عبدالله الصاعدي
عبدالله الصاعدي




بندر العمودي
بندر العمودي




حكم الحكمي
حكم الحكمي




محمد بيومي
محمد بيومي




فواز أبو صباع
فواز أبو صباع
فواز المطيري
فواز المطيري
-A +A
عدنان الشبراوي (جدة) Adnanshabrawi@
ساد جدل قانوني واجتماعي وعقاري حول مصير عقود الإيجارات الحالية والمنتهية وحق المستأجر في تقدير ظروف الجائحة، ويرى أصحاب مبان أن مستأجرين يحصلون على رواتبهم كاملة ولا مجال لشطب مديونياتهم، فيما يرى مختصون أهمية إيجاد صيغ توافقية بعيداً عن التقاضي أمام المحاكم.

«عكاظ» فتحت باب الإيجارات مع مختصين للمواءمة بين الرأيين والوصول إلى صيغة تفاهم، وفي رأي المحامي والمستشار القاوني حكم الحكمي ثمة قاعدة تقول إن العقد شريعة المتعاقدين، وليس لأحد طرفيه أن يستقل بإلغاء أو تعديل أو وقف تنفيذ العقد، إلا إذ حدث أمر يجعل هذا الالتزام صعب التحقيق لسبب خارج عن إرادة الملتزم به، لا دخل له فيه، ولم يمكنه توقعه أو دفعه، ولم يكن موجوداً أثناء اتفاقهم التعاقدي، ويعد هذا الأمر ظرفاً طارئاً وقوة قاهرة، وجاز للقضاء ذلك وعقد الإيجار أحد هذه العقود، وقد يكون عقداً لأعمال مدنية أو تجارية.


ويركز المحامي الحكمي حديثه في عقد الإيجار للأعمال المدنية والخاصة بالسكن كعقد إيجار الاستراحات والشاليهات ويرى أنه ينطبق عليها ما ينطبق على عقود الإيجار للأعمال التجارية من إمكان إعفاء المستأجر من الأُجرة أو تخفيضها عن طريق القضاء، كون المستأجر مُلزَماً بالأُجرة مُقابل الانتفاع، وإذا لم ينتفع المستأجر بالعين بسبب أجنبي أو ظرف طارئ فهو غير مُلزَم بسداد الأُجرة و من حق المُستأجر المنتفع بالعين المؤجرة، التأخُّر عن سداد الأُجرة نظراً إلى هذه الظروف الاستثنائية، بشرط ألا يكون من موظفي الدولة كونه يستلم رواتبه، وأن يكون من موظفي القطاع الخاص أو مزاولي الأعمال الحرة، وأن يكون من الذين تأثروا تأثراً كبيراً بهذه القوة القاهرة والظروف الطارئة.

وفي ذات السياق، يقول رئيس محكمة رابغ السابق القاضي عبدالله الصاعدي، قبل الخوض في المنازعات التي تطرأ بين المؤجر والمستأجر في عقود الإجارة في هذا الوقت، فالمعلوم ما يمر به العالم من ظرف ليس للبشر به طاقة ولا يستطيع أحد دفعه، ورأينا دولاً عظمى عجزت عن المواجهة فما بال بين طرفي عقد بسيط، وعلى المسلمين قبل النظر في حقوقهم إعمال مقصد جليل من مقاصد الإسلام وهو مبدأ (التراحم)، وهو من أهم مظاهر الوحدة ووصول الأمة إلى تحقيق مفهوم الجسد الواحد، مع التوادد والتعاطف وقد تمثلت الدولة بهذا المبدأ في التعامل مع الجائحة ما كان له الأثر الإيجابي على هذه البلاد المباركة. فإذا تقرر ذلك فلينظر المؤجر لحال المستأجر وقد اقعد عن عمله ولزم بيته لا سيما ممن كان كسبه بيده أو ممن هم في القطاع الخاص أن ينظره إلى ميسرة، ويغلب جانب قاعدة المشقة تجلب التيسير، ورفع الحرج عن أخيه، ويُسقط شيئاً من الأجرة، ويؤخر قسطها.

وعلى الجانب الآخر، يقول الصاعدي، يجب على المستأجر ألا ينقطع عن المؤجر بل يقدم له العذر ويلتزم بالسداد عند انكشاف الغمة لأنه منتفع بمنفعة العين المؤجرة، وكذا يقال في العين المؤجرة بقصد الاتجار والانتفاع كالمحلات التجارية ونحوها، هذا من ناحية ومن الناحية القضائية فإن للمستأجر بقصد الانتفاع بالكسب والبيع والشراء له حق فسح عقد الإجارة عند انقطاع نفعها بسبب خارج عن إرادته وتعذر عليه مطالبة المتسبب بالتعويض عن الخسارة وهو ما هو واقع في مثل جائحة كورونا.

من جانبه، يقول المحامي بندر العمودي إن عقد الإيجار من العقود الملزمة والمؤقتة، وينتهي بانتهاء المدة المحددة ما لم يشترط تجديده تلقائياً، وعند انقضاء مدة عقد الإيجار ولم يتم تجديده يتعين على المستأجر رد المأجور إلى المؤجر بالحالة التي تسلمه بها، أما إذا لم يسلم المستأجر المكان وأبقاه تحت يده دون حق كان ملزماً بأن يدفع للمؤجر أجر المثل مع تعويض عن الضرر ويستطيع المؤجر المطالبة بإخلاء المستأجر، ولا يستطيع المستأجر التمسك بالامتداد القانوني. ويضيف العمودي أن الوضع القانوني في حالة عدم خروج المستأجر هو رفع المؤجر عقد الإيجار للحقوق المدنية، إذ اشترطت وزارة الإسكان ضرورة أن يدفع مستأجرو الوحدات السكنية عبر عقد «إيجار»، ولا يحق لأي طرف فسخ أو إنهاء العقد قبل موعد انتهائه إلا في حالات القوة القاهرة، منها حكم قضائي، وثبوت أن العقار آيل للسقوط، وامتلاك الدولة للعقار، واتفاق الطرفين على إنهاء العقد، وفي العموم لا تسقط أي التزامات على طرفي العقد ولا يستطيع المستأجر أن يترك وحدته السكنية دون دفع كامل الإيجار، وحالات فسخ العقد بحكم قضائي أو ثبوت أن العقار آيل للسقوط أو بقرار إداري بامتلاك الدولة للعقار أو باتفاق الطرفين وفي كل الأحوال الكلمة للسلطة التقديرية للقاضي.

السداد الشهري.. هل يمثل حلاً ؟

في رأي عضو جمعية مراكز الأحياء محمد حسن بيومي، أفرزت جائحة كورونا العديد من الأزمات بسبب الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها العديد من الأجهزة وتوقف معظم المؤسسات الصغيرة والفردية وفقدان كثير من أرباب الأسر لوظائفهم أو انخفاض دخلهم وتأثير ذلك على حياتهم المعيشية وبنود مصروفاتهم ومنها الإيجار، ومن إفرازات الأزمة إعادة النظر في كثير من الأمور منها صياغة عقود الإيجار لتتضمن صيغاً جديدة تشير إلى أنه في حالة وجود كوارث طبيعية خارجة عن إرادة الطرفين يتم تعطيل بعض بنود العقد والسماح بتأخير دفع قيمة الإيجار لمدة 3 أشهر مثلاً وعدم مطالبة المستأجر بالإخلاء وتحفيز الملاك على تخفيض مبالغ الإيجارات أثناء الأزمات انطلاقاً من مسؤولياتهم الاجتماعية والوطنية.

ويقترح بيومي أن يكون الدفع لقيمة الإيجار بصفة شهرية حتى يسهل للمستأجر السداد بشكل منتظم وألا يتحمل أعباء كبيرة لتجميع قيمة الإيجار السنوي أو نصف السنوي وأن تتم صياغة العقود بشكل قانوني يكفل حق جميع الأطراف مراعياً للظروف الاستثنائية، ومثلما قدمت وزارة الموارد البشرية إعانات للموظفين من خلال ساند بنسبة 60% من الرواتب أقترح أن تقدم وزارة الإسكان أو أي صندوق أو جهة حكومية إعانات للمستأجرين.

اعفوا المستأجر المتعثر من المسؤولية

أخصائي التطوير فواز أبو صباع يتفق مع الآراء السابقة في أن الظروف الاستثنائية التي تشكل قوة قاهرة هي عبارة عن وقائع مادية صرفة تكون لها آثار سلبية يمكن رصد ملامحها على المجتمع بشتى معاملاته وعلى العلاقات القانونية بوجه عام والعلاقات التعاقدية على وجه الخصوص، إذ تصاب هذه العلاقات ببعض القصور أو العجز إثر الظروف التي حلت بالمجتمع، ما قد يجعل من المستحيل -أو على الأقل من الصعب- تنفيذ بعض الالتزامات أو يؤخّر تنفيذها.

والوضع الحالي الذي يفرضه انتشار فايروس كورونا المستجد على المعطيات الاقتصادية ليس فقط في المملكة، وإنما على مستوى العالم كله، يتطابق وشرط القوة القاهرة أو الظروف الطارئة التي وضعت قواعدها الأنظمة والتي تحل المتعاقدين من شروط التعاقد لاستحالة تنفيذها.

وطبقاً لـ«أبو صباع»، ففي الوضع الراهن نجد العديد من المستأجرين غير قادرين على سداد الأجرة، بل إن بعضهم انتهت مدة الإيجار ولكنه لا يتمكن من إيجاد سكن آخر ولا يملك من المال ما يجعله يطلب امتداد الإيجار أو سداد الأجرة. وأرى أن هذه المعضلة تحكمها قواعد عدة منها ما يتعلق بالأنظمة ومنها ما يتعلق بالإنسانية والمجتمع، فالنظام وضع شروطاً للقوة القاهرة أهمها عدم إمكان توقع الحادث، واستحالة تنفيذ الالتزام وبذلك فإن المستأجر المتعثر يفترض إعفاؤه من المسؤولية.

التفاهم المشترك.. حل

فواز بن عوض المطيري، مدير إحدى الشركات المتخصصة في التطوير العقاري، يتفق في أن التدابير الاحترازية لمواجهة تفشي وباء كورونا تسببت في إغلاق كثير من المحلات التجارية والمطاعم؛ فضلاً عن تأثر كثير من المواطنين والمقيمين في أعمالهم، ما يطرح السؤال: كيف يستطيع هؤلاء سداد ما عليهم من مستحقات إيجارية؟ ففي الحالات غير الطبيعية كالقوة القاهرة لابد من المفاهمة الودية بين المالك والمستأجر واقتراح حلول كتخفيض الأجرة لمدة معينة أو منح مهلة لا تتجاوز مدة القوة القاهرة للسداد، وأعتقد أن الغالبية العظمى ستتجه إلى الحلول الودية أكثر من الاتجاه إلى الحلول القضائية والفسخ، إذ يغلب على كل الأطراف في هذه الفترة العصيبة الجانب الإنساني، وأرجح أن يراعي كلٌ طرف الآخر حتى تمر هذه الفترة بسلام وأمان وتعود الحياة إلى وضعها الطبيعي.

ثلث عقود شبكة «إيجار».. شهرية

أعلن برنامج «إيجار» التابع لوزارة الإسكان عن ارتفاع نسب المستفيدين من خدمة السداد الشهري للعقود الإيجارية المُسجّلة في الشبكة الإلكترونية لخدمات الإيجار منذ بداية العام الحالي 2020، إذ تجاوزت نسب العقود الإيجارية السكنية المستفيدة من الخدمة أكثر من 31% من العقود الموثقة في الشبكة، بينما بلغت نسب العقود الإيجارية التجارية التي استفادت من ميزة السداد الشهري نحو 14% من العقود برغم حداثة الإلزام للعقد التجاري.