* كاد أن ينتقل حسن البنا للتدريس في السعودية إلا أنه اشترط ألا يكون معلماً فقط!
* الملك عبدالعزيز تصدى بحنكة لمحاولات الإخوان بفتح فرع لها في السعودية
* ثورة «الدستور» كشفت للمرة الأولى الوجه القبيح للإخوان
* السعودية أحسنت استقبال «الإخوان» الهاربين من نظام عبدالناصر ووفرت لهم وظائف
* قبح «الإخوان» وخيانتهم ظهرت عند اندلاع الثورات والفوضى
* الأمير نايف رحمه الله أكد أن «الإخوان» أصل البلاء
يقول الرئيس الخامس والعشرون لجامعة هارفارد، المفكر والمعلم الأمريكي المعروف ديريك بوك «إذا كنت تعتقد أن العلم باهظ الثمن فلتجرب الجهل»، وهذا ما فعلته جماعة «الإخوان» الإرهابية في دول الخليج عامة والسعودية خاصة، بعد أن ساهمت ظروف ومحاولات اجتثاث الإخوان في مصر، خاصة بعد حادثة «المنشية» عام 1954 وهي المحاولة الفاشلة لاغتيال الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر، التي قدمت تبعاتها فرصة على طبق من ذهب لهذه الجماعة الإرهابية للبقاء على قيد الحياة، بعد أن لاذ بعض من منسوبيها بالفرار إلى الخارج، ليكونوا سبباً في توسع نطاق نشاط الجماعة وانتشار سرطان أفكارها الهدامة عالمياً من حيث لم نحتسب، فكانت سبباً لنماء شبكة أخطبوطية تحت مسمى «التنظيم الدولي لجماعة الإخوان»، وكانت دول الخليج أحد الملاذات الآمنة التي لجأ إليها بعض من أعضاء الجماعة، ورغم أن القادة الحكماء في الخليج منعوا الإخوان من مزاولة أي نشاط سياسي داخل المجتمعات الخليجية المسالمة والمستقرة، إلا أنهم وجدوا ثغرة واحدة فقط ليخترقوا من خلالها المجتمعات الخليجية، وذلك عبر الفرص التي أتيحت لهم في وزارات التربية والتعليم، فمن خلال هذا المضمار المهم شاركوا في وضع مناهج التلقين السقيم لتغذية العقول بالسموم الفكرية التي تأسر عقل المتلقي وتجهله لخدمة أهدافها السياسية المشينة التي لا علاقة لها بالتربية والتعليم والقيم والأخلاق.. من هذا المنطلق، تعيد «عكاظ» قراءة أحداث تلك الحقب المظلمة وكيف اخترقت أفكار جماعة الإخوان التعليم لتساهم مع أذرع الجماعة الأخرى حول العالم في توليد الأفكار المتطرفة والإرهاب بمختلف أشكاله التي نراها اليوم.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب فاضل عباس في مقال له على موقع «الحوار المتمدن» نشر بتاريخ 20 أبريل 2008، إنه بعد فشل الجهاز السري لجماعة الإخوان في اغتيال الرئيس المصري جمال عبدالناصر، هاجر العديد منهم إلى العديد من الدول، ومن ضمنها دول الخليج، وعملوا على السيطرة على قطاع التربية والتعليم لتحقيق خمسة أهداف رئيسية، وهي: «الترويج لفكر الإخوان المسلمين، والترويج لمؤلفات مفكري الجماعة مثل سيد قطب ويوسف القرضاوي، ونشر مؤلفات الإخوان في المكتبات المدرسية والجامعية ووسط الطلاب والطالبات، وتوجيه التربية المجتمعية وفقاً لمنهج الإخوان، وأخيراً، السيطرة على المنح والبعثات الدراسية ومحاولة اقتصارها على الجماعة»، ووفقاً لهذه الغايات سعت الجماعة لخلق نخب مثقفة تنافس على الهيمنة الثقافية والفكرية لنشر مشروع الإخوان وسط المجتمعات.
محاولات الإخوان الأولى للتسلل إلى السعودية
أثبتت قراءة الأحداث خلال العقود الثمانية الماضية أن لجماعة الإخوان الذين هاجروا للخارج أهدافا مكشوفة، بما في ذلك أعضاء الجماعة الذي لجأوا إلى السعودية، وتتلخص هذه الأهداف في محاولة السيطرة على ثلاثة مجالات، وهي: «التعليم، والجمعيات الخيرية، والمؤسسات الإسلامية ذات الأدوار السياسية (اختراق التعليم مدخل الإخوان المسلمين للسيطرة على التعليم، خالد العبيد).
وبداية، يشير الباحث الأكاديمي هاشم الطائي في دراسته التاريخية «التيار الإسلامي في الخليج العربي»، إلى أن الملك عبدالعزيز -رحمه الله- كلف أحد مستشاريه (حافظ وهبة) بانتداب بعض المعلمين من وزارة المعارف المصرية للتدريس في معاهد التعليم الناشئة في المملكة ومن بينها معهد التعليم السعودي بمكة، وقام وهبة بالتنسيق مع محب الدين الخطيب الذي تواصل مع جمعية الشبان المسلمين لتساعده في اختيار المدرسين وكان ذلك في نوفمبر 1928، وكان من بين من تم التواصل معهم ومقابلته في هذا الشأن، حسن البنا، للاتفاق معه على السفر وشروط الخدمة للتدريس، ولكن البنا وضع شرطاً مثيراً عند المقابلة الشخصية، إذ طالب بأن لا يعد وجوده في المملكة بأنه مجرد موظف يتلقى التعليمات وينفذها بل يعامل على أنه «صاحب فكر»، ولم تشر المصادر تحديدا إلى رفض طلبه ولكن تعثر المشروع برمته حينها لأسباب مختلفة مرتبطة بإجراءات بيروقراطية علقت الاتفاق مع المعلمين، ولهذا استمرّ البنّا مدرّساً للخط العربي في مدينة الإسماعيلية التي أعلن منها إنشاء «جماعة الإخوان المسلمين» في العام ذاته، ثم بدأت العلاقة الفعلية في التواصل مع السعودية عام 1936، حين زار حسن البنا المملكة لأداء فريضة الحج والتقى بالملك عبدالعزيز وتقدم لجلالته بطلب إنشاء فرع لتنظيم جماعة «الإخوان» إلا أن الملك المؤسس صده بذكاء يدل على حنكته وفطنته، بعد أجابه تلقائياً: «كلنا إخوان مسلمون» (تحولات الإخوان المسلمين، حسام تمام).
وتم رفض جميع محاولات «الإخوان» فتح فرع للتنظيم في عهد الملك عبدالعزيز، وهو ما دفع الجماعة إلى مساع أخرى، وهي نشر أدبياتهم من خلال البعثات الدعوية إلى المملكة خلال مواسم الحج، في محاولة لنشر الدعوة بين الوفود الإسلامية من خلال الخطب التي عمل البنا على إلقائها لعرض مبادئ دعوته، فيما كشف جمعة أمين عبدالعزيز، وهو أحد أهم مفكري جماعة الإخوان المسلمين والمؤرخ الرسمي لها ونائب المرشد العام الثامن للجماعة، في كتابه الموسوعي «الإخوان والمجتمع المصري والدولي في الفترة من 1928-1938» عن نشأة تنظيم سعودي للإخوان المسلمين منذ عام 1937، مبينا أن السعودية صنفت ضمن الهيكل التنظيمي للتنظيم الدولي للجماعة، وأورد أسماء المسؤولين عن التنظيم في السعودية في ثلاث مدن وهي مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة.
ولكن عندما قامت ثورة 1948 في اليمن (ثورة الدستور)، انكشف الوجه الخفي للإخوان حيث توترت العلاقة بين السعودية والإخوان المسلمين بسبب مساندة أعضائها للثورة، ومن بينهم صهر البنا عبدالحكيم عابدين، حيث أطلقت الجماعة حينها تصريحات غاضبة ومسيئة ضد المملكة لوقوفها ضد الثورة وقيام فوضى في اليمن، وذلك وفقاً لما نقله محمود عبدالحليم، أول مؤرخ لتاريخ الجماعة في كتابه «الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ»، وكانت تلك الأحداث قد قطعت الطريق تماما أمام محاولات الإخوان للتغلغل بأفكارهم الثورية ودعوتهم المتطرفة والمستترة إلى السعودية في عهد الملك المؤسس.
نواة النشأة الفعلية.. وعقود النذالة
في الخمسينات والستينات الميلادية، وبعد أن أقصى الرئيس جمال عبدالناصر جماعة الإخوان في مصر وقام بمحاولة تطهير بلاده من وجودها بعد انكشاف مؤامراتها وسلسلة الاغتيالات السياسية والأعمال الإرهابية التي نفذها جناحها العسكري «التنظيم السري»، لجأ بعض أعضاء التنظيم إلى السعودية في عهدي الملك سعود والملك فيصل، وتم قبول وجودهم في ظل الظروف السياسية والخلافات التي أحدثتها النزعة القومية والنظام الاشتراكي في مصر خلال تلك الحقبة، ولم يكن هناك عائق أمام استقبال المنتمين للجماعة بشرط أن لا يمس أي منهم بالهوية الدينية والسيادة الاجتماعية، وتم استقطابهم بكثرة في عهد الملك فيصل للعمل بالمؤسسات التعليمية في السعودية، وكذلك تم إعطاء بعض الكفاءات مناصب تعليمية، ومن هنا بدأت الجماعة بنشر أفكارها والتغلغل تدريجياً في التعليم في الجامعات السعودية ومنابر الإعلام أيضاً، وكانت هناك مساع من الملك فيصل للتوسط والإصلاح بين الجماعة والرئيس جمال عبدالناصر إلا أنها لم تنجح.
وازدادت الهوة اتساعاً بين الإخوان والسلطات المصرية بعد تنفيذ حكم الإعدام على منظر الجماعة سيد قطب، الذي كانت سبباً في هروب المزيد من أعضاء الجماعة إلى المملكة، ومنح بعضهم الجنسية السعودية، ومن أبرزهم مناع القطان الذي كان أحد قيادات التنظيم في المنوفية بمصر قبل أن يهاجر إلى السعودية عام 1953، ووصف في عدة مراجع بأنه الأب الروحي وأهم قيادات الإخوان في المملكة، وأنه أول مصري من جماعة الإخوان قام عملياً بتجنيد مواطنين سعوديين في دعوة الإخوان، والغريب أنه نصب نفسه مسؤولاً عن منسوبي جماعة الإخوان في السعودية دون أن يكلف بذلك من قبل قيادات الجماعة في مصر، وقد أشار إلى هذا الأمر علي عشماوي، آخر قيادي للتنظيم الخاص، في مذكراته «التاريخ السري للجماعة»، حيث قال إنه تلقى رسالة من قبل عضو الجماعة محيي هلال الذي فر إلى السعودية هربا من ملاحقة نظام عبدالناصر له، وطلب منه زيارة المملكة خلال موسم الحج عام 1964 لمناقشة أمور مهمة، وأرسل له قيمة التذكرة وكانت 80 جنيها في ذلك الوقت، وأبلغ عشماوي قيادة الجماعة في مصر بالأمر ووصلته توجيهات من المرشد العام عبر القيادية زينب الغزالي بأن قيادة الجماعة في مصر تطلب معرفة أسماء المسؤولين في الخارج وأن يتم ترتيب اتصال دائم ومستمر معهم، وأن يتخذ جميع الإخوان في الخارج خطاً مؤيداً لإخوانهم في مصر وتحديداً في الوقوف ضد حكم الرئيس جمال عبدالناصر، وعندما زار عشماوي السعودية أبلغه محيي هلال أن الإخوان في السعودية قد اختاروا الشيخ مناع القطان مسؤولا عنهم، وعندما عاد عشماوي إلى مصر استقبله عضو التنظيم محمد هلال في المطار وسأله عن المسؤول عن التنظيم في السعودية، فأجابه بأنه مناع القطان، فتعجب هلال وتساءل «من هو مناع قطان؟!»، وهنا أدرك عشماوي بأن القطان نصب نفسه مسؤولا عن الجماعة في السعودية دون أخذ أي موافقة مسبقة مع قيادات التنظيم في مصر.
والسبب حول عدم وجود تنظيم واضح للجماعة في السعودية على الطريقة الهرمية في تشكيل الجماعة، هو أن السلطات السعودية لم تكن تسمح بوجود مكتب تنفيذي لتمثيل القيادة العامة للإخوان، وهو ما دفع الجماعة إلى العمل السري، في حين تسبب عدم وجود منظمة إخوانية ذات هيكل هرمي داخل السعودية، في تشكل خلايا إخوانية مستقلة لا تنتمي عملياً إلى الجماعة الأم في مصر وإنما استلهمت أفكار التنظيم ومارست نشرها عملياً في قطاع التعليم، ونجحت الجماعة بمختلف تشكيلاتها سواء المستقلة أو المنخرطة في التنظيم الدولي، في بناء تنظيم خفي يعبر عن أفكار ورؤية الجماعة داخل قطاع التعليم.
ومنذ منتصف الستينات، بدأ فكر الجماعة في الانتشار في السعودية بشقيه: «البنائي» نسبة إلى حسن البنا و«القطبي» نسبة إلى سيد قطب، ومن ورائهما ظهرت «السرورية»، وهي هجين جمع ما بين السلفية والإخوانية، وتنسب إلى معلم مادة الرياضيات السوري محمد سرور زين العابدين الذي خرج من عباءة الإخوان بشكل صوري أواخر الستينات عندما قدم إلى التدريس في منطقة القصيم بالسعودية وأنشأ فيها تياره الحركي الذي خرج بمبادئ جديدة مزجت ما بين السلفية -التيار السائد في المجتمع السعودي- والأفكار الإخوانية القطبية، ولاحقاً أصبح هذا الهجين الذي اشتهر بمسمى «التيار السروري» هو المحرك الرئيس لحركة «الصحوة». وحول الفوارق بين «البنائية» و«القطبية»، أشار الكثير من رموز الجماعة إلى أن المدرسة القطبية متشددة وتكفيرية وخالفت منهج حسن البنا، إلا أن محمد قطب الشقيق الأصغر لسيد قطب، أوضح في حوار أجراه معه الصحفي المصري المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية كمال السعيد حبيب في 2007، أن لا فرق جوهريا ومنهجيا بين فكري البنا وسيد قطب، موضحاً أن «فكر سيد قطب هو الامتداد الحقيقي لفكر حسن البنا».
وفي عهد الملك خالد، توترت العلاقة مع الإخوان، بعد أن انكشفت نواياهم السيئة بتأييدهم للثورة الإيرانية عام 1979، وهو ما يثبت أنهم يحاولون استغلال أي ثورة أو فوضى في المنطقة لتحقيق أهدافهم السياسية في الوصول إلى السلطة، وكادت أن تكون أحداث ثورة الخميني بداية للتصدي لهم والحد من توغلهم في المؤسسات التعليمية، ولكن شاءت الأقدار أن تتزامن تلك الأحداث مع الحرب السوفييتية على أفغانستان وتم حينها دعم أعضاء الجماعة المشاركين في الحرب ضد السوفييت، والتهدئة مع جماعة الإخوان الموجودين في السعودية، مما ساهم في استمرار وجودهم وسيطرتهم على المؤسسات التعليمية المختلفة وتوغلهم فيها.
وفي عهد الملك فهد، وتحديداً بعد الغزو العراقي للكويت، انكشفت سوء النوايا مجدداً لدى الجماعة ومن انتسب إليها وتأثر بفكرها، بعد أن عارضت الجماعة السعودية لاستعانتها بالولايات المتحدة في حرب الخليج الثانية عام 1991، وانضم رموز الإخوان إلى حركة «الصحوة» التي عارضت وجود قوات أجنبية على الأراضي السعودية لتحرير الكويت وقاموا سوياً بالاحتجاجات واستغلال تلك الظروف للتمرد وتقديم مطالب سياسية، ومن أبرز الأسماء التي قادت تلك الاحتجاجات حينها سلمان العودة وتحالفت معه لجنة «لجام» التي تعج بالشخصيات الإخوانية تحت قيادة المعارض المنشق سعد الفقيه.
اختراق مناهج التعليم العام
المتتبع لنشاط «الإخوان» في التعليم منذ النشأة، يجد أنهم استخدموا عدة طرق وأساليب لنشر أفكارهم، من بينها استقطاب المعلمين المنتمين للجماعة، ونشر أفكارهم بين المعلمين السعوديين والطلاب، وتغذية المناهج التعليمية بأفكار الجماعة ومنهجها المبني على السمع والطاعة العمياء، إضافة إلى توزيع كتب رموز الجماعة في مكتبات المدارس والجامعات.
وعلى الرغم من الانتشار السريع لجماعة الإخوان في إدارات وزارة المعارف والتعليم العالي وفي مجال التدريس في مؤسسات التعليم السعودية بكافة درجاتها، إلا أن كتب سيد قطب وحسن البنا، لم تدرس فعلياً في المدارس الرسمية السعودية ولم تطبعها وزارة المعارف السعودية إلا حين تولى الدكتور كمال الهلباوي القيادي الإخواني السابق والمتحدث باسم التنظيم الدولي منصب «رئيس لجنة مستشاري بناء المناهج المدرسية في وزارة المعارف السعودية» على مدى خمس سنوات ما بين عام 1982 وحتى عام 1987، وخلال تلك الفترة تم إدخال هذه الكتب بشكل رسمي للمدارس السعودية، ومن بينها «العقيدة الإسلامية» و«الوصايا العشر» لحسن البنا و«معالم في الطريق» لسيد قطب، «الإنسان بين المادية والإسلام» لمحمد قطب، وكتاب «الجهاد في سبيل الله» لأبو الأعلى المودودي وحسن البنا وسيد قطب، و«قبسات من الرسول» لمحمد قطب.
ويتناول كتاب «الله في العقيدة الإسلامية» لمؤسس الجماعة حسن البنا، عناصر العقيدة الإسلامية والأخطاء التي وقعت فيها الشعوب، ويتطرق إلى أحكام الجهاد وآياته وأسبابه، في حين يطرح كتابه «الوصايا العشر» مبادئ جماعة الإخوان المسلمين ووصايا مؤسس التنظيم في القرآن والصلاة وعدم الجدل والجهاد.
أما كتاب «معالم في الطريق» لمنظر الجماعة المعروف سيد قطب، فهو يعتبر المرجع الأخطر للتنظيمات الجهادية، وقد سبق أن وصفه زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أيمن الظواهري بأنه «دستور الجهاديين في العالم»، ويسلط الكتاب الضوء على مفهوم «الحاكمية» الذي يعد حجر الأساس في المنظومة الفكرية لجميع حركات الإسلام السياسي، فيما يهاجم كتاب «الإنسان بين المادية والإسلام» لمحمد قطب، الحضارة الغربية ويصفها بـ«الشيطانية» التي تدعمها حملة صليبية صهيونية عالمية.
أخونة الجامعات
تطرق الباحث يوسف الديني في مؤلفه البحثي «الإخوان وتأسيس السلطة الرمزية.. ابتلاع الحقل التعليمي في السعودية» الصادر مطلع العام الحالي عن مركز المسبار للدراسات والبحوث، إلى النشاط الإخواني في الجامعات السعودية منذ نشأتها، مبينا أن الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة التي نشأت في عام 1961 سعت لمنافسة جامعة الأزهر في مصر بعد أن سيطر عليها نظام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وهي المرحلة التي حاول فيها اجتثاث الجماعة من مصر، وكانت حصة الإخوان في الجامعة الإسلامية عند نشأتها كبيرة، وازدادت مع الوقت لتشمل مواقع أخرى كجامعتي الملك عبدالعزيز وأم القرى وغيرهما، وكان من أبرز الشخصيات التي عملت في الجامعة الإسلامية علي جريشة من مصر والسوري محمد المجذوب، ومحمد قطب شقيق سيد قطب، وسيد سابق المؤلف الشهير لكتاب «فقه السنة» الذي ترأس قسم القضاء في جامعة أم القرى بمكة، ومحمد الغزالي الذي ترأس قسم الدعوة وأصول الدين بمكة. وأوضح أن هذه الجامعات «عرفت أسماء لامعة من التيارات السلفية التقليدية كالشيخ محمد ناصر الدين الألباني وغيره، إلا أن دور هؤلاء كان مقتصراً على الفعالية العلمية والتدريس فيما يخص العلوم الإسلامية، مع بزوغ ثورة العودة إلى الحديث ونبذ التمذهب بعيداً عن الشمولية التي طرحها الإخوان، والتي انتقلت من العلوم الإسلامية والأنشطة الدعوية إلى مشروع أكبر، وهو أسلمة العلوم بمعناها العام». أما بالنسبة إلى جامعة الإمام محمد بن سعود، التي اتخذت طابعاً شرعياً في تخصصاتها، فيؤكد الديني في بحثه أن جماعة الإخوان كان لها دور كبير ومؤثر بسبب تولي الدكتور مناع القطان لرئاسة الدراسات العليا، والدكتور محمد الراوي لقسم التفسير، والشيخ عبدالفتاح أبو غدة والشيخ محمد أبو الفتح البيانوني، وللتدريس فيها وجميعهم من الشخصيات الإخوانية القيادية.
والأسباب التي أدت إلى انتشار الإخوان في الجامعات السعودية تعود إلى انشغال علماء المملكة بالعمل في الحقل الديني التقليدي وهو ما دفع الإخوان التوجه نحو حقول أخرى شاغرة وبناء شبكات وخلايا فاعلة فيها، كما أسهم تدهور العلاقة مع نظام عبدالناصر وأنظمة البعث في سورية والعراق في تنامي نشاط الجماعة في السعودية، ويرى الديني أيضاً «أن للثورة اليمنية التي قامت في 1962 أكبر التأثير على حدة التأزم السياسي الذي أطلق اليد للجماعة في بناء قاعدتها الجماهيرية عبر تفعيل رأس المال التعليمي والتربوي، وتشكيل ما يعرف في الاجتماع السياسي بالكتل الاجتماعية التي نشطت بشكل أكبر في عهد الملك فيصل»، وتنامى انتشارهم في ظل ضعف دور العلماء التقليديين واقتصاره على تسيير الشأن الديني الرسمي.
الكلمة الفصل في الموقف السعودي من الإخوان
السلطات السعودية كانت حذرة في تعاملها مع جماعة الإخوان المسلمين منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز، ولم يسمح لها بتأسيس هيئة أو أفرع لمكتب الإرشاد داخل السعودية، ولكن المملكة راعت الظروف التي دفعت أعضاء وقيادات الجماعة للهرب من بلدانهم، وآوتهم ووفرت لهم فرصا وظيفية وقدمت لهم معاملة حسنة وحياة كريمة، إلا أنهم قابلوا الإحسان بنكران الجميل، فتاريخهم مليء بالغدر والمكائد، التي بلغت أوجها في عهد الملك فهد رحمه الله، حين أيدوا غزو صدام حسين للكويت ووقفوا معه في حرب الخليج الثانية ضد السعودية وتبعتهم في ذلك التأييد غالبية أفرع الجماعة في البلدان العربية.
وفي هذا السياق، وصف علي عشماوي، القيادي السابق في التنظيم الخاص، في مذكراته سلوك هذه الجماعة التي عمل معها لسنوات ويعرفها عن قرب، قائلاً: «الإخوان يجيدون إيذاء كل من وقف معهم فترة من الزمن، إذا حدث واختلف معهم مرة، فقد ساعدتهم السعودية وقطر والكويت والكثير من الدول العربية، فما كان منهم إلا أن أساءوا إليهم وطعنوهم وانقلبوا عليهم.. فعلوا كذلك مع الدول التي آوتهم وأحسنت وفادتهم.. وكما قلنا كان مدرسو (الإخوان) في جميع هذه البلدان يجندون الشباب ويشحنونهم ضد حكامهم وبلدانهم حتى ينقلبوا عليهم، وكلما وجدوا فرصة للانقضاض انتهزوها.. لقد راقبوا جميع حكام الدول العربية التي عملوا بها وفتحت لهم أبوابها، كما جمعوا عنهم معلومات؟! وكم استعملوا تلك المعلومات ضدهم أحيانا أو للسيطرة والحصول على مزايا ومواقع في تلك الدول؟! لقد تعاونوا مع جميع الحكام ما داموا يحصلون على ما يريدون، ثم ما يلبثون أن ينقلبوا عليهم حين تختلف المصالح».
ملابسات حرب الخليج الثانية، كشفت عن موقف القيادة السعودية من جماعة الإخوان المسلمين ورؤيتها تجاهها، وتجلى ذلك في تصريحات وزير الداخلية الراحل الأمير نايف بن عبدالعزيز خلال حواره مع صحيفة «السياسة» الكويتية، في 23 نوفمبر 2002، الذي كان بمثابة الكلمة الفصل في موقف السلطات السعودية من جماعة الإخوان، إذ قال رحمه الله: «جماعة الإخوان المسلمين أصل البلاء. كل مشاكلنا وإفرازاتنا جاءت من جماعة الإخوان المسلمين، فهم الذين خلقوا هذه التيارات وأشاعوا هذه الأفكار.. وعندما اضطهد الإخوان وعلقت لهم المشانق لجأوا إلى السعودية فتحملتهم، وحفظت محارمهم وجعلتهم آمنين»، وأوضح أن «أحد الإخوان البارزين أقام 40 سنة عندنا، وتجنس بالجنسية السعودية، وعندما سئل عن مثله الأعلى قال: حسن البنا»، وحول الغزو العراقي للكويت، قال الأمير نايف: «جاءنا عبدالرحمن خليفة وراشد الغنوشي وعبد المجيد الزنداني، فسألناهم: هل تقبلون بغزو دولة لدولة واقتلاع شعبها؟ فقالوا: نحن أتينا للاستماع وأخذ الآراء»، وأكمل «بعد وصول الوفد الإسلامي إلى العراق، فاجأنا ببيان يؤيد الغزو!!».
البيان الرسمي بتجريم الإخوان
وبالرغم من استشعار الأخطار القادمة من جماعة الإخوان منذ وقت مبكر، إلا أن السلطات السعودية ظلت تتعامل مع الجماعة بحكمة وروية، ولم تتخذ إجراءات حاسمة لاجتثاث الإخوان، ولكن حدثت متغيرات خطيرة في سلوك الجماعة بعد اندلاع أحداث ما سمي بـ«الربيع العربي» في 2011، وحينها خرج المنتمون للإخوان بمواقفهم الداعية للثورة على الأنظمة وزعزعة الاستقرار في المنطقة، مستغلين حالة الفوضى التي اندلعت في عدد من الدول العربية، وهو ما دفع وزارة الداخلية في عهد الملك عبدالله إلى إصدار بيان بتاريخ 7 مارس 2014 استنادا إلى الأمر الملكي رقم (أ/44) الموافق لتاريخ 3/4/1435هـ، ويقضي بإدراج «جماعة الإخوان وتنظيم القاعدة وجبهة النصرة وتنظيم داعش وحزب الله والحوثيين»، ضمن قائمتها للجماعات الإرهابية، واعتبر البيان أن كل تنظيم مشابه لهذه الجماعات تنظيم إرهابي، وشمل المرسوم اعتبار المشاركة أو الدعوة أو التحريض على القتال بالدول الأخرى عملا إرهابيا، كما قضى المرسوم الملكي بتشكيل لجنة من عدة وزارات وجهات رسمية، تكون مهمتها إعداد قائمة -تحدث دوريا- بالتيارات والجماعات المشار إليها.
مساعي التعليم لاجتثاث فكر الإخوان
من أبرز الإجراءات التي بدأت بها وزارة التعليم في التصدي لفكر جماعة الإخوان، التعميم الصادر لجميع مديريات التعليم بالمملكة في أواخر عام 2015، وطالب بسحب 80 مؤلفاً لأعلام جماعة الإخوان، وعلى رأسها كتب حسن البنا وسيد قطب ويوسف القرضاوي وأبي الأعلى المودودي وعبدالقادر عودة ومصطفى السباعي، من جميع مكتبات المدارس السعودية، ووجه التعميم حينها بسرعة تسليم هذه الكتب إلى إدارات التعليم ومكاتبها في موعد أقصاه أسبوعان من تاريخ الخطاب. وكان من بين الكتب المسحوبة: «الله في العقيدة الإسلامية»، و«الوصايا العشر» لحسن البنا، و«معالم في الطريق»، و«شبهات حول الإسلام» و«دراسات إسلامية» لسيد قطب، و«الإنسان بين المادية والإسلام» لمحمد قطب، و«اشتراكيتهم وإسلامنا» لبشير العوف، و«الإيمان في حياة الإنسان» لحسن الترابي، و«الناس والحق» ليوسف القرضاوي، و«وحدة الفكر الإسلامي» لأنور الجندي، و«ثمانون عاماً بحثاً عن مخرج» لصلاح حسن، و«مبادئ الإسلام» و«أسس الاقتصاد» لأبي الأعلى المودودي.
وبعد مرور عام على البيان السعودي التاريخي الذي صدر في مارس 2017، ويصنف جماعة الإخوان المسلمين ضمن قائمة الجماعات الإرهابية، أكد وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى في تصريح عبر الموقع الرسمي للوزارة بتاريخ 19 مارس الماضي، على مضي المملكة في اجتثاث كل من ينتمي لفكر الإخوان، موضحاً أن هذا الفكر جاء بعد أن انخرط بعض رموز الجماعة الذين هربوا من مصر في الستينات والسبعينات الميلادية من القرن الماضي في التدريس بالتعليم العام والجامعي السعودي، وتأثر بهم بعض المسؤولين والمشرفين والمعلمين وساهموا في صياغة المناهج الشرعية ونظموا النشاطات الطلابية وفق منهج الجماعة المنحرف، وأضاف أنه لم يتنبه الغيورون على الدين والوطن على خطر الجماعة إلا في وقت متأخر، حيث بدأت الجهود ولا تزال لتخليص النظام التعليمي من شوائب منهج الجماعة.
وشرح وزير التعليم جهود الوزارة في محاربة الفكر المتطرف، وذلك من خلال إعادة صياغة المناهج الدراسية وتطوير الكتب المدرسية، وضمان خلوها من منهج جماعة الإخوان المحظورة، ومنع الكتب المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين من جميع المدارس والجامعات، إضافة إلى إبعاد كل من يتعاطف مع الجماعة أو فكرها أو رموزها من أي منصب إشرافي أو من التدريس، والتوعية بخطر فكر الجماعة من خلال الأنشطة الفكرية في الجامعات والمدارس. وأشار العيسى إلى أن استئصال فكر الجماعة المتطرف يحتاج إلى جهد متواصل وإلى يقظة واهتمام من مسؤولي الوزارة كافة، نظرا لاختلاطه بغيره من المدارس الفكرية الإسلامية، وتخفي بعض المتعاطفين مع الجماعة، مشدداً على أهمية أن يعي مديرو الجامعات ومسؤولو الوزارة ومديرو التعليم في المناطق خطر التهاون في محاربة هذا الفكر، وبذل كل جهد ممكن لتنظيف نظام التعليم من فكر الجماعات الإرهابية وتخليص بلادنا من شرورها.
كما استبعدت وزارة التعليم خلال العام الحالي عدداً من منسوبيها من معلمين وأعضاء هيئة تدريس في الجامعات، لتأثرهم بأفكار جماعات محظورة ومصنفة إرهابية، منها جماعة الإخوان المسلمين وغيرها، وتم ذلك بالتنسيق مع الجهات الأمنية والتحري والتحقق.
وتطوي هذه الجهود القائمة لاجتثاث خطر جماعة الإخوان، صفحة مظلمة في تاريخ التعليم، ودافعاً للانطلاق في تطبيق الرؤية السعودية الطموحة 2030 نحو مستقبل مزدهر يعتمد على المعرفة وبناء الإنسان.
من أبرز أقطاب الإخوان في التعليم السعودي
لا شك أنه توجد قائمة طويلة جداً من الشخصيات الحركية التي أسهمت في انتشار أفكار جماعة الإخوان داخل المدارس والجامعات على مدى عقود، وأسهمت وفقاً للمنهجية التي طبقها قادة جماعة الإخوان الذين هاجروا إلى السعودية في انتاج أجيال من المعلمين والموجهين والتربويين السعوديين، ومن المثير في هذا الشأن أن الغالبية العظمى منهم ارتادوا السجون في بلدانهم على مدى سنوات طويلة وعلى خلفيات إثارة الفوضى والفتن والضلوع في عمليات إرهابية ومحاولات اغتيال المسؤولين.
وقد وثق عدد من الباحثين سير العديد من الشخصيات الإخوانية التي ساهمت في تغلغل أفكار الجماعة في مجال التعليم العام والجامعي، وكان من أبرز هذه الشخصيات الحركية:
- مناع القطان (1925-1999)
غادر مصر عام 1953 للتدريس في السعودية، حيث عمل في مدارسها ومعاهدها حتى عام 1958، ثم انتقل للتدريس في كلية الشريعة بالرياض، ثم كلية اللغة العربية، ثم مديراً للمعهد العالي للقضاء، ثم مديراً للدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بالإضافة إلى عضويته في مجلس الجامعة، ورئاسة اللجنة العلمية لكلية البنات، وكذلك لجنة السياسة التعليمية بالمملكة. أشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه في جامعات الإمام محمد بن سعود، وأم القرى، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، التي بلغ عددها 115 رسالة، وهو أحد رواد الفكر الإخواني في السعودية.
-محمد قطب (1919-2014م)
بعد أن قضى محمد قطب الشقيق الأصغر لسيد قطب، ست سنوات في السجن، على خلفية «حادثة المنشية»، أفرج عنه عام 1971، ولجأ منذ ذلك الحين إلى السعودية، وعاش في مكة المكرمة حتى وفاته عام 2014، وعلى مدى العقود الأربعة التي عاشها في السعودية، نقل قطب خلالها أفكاره الحركية إلى جيل الصحوة السعودية وخاصة التيار السروري، وأعاد محمد قطب صياغة أفكار أخيه سيد بما في ذلك أحكامه المتشددة في الموقف من المجتمع والدعوة إلى الجهاد المسلح واعتبار كل فكر مختلف عن الإسلام مؤامرة صليبية، وهو ما تجسد في محتوى مؤلفاته، ومن بينها: «جاهلية القرن العشرين»، «هل نحن مسلمون»، «واقعنا المعاصر»، «معركة التقاليد»، «التفسير الإسلامي للتاريخ».
- حسين كمال الدين الحسيني (1913-1987م)
حصل على الدكتوراه في المساحة التصويرية من جامعة القاهرة عام 1950، وكان عضوا في المجلس القيادي الأعلى للجماعة في عهد مؤسسها حسن البنا، كما تولى مسؤولية قسم الجوالة، وعضوا في التنظيم الخاص لجماعة الإخوان، وضمن قائمة المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ ليكون المرشد الرابع للإخوان بعد عمر التلمساني. ذهب إلى العراق أوائل الأربعينات بتكليف من حسن البنا لنشر الدعوة في العراق، وعندما عاد إلى مصر تردد على السجون عدة مرات منذ عهد الملك فاروق إلى عهد جمال عبدالناصر، ثم هاجر إلى السعودية بعد أحداث المنشية، وعمل بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عُين عضواً في هيئة مشروع المدينة الجامعية، ثم عيِن أستاذاً مشرفاً على مراكز البحوث الفلكية، وظل يعمل في جامعة الإمام إلى ما قبل وفاته بسنتين.
- سعيد حوى (1935- 1989)
التحق بجامعة دمشق عام 1965، ودرس في كلية الشريعة، وتتلمذ على عدد من أهم أساتذة الشريعة وفي مقدمتهم الدكتور مصطفى السباعي أول مراقب لجماعة الإخوان بسورية. انتقل إلى السعودية عام 1966 وعمل مدرسًا للغة العربية والتربية الإسلامية، ومكث في السعودية أربع سنوات عاد بعدها إلى سورية، حيث سجن لمدة خمس سنوات وذلك بسبب مشاركته في البيان الذي صدر في سنة 1973 مطالباً بإسلاميّة سورية ودستورها، وبعد خروجه من السجن، تولى مسؤولية قيادة جماعة الإخوان في سورية حتى عام 1982. وكان حوى خلال فترة عمله في السعودية رافداً من روافد المد الحركي الإخواني.
- محمد هلال (1920- 2009م)
أحد القيادات التاريخية في جماعة الإخوان المسلمين الذين عاصروا مؤسس الجماعة حسن البنا، وتولى هلال مهام المرشد العام مؤقتا بعد وفاة المرشد مأمون الهضيبي في يناير 2004 لحين إجراء الانتخابات التي أتت بمحمد مهدي عاكف مرشدا للجماعة. قدم للمحاكمة عام 1965، وبعد خروجه من السجن عام 1970 عمل في المحاماة قبل أن يغلق مكتبه من قبل السلطات المصرية، وينتقل للعمل مستشاراً قانونياً بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض لمدة سنتين.
- لاشين علي أبو شنب (1927-2014م)
التحق بجماعة الإخوان عام 1941 في عهد مؤسسها حسن البنا، دخل السجن بعد سنة 1948، ثم سافر إلى الكويت عام 1960 التي عمل فيها أستاذا للغة العربية لثلاث سنوات ثم انتقل إلى السعودية للعمل في جامعة الإمام محمد بن سعود وقضى فيها خمس سنوات. ويعد أحد أعمدة دعوة جماعة الإخوان المسلمين خلال الـ40 عاما الماضية، ووصفه الدكتور وصفي عاشور أبو زيد، الأستاذ بفقه مقاصد الشريعة الإسلامية، وعضو المكتب التنفيذي لجبهة «علماء ضد الانقلاب»، بأنه «سيد قطب» هذا الزمان.
- محمد عبدالحميد أحمد (1911-1992م)
عضو في جماعة الإخوان المسلمين منذ عهد مؤسسها حسن البنا. دخل السجن عقب «حادثة المنشية» عام 1954 وقضى فيه نحو 11 عاما، وبعد خروجه من السجن ذهب إلى الحج ثم استقر في السعودية وعمل موجهاً للتربية في رئاسة تعليم البنات بمكة المكرمة، وبعد عامين نقلت خدماته إلى وزارة المعارف وعين مديراً لمدارس منارات جدة ومدرساً فيها لمدة عامين، ثم نقلت خدماته إلى وزارة الحج، وعمل في تحرير مجلة التضامن الإسلامي التي تصدرها الوزارة، ثم انتقل للعمل في جامعة الملك عبدالعزيز مدرساً بقسم الدعوة الذي كان يرأسه الشيخ محمد الغزالي بكلية الشريعة. وكان آخر أعماله التدريس بجامعة أم القرى بمكة المكرمة مدة سبع سنوات لنهاية 1985.
- عبدالمحسن شربي (1916-2004م)
من المؤسسين الأوائل لـجماعة الإخوان المسلمين، حيث التحق بالجماعة عام 1936 خلال فترة دراسته في كلية الآداب بجامعة القاهرة. وعمل مع حسن البنا بالمركز العام مسؤولاً بقسم الطلاب وعضو الهيئة التأسيسية، ورئيس المكتب الإداري لـجماعة الإخوان المسلمين في محافظة الفؤادية.وكان أحد الأسماء البارزة في وضع المناهج التعليمية في السعودية التي هاجر إليها بعد فترة الاعتقالات التي تبعت «حادثة المنشية» في منتصف الخمسينات. انتقل من السعودية في آخر حياته للعمل في إدارة المعهد العلمي الإسلامي لتخريج الدعاة من أبناء أفغانستان، قبل أن يعود لمصر ويتوفى في 3 مايو عام 2004 عن 88 عاما.
- عبدالله عزام (1915-2000م)
من أعلام جماعة الإخوان المسلمين، وأحد أهم الشخصيات التي روجت للفكر القطبي. عمل سنة 1390 هـ مدرساً في كلية الشريعة بالعاصمة الأردنية عمان، وبعث من قبل الكلية إلى الأزهر للحصول على شهادة الدكتوراه في أصول الفقه حيث حصل عليها سنة 1393هـ. وفي عام 1400هـ صدر قرار الحاكم العسكري الأردني بفصله من عمله في الكلية، فانتقل إلى السعودية للتدريس في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة. كان من أهم الشخصيات التي ساهمت في استقطاب الشباب للمشاركة في القتال في أفغانستان، ومن أهم أقواله «إن المسلمين يجب أن يكونوا إرهابيين». اغتيل في 24 نوفمبر 1989 في الباكستان بجانب أبنائه محمد وإبراهيم.