في خضم جائحة قاتلة تجتاح العالم بأكمله، ومع فرض غالبية الدول إجراءات احترازية تؤكد على البقاء في المنازل، للحد من انتشار فايروس كورونا، خلت الواجهة البحرية من الإنسان وحركته الدائمة بين الرمل والموج، إذ وجّهت وزارة الداخلية بمنع التجمعات في الواجهات البحرية.
وظلت الواجهات في مناطق الشرقية وجيزان و جدة وينبع تجذب الكثيرين من هواة رياضة المشي والرياضات البدنية في الهواء الطلق، الا أن الجائحة أوقفت الحركة ومنحت للأمانات بالمناطق فرصة ثمينة لتحريك الصيانة والتعقيم والتنظيف، ومنح ذلك البحر «إجازة بشرية» شاملة لم يعتدها البحر الذي فقد صديقه الإنسان طيلة ٨٤ يوما مضت، ولم تُعدّ الواجهات البحرية مقصداً للناس، خصوصا مع اعتدال الأجواء وتوسط معدلات درجة الحرارة قبل دخول الصيف، إلا أن كوفيد ١٩ عطل كل شيء وتحولت المنازل المكان الصحي المناسب للحفاظ على الصحة العامة من الوباء. «عكاظ» طرحت السؤال الأهم: هل منع التجول والتزام المنازل فرصة للبحار على تماسك بيئتها؟
مدير SSI: سنرى البحر كما رأه أجدادنا
المدير الإقليمي لمنظمة SSI للغوص في المملكة عبدالرحمن الحداد، يقول إن هناك تأثيرات عديدة لمنع التجول الحالي على البيئة البحرية منها التأثير العام في قلة الحركة وتقليل الاستهلاك العام للطاقة والأدوات الاستهلاكية، خصوصا بلاستيكيات الاستخدام الواحد مثل الأكياس والملاعق والأطباق ومستوعبات المشروبات التي لا تخلو غوصة أغوصها من استخراج مايشبه سلة متكاملة منها.
إن توقف زيارة الشواطئ والرحلات البحرية يحدث تلوثا بحريا ضوضائيا أقل، خصوصا أن حركة القوارب وهدير المحركات والأمواج الصادرة منها تؤثر كثيرا في النظام البيئي المائي وتحديدا على الأسماك الكبيرة. ومع الأسف مناطق المراسي كثيفة بزيوت المحركات إما بسبب الإهمال أثناء تغيير الزيوت أو بسبب الإهمال في صيانة المحركات ما يسمم الماء ويمنع المرجان من النمو ويقتل الأسماك.
ويضيف الحداد، أن من التأثيرات المهمة للحظر توقف الصيد الترفيهي، تعود قوارب النزهة من مناطق مخصصة للنزهة محملة بكمية أسماك وكأنها صيد تجاري، الناتج من الأمر هو انخفاض التعداد والتنوع السمكي بشكل حاد ما يؤدي إلى فقدان المرجان وموت النظام البيئي معه.
ومن ثمرات منع التجول انعدام الصيد بالحربة، وهو أحد أسوأ أنواع الصيد لقدرة الصياد على الانتقاء، وظهرت في السنوات الماضية مجموعات تقوم بممارسة هذه الهواية دون تعقل ما أدى إلى اختلال حاد في النظم البيئية للمناطق التي يصيدون فيها، ومن الإيجابيات، توقف أنشطة السنوركل والغوص، فعادة يقوم الغواصون الجدد أو السباحون بالقصبة (سنوركل) بالمشي على المرجان أو كسره بزعانفهم أو حتى أخذ قطع منه للذكرى. وعلى الرغم من أن تأثير هذا النشاط ليس بقدر النشاطات، الآنف ذكرها، على النظام البيئي ككل إلا أنه يكون عادة مركزاً في عدد محدود من المواقع.
ويرى المدير الإقليمي لمنظمة SSI للغوص في المملكة عبدالرحمن الحداد أن توقف كل ما سبق من أنشطة يعطي النظام البيئي البحري فرصة لإعادة البناء والترميم والتعافي، «كغواصين سنتمكن من رؤية مشاهد خلّابة بعد المنع، سنتمكن من رؤية البحر الأحمر كما كان يراه الآباء والأجداد والسؤال الأهم هنا: هل سنحافظ على هذه النعم بعد إنتهاء الأزمة؟».
52 نوعا من الشعب المرجانية.. «مرتاحة»
يقول الناشط البيئي الوليد الناجم: منع التجول والتزام المنازل مفيد للبيئة البحرية، نمنح بيئتنا البحرية فرصة لترمم ذاتها من بعض الأنشطة البشرية كتسرب الزيوت من قوارب الصيد والمخلفات الصلبة والبلاستيك غير القابل للتحلل وتؤثر على الشعب المرجانية، إذ توجد 52 نوعا من الشعب في الخليج العربي حسب تقرير هيئة الأرصاد وتتأثر سلبا بتزايد الكربون الذي ينتج من السيارات والمنشآت الصناعية الذي يزيد «حمضية البحر» وهذه تسمى (تحمض المحيطات)، ومن المبادرات البيئة الطوعية التي تهدف إلى رفع مستوى الفرد وترسيخ الشعور بالمسؤولية للمحافظة على البيئة، طبقا للناجم، ما قام بها فريق غوص بزراعة الشعب المرجانية الصناعية وتنظيف قاع البحر من المخلفات البلاستيكية.
أما المدربة المعتمدة في الغوص رحمة محمد اسكندراني، فقالت إن التزام المنازل منح البحر فرصة للتنفس فقد كانت الكائنات البحرية في أشد الحاجة إلى هذه الفرصة، «دعونا نأمل ألا نعود إلى العادات السيئة» كالصيد الجائر والاستخدام المفرط للمنتجات البلاستيكية وإلقائها في البحر. أنا سعيدة بالبقاء المنزلي ففي نتائجه خير كثير -مثلا- عندما أوقف الصيد التجاري في الحربين العالميتين الأولى والثانية، جاء الوقف خيرا على البحار والمحيطات فقد أدى تباطؤ الأساطيل البحرية والتوقف عن صيد الأسماك لمدة وصلت إلى أربعة أعوام إلى انتعاش الحياة السمكية بعدما أغلقت المطاعم والفنادق وبقي المستهلكون في منازلهم دون مأكولات بحرية، وبسبب تفشي جائحة كورونا أصبحت سفن الصيد، مسكنها الموانئ في شتى أنحاء العالم.
ومن أهم نتائج الالتزام في المنازل أن الضجيج او الضوضاء خفت في كل العالم، ما أدى إلى شعور الكائنات البحرية بالأمان والخروج من الأعماق والتكاثر بالشكل الذي خلقها الله عليه، وهناك أدلة فعلية ظهرت لتعافي الحياة البحرية مثل تعشيش السلاحف في الشواطئ المهجورة كما يحدث الآن في البرازيل ويمكن أن تحدث نفس الظاهرة في سواحل أخرى.
مخلفات البلاستيك تتحلل بعد 450 سنة!
يقول مدرب الغوص الكابتن عبدالرحمن الشمالي، إن حظر التجول له إيجابيات كثيرة على البيئة بشكل عام، وعلى البحرية بوجه خاص، وبسبب المنع، ليس هناك متنزهون ولا صيادون ولا حركة للسفن والقوارب ما يمنح فرصة للبيئة البحرية أن تتعافى من التلوث وعودة تكاثر الأسماك والحياة البحرية والشعب المرجانية والسلاحف بسبب ابتعاد الإنسان عن البحر وقلة مخلفات السفن والصيد الجائر.
ونستطيع القول إنه تم منح الكائنات البحرية حريتها، فهناك دراسات كثيرة عن المخلفات التي يسببها الإنسان ونفوق مئات الآلاف من الكائنات البحرية بسبب تلوث البحر بالبلاستيك وشباك الصيد المهملة، وقبل حظر التجول كان البحر ملوثا بمخلفات المصانع والسفن التجارية وسفن الصيد والمتنزهين، ويجب أن نضع في عين الاعتبار المخلفات السابقة وتاثيرها على مدى سنين قادمة «نحن كغواصين نحاول تنظيف المخلفات عبر حملات كثيرة، لكنها لا تفي بالغرض بسبب رمي المتنزهين للمخلفات البلاستيكية التي تحتاج إلى 450 سنة لتتحلل، ولا ننسى المخلفات البرية وتأثيرها على البيئة البحرية بسبب نشاط الرياح وانتقالها من الشواطئ إلى البحر». من جانبه، يرى عضو تطوير مدربي الغوص أنس المختار مدرب، أنه في ظل الظروف الحالية وتوقف الأنشطة البحرية والأنشطة الصناعية حدث تأثير إيجابي من عدة نواحٍ؛ كتوقف المراكب البحرية والمصانع المجاورة للبيئات البحرية ما يحد من التلوث بثاني أوكسيد الكربون ومخلفات السفن والمواد البترولية الضارة، وهذه الفترة تعتبر فرصة كافية لنشر الوعي البيئي على مرتادي البحر عن أهمية المحافظة على البيئة البحرية من التلوث، واللافت أن توقف الصيد الجائر يزيد تكاثر المخزون السمكي، خصوصا الأسماك المهددة بالانقراض، إذ تعتبر فترة الحظر الفترة أيضا فرصة لإعادة تزاوجها وتكاثرها مع تعافي الشعاب المرجانية من السلوكيات الخاطئة التي ترتكب من بعض الغواصين من دهس وتدمير للمرجان.
أسماك القرش «تتنفس» الصعداء
تقول رحمة اسكندراني، إن الكثير من الأحياء البحرية اختفت من البحر الأحمر والخليج العربي كأسماك القرش التي لها كل الفضل في الحفاظ على التوازن البيئي السليم، فسمك القرش مصنف في أول الهرم الغذائي للكائنات البحرية فعدم وجوده تسبب في موت كثير من الكائنات وابيضاض الشعاب المرجانية، بالإضافة إلى أن القرش ثروة اقتصادية كبيرة في بعض الدول ويدر عليها مليارات الدولارات من السياحة، والآن هناك فرصة للأسماك بأن تضع بيضها قبل أن تقع في شباك الصيادين. ومن فوائد العزل المنزلي اختفاء انبعاث غازات السيارات والمصانع التى كانت مصدر تلوث كبير على البحار، إذ تصل النسب إلى ما يقارب ٨٠٪ وينتج عن ذلك ارتفاع نسب الأوكسجين وتعافي البيئة البحرية، ما أعطى الشعاب المرجانية فرصا كبيرة في النمو من جديد، ونتيجة لهذا النمو سنتنفس هواء نظيف لأن مياه البحار تصنع الأوكسجين الذي نتنفسه بنسب تقارب ٧٠٪.
مدربة الغوص رحاب: عادت زرقة الموج بعد غيبة
مدربة الغوص المعتمدة من الاتحاد الدولي للمحترفين رحاب العباس، تؤكد أن كورونا المستجد أحدث تغييرات كبيرة في العالم. والبيئة البحرية جزء منها، فقد شهدت تغييرات هائلة في الفترة الأخيرة، ومنها ما كان إيجابيا، إذ لوحظ أن هناك تغييرات بيئية انعشت الحياة البحرية. وفي المملكه ساعدت الاحتياطات المتعلقة بتجنب الإصابة بالمرض كالحجر الصحي ومنع التنزه في إنعاش البيئة البحرية. وخلت البحار، لأول مرة، من المخلفات البلاستيكية والملوثات المصنعة التي تؤذي الكائنات، ولوحظ بعد العزل حدوث انتعاش في حركة الأسماك ونقاء أعماق البحر من الملوثات كالعلب البلاستيكية والأكياس وعبوات المشروبات الغازية وغيرها من المواد التى تؤذي حياه الثروة السمكية وتؤثر سلبا على نقاء البيئة.
وظلت الواجهات في مناطق الشرقية وجيزان و جدة وينبع تجذب الكثيرين من هواة رياضة المشي والرياضات البدنية في الهواء الطلق، الا أن الجائحة أوقفت الحركة ومنحت للأمانات بالمناطق فرصة ثمينة لتحريك الصيانة والتعقيم والتنظيف، ومنح ذلك البحر «إجازة بشرية» شاملة لم يعتدها البحر الذي فقد صديقه الإنسان طيلة ٨٤ يوما مضت، ولم تُعدّ الواجهات البحرية مقصداً للناس، خصوصا مع اعتدال الأجواء وتوسط معدلات درجة الحرارة قبل دخول الصيف، إلا أن كوفيد ١٩ عطل كل شيء وتحولت المنازل المكان الصحي المناسب للحفاظ على الصحة العامة من الوباء. «عكاظ» طرحت السؤال الأهم: هل منع التجول والتزام المنازل فرصة للبحار على تماسك بيئتها؟
مدير SSI: سنرى البحر كما رأه أجدادنا
المدير الإقليمي لمنظمة SSI للغوص في المملكة عبدالرحمن الحداد، يقول إن هناك تأثيرات عديدة لمنع التجول الحالي على البيئة البحرية منها التأثير العام في قلة الحركة وتقليل الاستهلاك العام للطاقة والأدوات الاستهلاكية، خصوصا بلاستيكيات الاستخدام الواحد مثل الأكياس والملاعق والأطباق ومستوعبات المشروبات التي لا تخلو غوصة أغوصها من استخراج مايشبه سلة متكاملة منها.
إن توقف زيارة الشواطئ والرحلات البحرية يحدث تلوثا بحريا ضوضائيا أقل، خصوصا أن حركة القوارب وهدير المحركات والأمواج الصادرة منها تؤثر كثيرا في النظام البيئي المائي وتحديدا على الأسماك الكبيرة. ومع الأسف مناطق المراسي كثيفة بزيوت المحركات إما بسبب الإهمال أثناء تغيير الزيوت أو بسبب الإهمال في صيانة المحركات ما يسمم الماء ويمنع المرجان من النمو ويقتل الأسماك.
ويضيف الحداد، أن من التأثيرات المهمة للحظر توقف الصيد الترفيهي، تعود قوارب النزهة من مناطق مخصصة للنزهة محملة بكمية أسماك وكأنها صيد تجاري، الناتج من الأمر هو انخفاض التعداد والتنوع السمكي بشكل حاد ما يؤدي إلى فقدان المرجان وموت النظام البيئي معه.
ومن ثمرات منع التجول انعدام الصيد بالحربة، وهو أحد أسوأ أنواع الصيد لقدرة الصياد على الانتقاء، وظهرت في السنوات الماضية مجموعات تقوم بممارسة هذه الهواية دون تعقل ما أدى إلى اختلال حاد في النظم البيئية للمناطق التي يصيدون فيها، ومن الإيجابيات، توقف أنشطة السنوركل والغوص، فعادة يقوم الغواصون الجدد أو السباحون بالقصبة (سنوركل) بالمشي على المرجان أو كسره بزعانفهم أو حتى أخذ قطع منه للذكرى. وعلى الرغم من أن تأثير هذا النشاط ليس بقدر النشاطات، الآنف ذكرها، على النظام البيئي ككل إلا أنه يكون عادة مركزاً في عدد محدود من المواقع.
ويرى المدير الإقليمي لمنظمة SSI للغوص في المملكة عبدالرحمن الحداد أن توقف كل ما سبق من أنشطة يعطي النظام البيئي البحري فرصة لإعادة البناء والترميم والتعافي، «كغواصين سنتمكن من رؤية مشاهد خلّابة بعد المنع، سنتمكن من رؤية البحر الأحمر كما كان يراه الآباء والأجداد والسؤال الأهم هنا: هل سنحافظ على هذه النعم بعد إنتهاء الأزمة؟».
52 نوعا من الشعب المرجانية.. «مرتاحة»
يقول الناشط البيئي الوليد الناجم: منع التجول والتزام المنازل مفيد للبيئة البحرية، نمنح بيئتنا البحرية فرصة لترمم ذاتها من بعض الأنشطة البشرية كتسرب الزيوت من قوارب الصيد والمخلفات الصلبة والبلاستيك غير القابل للتحلل وتؤثر على الشعب المرجانية، إذ توجد 52 نوعا من الشعب في الخليج العربي حسب تقرير هيئة الأرصاد وتتأثر سلبا بتزايد الكربون الذي ينتج من السيارات والمنشآت الصناعية الذي يزيد «حمضية البحر» وهذه تسمى (تحمض المحيطات)، ومن المبادرات البيئة الطوعية التي تهدف إلى رفع مستوى الفرد وترسيخ الشعور بالمسؤولية للمحافظة على البيئة، طبقا للناجم، ما قام بها فريق غوص بزراعة الشعب المرجانية الصناعية وتنظيف قاع البحر من المخلفات البلاستيكية.
أما المدربة المعتمدة في الغوص رحمة محمد اسكندراني، فقالت إن التزام المنازل منح البحر فرصة للتنفس فقد كانت الكائنات البحرية في أشد الحاجة إلى هذه الفرصة، «دعونا نأمل ألا نعود إلى العادات السيئة» كالصيد الجائر والاستخدام المفرط للمنتجات البلاستيكية وإلقائها في البحر. أنا سعيدة بالبقاء المنزلي ففي نتائجه خير كثير -مثلا- عندما أوقف الصيد التجاري في الحربين العالميتين الأولى والثانية، جاء الوقف خيرا على البحار والمحيطات فقد أدى تباطؤ الأساطيل البحرية والتوقف عن صيد الأسماك لمدة وصلت إلى أربعة أعوام إلى انتعاش الحياة السمكية بعدما أغلقت المطاعم والفنادق وبقي المستهلكون في منازلهم دون مأكولات بحرية، وبسبب تفشي جائحة كورونا أصبحت سفن الصيد، مسكنها الموانئ في شتى أنحاء العالم.
ومن أهم نتائج الالتزام في المنازل أن الضجيج او الضوضاء خفت في كل العالم، ما أدى إلى شعور الكائنات البحرية بالأمان والخروج من الأعماق والتكاثر بالشكل الذي خلقها الله عليه، وهناك أدلة فعلية ظهرت لتعافي الحياة البحرية مثل تعشيش السلاحف في الشواطئ المهجورة كما يحدث الآن في البرازيل ويمكن أن تحدث نفس الظاهرة في سواحل أخرى.
مخلفات البلاستيك تتحلل بعد 450 سنة!
يقول مدرب الغوص الكابتن عبدالرحمن الشمالي، إن حظر التجول له إيجابيات كثيرة على البيئة بشكل عام، وعلى البحرية بوجه خاص، وبسبب المنع، ليس هناك متنزهون ولا صيادون ولا حركة للسفن والقوارب ما يمنح فرصة للبيئة البحرية أن تتعافى من التلوث وعودة تكاثر الأسماك والحياة البحرية والشعب المرجانية والسلاحف بسبب ابتعاد الإنسان عن البحر وقلة مخلفات السفن والصيد الجائر.
ونستطيع القول إنه تم منح الكائنات البحرية حريتها، فهناك دراسات كثيرة عن المخلفات التي يسببها الإنسان ونفوق مئات الآلاف من الكائنات البحرية بسبب تلوث البحر بالبلاستيك وشباك الصيد المهملة، وقبل حظر التجول كان البحر ملوثا بمخلفات المصانع والسفن التجارية وسفن الصيد والمتنزهين، ويجب أن نضع في عين الاعتبار المخلفات السابقة وتاثيرها على مدى سنين قادمة «نحن كغواصين نحاول تنظيف المخلفات عبر حملات كثيرة، لكنها لا تفي بالغرض بسبب رمي المتنزهين للمخلفات البلاستيكية التي تحتاج إلى 450 سنة لتتحلل، ولا ننسى المخلفات البرية وتأثيرها على البيئة البحرية بسبب نشاط الرياح وانتقالها من الشواطئ إلى البحر». من جانبه، يرى عضو تطوير مدربي الغوص أنس المختار مدرب، أنه في ظل الظروف الحالية وتوقف الأنشطة البحرية والأنشطة الصناعية حدث تأثير إيجابي من عدة نواحٍ؛ كتوقف المراكب البحرية والمصانع المجاورة للبيئات البحرية ما يحد من التلوث بثاني أوكسيد الكربون ومخلفات السفن والمواد البترولية الضارة، وهذه الفترة تعتبر فرصة كافية لنشر الوعي البيئي على مرتادي البحر عن أهمية المحافظة على البيئة البحرية من التلوث، واللافت أن توقف الصيد الجائر يزيد تكاثر المخزون السمكي، خصوصا الأسماك المهددة بالانقراض، إذ تعتبر فترة الحظر الفترة أيضا فرصة لإعادة تزاوجها وتكاثرها مع تعافي الشعاب المرجانية من السلوكيات الخاطئة التي ترتكب من بعض الغواصين من دهس وتدمير للمرجان.
أسماك القرش «تتنفس» الصعداء
تقول رحمة اسكندراني، إن الكثير من الأحياء البحرية اختفت من البحر الأحمر والخليج العربي كأسماك القرش التي لها كل الفضل في الحفاظ على التوازن البيئي السليم، فسمك القرش مصنف في أول الهرم الغذائي للكائنات البحرية فعدم وجوده تسبب في موت كثير من الكائنات وابيضاض الشعاب المرجانية، بالإضافة إلى أن القرش ثروة اقتصادية كبيرة في بعض الدول ويدر عليها مليارات الدولارات من السياحة، والآن هناك فرصة للأسماك بأن تضع بيضها قبل أن تقع في شباك الصيادين. ومن فوائد العزل المنزلي اختفاء انبعاث غازات السيارات والمصانع التى كانت مصدر تلوث كبير على البحار، إذ تصل النسب إلى ما يقارب ٨٠٪ وينتج عن ذلك ارتفاع نسب الأوكسجين وتعافي البيئة البحرية، ما أعطى الشعاب المرجانية فرصا كبيرة في النمو من جديد، ونتيجة لهذا النمو سنتنفس هواء نظيف لأن مياه البحار تصنع الأوكسجين الذي نتنفسه بنسب تقارب ٧٠٪.
مدربة الغوص رحاب: عادت زرقة الموج بعد غيبة
مدربة الغوص المعتمدة من الاتحاد الدولي للمحترفين رحاب العباس، تؤكد أن كورونا المستجد أحدث تغييرات كبيرة في العالم. والبيئة البحرية جزء منها، فقد شهدت تغييرات هائلة في الفترة الأخيرة، ومنها ما كان إيجابيا، إذ لوحظ أن هناك تغييرات بيئية انعشت الحياة البحرية. وفي المملكه ساعدت الاحتياطات المتعلقة بتجنب الإصابة بالمرض كالحجر الصحي ومنع التنزه في إنعاش البيئة البحرية. وخلت البحار، لأول مرة، من المخلفات البلاستيكية والملوثات المصنعة التي تؤذي الكائنات، ولوحظ بعد العزل حدوث انتعاش في حركة الأسماك ونقاء أعماق البحر من الملوثات كالعلب البلاستيكية والأكياس وعبوات المشروبات الغازية وغيرها من المواد التى تؤذي حياه الثروة السمكية وتؤثر سلبا على نقاء البيئة.