجتمع المحلي، إلى جانب دراسة إطلاق مؤشرات ثقافية بالتعاون مع أصحاب المصلحة الشركاء لرصد دعم صناعة هذا القطاع الواعد، وتخصيص يوم للقهوة السعودية يحتفي به المجتمع السعودي.
كما أوصى المشاركون في المنتدى بأهمية تعزيز دور المزارعين؛ لتحسين الإنتاج وتعزيز استدامته، ودعم صناعة الابتكار وريادة الأعمال التي ستساهم في معالجة التحديات ذات الصلة باستدامة سلسلة قيمة القهوة السعودية. وخلُص المنتدى إلى وجود مُمكنات لدى المملكة تؤهلها لتكون المركز العالمي الأول لتجارة وصناعة القهوة، ومنها تميز البن السعودي بمواصفات فريدة مقارنة بالأصناف العالمية الأخرى، والموقع الاستراتيجي العالمي الجاذب، والنظر في تأسيس مجلة إلكترونية للقهوة السعودية، إضافة إلى التوصية بأهمية تخصيص جائزة سنوية لأفضل الجهود المساهمة في تحقيق تطلعات قطاع القهوة السعودية.
الجلسات الحوارية
واختتم اليوم الثاني للمنتدى بجلستين حواريتين ركزت على مشاركة الجهات الحكومية والبحثية في مجال صناعة القهوة، إضافة إلى النظر في المجال من زاوية طبية وانعكاساته على صحة الفرد والمجتمع، حيث استعرض في مستهل الجلسة الأولى الباحث في مركز البحوث والدراسات البيئية بجامعة جازان الدكتور الحبيب خميرة أصناف البن السعودي الرئيسية ومواطن جمعها وقصة زراعتها عبر مختلف الأزمنة. في الوقت الذي أشار مدير المكون الوطني للبن في الفاو المهندس بندر الفيفي إلى أن القهوة هي أكثر المشروبات استهلاكاً في جميع أنحاء العالم وأن متوسط طلب استهلاكها اليومي يزيد عاماً بعد عام، مبيناً أن تلك الزيادة تستدعي رفع كمية الإنتاج لتلبية هذا الطلب المرتفع، مشدداً على أهمية تعلم مزارعي البن خصوصا الصغار منهم تطبيق الممارسات الجيدة لتقنيات الزراعة واستراتيجيات حماية البن من الأمراض والآفات، علاوة على معرفة الأصناف التي يجب زراعتها من أجل تحقيق إنتاجية عالية وتقليل فاقد المحصول.
وفي ذات السياق، أوضح منسق مشاريع وكالة وزارة البيئة والمياه والزراعة للزراعة في برنامج التنمية الريفية ومنظمة الفاو نايف المطيري الجهود التي تبذلها الوزارة لخدمة قطاع زراعة البن، مبيناً أنه من ضمن الجهود التوسع في زراعة البن (Coffea Arabica)، وتطبيق الممارسات الزراعية الجيدة وتطويرها مشروع تأهيل مدرجات الزراعة، حيث أهلت نحو 975 هكتارا لأكثر من 9 آلاف مستفيد مباشر وغير مباشر من المدرجات لعدة أنواع من المحاصيل، ومن ضمنها محصول البن في المناطق الجنوبية الغربية من المملكة لتصبح صالحة للزراعة مع ضمان مياه الري وتطبيق تقنيات حصاد مياه الأمطار التي ساهمت في حل ندرة المياه والاستفادة القصوى من كل قطرة ماء، إضافة إلى توزيع شتلات البن ذات الجودة العالية بشكل مجاني مع ضمان رعايتها حتى مرحلة الإنتاج.
ومن جانب آخر، قال نائب المدير العام للمعرفة والتواصل بالمركز الوطني لأبحاث وتطوير الزراعة المستدامة راضي الفريدي: «إن تعريف الاستدامة الزراعية يشمل كل الجوانب البيئية والاجتماعية والاقتصادية»، مبيناً أن التكاملية الزراعية تستدعي من الجهات المعنية العمل والمساهمة في استقرار اجتماعي واقتصادي وبيئي متوازن في مناطق الزراعة بالأرياف، موضحاً أن القهوة أصبحت في وقتنا الحاضر من أفضل المشروبات في العالم وأشهرها نتيجة لتنافس شركات القهوة العالمية لتقديمها بمذاقات ونكهات مختلفة، مضيفاً: حالياً تعتبر القهوة ثاني أكبر سلعة متداولة في العالم بعد النفط، فقد بلغت قيمة سوق القهوة العالمية 102 مليار دولار أمريكي عام 2020، ومن المتوقع أن تواصل سوق القهوة النمو لتصل إلى معدل 4.28% خلال الفترة 2022 - 2026، حيث نجد أن التوسع في سوق القهوة يزيد من الضغط على سلاسل إمداد القهوة التي تبدأ من المزارع حتى تصل للمستهلك.
وبين الأخصائي في منظمة سلوفود إيمانويل دغيرا أن القهوة تمثل مسافة كبيرة بين الزراعة والاستهلاك (من النبات إلى الكوب)، وأنها كمنتج زراعي عنصر مهم في السياق الحديث للاستدامة البيئية.
الجلسة الثانية
واستهلت الجلسة الثانية لليوم الثاني بورقة علمية حول القهوة والصحة النفسية قدمتها نائبة مدير مستشفى إرادة والصحة النفسية بجازان الدكتورة أمزينه النعمي، التي أوضحت فيها أن الكافيين فعال في تحسين الأداء البدني والإدراكي لدى الأفراد سواءً في حالة الراحة أو الإرهاق، مشيرةً إلى أن الكميات المنخفضة منه (40 ملغم) إلى المتوسطة (300 ملغم) تحسن الإدراك والانتباه واليقظة. في حين أشارت أخصائي لوائح ومواصفات الهيئة العامة للغذاء والدواء رانيا بوقس إلى أن الهيئة تقوم بإعداد وتحديث وتبني اللوائح الفنية التي تضمن سلامة وجودة المنتجات الغذائية في المملكة.
وأوضح الأستاذ المشارك للتغذية بجامعة الملك سعود الدكتورة غدير الشمري أن استهلاك القهوة يقلل من خطر الإصابة بمرض الزهايمر ومرض باركنسون وسرطان البروستات، مبينة أن بعض الدراسات أشارت إلى أن تناول القهوة السعودية يقلل من مستويات الدهون وحمض اليوريك وإنزيمات الكبد، لافتةً إلى أن هناك حاجة تدعو إلى فهم أكبر لتأثير تناول القهوة السعودية على الصحة بشكلٍ عام لتعطي المجتمع المعلومة العلمية للتحكم في معدل استهلاكها بشكل متكرر.
واختتمت الجلسة الأخيرة للمنتدى بورقة عمل للباحثة بالهيئة العامة للغذاء والدواء غدير فلاته، التي ذكرت فيها أن نحو 43٪ من البالغين السعوديين يستهلكون الكافيين بمعدل أقل من 300 ملليغرام يومياً، إضافة إلى تزايد نمو الأنشطة التجارية ذات الصلة بالمقاهي، حيث احتلت المملكة عالمياً في عام 2019 المرتبة الحادية عشرة في استيراد منتجات الشاي، والمرتبة الثالثة عشرة في استيراد منتجات القهوة، بينما تصدرت المرتبة الرابعة عشرة في استيراد منتجات الشوكولاتة.
يذكر أن المنتدى شهد على مدار يومين فعاليات مصاحبة كان من بينها تنظيم ثلاث ورش عمل ناقشت أثر الحواس على ثقافة القهوة وتجارتها إضافةً إلى تمكين ريادة الأعمال في مجال صناعة القهوة
كما تواصلت ورشات العمل بورشة دور منشآت وريادة الأعمال التي كانت عن نبذة عن الهيئة والخدمات المقدمة ودور مراكز دعم المنشأة في خدمة ريادة الأعمال وحصر التحديات التي تواجه القطاع والتي قدمها محمد الجعيد مدير مركز دعم المنشأة بجدة، وأحمد درويش قائد فريق تطوير مبادرات القطاعات بالهيئة للمنشأة الصغيرة والمتوسطة.