أعلنت وزارة المالية اليوم البيان التمهيدي لميزانية العام المالي 2024، وسط توقعات بأن يبلغ إجمالي النفقات نحو 1,251 مليار ريال، وإجمالي الإيرادات نحو 1,172 مليار ريال، كما يُقدر تسجيل عجز محدود بنحو 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي، مع استمرار العمل على رفع كفاءة وفاعلية الإنفاق والضبط المالي، واستدامة المالية العامة، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، وبرامجها ومبادراتها ومشاريعها الكبرى، واستمرار العمل لرفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين بجانب تعزيز نمو الاستثمار المحلي عن طريق تمكين القطاع الخاص وتأهيله ليشمل جميع مناطق المملكة.
ويعكس البيان التمهيدي لميزانية العام المالي 2024 الإصلاحات الهيكلية والمالية الاستباقية التي اتخذتها المملكة لتعزيز قدرة اقتصادها على مواجهة التحديات والتطورات الاقتصادية، وهو ما يظهر جلياً في الأداء الإيجابي للمؤشرات الاقتصادية، الذي نتج عنه مواصلة تحقيق معدلات نمو للناتج المحلي الإجمالي وتحسن أداء القطاع غير النفطي وازدياد أعداد المشتغلين، إضافة إلى الاستمرار في دعم منظومة الحماية الاجتماعية وتحقيق مستهدفات برنامج الاستدامة المالية، وتوجيه الإنفاق التوسعي لتسريع تنفيذ البرامج والمشاريع الكبرى والإستراتيجيات القطاعية والمناطقية، بما يُسهم في نمو الناتج المحلي وجذب الاستثمارات، ويحفّز النشاط الاقتصادي، مع استمرار العمل على تطوير أداء المالية العامة للمملكة، من خلال زيادة المساحة المالية وبناء الاحتياطيات الحكومية، بما يعزز قدرة اقتصاد المملكة على مواجهة الأزمات المالية العالمية، ويحافظ على مستويات دينٍ عام مُستدامة، ويُمكّن من تجاوز التحديات التي قد تطرأ مستقبلا على هيكل المالية العامة أو تؤثر على نمو النشاط الاقتصادي، فضلاً عن العمل على تعزيز رؤوس أموال الصناديق الوطنية.
وأكد وزير المالية محمد بن عبدالله الجدعان استمرار الحكومة في عملية الإصلاحات الهيكلية على الجانبين المالي والاقتصادي بهدف تنمية وتنويع اقتصادها ورفع معدلات النمو الاقتصادي المستدام مع الحفاظ على الاستدامة المالية، من خلال الاستمرار في تنفيذ برامج ومشاريع رؤية السعودية 2030، إضافة إلى إطلاق العديد من المبادرات والإستراتيجيات التي تسهم في تطوير القطاعات الاقتصادية الواعدة، وتعزيز جذب الاستثمارات، وتحفيز الصناعات، ورفع نسبة المحتوى المحلي والصادرات السعودية غير النفطية، مشيراً إلى الدور الفاعل والمهم لصندوق الاستثمارات العامة، والصناديق التنموية، إلى جانب استمرارية تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تعزّز من نمو الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية بمعدلات مرتفعة ومستدامة على المدى المتوسط.
وأضاف أن عملية تحليل المخاطر المالية والاقتصادية التي تواجه اقتصاد المملكة تُعدّ جزءاً حيوياً من فهم الوضع الراهن، إذ تُسهم في تبني سياسات وإستراتيجيات فعّالة للتعامُل مع هذه المخاطر.
وأوضح الجدعان أنه على الرغم من المخاوف والأزمات التي يشهدها العالم والتحديات المصاحبة لها وتأثيرها على تباطؤ الاقتصاد العالمي الناجمة عن تداعيات جائحة "كوفيد-19" والتوترات الجيوسياسية التي أثّرت سلباً على سلاسل الإمداد العالمية، إلا أن اقتصاد المملكة يتمتع بوضع مالي متين، مع وجود مساحة مالية تتمثل في احتياطيات حكومية قوية ومستويات دين عامٍ مُستدامة تُمكّن من احتواء الأزمات التي قد تطرأ مستقبلا، إضافة إلى طبيعة الإنفاق الإضافي التي تتسم بالمرونة، بما يسهم في السيطرة على مستوى الإنفاق على المدى المتوسط من خلال القدرة على تمديد فترة تنفيذ المشاريع والإستراتيجيات.
وأشار إلى أن ذلك يأتي نتيجة للعديد من الإصلاحات الهيكلية والإستراتيجيات القطاعية والمناطقية ضمن رؤية السعودية 2030، مؤكّداً أن الحكومة تولي أهمية كبيرة لتعزيز منظومة الدعم والحماية الاجتماعية حرصاً منها على حماية المواطنين من التداعيات المحلية والعالمية.
ولفت إلى أن التوقعات الإيجابية للاقتصاد السعودي للعام 2024 تأتي امتداداً للتطورات الإيجابية لأدائه الفعلي منذ بداية 2021، إذ تمت مراجعة تقديرات معدلات النمو الاقتصادي لعام 2024 والمدى المتوسط وتشير التقديرات الأولية للعام 2024 إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 4.4%، مدعوماً بنمو الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية مع توقع استمرار القطاع الخاص في قيادة النمو الاقتصادي، والمساهمة في زيادة فرص الأعمال وخلق الوظائف في سوق العمل، إضافة إلى تحسن الميزان التجاري، والاستمرار في تنفيذ برامج ومبادرات تحقيق رؤية السعودية 2030 والإستراتيجيات القطاعية والمناطقية والمشاريع التنموية الكبرى، وتحقيق الأنشطة الاقتصادية لمعدلات نمو إيجابية خلال العام 2024 وعلى المدى المتوسط.
وأوضح وزير المالية أن من المقدر أن يؤدي الانتعاش الملحوظ والمتوقع في اقتصاد المملكة إلى تطورات إيجابية على جانب الإيرادات على المدى المتوسط، مشيراً إلى أن هذا الانتعاش يعكسُ فاعلية الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة في إطار برنامج الاستدامة المالية الذي يركز على تطوير عملية التخطيط المالي متوسط المدى، بهدف استدامة واستقرار وضع المالية العامة، مع المحافظة على معدلات النمو الاقتصادي، من خلال تنويع مصادر الإيرادات ورفع كفاءة الإنفاق وتحفيز نمو القطاع الخاص.
وأشار الجدعان إلى أن من المتوقع أن يبلغ إجمالي الإيرادات لعام 2024 نحو 1,172 مليار ريال وصولاً إلى نحو 1,259 مليار ريال في 2026، فيما يُقدّر أن يبلغ إجمالي النفقات نحو 1,251 مليار ريال في العام المالي 2024 وصولاً إلى نحو 1,368 مليار ريال في العام المالي 2026، لافتاً إلى أنه في ضوء هذه التطورات واستكمالاً لمسيرة الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وتبني سياسات مالية تساهم في تحقيق الاستقرار والاستدامة لميزانية الدولة للعام المالي 2024، يُتوقع أن تسجل ميزانية العام 2024 عجوزات محدودة بنحو 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي.
كما أوضح أن الحكومة تعمل على الاستمرار في الاقتراض وفقاً لخطة الاقتراض السنوية المعتمدة لتمويل العجز المتوقع في الميزانية ولسداد أصل الدين المستحق في العام 2024، إضافة إلى البحث عن الفرص المتاحة حسب أوضاع السوق لتنفيذ عمليات تمويلية إضافية لسداد مستحقات أصل الدين للأعوام القادمة، وتمويل بعض المشاريع الإستراتيجية، والاستفادة من فرص الأسواق لتنفيذ عمليات التمويل الحكومي البديل التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي مثل تمويل المشاريع الرأسمالية والبنية التحتية، لتنويع قنوات التمويل للحفاظ على كفاءة الأسواق وتعزيز عمقها. ومن المتوقع ارتفاع حجم محفظة الدين العام نتيجة للتوسع في الإنفاق لتسريع وتيرة تنفيذ بعض البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي المُمكنة لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030.
وتُصدر وزارة المالية البيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة للعام المالي 2024 كأحد عناصر سياسة الحكومة في تطوير منهجية إعداد الميزانية العامة، ووضعها في إطار مالي واقتصادي شامل على المدى المتوسط، وتعزيز الشفافية والإفصاح المالي، والتخطيط المالي لعدة أعوام، وتهدف من خلال البيان إلى إطلاع المواطنين والمهتمين والمحللين على أهم التطورات الاقتصادية المحلية والدولية التي تؤثر على إعداد ميزانية العام القادم، إضافة إلى أهم المؤشرات المالية والاقتصادية لعام 2024 وعلى المدى المتوسط. ويستعرض البيان أهم البرامج والمبادرات المخطط تنفيذها خلال العام المالي القادم والمدى المتوسط في إطار مستهدفات رؤية السعودية 2030.