المسألة الكردية أحد أبرز «المفخخات السياسية» في مستقبل سورية، وهي قابلة للانفجار في أية لحظة، إلا أن ظروف الصراع السوري اليوم وعدم اكتمال الرؤية الكاملة للصراع، فضلا عن أن المرحلة مرحلة تشكل مشاريع، تؤجل هذا الانفجار. قبل الثورة، كان الأكراد عنصرا أساسيا للحركة السياسية بسورية، وقد عولت المعارضة على هذه الكتلة البشرية الحيوية والتي عانت كثيرا من حكم البعث، إلا أن الثورة كشفت أن هناك أكثر من نوع من الأكراد.. فمن هم؟ لقد فشل الطرفان الكرديان الرئيسان ــ (المجلس الوطني الكردي، حركة المجتمع الديموقراطي) المتنازعان على الشرعية في مناطق شرقي الفرات ــ ثلاث مرات في صياغة مشروع سياسي مشترك من خلال ثلاثة اتفاقات؛ هولير 1، وهولير 2، ودهوك. وأضاع الطرفان فرصة صنع حالة كردية منسجمة، ليتبين في ما بعد التناقض الحاد بين المشروع الفيدرالي ــ ذي الطابع الاجتماعي ــ الذي يقدمه حزب الاتحاد الديموقراطي والمشروع القومي الذي يحمله المجلس الوطني الكردي المتأثر بالحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني.
الخلافات بين الطرفين عميقة إلى حد التخوين، بل يجاهر الطرفان فيها. من الناحية الموضوعية؛ فإن دوافع الحرب الأهلية بين الأكراد شبه مكتملة، لكن ثمة عوامل تحول دون وقوعها، منها غياب الشحن الإقليمي لهاتين القوتين، خطورة اندلاع هذه الحرب على المنطقة، وجود داعش كعدو للجميع، وقليل من الحكمة المتبقية عن الطرفين التي سرعان ما تختفي في لحظة النزاع على الشرعية في مناطق الأكراد.
من تفاصيل الصراع؛ يقول المجلس الوطني إنه فضل منذ بداية الثورة المسار السلمي والكفاح السياسي من أجل التغيير في سورية، ومع ذلك لا ينكر المجلس الوطني وجود جناح عسكري مسلح يدعى «بيشمركة سورية» الذي يتخذ من كردستان العراق مقرا له.
أما حركة المجتمع الديموقراطي وحزب الاتحاد الديموقراطي، الواجهتان السياسيتان لوحدات حماية الشعب الكردية المسلحة، فيقولان إنهما يحملان مشروعا ديموقراطيا للأكراد وبقية العرقيات الأخرى، إلا أنهما أيضا يحظران على المجلس الوطني الكردي العمل السياسي في المناطق الكردية، إلا في حال العمل تحت مظلة الإدارة الديموقراطية. هاتان الكتلتان الوحيدتان (المجلس الوطني الكردي وحركة المجتمع الديموقراطي)، فشلتا في التوصل إلى صيغة مشتركة لحكم المناطق الكردية السورية.
يرتكز المشروع السياسي للمجلس الوطني الكردي على خصوصية الأكراد على عكس حزب الاتحاد الديموقراطي، الذي يركز على طبيعة المجتمع في الجزيرة السورية. وينطوي مشروع «المجلس» على أسس قومية؛ بمعنى منح الأكراد حقوقهم ككيان مختلف عن المكونات الأخرى.. وهو يرى في عملية التغيير السورية فرصة لتحقيق الحلم الكردي.
«عكاظ» وقفت على هذه الخلافات ميدانيا والتقت قيادات الطرفين؛ إذ دافع كلا الطرفين عن مبرراته السياسية وقدم الأدلة، التي يمكن وصفها بالمتوازنة حول مشروعية الطرفين.
يقول عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني وعضو مكتب العلاقات الوطنية والخارجية، فيصل يوسف: المجلس الوطني الكردي هو الحقيقة التاريخية السياسية بين الأكراد، وقد تأسست الأحزاب المنضوية تحت المجلس الوطني منذ العام 1957، بينما كان أول ظهور لحزب الاتحاد الديموقراطي العام 2004.
ويضيف، كيف يدعي حزب الاتحاد الديموقراطي أنه حزب ديموقراطي، بينما يعتقل قيادات المجلس الوطني ويحظر عمله ويغلق مكاتبه، لافتا إلى أن هناك 625 ألف كردي مؤيدين للمجلس الوطني الكردي، من دون سلاح.. فكيف إذا رفع السلاح عن الواقع؟ ويرى فيصل، أن القتال الكردي ليس على الأجندة، إلا أن هذا ليس من منطلق الضعف، خصوصا أن لدينا قوات البيشمركة السورية، إلا أن أي نزاع من هذا النوع لن يتوقف بسهولة.
من الطرف الكردي الآخر، يقول عضو المجلس العام لحزب الاتحاد الديموقراطي جوان مصطفى لـ «عكاظ»: إن المجلس الوطني الكردي لم يبق منه إلا حزبان وانسحبت العديد من الأحزاب.
ويضيف، مشكلته أنه ممثل بأشخاص ومرتبطة مصالحها بأشخاص، وتأخذ توجيهاتها من دولة مجاورة بالإشارة إلى إقليم كردستان، وليس من الداخل السوري.. وهذا لن يقبل به الأكراد، من يريد الشرعية عليه أن يكون مع الجماهير.. لكنه استدرك، أنه غير مسموح لهذه الأحزاب أن تعمل في ظل سيطرة حزب الاتحاد الديموقراطي وإغلاق مكاتب المجلس الوطني الكردي، وقال: سبب إغلاق مكاتب «المجلس» أنها غير مرخصة من الإدارة الذاتية، وعليها أن تعمل وفق قوانين الإدارة. وقد رد عضو المجلس الوطني حواس خليل على مقولة جوان الذي يرى أن الشرعية تأتي من الجماهير، بالقول «إن قيادة المجلس الوطني ليست في أربيل أو إسطنبول»، متابعا، شخصيات المجلس في الخارج هم ممثلون فقط للمجلس، فالقيادة التنفيذية في الداخل وهي تعمل رغم القمع السياسي.
أما المستشار في القيادة العامة لحزب الاتحاد الديموقراطي ناصر حاج منصور، فلم ينكر جماهيرية أحزاب المجلس الوطني في بداية الثورة واعترف بأنها أحزاب تاريخية، لكنه أضاف أيضا؛ أنها الآن بلا قواعد شعبية.. وأردف قائلا: اسأل الشارع.. وكذلك اسأل من واجه داعش؟ جوهر الخلاف أنه ما من أحد مستعد أن يعترف بالآخر، في ظل الصراع على إثبات الشرعية التاريخية للأكراد، فالمجلس يتألم على خسارة عقود من النضال السياسي، أمام هيمنة حزب الاتحاد الديموقراطي، المدعوم بوحدات حماية الشعب، بينما حزب الاتحاد الديموقراطي يريد أن يخلد أفكار أوجلان بتنفيذها على الأرض.
كواليس
كل ما ورد من تحليلات ومقارنات في التحقيق كان نتيجة زيارة ميدانية إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات سورية الديموقراطية، (وهي خليط من العرب والأكراد وبقية العرقيات الأخرى). وقفنا على الحالة السياسية والعسكرية لمناطق شرقي الفرات، مستفيدين من أحاديث القادة السياسيين والميدانيين، من القامشلي إلى مدينة الطبقة قرب الرقة.
الخلافات بين الطرفين عميقة إلى حد التخوين، بل يجاهر الطرفان فيها. من الناحية الموضوعية؛ فإن دوافع الحرب الأهلية بين الأكراد شبه مكتملة، لكن ثمة عوامل تحول دون وقوعها، منها غياب الشحن الإقليمي لهاتين القوتين، خطورة اندلاع هذه الحرب على المنطقة، وجود داعش كعدو للجميع، وقليل من الحكمة المتبقية عن الطرفين التي سرعان ما تختفي في لحظة النزاع على الشرعية في مناطق الأكراد.
من تفاصيل الصراع؛ يقول المجلس الوطني إنه فضل منذ بداية الثورة المسار السلمي والكفاح السياسي من أجل التغيير في سورية، ومع ذلك لا ينكر المجلس الوطني وجود جناح عسكري مسلح يدعى «بيشمركة سورية» الذي يتخذ من كردستان العراق مقرا له.
أما حركة المجتمع الديموقراطي وحزب الاتحاد الديموقراطي، الواجهتان السياسيتان لوحدات حماية الشعب الكردية المسلحة، فيقولان إنهما يحملان مشروعا ديموقراطيا للأكراد وبقية العرقيات الأخرى، إلا أنهما أيضا يحظران على المجلس الوطني الكردي العمل السياسي في المناطق الكردية، إلا في حال العمل تحت مظلة الإدارة الديموقراطية. هاتان الكتلتان الوحيدتان (المجلس الوطني الكردي وحركة المجتمع الديموقراطي)، فشلتا في التوصل إلى صيغة مشتركة لحكم المناطق الكردية السورية.
يرتكز المشروع السياسي للمجلس الوطني الكردي على خصوصية الأكراد على عكس حزب الاتحاد الديموقراطي، الذي يركز على طبيعة المجتمع في الجزيرة السورية. وينطوي مشروع «المجلس» على أسس قومية؛ بمعنى منح الأكراد حقوقهم ككيان مختلف عن المكونات الأخرى.. وهو يرى في عملية التغيير السورية فرصة لتحقيق الحلم الكردي.
«عكاظ» وقفت على هذه الخلافات ميدانيا والتقت قيادات الطرفين؛ إذ دافع كلا الطرفين عن مبرراته السياسية وقدم الأدلة، التي يمكن وصفها بالمتوازنة حول مشروعية الطرفين.
يقول عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني وعضو مكتب العلاقات الوطنية والخارجية، فيصل يوسف: المجلس الوطني الكردي هو الحقيقة التاريخية السياسية بين الأكراد، وقد تأسست الأحزاب المنضوية تحت المجلس الوطني منذ العام 1957، بينما كان أول ظهور لحزب الاتحاد الديموقراطي العام 2004.
ويضيف، كيف يدعي حزب الاتحاد الديموقراطي أنه حزب ديموقراطي، بينما يعتقل قيادات المجلس الوطني ويحظر عمله ويغلق مكاتبه، لافتا إلى أن هناك 625 ألف كردي مؤيدين للمجلس الوطني الكردي، من دون سلاح.. فكيف إذا رفع السلاح عن الواقع؟ ويرى فيصل، أن القتال الكردي ليس على الأجندة، إلا أن هذا ليس من منطلق الضعف، خصوصا أن لدينا قوات البيشمركة السورية، إلا أن أي نزاع من هذا النوع لن يتوقف بسهولة.
من الطرف الكردي الآخر، يقول عضو المجلس العام لحزب الاتحاد الديموقراطي جوان مصطفى لـ «عكاظ»: إن المجلس الوطني الكردي لم يبق منه إلا حزبان وانسحبت العديد من الأحزاب.
ويضيف، مشكلته أنه ممثل بأشخاص ومرتبطة مصالحها بأشخاص، وتأخذ توجيهاتها من دولة مجاورة بالإشارة إلى إقليم كردستان، وليس من الداخل السوري.. وهذا لن يقبل به الأكراد، من يريد الشرعية عليه أن يكون مع الجماهير.. لكنه استدرك، أنه غير مسموح لهذه الأحزاب أن تعمل في ظل سيطرة حزب الاتحاد الديموقراطي وإغلاق مكاتب المجلس الوطني الكردي، وقال: سبب إغلاق مكاتب «المجلس» أنها غير مرخصة من الإدارة الذاتية، وعليها أن تعمل وفق قوانين الإدارة. وقد رد عضو المجلس الوطني حواس خليل على مقولة جوان الذي يرى أن الشرعية تأتي من الجماهير، بالقول «إن قيادة المجلس الوطني ليست في أربيل أو إسطنبول»، متابعا، شخصيات المجلس في الخارج هم ممثلون فقط للمجلس، فالقيادة التنفيذية في الداخل وهي تعمل رغم القمع السياسي.
أما المستشار في القيادة العامة لحزب الاتحاد الديموقراطي ناصر حاج منصور، فلم ينكر جماهيرية أحزاب المجلس الوطني في بداية الثورة واعترف بأنها أحزاب تاريخية، لكنه أضاف أيضا؛ أنها الآن بلا قواعد شعبية.. وأردف قائلا: اسأل الشارع.. وكذلك اسأل من واجه داعش؟ جوهر الخلاف أنه ما من أحد مستعد أن يعترف بالآخر، في ظل الصراع على إثبات الشرعية التاريخية للأكراد، فالمجلس يتألم على خسارة عقود من النضال السياسي، أمام هيمنة حزب الاتحاد الديموقراطي، المدعوم بوحدات حماية الشعب، بينما حزب الاتحاد الديموقراطي يريد أن يخلد أفكار أوجلان بتنفيذها على الأرض.
كواليس
كل ما ورد من تحليلات ومقارنات في التحقيق كان نتيجة زيارة ميدانية إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات سورية الديموقراطية، (وهي خليط من العرب والأكراد وبقية العرقيات الأخرى). وقفنا على الحالة السياسية والعسكرية لمناطق شرقي الفرات، مستفيدين من أحاديث القادة السياسيين والميدانيين، من القامشلي إلى مدينة الطبقة قرب الرقة.