على وقع الانتصارات التي تحققت على طول الحدود البرية المحاذية لليمن، غادرنا نقاط حرس الحدود، الواقعة في أعالي الجبال، وكلنا فخر واعتزاز بما يسطره الأبطال من انتصارات سيسطرها التاريخ بمداد من ذهب، وتوجهنا إلى مدينة جازان، استعدادا لركوب البحر، وفي أذهاننا آخر عملية نوعية، المتمثلة في رصد منظومة القوات البحرية الملكية السعودية محاولة الميليشيا الحوثية الإرهابية التابعة لإيران استهداف ميناء جازان، باستخدام زورقين مفخخين ومسيّرين عن بُعد، وتم اعتراضهما وتدميرهما، ما يؤكد أن المملكة قادرة على حماية حدودها البرية، ومياهها الإقليمية، والتعامل بحزم مع كل من يحاول النيل من أمنها واستقرارها، وسلامة شعبها وأراضيها. وما أن وصلنا إلى قاعدة الأمير أحمد بن عبدالعزيز البحرية حتى استقبلنا من قبل عدد من ضباط وأفراد حرس الحدود، الذين أكدوا اعتزازهم وفخرهم بما يسطره أبطال جميع القوات العسكرية، ونجاحهم في صون أمن الحدود. وقالوا بأن الدوريات تبسط نفوذها على كامل المياه الإقليمية السعودية، من خلال زوارق يصل مداها إلى مسافات غير مسبوقة، ووفق خطط تتغيّر مع المعطيات.
التوجه لقطاع فرسان
تحركنا من ميناء جازان، يقلنا زورق تابع لحرس الحدود، يتولى قيادته أحد الضباط، الذي ظل طوال الرحلة التي استمرت أكثر من ساعة عن التجهيزات الحديثة، التي زودت بها الزوارق لمواجهة التهديدات والتحديات، والمحاولات البائسة في اختراق المياه الإقليمية من قبل الميليشيات الحوثية الإيرانية. ويؤكد من رافقونا في الرحلة إلى فرسان، أن السفن التجارية تواصل رحلاتها وهي في مأمن، خصوصا عندما تكون محاذية للأراضي السعودية، وملاصقة للمياه الإقليمية. ولأن المعلومات شحيحة عن الإمكانات البحرية التي يمتلكها حرس الحدود، كان لابد لنا أن نلتقي بعدد من القادة البحريين ليتحدثوا إلينا بما هو متاح ومسموح به.
زوارق بحرية اعتراضية
ويؤكد الملازم أول بحري مشعل بن سعيد آل كدم قائد أحد الزوارق البحرية، أن حرس الحدود دعم في الآونة الأخيرة بأحدث الآليات والمعدات البحرية، التي تساعد على التصدي للميليشيات الحوثية البحرية، والمهربين والمتسللين. مشيرا إلى أن من ضمن المهام الأخرى لهذه الزوارق التدخل في الوقت المناسب، والإمداد السريع في حال المواجهات مع العدو. ولفت إلى أن لكل زورق مهام محددة ووفق ما يتطلبه الموقف. لافتا إلى أن بعض الزوارق أعدت لتكون ثابتة في المياه البحرية، مزودة بجميع الخدمات التي تساعد الأفراد والضباط على المكوث في البحر لأيام طويلة. وقال بأن من بين هذه الخدمات استراحات وغرف نوم ومرافق الحياة اليومية. وأوضح أن من بين الزوارق ما هو بعيد المدى، وقصير المدى، ودوريات وفق جدولة معينة. ولفت إلى وجود زوارق اعتراضية للأهداف، ومن ثم العودة إلى مواقعها.
دعم متواصل من القيادة
وقال بأن ما تحقق لجهاز حرس الحدود يأتي بفضل من الله ثم بفضل الدعم اللامحدود من خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، ومتابعة وزير الداخلية، ومدير عام حرس الحدود. مؤكدا أن الدولة تحرص على توفير سبل الراحة للأبطال في البر والبحر والجو، لتهيئة الظروف المناسبة لهم وهم يدافعون عن أمن الوطن واستقراره. وقال بأن القيادة لم تكتف بهذا الدعم، وإنما يأتي السؤال الدائم عن أحوالهم والحرص على تلبية احتياجاتهم، ليس في قطاع حرس الحدود فقط، وإنما لجميع القوات العسكرية في الخطوط الأمامية.
جاهزية مواجهة الميليشيات
وأكد آل كدم، أن محاولات العدو البائسة في اختراق الحدود، التي يعتمد في تنفيذها على المكر والغدر، تتحطم دائما أمام شجاعة وعزيمة الأبطال في مختلف الجبهات. وقال: «شاهدتم بأم أعينكم الاستعدادات والجاهزية في جميع الجبهات، واستمعتم إلى مدى جاهزية الضباط والأفراد وما اكتسبوه من خبرات كفيلة بردع أقوى من هذه الميليشيات الحوثية الإيرانية، التي تعتمد على أسلوب العصابات، في محاولة لتحقيق نصر وهمي لن تناله بأي حال من الأحوال. وأشار إلى أن ضباط وأفراد القطاعات العسكرية استفادوا الكثير من الخبرات طوال فترة مواجهة هذه الميليشيات المهزومة». وقال: «أنا على ثقة تامة بأن أي هجوم سيتم التصدي له في أي زمان أو مكان، بدون أي خسائر مادية أو بشرية».
«عكاظ» رفيقناالدائم
وطمأن الملازم أول بحري آل كدم المواطنين، بأن الأمور تحت السيطرة، وأن ما يتم تداوله من قبل الإعلام المعادي ما هو إلا وهم يتمنون تحقيقه. وقال:«أكثر ما نحتاجه هو الدعاء لجميع المرابطين في الجبهات الداخلية البرية والبحرية وللصقور في الجو، بأن يكتب الله لهم النصر على أذناب إيران، وأن يحفظهم من كل شر، وأن يرد كيد العدو إلى نحره». وعبر عن شكره لصحيفة «عكاظ» على تواجدها الدائم مع أبطال الحد الجنوبي، لرصد انتصاراتهم، وسرد القصص البطولية في مواجهة عدو لا يتمنى الخير للمملكة وشعبها.
الوصول لجزيرة فرسان
من على بعد أكثر من 500 متر تقريبا، شاهدنا الزوارق البحرية على طول الشاطئ، ما يؤكد الجاهزية العالية لمواجهة أي تهديدات، وانتقلنا إلى قيادة قطاع فرسان، وتحدثنا مع الضباط والأفراد، لننتقل بعد ذلك إلى مرفأ الزوارق، إذ طاف بنا أحدها على بعض الجزر، التي تتمركز فيها نقاط تابعة لحرس الحدود، وشاهدنا الرجال الذين نذروا أنفسهم للذود عن حياض الوطن، متمركزين داخل هذه الجزر برباطة جأش وبإصرار وشجاعة، وكلهم أمل أن يقدموا أرواحهم رخيصة فداء للوطن والمواطن.